في صفوف طويلة وقفوا على البوابات ، مهندسون اطباء قضاة محامون ،ادباء مفكرون واسر جاءت عن بكرة ابيها ، الكبير و الصغير و المقمط بالسرير ، وكانت اسرتي من هذا الصنف .
افتتحنا الجولة بدار نشر لبنانية ، بدا التاجر (معجوء عالاخر )، و استقبلنا بسحر اللهجة اللبنانية دون قصد منه ، أثناء مكالمة مع بيروت قائلا لمحدثه :
( من .... ...الصبح واحنا ناطرين خيي ) ، لكن كتبه التي عرضها على افضل طريقة ، لم تكن اقل سحرا من لهجته ، فجعلتنا نتوقف طويلا عنده ، قلت لابنتي ،جاء دورك ، ارجو ان نستفيد من اتقانك لهجته، وبالفعل خاطبته ( فيك تعمل خصم خيي) فاجاب بابتسامة ، (ولووو..)، و كان لهذا التاجر نصيب الاسد في التسوق بعد الكتاب القانوني ، فقد حملنا الى بيروت وفيروز الشتاء دون ان يشعر .
واما المكتبات القانونية فقد ابرزت محتوياتها، تطور الفكر القانوني و ادواته ، ويكفي ان اشير سريعا الى المنهجية العلمية في التعليق على الاحكام مثالا ، التي ظلت احد التابوهات المحفوفة بالمخاطر الى حد حظرها عند البعض ، ولكنها بفضل الكتاب ، اصبحت علما يدرس له قواعد و اصول ومنهجية علمية .
المعرض ينقلك الى سوق عكاظ فحيثما نقّلت بصرك وجدت جمهرة من المعلمين و المتعلمين ، حملهم شغف التعلم ،تجد الطفل الصغير الذي يتهجى القصص ، و الشيخ البصير الذي يتقدم تلاميذه ، تضع لهم الملائكة اجنحتها ، وهم يقرأون على استاذهم من الكتب الامهات .
طلاب جامعات ، يتلقفون الكتب بنهم يتعلمون من تاجر الكتب ، الذي لا يبيع سلعة عادية ،فهو بالكتاب يداوي ، ويرفه ، ويواسي ، ويُحبَّذ ان يكون حكواتيا، فالتنقل بين هؤلاء التجار القادمين من ارجاء المعمورة متعة ومعرفة بحد ذاته .
تفاوتت دور النشر ، في مواكبتها التقنيات الحديثة بيعا وشراءا، و لكن ذلك لم يخل من فائدة، ولو بالتعرف على الخُلُق الثقافي ، فقراءة الانسان (كتاب الله المفتوح ) هي ايضا متاحة في المعرض ، حيث وجدت بعض الوراقين استعملوا لمنشوراتهم الكشوفات الورقية الضخمة ، عوضا عن الالكترونية ، فشق عليهم البحث عن اي كتاب وكلما اكتشفوا خطأهم ، كان احدهم يردد ( لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين )وازاء هذا الاستغفار و هذا العناء للتاجر ، ما وسعني الا شراء كتابين عُثر عليهما بعد مائة استغفار على الاقل .
التاجر الدمشقي كان حاضرا وبقوة واشعرني ان تجارة الكتب غير ربحية مطلقا ، فبعد ان اوجز لي كتابا مكونا من مئات الصفحات في ثوان معدودة ، والكتاب يحكي قصة خلوة.. فتجاسرت متسائلا : خلوه في ٥٠٠ صفحة ؟؟
هل قرات الكتاب ؟؟
فقال مترافعا ...
لقد كرست حياتي للحرف، تركنا اعمالنا واموالنا و اهلنا ،وامضيت عمرى انبش وافتش في هذا الادب ، فانعطبنا و انشطبنا حتى انحرفنا - في كناية ادبية طبعا-و تسالني هل قرات الكتاب ؟؟
(اخي خذه و اقرأه وان ما عجبك تعال برجعلك فلوسك ...)
امام هذه المرافعة الجزلة قلت في نفسي لابد من شراء الكتاب طوعا او كرها .
الثقافة لازالت بخير هكذا قالت طوابير الشبان ، بانتظار ان يحظوا بتوقيع روائي في الركن المخصص للمؤلفين .
الثقافة لازالت بخير ، هكدا اشارت زوجتي بيدها لمرتاد يحّمل كراتين الكتب في (بك اب ) لمركز علمي او جامعة ربما ،فقالت انظر ( امة اقرا) و انت تستهول حقيبة يدوية.
افتتاح معرض الكتاب الدولي في عمان ،رغم ظروف الجائحة العالمية ، هو قصة نجاح ، برعاية ملكية لفعالية ثقافية تستحق هذه الرعاية .
لا تفوت متجر السحر ، لانه سيلهم خيالك دون تعمد ، وانت تستنشق رائحة القهوة الممزوجة مع التاريخ المختصر لحبة البن الساحرة،
في متجر السحر ، ستظن نفسك مسافرا ، وانت تشاهد رواد المعرض يجوبونه بحقائب سفر كبيرة ومتوسطة الحجم،
ليملؤها معرفة وعلما.
في متجر السحر لا ارض تقلك و لا سماء تظلك اوسع من الكتاب ،،،
ويكفيك ان لم ترغب بالشراء ان تتزود بالعناوين وصحبة الوراقين، كما فعلت انا مع كتاب (متجر السحر )* الذي سأقرأه لاحقا كما ارجو .




