خاص بـ"خبرني"
حزنت وانا استمع الى خبرين متتاليين من جملة اخبار اخرى لا تسر و هما انقاذ البحرية الاميريكية لمجموعة من صيادي الاسماك الايرانيين كان قراصنة صوماليون قد احتجزوهم رهائن وتعقيب المتحدثة بلسان الخارجية الاميريكية من ان انقاذ الصيادين الايرانيين جاء لدوافع انسانية ونظرا للحالة المزرية التي كانوا عليها. والخبر الثاني هو قيام جماعة " اسلامية " هي بوكو حرام النيجرية بقتل اعداد من المسيحيين وتفجير دور عبادتهم.
ومرت صور متلاحقة في ذهني بدءً بالايات الكريمة التي انزلها رب العالمين جل جلاله والتي تدعو الى اللين ونبذ العنف ومنها قوله تعالى ( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر ) وقوله جل من قائل في احترام عقائد الآخرين ( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن ) وقوله تعالى مخاطبا رسوله الاكرم صلوات الله وسلامه عليه ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) وعشرات الآيات الكريمة التي تدعو الى اللاعنف والعفو واحترام الاديان والصفح والاحاديث الشريفة التي تدعو الى اللين والتسامح . كما مرت بمخيلتي صورة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يتسلم مفاتيح بيت المقدس من البطريرك صفرونيوس وهو يقول له " لكم ما لنا وعليكم ما علينا " . وحين ادركته الصلاة وهو يتفقد كنيسة القيامة دعاه البطريرك للصلاة داخل الكنيسة فقال رضي الله عنه " ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة القيامة فيأتي المسلمون من بعدي ويقولون هنا صلى عمر ويبنون عليه مسجدا " وابتعد عن الكنيسة وفرش عباءته وصلى، وجاء المسلمون من بعده وبنوا على ذلك المكان مسجدا سمي بمسجد عمر.
وحزنت وانا استعرض رسالة عمان التي ولدت في ليلة مباركة عندما أحيا جلالة الملك عبدالله الثاني في التاسع من تشرين الثاني من عام 2004 ليلة القدر المباركة والتي أكدت على رسالة الإسلام الحقيقية وإبراز صورته المشرقة القائمة على مبادئ التسامح والاعتدال والتعايش والانفتاح والحوار ونبذ العنف والإرهاب والتصدي للادعاءات وللتعاليم الزائفة للمتطرفين والمؤتمر الاسلامي الدولي الذي عقد في العام التالي في عمان والذي ورد في بيانه "ان العالم يشهد في هذه المرحلة وبخاصة عالمنا العربي والإسلامي اعتداءات اثمة من قبل المتطرفين والإرهابيين وبخاصة أولئك الذين يتسترون برداء الدين الإسلامي ويسعون لتشويه صورة الإسلام ونشر الخراب والدمار في أنحاء العالم ولهذا فإننا نؤكد ان المدرسة هي الركن الأساس في التوعية بجوهر وحقيقة ديننا الإسلامي العظيم الذي قدم للبشرية انصع صور العدل والاعتدال والتسامح وقبول الأخر ورفض الانغلاق والتعصب ولم تكن مدارس الإسلام على مدى التاريخ الا منارات علم رفدت العالم بخيرة الخيرة من علماء ومفكرين كانوا روادا في مسيرة نهضة المجتمع الإنساني ".
اما حزني فكان نابعا من ان رسالة عمان اصبحت وكأنها نسيا منسيا هذه الرسالة التي تسطع منها التعاليم الحقيقية والمشرقة للدين الاسلامي الحنيف . اعلم ان الرسالة ترجمت الى اكثر من لغة حية ولكنها وبلغتها الاصلية العربية واللغات التي ترجمت اليها يبدو انها لم يتعد مفعولها تاريخ صياغتها واصبحنا نتلهى ببعضنا البعض حتى داخل البيت الواحد بل والانكى اننا جعلنا العالم ينظر الينا وكأننا فعلا وحوشا كاسرة وكأن عصور اوروبا المظلمة وابادة السكان الاصليين في الدول المكتشفة في اواسط الالفية الاولى من تاريخنا الحديث قد انعكست علينا فتقمصناها نحن .
وتساءلت بيني وبين نفسي اين منظمة العالم الاسلامي والجامعة العربية من نشر هذه الرسالة ليس لدول العالم الخارجي فقط الذي اصبح يتوجس خيفة منا بل نشرها في مدارسنا ومعاهدنا وعلى امتداد العالمين العربي والاسلامي وبلغاته حتى لهجاته العامية التي يتكلمها شباب الصومال والبوكو والقاعدة والطالبان والفلبين وغيرها من البلدان التي يتواجد فيها جماعات خارجة عن تعاليم الاسلام السمحة ولا ندعهم فريسة للغلاة الجهلة بتعاليم ديننا الحنيف . هل لان الرسالة صدرت من عمان التي هي في حجم بعض الورد وسميت باسمها ولم تصدر من جهة اخرى لها وزن مادي او بشري لم تأخذ مداها السامي والجغرافي.
وتساءلت لماذا لا تفسح وسائل الاعلام العربية وخاصة الفضائيات مساحات جذابة للرسالة السمحة للاسلام ونشطب كلمة عمان منها ان هي لا تعجب البعض ام نكتفي فقط بشهر رمضان الفضيل ليطل علينا عبد الكافي وخالد وغيرهما في دروس دينية رتيبة . لماذا لاتخصص مساحات في وسائل الاعلام الدولية من صحف كالهيرالد تريبيون والنيويورك تايمز والاندبندنت واساهي وفضائيات مثل السي ان ان وغيرها مدفوعة الاجر للتعريف بمضامين الدين الحنيف و تغيير الصورة التي فشلنا في ابقائها ناصعة المعنى والمضمون ونجح الاخرون في الصاق التهم بنا.
انستمر فقط في انفاق الملايين للادخار و الاستثمار في دول العالم او للترويج لعجائب الدنيا ام ننفق بعضها على بث روح التسامح والمعاني السامية التي دعا اليها رب العالمين. الا يمكننا الارتقاء الى عكس الصورة النقية للاسلام الحاضنة لكل المذاهب والاديان وننجح في احتضان كل فعاليات العالم من ندوات ومهرجانات وسياحة ، العامرة بلادنا بمقوماتها ، واستقطاب فعاليات ثقافية و مسابقات رياضية مثل كأس العالم لكرة القدم دون الاضطرار الى انفاق الملايين بعد ان يطمأن الناس الى حسن معشرنا. ان الله دعانا الى التقوى، فاكثرنا رفعة في التهذيب والخلق الكريم اتقانا عند رب العالمين ولنتذكر قوله تعالى عندما خاطب الناس، كل الناس ( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) صدق الله العظيم




