*
الاحد: 21 ديسمبر 2025
  • 16 نيسان 2025
  • 16:40
الأردن  تعددت المشاهدوالأمن واحد
الكاتب: د. ميساء المصري

ما بين التفاؤل والتشاؤم ، نتشاءل بحقائق هذا العام بعيدا عن الأوهام المعلنة، وعلى رأسها ما يتصارع في المشهد الأردني من أحداث مختلطة، لوقوعها في فترات متقاربة و بطرق متشابهة ، لتصبح كل من البلاد والشعب هدفا لكل الإتهامات والهجمات التي لا تفرق بين مذنب وبريء، لكنه  بطبيعة الحال تصارع مشهد سياسي من نوع أخر ، يسير بتعثر نحو بناء هيكلية سياسية معينة،تتجسم على الأرض بخطوات جزئية ، وتحاول إفراغ الوطن من مضامينه الحقيقية.

 

تواتر الأحداث وضع الأردن أمام وضع أمني معين كنا نعلمه وكان عليه أن يواجه هذا الأمر. دون أن نتدارك المغزى الأصيل لما يحدث وسيحدث في قادم الأيام ،فهل هذه الخلايا مصدرها أفراد لهم أغراض معينة ، أم أجندات مدسوسة أم بالونات إختبار أو تكتيكات ممنهجة لأسباب ونتائج مدروسة أم قولبة ساحة صراع مستهدفة . ؟؟

 

 هنالك ديناميكيتين رئيسيتين أثرت على دور الأردن في الإقليم . على الصعيد الداخلي، تنامي قوة التيار الإسلامي وتحقيق المكاسب السياسية لجبهة العمل الإسلامي في إنتخابات الأردن عام 2024، ما أثار مشاعر معادية راسخة لإسرائيل على الشارع الأردني. وعلى الصعيد الإقليمي، صراع إستراتيجي لإيران وأذرعها لتحويل الأردن إلى ساحة صراع أخرى ضد كيان إسرائيل. ويتم تسهيل ذلك من خلال تهريب الأسلحة والمخدرات والأموال إلى الأردن، عبر شبكات تهريب تعمل في الدول المجاورة.

 

ففي مارس 2024، أحبطت قوات الأمن الأردنية محاولة تهريب أسلحة من ميليشيات مدعومة من إيران في سوريا إلى أعضاء خلية إرهابية في الأردن. وقبلها كذلك في عام 2023 وشملت الأسلحة التي تم إعتراضها ألغام كلايمور، ومتفجرات سي 4، وبنادق كلاشينكوف، وصواريخ كاتيوشا عيار 107 ملم وغيرها، لكنها لم تصل إلى مرحلة التصنيع وشتان مابين التصنيع والتهريب.

 

  و لا تخفى على عاقل عوامل قوة الدولة الأردنية الظاهرة التي تفتقر إليها كثير من دول الإقليم حولنا ، لكن في ظل ظروف بالغة التعقيد حاليا، تتوه الضوابط والخيارات التي تقام على حقائق الأمر الواقع ، ونحن لا نصنع صورة قاتمة للوضع ،لكننا نشخص الواقع بكل شفافية.

 

  إن تحقيق الأمن ليس سهلا،وهو يرتكز أساسا على قدرة الدولة بفرضه وإحترام المواطن للقانون سواء طوعا أم بالقوة ، وكل ما كانت الدولة مستقرة سياسيا واجتماعيا وإقتصاديا كل ما سهل تحقيق الأمن والعكس صحيح.


ومع المتغييرات التدريجية في الأوضاع السياسية والإجتماعية والإقتصادية. نحتاج لتقوية الجبهة الداخلية المنقسمة أفقيا وعاموديا وعبور الجبهة الخارجية الأكثر صعوبة .فهل نشاهد فصولا جديدة مختلفة ؟؟؟


الأردن 2025.شهد توترا ملحوظا ومواجهة سياسية وديبلوماسية مع أمريكا وإسرائيل و هذا التصعيد مرشح للإستمرار.اسرائيل توجه جل إهتمامها على الأولويات من هدف أول إلى هدف ثاني . فالأهداف ستكون مختلفة في الساحة الإسرائيلية في ظل سيطرة اليمين المتطرف الذي لا يؤمن سوى بدولة يهودية كاملة.

 

ومكمن الخطر على الأردن يزداد يوما بعد أخر في ظل الحريق الإقليمي ولا ندري أين تتجه النية الإسرائيلية،وسيبدأ المشهد يزداد صعوبة مع إحتمالية حدوث مغامرة أو مفاجأة من قبل ترامب، وإيران أو إسرائيل أو دول الخليج ، فهل سيكون الأردن سدا منيعا لهذه المفاجأت ؟؟.


على عمان أن تكون جاهزة سياسيا وأمنيا.لأن الطرح يأتي في سياق ما يحدث في إقليم الشرق الأوسط وضمن الإتجاهات الأربع للأردن .وبالتالي أهمية علاقة الأردن بعمق التصعيد المتتابع بين واشنطن وطهران، والذي يزداد لحظة بلحظة..خاصة مع التهديدات المتلاحقة من كل الأطراف والإستعداد لأسوأ إحتمالات مفترضة من بينها نشوب مواجهات وفوضى عسكرية على الحدود مع العراق وسوريا والكيان الاسرائيلي.

 

البعد الزماني والمكاني يؤكد أن الأردن لا يجب ان يكون طرفا في الأزمة فلا يقف مع واشنطن ضد إيران، كما أنه لا يملك الوقوف مع إيران . لكن الأردن يتأثر بمجريات المواجهات في حال حدوثها تأثرا غير مباشر، وخاصة عندما يتأزم الوضع مما يفرض إنعكاساته عليه ، إلا أن هذا التأثير المعني به الأردن يبقى مرتبطا بمدى التصعيد أمنيا وعسكريا،لكن السياسة العقلانية تحتم على السياسة الأردنية بأن تنجح في ألا تكون جزءاً من الصراع بين طهران وأمريكا.فهل تستطيع ؟؟


عمان تحاول أخذ مسافة إتجاه الأحداث خصوصا وان العلاقات بين عمان وإدارة الرئيس ترامب لا تبدو مستقرة أو إيجابية. و أن عمّان بعد تجربتها في أثناء الأزمة السورية، التي كادت تشكل خطراً حقيقياً على المملكة. يجب عليها التروي من أية تحالفات، إقليمية كانت أو دولية، خاصة مع تغلب المصالح على الأهداف .


فمن المعروف أن القيادة الإيرانية تعتبر قيادة براغماتية قد تنجح في فتح مجالا لصفقات أكثر إتساعا من مجرد الصفقة مع أمريكا إلى أطراف أخرى ربما تكون إسرائيل إحداها. وعلى الأردن وشعبه العمل على صد أي إنهيار محتمل بإعتبار السيناريو المقبل “طريق بلا رجعة” وقد يحول الشرق الأوسط لنفق أسود.وهو ما يؤكد أهمية أن لا ننجر في الأردن للتمحور في الأزمة لكي لا يضحي بنا أحد أطرافها...فهل نفعل ؟؟؟


 ونتساءل هنا ماذا لو تم تشكيل تحالف ناتو عربي مختلف بحلة جديدة وإسم مغاير. وخاصة في هذا التوقيت الحساس للمنطقة .؟؟  فمن سوء حظنا ان إقليم الشرق الأوسط هو المنطقة الأكثر عسكرة في العالم رغم انه يشكّل ستة في المئة من سكان العالم، لكنه يمثّل ما يقرب من ثلث واردات السلاح في العالم أيضا .
ومن هنا ينبغي على الأردن أن يحسب حساباته بدقة،مع الأزمة الإيرانية الأمريكية.مما يعني ان المشهد قد يتغير، وتبقى الأسئلة مفتوحة للأيام المقبلة.خاصة وإن الأزمة الحاصلة بين واشنطن وطهران وتداعياتها ستعيد انقباض الكماشة من جديد.


 خلاصة القول ، إحذروا المشروع الصهيو-أمريكي والمشروع الإيراني والمشروع التطبيعي.مع غياب المشروع العربي ، و الأردن أحوج ما يكون لتفعيل أجهزته ودوائره الأمنية لحماية الداخل قبل الحدود . وأن يعي الأدوار الجديدة لدول الجوار ودواعش أمريكا و إستدارات خليجية هنا وهناك، والتنبه لعمليات مخابراتية خارجية قذرة تتم هندستها، للتنفيذ من وكلاء بعض عرب وبعض غرب. من تحت الطاولة او فوقها ، بشكل عامودي وأفقي .

مواضيع قد تعجبك