*
الجمعة: 05 ديسمبر 2025
  • 24 أيلول 2023
  • 09:48
نتائج متواضعة نحو التغطية الصحية الشاملة
الكاتب: الدكتور مهند النسور

‏قبل انعقاد الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في خلال الايام القليلة الماضية، تم إصدار تقرير التقييم المتعلق بالتغطية الصحية الشاملة خلال جلسة مخصصة لمناقشة هذا الموضوع الهام لجميع الدول والأعضاء.


ولقد جاء التقرير مقلقا ومخيبا للآمال باعتبار أن التغطية الصحية الشاملة هي إحدى وسائل تحقيق اهداف التنمية المستدامة وخطة التنمية المستدامة لعام 2030. ويعتبر شعار"عدم ترك أحد يتخلف عن الركب" الركيزة الأسمى والأساسية في تحقيق التغطية الصحية الشاملة من منطلق الحق الانساني في الحصول على الخدمات الصحية الاساسية وتمكين الوصول إليها ضمن معايير الجودة أينما وجدت ودون أي نوع من التمييز، والتي تعمل على تخفيف وطأة الفقر وتجنب الجميع عبء الإنفاق الزائد على مجالات الصحة المختلفة. 


‏ولقد كشف التقرير عن واقع صارخ ومؤلم، حيث بين أن ما يقارب من ‫نصف‬ سكان العالم لا يزالون غير مشمولين بالخدمات الصحية الأساسية. اضافة إلى ذلك يواجه ما يقارب ملياري إنسان صعوبات مالية شديدة في الإنفاق من مالهم الخاص لتلقي الخدمات الصحية التي يحتاجون اليها بشكل أساسي. وأفاد التقرير أيضا بأن ما يقارب ثلث دول العالم فقط أظهرت تحسنا في مؤشرات الأداء المتعلقة بالتغطية الصحية الشاملة، في حين لم تحقق باقي الدول أي تحسن يذكر، بل على العكس احيانا. وقد بين التقرير ‏أن هذه النتائج ليست من تبعات جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على العالم اجمع على مدى عامين وأنما هي نتاج سنوات بل عقود مضت وما زالت مستمرة لغاية الان.


‏ليس لدينا الرغبة بالتشاؤم ولا نريد أن نجعل الصورة سوداوية ولكن التقرير والنتائج والمؤشرات تحث بوضوح وتدفع تجاه تبني تفعيل وتنفيذ الالتزامات والسياسات والاستراتيجيات المتفق عليها دوليا والتي باتت معروفة لدى كافة دول العالم. ولكننا ما زلنا نعاني بشكل واضح وصريح من غياب او نقص الاليات وأدوات العمل المتاحة والمتوفرة لدينا. كما يجب على جميع الدول تطوير البرامج والاليات التي تنسجم مع مستوى تطورها و توجهاتها وقدراتها الماليه والسياق الاجتماعي فيها. وكذلك، فإننا ما زلنا بحاجة إلى الدعم السياسي والإرادة السياسية في المضي قدما في هذا المشروع الإنساني الكبير والتركيز على أن الصحة حق من حقوق الإنسان وحق للجميع بغض النظرعن كافة المعايير المتعارف عليها ضمن المواثيق الدولية، وان الطريق والركيزة الأولى للوصول إليها هي الرعاية الصحية الاولية و الاستثمار الأمثل فيها لجميع  للسكان والمقيمين في البلدان واللاجئين على حد السواء. 


‏ وفي الختام، فإنني أقول جازما أن الطريق أمامنا ما زال طويلا، ولكن تبقى الإرادة الحقيقية والتضامن العالمي والعمل المشترك وتبادل الخبرات في هذا المجال هي ما نحتاج إليه لمواصلة مشوارنا، آخذين بعين الاعتبار التقدم المتسارع في التكنولوجيا الحديثة التي يمكننا تسخيرها وتطويعها لخدمتنا في هذا المشروع المفصلي والهام، و خصوصا في إقليمنا إقليم شرق المتوسط الملتهب والمليء بالتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الممتدة والمعقدة.

الدكتور مهند النسور- استشاري الوبائيات و الصحة العامة

مواضيع قد تعجبك