*
الخميس: 25 ديسمبر 2025
  • 20 فبراير 2024
  • 13:23
حل البرلمان في الأردن والكويت
الكاتب: د. ليث كمال نصراوين
حل البرلمان في الأردن والكويت

أصدر أمير دولة الكويت قبل أيام مرسوما أميريا بحل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات مبكرة خلال شهرين من تاريخه، حيث جاء هذا القرار ردا على الموقف الذي اتخذه أعضاء البرلمان الكويتي برفضهم شطب مداخلة أحد النواب، والتي تضمنت عبارات فيها مساس بالذات الأميرية. وقد جرى تسبيب قرار الحل بأنه نتيجة "لما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي، وتعمّد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة".

إن قرار حل مجلس الأمة الكويتي قد جاء استنادا لأحكام المادة (107) من الدستور التي تعطي الحق للأمير بأن يحل مجلس الأمة بمرسوم يبين فيه أسباب الحل، شريطة ألا يتم حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى، وأنه إذا حُل المجلس وجب إجراء انتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يتجاوز شهرين من تاريخ الحل، فإن لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن يُنتخب المجلس الجديد.

فمن خلال استعراض الأحكام الدستورية المتعلقة بحل مجلس الأمة في الدستور الكويتي نجدها متشابهة تقريبا مع نظيراتها في الدستور الأردني، وذلك من حيث عدم جواز حل أكثر من مجلس نيابي للسبب نفسه، وبأن مدة غياب المجلس المنتخب بعد الحل ليست مفتوحة، وإنما مقيدة بفترة زمنية معينة يجب خلالها إجراء انتخابات برلمانية وإلا عاد المجلس المنحل بحكم الدستور.

ويبقى الاختلاف الأبرز بين الدستورين الأردني والكويتي فيما يتعلق بأحكام حل المجلس المنتخب، حيث أحسن المشرع الدستوري الكويتي بالنص صراحة على ضرورة بيان أسباب الحل في المرسوم الأميري، وهو الحكم الذي لم يأخذ به المشرع في الأردن. فالمادة (74/1) من الدستور الأردني تنص صراحة على أنه "إذ حُل مجلس النواب لسبب ما فلا يجوز حل المجلس الجديد للسبب نفسه"، وهذا الحكم الدستوري يتطلب معرفة الأسباب والدوافع التي تقرر بموجبها حل البرلمان في الأردن لكي لا يتم الاستناد إليها لحل المجلس الجديد.

كما يكمن الاختلاف في أحكام الحل في الأردن والكويت في المدة الزمنية التي يجب فيها إجراء انتخابات برلمانية جديدة بعد الحل، والتي قصرها المشرع الدستوري الكويتي بشهرين فقط من تاريخ الحل، في حين حددت المادة (73/1) من الدستور الأردني الفترة بين حل مجلس النواب وانتخاب المجلس الجديد بأربعة أشهر على الأكثر، يجب خلالها إجراء انتخابات برلمانية ودعوة المجلس الجديد إلى الانعقاد في دورة غير عادية كقاعدة عامة.

قد يرى البعض أن موقف المشرع الكويتي من اشتراط مدة شهرين فقط لإجراء الانتخابات بعد الحل أفضل منه بالنسبة للمشرع الدستوري الأردني، الذي أجاز تغييب مجلس النواب مدة لا تزيد على أربعة أشهر. إلا أن الاختلاف في المدة الزمنية لغياب المجلس النيابي في كل من الأردن والكويت واختصارها لمدة شهرين فقط في الدستور الكويتي يمكن تبريره على أساس عدة عوامل مرتبطة بالعملية الانتخابية. فعدد الدوائر الانتخابية في الكويت هي خمس دوائر، وعدد الناخبين فيها لا يتجاوز المليون ناخب فقط.   

كما يظهر التباين بين الأردن والكويت في عدد الأعضاء المنتخبين؛ فمجلس الأمة الكويتي يتألف من خمسين عضوا فقط ينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر، على أن يعتبر الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة أعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم، وذلك استنادا لأحكام المادة (80) من الدستور الكويتي.

وهنا يكمن الفرق بين الدستورين الأردني والكويتي من حيث الجمع بين العضوية في السلطتين التشريعية والتنفيذية. فهذه الممارسة قد جرى حظرها بشكل صريح في التعديلات الدستورية في الأردن لعام 2022 بشكل يعزز مبدأ الفصل بين السلطات، في حين أنها مستمرة في الدستور الكويتي.

أما الاختلاف الأهم في أحكام حل البرلمان في الأردن والكويت، فيتمثل بأن المشرع الدستوري الأردني قد ربط حل مجلس النواب باستقالة الحكومة القائمة في حالات معينة، حيث تنص المادة (74/2) من الدستور الأردني بحلتها المعدلة في عام 2022 على أن الحكومة التي يُحل مجلس النواب في عهدها قبل الأشهر الأربعة الأخيرة التي تسبق انتهاء مدة المجلس تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها.

إن هذا الحكم الدستوري الذي يعلّق بقاء الحكومة باستمرارية مجلس النواب كقاعدة عامة لم يأخذ به الدستور الكويتي، الذي اكتفى بإعمال القواعد العامة ذات الصلة بالمسؤولية الوزارية. فإذا رأى مجلس الأمة عدم "إمكانية التعاون" مع رئيس الوزراء الكويتي، فللأمير الحق في إعفاء الوزارة أو حل مجلس الأمة. وفي حالة الحل، وإذا أصر مجلس الجديد على عدم التعاون مع رئيس الوزراء المذكور، فإنه يعتبر معتزلا منصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن، وذلك عملا بأحكام المادة (102) من الدستور الكويتي.

وتجدر الإشارة إلى أن مسؤولية الوزراء في النظام الدستوري الكويتي مقررة أمام الأمير مباشرة، وذلك عملا بأحكام المادة (58) من الدستور الكويتي التي تنص بالقول "رئيس مجلس الوزراء والوزراء مسؤولون بالتضامن أمام الأمير عن السياسة العامة للدولة، كما يسأل كل وزير أمامه عن أعمال وزارته".

أما المسؤولية الوزارية بشقيها الفردية والجماعية، فقد قررها المشرع الدستوري الأردني أمام مجلس النواب وذلك عملا بأحكام المادة (51) من الدستور، مع إعطاء الحق لجلالة الملك بإقالة رئيس الوزراء والوزراء وقبولهم استقالتهم.

 

 

 

* أستاذ القانون الدستوري – عميد كلية الحقوق في جامعة الزيتونة

[email protected]

مواضيع قد تعجبك