*
الاحد: 28 ديسمبر 2025
  • 28 أيلول 2021
  • 19:38
متجر السحر
الكاتب: المحامي عبد الكريم الكيلاني
متجر السحر

في صفوف   طويلة  وقفوا على البوابات ، مهندسون اطباء قضاة محامون ،ادباء مفكرون واسر جاءت عن بكرة ابيها ، الكبير و الصغير و المقمط بالسرير ، وكانت اسرتي من هذا الصنف   .

افتتحنا الجولة بدار نشر لبنانية  ، بدا التاجر (معجوء عالاخر )، و استقبلنا بسحر اللهجة   اللبنانية دون قصد منه ، أثناء مكالمة مع بيروت قائلا لمحدثه :
( من .... ...الصبح واحنا ناطرين خيي )  ، لكن كتبه التي عرضها على افضل طريقة ، لم تكن اقل سحرا من لهجته ، فجعلتنا نتوقف طويلا عنده ، قلت لابنتي ،جاء دورك  ، ارجو ان نستفيد من اتقانك لهجته، وبالفعل خاطبته ( فيك تعمل خصم خيي) فاجاب بابتسامة ، (ولووو..)، و كان لهذا التاجر نصيب الاسد في التسوق بعد الكتاب القانوني ، فقد حملنا الى بيروت وفيروز الشتاء دون ان يشعر .

واما المكتبات القانونية فقد ابرزت محتوياتها، تطور الفكر القانوني و ادواته ، ويكفي ان اشير سريعا الى المنهجية العلمية في التعليق على الاحكام مثالا ،  التي ظلت احد التابوهات المحفوفة بالمخاطر الى حد حظرها عند البعض ، ولكنها بفضل الكتاب ، اصبحت  علما يدرس له قواعد و اصول ومنهجية علمية .

المعرض ينقلك الى سوق  عكاظ فحيثما نقّلت بصرك وجدت جمهرة من المعلمين و المتعلمين ، حملهم  شغف التعلم ،تجد الطفل الصغير الذي يتهجى القصص  ،  و الشيخ البصير الذي يتقدم تلاميذه  ،  تضع لهم الملائكة اجنحتها ، وهم  يقرأون على استاذهم  من الكتب الامهات .
طلاب جامعات ، يتلقفون الكتب بنهم يتعلمون من تاجر الكتب ، الذي لا يبيع سلعة عادية ،فهو بالكتاب يداوي ، ويرفه ، ويواسي ، ويُحبَّذ ان يكون حكواتيا، فالتنقل بين هؤلاء التجار القادمين من ارجاء المعمورة متعة ومعرفة بحد ذاته .

تفاوتت دور النشر ، في مواكبتها التقنيات الحديثة بيعا وشراءا، و لكن ذلك لم يخل من فائدة، ولو بالتعرف  على الخُلُق الثقافي  ، فقراءة   الانسان (كتاب الله المفتوح ) هي ايضا متاحة   في المعرض ، حيث وجدت  بعض الوراقين استعملوا   لمنشوراتهم الكشوفات  الورقية الضخمة ،    عوضا عن  الالكترونية ، فشق عليهم البحث عن اي كتاب وكلما اكتشفوا خطأهم   ، كان احدهم يردد ( لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين )وازاء هذا الاستغفار  و هذا العناء للتاجر    ، ما وسعني الا شراء كتابين عُثر  عليهما بعد مائة استغفار على الاقل .

 التاجر الدمشقي   كان حاضرا وبقوة واشعرني ان تجارة الكتب غير ربحية مطلقا ،  فبعد ان  اوجز  لي كتابا  مكونا من  مئات الصفحات في ثوان معدودة  ، والكتاب يحكي قصة خلوة..  فتجاسرت  متسائلا : خلوه في ٥٠٠ صفحة ؟؟
هل قرات الكتاب ؟؟
فقال  مترافعا ...
لقد كرست حياتي للحرف، تركنا اعمالنا واموالنا و اهلنا ،وامضيت عمرى انبش وافتش في هذا الادب  ، فانعطبنا و انشطبنا حتى انحرفنا - في كناية ادبية طبعا-و تسالني هل قرات الكتاب ؟؟
(اخي خذه و اقرأه  وان ما عجبك تعال برجعلك فلوسك ...)
امام هذه المرافعة الجزلة   قلت في نفسي لابد من شراء الكتاب طوعا او كرها .

الثقافة لازالت بخير هكذا قالت طوابير الشبان ، بانتظار   ان  يحظوا  بتوقيع روائي في الركن المخصص للمؤلفين .

الثقافة لازالت بخير ، هكدا  اشارت  زوجتي بيدها لمرتاد  يحّمل كراتين الكتب  في (بك اب  ) لمركز علمي او جامعة ربما ،فقالت انظر ( امة اقرا) و انت تستهول   حقيبة يدوية.

 افتتاح معرض الكتاب الدولي في عمان ،رغم  ظروف الجائحة العالمية  ، هو قصة نجاح ،  برعاية ملكية  لفعالية ثقافية  تستحق هذه الرعاية  .
لا تفوت متجر السحر ، لانه  سيلهم خيالك دون تعمد ، وانت تستنشق رائحة القهوة الممزوجة مع التاريخ المختصر لحبة البن الساحرة، 
في متجر السحر ، ستظن نفسك مسافرا ، وانت تشاهد رواد المعرض يجوبونه بحقائب سفر كبيرة ومتوسطة الحجم،  
ليملؤها معرفة وعلما.

في متجر السحر لا ارض  تقلك و لا سماء تظلك اوسع من الكتاب ،،،

ويكفيك ان لم ترغب بالشراء ان تتزود بالعناوين وصحبة الوراقين،  كما فعلت انا مع كتاب (متجر السحر )* الذي سأقرأه لاحقا كما ارجو .

مواضيع قد تعجبك