آمن بأن إدارة امتحان الثانوية يجب أن يشترك بها الجميع، ليلة الامتحان،
ذهب للغرفة الكبيرة التي يوجد بها كل وسائل الأمن في المركز الوطني للأمن
وإدارة الأزمات، وبقي حتى مطلع الفجر، ولما تأكد من سلامة النتائج، غادر
مطمئناً.
كانت العقليات التي سبقته ترى أن الثانوية معركتها الخاصة وبطولتها
المشتهاة، ما اربكنا وأربك المؤسسات والأجهزة الأمنية، واليوم لدينا أردني
واحد حصل على معدل 99%، هكذا عادت الثانوية لحقيقتها، ومع العودة تكشفت
الأوجاع.
لكن النتائج لا تعكس الواقع فحسب، بل يجب أن تكون في إداراتها خطاً عاماً
في التعامل مع الأزمات، فوزير التربية الذي زار مركز إدرة الأزمات وأطمأن
للإمكانيات والقدرات الضخمة، لم يجد عيبا في أن تتكامل القدرات هناك، مع
جهد الوزارة والعاملين فيها. فلا احتكار للعمل ولا ضير في أن تكون الشركة
سبيلا للنجاح.
شهدنا الكثير من التصريحات عن واقع التعليم العام، وأكثرمنها عن نقد
التعليم العالي أيضا، وحين عملت احدى الجامعات قبل مدة على فصل طلبة أخفقوا
في امتحانات الطب، بدأت الاحتجاجات ومناصروها في النيل والنقد من الجامعة،
وهذا غير مقبول، فالدعم يجب أن يصب لصالح الحفاظ على جودة التعليم، ويجب
تطبيق الصرامة في كل التخصصات وليس الطب وحدة. وإذا لم يواز التشدد في نجاح
الثانوية إصلاح في مؤسسات التعليم العالي فإن الخلل يظل باقياً.
صحيح أن وزارة التربية تقود البلد في إطار التعليم العام، إلا أن هذه
القيادة بحاجة للشراكة كي تكون آمنة، وتحتاج إلى جراحة صعبة في بعض
المراحل، ولعل الذي حصل مؤخرا في نتائج الثانوية العامة هو بداية الطريق،
وهي بداية لا تحتمل التراجع أو الخوف أو التردد، لأنها إحدى أهم عمليات
الإصلاح الذي كنا نطالب به ونريده.
صحيح أن الدولة انشغلت كثيرا في السياسة والإصلاح الاقتصادي، لكن الإصلاح
الاجتماعي والثقافي والتعليمي، يظل هو الأكثر أثراً على حياة الناس، وهو
المدخل الحقيقي للوصول للعدالة، فاليوم وبسبب الصرامة في نتائج الثانوية
ستقل الواسطات في القبولات وستنتهي معارك التدخل عند رؤساء الجامعات
والنواب وكل وجيه أو عين كي يُحصل مقعداً لطالب في الجامعة.
لكن نتائج هذا العام والدورة السابقة، تطرح سؤالاً عن سر التدهور السابق
وارتفاع المعدلات، فهل جرى التهاون بها سابقا، لكي تحصل جامعات القطاع
الخاص على حصتها من رأس الكوم مباشرة،وهل تضخم القبولات في الجامعات الخاصة
مقبول؟ ربما حدث ذلك في جامعات بلا رسالة واصحابها أشبه بالمقاولين، لكن
التعميم غير مقبول على الكل، وليس هناك مؤامرة،فبعض الجامعات الخاصة كانت
ترفض التوسع بالقبولات للحفاظ على مستواها العلمي وتخضع لتوجيه محترم من
مجالسها.
اليوم المهم الحفاظ على نتائج هذا العام، والتقدم بجرأة أكثر لإصلاح
التعليم العام، وتطوير البيئة المدرسية وتدريب المعلمين، وهنا يظل للحديث
عن نقابة المعلمين دورها الذي ما زال غائباً وغير ملموس، أما وزير التربية
فيسجل له ولكل العاملين معه، ما فعلوه، نتيجة إيمانهم وصدقهم، وقدرتهم على
تحدي كل الضغوط.




