*
الاربعاء: 24 ديسمبر 2025
  • 27 تموز 2017
  • 13:16
حصانة اعضاء البعثات الدبلوماسية
الكاتب: سعد بخاري
حصانة اعضاء البعثات الدبلوماسية

بحث موجز حول الحصانة القضائية للممثلين الدبلوماسيين للدول الاجنبية .

اتطرق في هذا البحث المصغر حول ما حصل من جريمة نكراء من موظف امن سفارة العدو الصهيوني في الاردن .

و اشير الى قانون العقوبات الاردني و رأي القضاء الاردني في الاتفاقييات و المعاهدات الدولية.

و كذلك أشير الى اتفاقية فيينا 1961 و اهم بنودها حول ما حدث  .

و الرأي الفقهي و العرف الدولي لخضوع الدبلوماسيين للقضاء المحلي .

 

جاء في نص قانون العقوبات الاردني :

المادة 7 :

1. تسري احكام هذا القانون على كل من يرتكب داخل المملكة جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه .

2. تعد الجريمة مرتكبة في المملكة:

أ . اذا تم على ارض هذه المملكة احد العناصر التي تؤلف الجريمة او أي فعل من افعال جريمة غير متجزئة او فعل اشتراك اصلي او فرعي .

المادة 11 :

لا تسري احكام هذا القانون على الجرائم التي يرتكبها في المملكة موظفو السلك الخارجي والقناصل الاجانب ما تمتعوا بالحصانة التي يخولهم اياها القانون الدولي العام .

 

رأي القضاء الاردني :

اتجه القضاء الاردني الى الاخذ بسمو القانون الدولي على القانون المحلي و ذلك في حال التعارض بين اتفاقية دولية و قانون محلي ، و قد جاء في قرار محكمة التمييز الاردنية رقم (2003 / 3965 ) بتاريخ (2004/2/29) تمييز / حقوق : " اجمع الفقه و القضاء لدى جميع دول العالم و منها الاردن على سمو الاتفاقيات و المعاهدات الدولية على القوانين الداخلية ، و انه لايجوز تطبييق احكام اي قانون داخلي يتعارض مع هذه الاتفاقييات و معاهدات الدولية بحيث يمكن تطبيقها معا و هو ماجرى عليه قضاؤنا بلا خلاف" .

وقد جاء في الرد الاردني في جلسة حقوق الانسان لعام 2010 : ان المعاهدات الدولية التي صادقت عليها حكومة المملكة الاردنية الهاشمية تعتبر جزءا لايتجزأ من التشريع الوطني و تسمو على القوانين المحلية النافذة بدلالة نص م 24 القانون المدني الاردني : " لاتسري احكام المواد السابقة اذا وجد نص في قانون خاص او في معاهدة دولية نافذة في المملكة الاردنية الهاشمية يتعارض معها "

 

اتفاقية فيينا لعام 1961 :

 تعريفها :

اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961 هي اتفاقية دولية تحدد الإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول وتبين الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبلوماسية، كما أتت على تحديد عدة مفاهيم كالحصانة الدبلوماسية وقطع العلاقات.

و كذلك نصت اتفاقية فيينا على أن الغرض من المزايا و الحصانه للدبلوماسيين هو ليس تمييز أفراد بل تأمين أداء البعثات الدبلوماسية لأعمالها على أفضل وجه كممثلة لدولها، وتؤكد أنه يجب أن يستمر تطبيق قواعد القانون الدولي التقليدي في المسائل التي لم تفصل فيها نصوص هذه الاتفاقية .

 

بعض مواد اتفاقية فيينا لعام 1961 المتعلقة بالجريمة النكراء التي وقعت في الاردن مؤخرا من قبل موظف الامن للكيان الصهيوني في سفارته بالاردن  :

مادة 9 فيينا

للدولة المعتمد لديها في أي وقت وبدون ذكر الأسباب أن تبلغ الدولة المعتمدة أن رئيس أو أي عضو من طاقم بعثتها الدبلوماسي أصبح شخصا غير مقبول أو أن أي عضو من طاقم بعثتها (من غير الدبلوماسيين) أصبح غير مرغوب فيه، وعلى الدولة المعتمدة أن تستدعي الشخص المعني أو تنهي أعماله لدى البعثة وفقا للظروف، ويمكن أن يصبح الشخص غير مقبول أو غير مرغوب فيه قبل أن يصل إلى أراضي الدولة المعتمد لديها فإذا رفضت الدولة المعتمدة التنفيذ أو لم تنفذ في فترة معقولة الالتزامات المفروضة عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة فللدولة المعتمد لديها أن ترفض الاعتراف للشخص المعني بوصفه عضوا في البعثة..

فهل اتخذت حكوماتنا الرشيدة مثل هذا الاجراء ؟

مادة 22 فيينا

تتمتع مباني البعثة بالحرمة، وليس لممثلي الحكومة المعتمدين لديها الحق في دخول مباني البعثة إلا إذا وافق على ذلك رئيس البعثة .

لا يجوز أن تكون مباني البعثة أو مفروشاتها أو كل ما يوجد فيها من أشياء أو كافة وسائل النقل عرضة للاستيلاء أو التفتيش أو الحجز لأي إجراء تنفيذي.

مادة 29 فيينا

لشخص الممثل الدبلوماسي حرمة، فلا يجوز بأي شكل القبض عليه أو حجزه، وعلى الدولة المعتمد لديها أن تعامله بالاحترام اللازم له، وعليها أن تتخذ كافة الوسائل المعقولة لمنع الاعتداء على شخصه أو على حريته أو على اعتباره.

مادة 31 فيينا

1- يتمتع الممثل الدبلوماسي بالحصانة القضائية الجنائية في الدولة المعتمد لديها، ويتمتع أيضا بالحصانة القضائية المدنية والإدارية إلا إذا كان الأمر يتعلق بما يأتي:

أ- إذا كانت دعوى عينية منصبة على عقار خاص كائن في أراضي الدولة المعتمد لديها إلا إذا شغله الممثل الدبلوماسي لحساب دولته في خصوص أعمال البعثة.

ب- إذا كانت دعوى خاصة بميراث ويكون الممثل الدبلوماسي منفذا للوصية أو مديرا للتركة أو وارثا فيها أو موصى له بصفته الشخصية لا باسم الدولة المعتمدة.

جـ- إذا كانت دعوى متعلقة بمهنة حرة أو نشاط تجاري -أيا كان- يقوم به الممثل الدبلوماسي في الدولة المعتمد لديها خارج نطاق أعماله الرسمية.

2- لا يجوز إجبار الممثل الدبلوماسي على الإدلاء بالشهادة.

3- لا يجوز اتخاذ أي إجراء تنفيذي ضد الممثل الدبلوماسي إلا في الحالات المذكورة في الفقرات أ، ب، ج من البند 1 من هذه المادة، وعلى شرط إمكان إجراء التنفيذ بدون المساس بحرمة شخص الممثل أو بحرمة مسكنه.

4- عدم خضوع الممثل الدبلوماسي لاختصاص قضاء الدولة المعتمد لديها لا يعفيه من الخضوع لقضاء الدولة المعتمدة..

مادة 41 فيينا

مع عدم المساس بالمزايا والحصانات على الأشخاص الذين يتمتعون بها احترام قوانين ولوائح الدولة المعتمدين لديها، وعليهم كذلك واجب عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدولة.

 

بالنسبة للرأي الفقهي و العرف الدولي :

استقر الرأي الفقهي والعرف الدولي منذ القرن السابع عشر على عدم خضوع الدبلوماسيين للقضاء المحلى للدولة المعتمد لديها بشقيه الجنائي والمدني

و الحصانة القضائية كاملة من المسائل الجنائية للدبلوماسيين حيث لا يجوز مطلقاً إخضاعهم لقضاء الدولة المعتمدين لديها مهما ارتكبوا من مخالفات معاقب عليها بموجب القانون الجنائي للدولة المعتمد لديها وذلك تطبيقاً وتأييداً للمبدأ القائل أن (فائدة احترام حصانات السفراء أكثر قيمة من فائدة العقاب على الجرائم) .

العرف الدولي قد أقر مبدأ اتخاذ بعض تدابير الحيطة مثل الاستدعاء أو الإبعاد أو الطرد من الدولة المعتمد لديها ..

من الامثلة حادثة قتل سفير فرنسا المشهورة والتي حدثت في 6 نوفمبر 1976م أثناء عودة سفيري النمسا وفرنسا من رحلة صيد في يوغسلافيا حيث قتل سفير النمسا في بلغراد السفير الفرنسي أوتو بحادثة عرضية غير مقصودة فاكتفت محاكم بلغراد بإدانة دولة النمسا في 12/يناير/1977م

الاستثناءات وردت بثلاثة امور : الحق المدني ، و الجرم المشهود في حالة تجارة المخدرات ، و جرائم الحرب ..

اتفاقية فيينا قد أخذت بالحصانة القضائية المطلقة في المسائل الجنائية أما في المسائل المدنية والإدارية فقد أوردت الاتفاقية استثناءات في المادة 31 :

 - يتمتع المبعوث الدبلوماسي بالحصانة ضد الاختصاص القضائي الجنائي للدولة المضيفة ويتمتع كذلك بالحصانة ضد الاختصاص القضائي والمدني والإداري فيما عدا الحالات الآتية :

(أ ) الدعاوى العينية المتعلقة بعقار خاص كائن في إقليم الدولة المضيفة ما لم تكن حيازته له بالنيابة عن الدولة الباعثة وذلك لأغراض البعثة

(ب) الدعاوى المتعلقة بميراث يكون المبعوث داخلاً فيها كمنفذ أو مدير أو وارث أو موصى له وذلك بوصفه شخصاً عادياً وباسمه الخاص لا بالنيابة عن الدولة الباعثة

(ج) الدعاوى المتعلقة بأي نشاط مهني أو تجارى يمارسه المبعوث الدبلوماسي في الدولة المضيفة خارج نطاق مهامه الرسمية

الية المساءلة القضائية للدبلوماسي :

أن تمتع المبعوث الدبلومـاسي بحصانة قضائية مطلقة في المسائل الجنائية وبحصانة قضائية مدنية فيما عدا الحالات المستثناء بموجب اتفاقية فيينا لعام 1961م لا يعنى عدم خضوع الدبلوماسي للمساءلة والقضاء بصفة مطلقة فقد اتجه الفقه والاجتهادات الدولية إلى إقرار بعض الوسائل التي يمكن من خلالها مساءلة الدبلوماسي ومقاضاته وتتلخص هذه الوسائل في الآتي:

1- الطريق الدبلوماسي: في هذه الحالة يتقدم المضرور بشكوى لوزارة الخارجية والتي تخاطب بدورها رئيس البعثة أو حكومته طالبة منهم التدخل ليقوم الدبلوماسي المخالف بتصحيح أوضاعه والوفاء بالتزاماته وفى حالة عدم حدوث ذلك تقوم وزارة الخارجية بمخاطبة الدولة المعتمدة طالبة منها رفع الحصانة عن الدبلوماسي المعنى والدولة المعتمدة حرة في أن ترفع الحصانة أو ترفض

2- التنازل عن الحصانة: في هذه الحالة يتنازل الدبلوماسي المخالف عن حصانته ولكن يجب للاعتداد بذلك التنازل أن توافق الدولة المعتمدة عليه وذلك لان الحصانة مقرره أساسا لصالح الدولة وليس لصالح الدبلوماسي فإذا لم توافق الدولة المعتمدة على التنازل يظل الدبلوماسي المخالف متمتعاً بتلك الحصانة رغم تنازله عنها

3- اللجوء لمحاكم الدولة المعتمدة: وفى هذه الحالة يلجأ المضرور إلى محاكم الدولة المعتمدة لمقاضاة الدبلوماسي المخالف رافعاً دعوته أمام قضاء الدولة المضيفة و هنا يكون بالشق المدني .

4- اللجوء إلى محكمة تحكيم تجنب الدبلوماسي المثول أمام القضـاء المحلى .

و هنا ايضا يكون بالشق المدني و وجود اتفاق مسبق على التحكيم .

وبالرجوع إلى اتفاقية فيينا لعام 1961م نجد أن هذه الاتفاقية قد اعتمدت طريقتين فقط من تلك الوسائل الأربعة هما اللجوء لمحاكم الدولة المعتمدة والثانية هي محاولة إمكانية رفع الحصانة القضائية وفى هذه يجب أن تكون موافقة الدولة صريحة وان تقترن تلك الموافقة الصريحة بإذن يصدر بصورة مباشرة من الدولة المعتمد أو من رئيس البعثة بصفته ممثلاً لدولته , ولقد برز هذا الاتجاه منذ عام 1906م بعد حادثة القتل الذي قام بها قائم بأعمال سفارة أجنبية في بلجيكا والذي قام بقتل خطيب أخته حيث لم تقم السلطات البلجيكية بتوقيفه إلا بعد حصولها على إذن من الدولة المعتمدة.

من خلال ما تقدم :

نجد ان لأعضاء الهيئات الدبلوماسية حصانة قوية من خلال الاتفاقيات و المعاهدات الدولية التي تمتلك حجية أكبر للتطبيق من القوانين المحلية و أن الأمر منوط بأخلاق اليعثات الدبلوماسية و أخلاق الدولة المرسلة لهم ، فكيف لكيان مغتصب للأرض و شعب قاتلٌ للأنبياء و المرسلين ، ناقضي العهود بأن يمتثلوا لأخلاق البشر قبل أن يلتزموا بالقوانين و الاتفاقيات و المعاهدات !

و جميع الحقوقيين يسعوا لتحقيق روح القانون لا نصوص القانون الحرفية ، و أن لكل دولة حكومة و وزراء عليهم محاكاة الشعب و الرأي العام و احترافية في اداء المهام و مع الاسف حين تجد حكومة الكيان الصهيوني توجه الاعلام لأخذ رضاء الناخبيين و الناس و تتابع مجرمها لحين وصوله لبر الامان و في المقابل تجد تضارب بالاخبار و عدم ارضاء الشارع و الرأي العام الاردني حيث أن الجريمة قد مست كل شخص في هذا الوطن فالأحرى ان نجد اداء احترافي لمواجهة الازمات الطارئة لا مزيدا من غليان الشارع و عدم الرضاء من الشعب على اداء حكومته ام ان الحكومة لم تعد ترى اولية الشعب في اداؤها .

نتمنى ان نرى سفارة الكيان مغلقة للابد و النظر مرة اخرى في اتفاقية السلام ، يا وطني ثراكِ طهرٌ و نأبى أن يُخالٍطهُ ... شوبٌ من البهم جاسوا في ثناياها .

قال تعالى :

"إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا" الاسراء اية (7)

المحامي سعد بخاري 27/7/2017

مواضيع قد تعجبك