في وطن صمد على خطوط النار لا يحتاج أبناؤه إلى من يعلمهم معنى الإيمان ولا إلى من يُعرفهم على بيوت الله فقد عرفوها طريقا منذ نعومة أظفارهم وساروا إليه بأقدام طاهرة وقلوب صافية لا حزبية فيها ولا ادعاء.
في الأردن حفرت آيات القرآن في صدورنا قبل أن تُكتب على السبورة وتعلمنا مكارم الأخلاق في أفنية بيوتنا حين كانت الأمهات ينسجن لنا سيرة الوطن والعشيرة و في دعوات المساء وأحاديث الخبز والماء.
ورغم سنوات الحريق في الجوار ظل هذا البلد ثابتا لم ينجر خلف شعارات مستوردة ولا إيديولوجيات غريبة، لا بعثية ولا ناصرية ولا شيوعية. كلها مرت ثم ذهبت إلى رماد النسيان فيما بقي الأردني يعرف يقينه وبوصلته جيدا.
واليوم وسط ضجيج التخوين والتكفير ترتفع أصوات تريد أن تعيد تعريفنا بديننا وكأننا بحاجة إلى تذكير بأن الله واحد أحد عرفناه في طفولتنا وسجدنا له كما أراد لا كما تُمليه اجتهادات الطارئين.
نؤمن بمحمد رسولا ونبيا وبعيسى عليه السلام وبكل الرسل كما أمرنا كتاب الله. في هذا الوطن تتجاور المآذن مع الأجراس ويقف المسلم والمسيحي كتفا بكتف، يزرعون الشجر ويحرسون الحجر ويقدمون أبناءهم فداء لراية واحدة.
إلى أولئك الذين يحتكرون الدين ويختزلون الهوية ويسعون إلى إقصاء مكونات المجتمع الأردني الأصيلة من مختلف المنابت والأصول ممن ولاؤهم لتراب وطنهم، اعلموا أن هذه الأرض قد سقيت بدماء الشهداء وأن جذور أبنائها تمتد عميقا في تاريخها،لا تهزها الرياح ولا تقطعها الخطب.
.
نحن أبناء المساجد بلا أجندة فلا تزرعوا الشك في اليقين.




