خبرني- تاليا مشاركة من القارئة العزيزة لينا حول قصة واحدة من النساء العربيات اللواتي دخلن التاريخ :
هي ليلى بنت عبد الله بن الرحال، وقيل ابن الرحالة بن شداد بن كعب بن معاوية (الأخيل) ابن عبادة بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، والذين قالت فيهم :- نحن الأخايل لا يزال غلامنا حتى يدب على العصا، مشهوراً.. تبـكي الرماح إذا فقدن أكفنا جزعاً، وتعرفنا الرفاق بحـوراً.
وعرفت قبيلتهم بأنهم كانوا من عشاق العرب، ولكن كانوا بالإضافة إلى الشعر من أوائل المسلمين الذين ساهموا في معارك الإسلام .
ونشأت ليلى منذ صغرها مع ابن عمها توبة بن الحمير والمشهور عنها أنها عشقت توبة وعشقها...... وكان توبة من الفرسان المغامرين، مبارزا في قومه، سخياً فصيحا مشهورا بالمكارم وحسن الخلق ومحاسنها. وكان قومه يقيمون في جوار منازل بني الاخيل، أهل ليلى التي ذاع ذكرها بالحسن والجمال وبيانها وفصاحتها وحفظها انساب العرب وأيامها واشعارها. وكان توبة يعشق ليلى ويقول فيها الشعر.
ومن أشعاره التي كان يتشوق فيها ليلى :- أرى اليوم يمر دون ليلى ....... كأنما أتت حـجج من دونها ...... وشهوراً حمامـة بطن الواديين ........... ترنمي سقاك من الغر الغوادي مطيرها .
وكان معتاداً على زيارتها، ولما كثرت زياراته عاتبه أخوها وقومها، فتقدم ليخطبها من أبيها، لكنه رفض أن يزوجه إياها على عادة العرب لانه تشبب بها وذكرها في شعره، وقام بتزويج ليلى من أحد بني الأدلع من بني عقيل بن كعب. ومن أهم صفات زوجها الاذلعي أنه كان غيوراً جداً، وبعض القصص تقول أنه طلقها لغيرته الشديدة من توبة، وقصص أخرى أنه مات عنها.
ولكن زواج ليلى لم يمنع توبة من زيارتها وكثرت زياراته لها، من بعد ذلك تظلم بنو الأذلع قوم زوجها الاول إلى السلطان الذي أهدر دم توبة، إذا عاود زيارة ليلى،فأخذوا يترصدون له في المكان المعتاد، وذات يوم علمت ليلى بمجيء توبة وخرجت للقائه سافرة وجلست في طريقه واستغرب خروجها سافرة، ولكنه فطن أنها أرادت أن تعلمه عن كمين نصب له فأخذ فرسه وركض، وكانت ليلى هي السبب في نجاته. ...وفي هذا الحدث يقول توبة :- ..... وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت ..... فقد رابني منها الغداة سفورها ..... عليّ دماء البُدن إن كان زوجها..... يرى لي ذنبا غير أني أزورها ...... وإني إذا ما زرتها قلت يا اسلمي ..... فهل كان في قولي اسلمي ما يضيرها ..... سُئل أعرابي ذات مرة : ما الذي يناله العاشق من معشوقته؟ فقال: القبلة واللمسة والنجوى والابتسامة....... فقيل له: ألا يُجامعها ؟
فقال الأعرابي: بأبي وأمي ماهذا بعاشق إنه طالب ولد! فحب لبلى الأخيليه لتوبه الخفاجي، حب عذري والحب العذري منسوب لبني عُذرة من قضاعة، وهم قوم يموت شبابهم سنويا بداء الحب بسبب رقّة قلوبهم ..... ولكن لم تذكر كتب التراث موت امرأة واحدة سواء من بني عذرة أو من غيرهم نتيجة العشق .... لماذا يا ترى !!!!!!! ان هذا مدعاة للتساءل والتعجب !!!!! سُئل رجل من بني عذرة: هل صحيح أنكم ( أي الرجال ) تموتون حبّا ؟؟؟؟؟؟
فقال: تركت قومي قبل أيام وفيهم ثلاثون شابا يخامرهم الموت!!!!!!! أما عن زوجها الثاني فهو سوار بن أوفي القشيري والملقب بابن الحيا.وكان سوار شاعراً مخضرماً من الصحابة ويقال أنها أنجبت العديد من الأولاد....... مرّت ليلى برفقة زوجها الثاني بقبر توبة بعد مقتله ، فقالت لا أبرح حتى أسلم عليه ، وحاول زوجها أن يمنعها من ذلك ، فأبت ، وقالت : السلام عليك يا توبة ! ما عرفت بك كذبة قط قبل اليوم . ..... ألست أنت القائل :........ ولو أن ليلى الأخيلية سلمت عليّ....... ودوني تربة وصفائحُ......... لسلمت تسليم البشاشة....... أو زقا إليها صدىً من جانب القبر صائحُ ...... وتشير بعض المصادر انه كانت إلى جانب القبر بومة كامنة، فلما رأت الهودج واضطرابه فزعت وطارت في وجه الجمل، فنفر فرمى بليلى على رأسها، فماتت من وقتها، فدفنت إلى جانب قبره............. وتعتبر ليلى الاخيلية من النساء المتقدمات في الشعر، مشهورة بين الأمراء والخلفاء في العصر الاموي....... حظيت بمكانة وتقدير، وكانت تُسم.ـع الخلفاء شعرها، سواء كان من الرثاء أو المديح، فنالت منهم الأعطيات والرغبات..... ولمكانتها في الشعر كان الشعراء يحتكمون إليها، وكانت تفاضل بينهم، بل دخلت مع بعضهم في معارك شعرية مثل ما حدث لها مع النابغة الجعدي الشاعر الذي هجاها وهجته وغلبته....... اعتبر الرواة والاخباريون أن ليلى الأخيلية فاقت أغلب الفحول من الشعراء، وشهدوا لها بالفصاحة والإبداع، وبعضهم كان يقدمها على الخنساء. فمرة كان أشراف قريش مجتمعين في مجلس يتذاكرون الخنساء والأخيلية، ثم أجمعوا على أن الأخيلية أفصحهما، وإن ليلى أكثر تصرفاً وأغزر بحراً وأقوى لفظاً، ولكن الخنساء أغلب قصائدها الرثاء.
ومن الشعراء الذين اعجبوا بشعرها الفرزدق حتى أنه فضل ليلى على نفسه، وأبو نواس الذي حفظ عديدا من قصائدها، وأبو تمام الذي ضرب بشعرها المثل، وأبو العلاء المعري الذي وصف شعرها بأنه حسن ظاهره........ ولها قصص جميلة وطريفة مع رجالات بني امية ....... حيث سأل ذات مرة معاوية بن أبي سفيان ليلى الاخيلية عن توبة بن الحمير، فقال: ويحك يا ليلى! أكما يقول الناس كان توبة؟ ؟؟؟؟
قالت: يا أمير المؤمنين ليس كل ما يقول الناس حقاً، والناس شجرة بغي يحسدون أهل النعم حيث كانوا وعلى من كانت..... ولقد كان يا أمير المؤمنين سبط البنان، حديد اللسان، شجاً للأقران، كريم المخبر، عفيف المئزر، جميل المنظر. وهو يا أمير المؤمنين كما قلت له...... قال: وما قلت له؟ فقال لها معاوية: ويحك! يزعم الناس أنه كان عاهراً فاجرا خارباً. فقالت:.... معاذ إلهي كـان والـلـه سـيدا...... جواداً على العلات جماً نوافلـه....... أغر خفاجياً يرى البخـل سـبةً...... تحلب كفاه النـدى وأنـامـلـه....... عفيفاً بعيد الهم صلبـاً قـنـاتـه...... جميلاً محياه قلـيلاً غـوائلـه...... فقال لها معاوية: ويحك يا ليلى! لقد جزت بتوبة قدره. فقالت: والله يا أمير المؤمنين لو رأيته وخبرته لعرفت أني مقصرة في نعته وأني لا أبلغ كنه ما هو أهله....... فقال لها معاوية: من أي الرجال كان؟.... فقالت فيه :- .....
وكان كليث الغاب يحمي عرينه...... وترضى به أشباله وحلائلـه...... غصوب حليم حين يطلب حلمه...... وسم زعاف لا تصاب مقاتلـه...... فأمر لها الخليفة بجائزة عظيمة ......... ولها مع الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان قصة طريفة ، حيث دخل الخليفة عبدالملك بن مروان على زوجته عاتكة بنت يزيد، فرأى عندها امرأة بدوية فسألها: من أنت؟ فقالت: أنا الوالهة، الحرى ليلى الأخيلية. قال: أنت التي تقولين:.... أريقت جفان ابن الخليع فأصبحت...حياض الندى زالت بهن المراتب ..... ومعنى البيت هو أن الكرم مات بموت توبة بن الحمير. والخليع هو احد أجداد توبة بن الحمير... قالت: أنا الذي أقول ذلك...... قال عبدالملك: فما أبقيت لنا. .... قالت: الذي أبقاه لك نسبا قرشيا وعيشا رخيا وامرأة مطاعة..... قال عبدالملك: أفردته بالكرم...... قالت ليلى: أفردته بما أفرده الله به .... فغضبت عاتكة لتقديمها أعرابيا جلفا على أمير المؤمنين، وخاطبت زوجها الخليفة: لست لك، إن انت قضيت لها حاجة من حاجتها. .... فوثبت ليلى قائمة منشدة أبيات منها:.... أأجعلُ مثلَ توبة في نداه...أبا الذبان فوه الدهر دامي ...... معاذ الله عسفت برحلي...تُغذُّ السَّيرَ للبَلد التّهامي ..... أقلت.: خَليفة فَسواه أحْجَى...... بـإمْرَته وأولى باللَّئام..... لثام الملك حين تُعَد كعبٌ...ذوو الأخْطار والخُطَط الجسام. والمعروف أن الخليفة عبد الملك بن مروان كان منتن الفم، كريه رائحته، يتساقط الذبان عليه فيموت....كما وسئلها ذات مرة عبد الملك بن مروان : ما رأى منك توبة حتى عشقك؟ فقالت: ما رأى الناس منك حتى جعلوك خليفة!!!!!!! وفي مجلس الحجاج بن يوسف، وعنده وجوه النّاس وأشرافهم، دخل عليه الحاجب
فقال: بالباب امرأة تهدر كما يهدر البعير الناد. قال: أدخلها.......... فدخلت امرأة طويلة دعجاء العينين، حسنة المشية، حسنة الثغر، وعند دخولها سلمت فرد عليها الحجاج ورحب بها فعرفت نفسها. ...... قال الحجاج: هذه ليلى الاخيلية التي تقول: ..... نحن الأخايل لا يزال غلامنا .......... حتى يدب على العصا مشهوراً ....... وبعد جلوسها سألها الحجاج عن سبب مجيئها، فقالت السلام على الامير والقضاء لحقه والتعرض لمعروفه، قال لها فاخبريني عن الارض، قالت : الارض مقشعرة والفجاج مغبرة، وذو الغنى مختل وذو الحد منفل،قال الحجاج وما سبب ذلك؟قالت: أصابتنا سنون مجحفة مظلمة لم تدع لنا فصيل ولاربعا، ولم تبقي عافطة ولا ناقطةً، فقد أهلكت الرجال، ومزقت العيال، وأفسدت الاموال. واستأذنته في الإنشاد، فأذن لها، فأنشدته قصيدةً مدحته بها:....... أحــجاج لا يفـلل سلاحك............. إنما المنـايا بكـف الله حيث تراها............... إذا هبـط الحجاج أرضاً مريضة................. تتبـع أقصـى دائـها فشفـاها.
فقال الحجاج لها: إن شبابك قد ذهب، واضمحل أمرك، فأقسم عليك إلا صدقتني، هل كانت بينكما ريبة قط أو خاطبك في ذلك قط؟؟؟؟ فقالت: لا والله أيها الأمير، إلا أنه قال لي ليلةً وقد خلونا كلمةً ظننت أنه قد خضع فيها لبعض الأمر، فقلت له: .... وذي حاجةٍ قلنا له لا تبح بها ..... فليس إليها ما حييت سبـيل .... لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه ..... وأنت لأخرى فارغ وحلـيل .... فلا والله ما سمعت منه ريبةً بعدها حتى فرق بيننا الموت.وبعد انتهائها قال الحجاج: لله ما أشعرها. فقال الحجاج لحاجبه: اذهب فاقطع لسانها...... فدعا لها بالحجام ليقطع لسانها، فقالت: ويلك! إنما قال لك الأمير اقطع لسانها بالصلة والعطاء، فارجع إليه واستأذنه...... فرجع إليه، فاستشاط الحجاج عليه غضبا وهمّ بقطع لسانه، ثم أمر بها فأدخلت عليه، فقالت: كاد وعهد الله يقطع مقولي: ...... حجاج أنت الذي لا فـوقـه أحـد ...... إلا الخليفة والمستغفر الصـمـد ..... حجاج أنت سنان الحرب إن نهجت ...... وأنت للناس في الدواجي لنا تقـد ..... وأمر لها بخمسمائة درهم، وخمسة أثواب وخمسة جِمال.وبعد مسيرها أقبل الحجاج على مجلسه، وقال:أتدرون من هذه؟ قالوا:لا والله ما رأينا امرأة أفصح وأبلغ ولا أحسن إنشاداً .قال: هذه ليلى صاحبة توبة، ولم يكن الحجاج يظهر بشاشته ولا سماحته في الخلق إلا في اليوم الذي دخلت عليه ليلى الأخيل




