خبرني- باشر احمد سلامة كتابة مؤلفه الجديد و الذي يعتزم اصداره قريبا ويختتم به حياته المهنية و من المتوقع ان يتضمن الكتاب التأريخ النهائي لعمان و رجالاتها في الأربعة عقود الماضية مشتملا على تجربة أحمد سلامة الصحفية والسياسية التي أوته تحت سقف صاحب الجلالة و صاحبة الجلالة ثلاثين سنة خلت لتمثل تجربة غزيرة الفضاء من الخبرة الإنسانية المعتقة والمدهشة التي تعلن عن حضورها في مداخلاته خلال جلساته الخاصة و العامة.
الكتاب السادس و الجديد و ربما الأخير لأحمد سلامة قد يحمل اسم “العمانيون الجدد ” أو “أبناء الحلاقين” أو “لصوص المدينة” أو “هاشمدار” يتضمن مجموعة من الفصول حول الأحداث والتحولات والشخوص التي كان لها دور كبير في الحياة العامة الأردنية من وحي تجارب شخصية عاشها الكاتب ووقف على تفاصيلها و لا تزال غير معروفة للكثيرين و عنوان الكتاب كما جرت العادة في كافة كتب أحمد سلامة يرفعها مسودة لرفيق عمره و زميله العذب باسم سكجها حيث يحذف ما يريد و يصحح ما يشاء و يختار العنوان الذي يراه الأنسب. و في اتصال مع الزميل أحمد سلامة حول العنوان أكد أنه لا يغير من عاداته سوى ابن الحرام.
فبعد أن كانت مهردار رحلة إلى المنابع الأولى، يأتي هذا الكتاب ليروي خلاصة مهمة من التاريخ ليعري دكتاتوريته ويشذب أطراف الجغرافيا ويتحدث عن بهاء عبقريتها التي عايشها أحد أبرز الصحفيين الأردنيين في عمان، و يكشف أسراراً كان عكسها اليقين قبل أن يوثق أحمد سلامة ما يطوح بذلك اليقين. و قد خبرنا ذلك في جلده في التعاطي مع الوثائق من الأرشيف العثماني حتى وثائق الخارجية البريطانية في كتابه الأول “الهاشميون و فلسفة الحكم” الذي طبع منه ثلاث طبعات منها واحدة خصصت لوزارة التربية و التعليم و قيادة الجيش بأمر من صاحب الجلالة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه, عام 1991.
ويروي الكتاب الجديد الذي سيخصص لعمان و أهلها منذ عام 1972 حيث انتقل الزميل أحمد سلامة من طالب نابلسي يؤم المصلين في صلاة الجمعة الى طالب جامعي “تروتسكي” تجاوز أكاديمية كارل ماركس ليدرك قناعته بالثورة العربية الكبرى منتقلا اليها من نظرية الثورة الدائمة في القطاع الغربي لحركة فتح و تأثير تروتسكي في تلك الحقبة. و من هناك تحمله الرحلة ليُنطق المكان حتى يتلو لأول مرة عذاب الحزن النبيل الذي عاشه بوفاة الحسين, راعيه و ملهمه, و كيف كان الانتقال الهاشمي للملك من الحسين الى أب الحسين و المتمثل في أسرار اللحظات القاسية التي عاشها الكاتب.
و سيفرد الكتاب الجديد فصلا خاصا بالأمير الهاشمي الحسن بن طلال بعنوان ” 20-3 أنبُل الحسن” و يحوي الكتاب الجديد أيضا فصلا كاملا لأربعين شخصية اختارهم الكاتب, كان لهم دور في اعادة تشكيل عمان لتصير “هاشمدار”.
و سيجد القارئ الشريف زيد بن شاكر، و ذوقان الهنداوي، و سليمان عرار و جمعة حماد و مصطفى حمارنة و محمد السقاف، و مصطفى القيسي، و سميح البطيخي ،و محمد الذهبي ،و سعد خيروفيصل الفايز، و كل ما لم يعرف عن مسائل الخلاف التي دارت منذ عام 1996 خلف الأسوار المرتفعة و كان الكاتب أحد رموزها
تفاصيل كثيرة ستمثل حدثا استثنائيا ، حيث ستحضر في الكتاب العديد من الوجوه والأسماء القادمة من الغياب، وغيرها من كثيفة الحضور، وستكون ريشة سلامة حاضرة لترسم بكلماته البورتريه . الأهم في مسيرته، ليمثل رحلة إلى أرض بكر جديدة وخصبة، حيث الإغارات الذكية واللماحة على كواليس الأحداث،.
و سيطل في الكتاب مروان المعشر و باسم عوض الله و فواز الزعبي و ميشيل حمارنة و معروف البخيت و سمير الرفاعي و نادر الذهبي و غيرهم و غيرهم سيقال عنهم و عن غيرهم قصصا ستدهش الأردنيين كيف كانت أحداث المرحلة تجري من تحتهم، أو من فوقهم (لا فرق.كما يقول سلامة التجربة الثرية لسلامة لا تتوقف على السنوات الساخنة في تاريخ الأردن عندما التحق بالجامعة الأردنية عام72 وحسب، ولكنها تمتد في عالم الصحافة الأردنية منذ أن أطل عليها بقلمه و تتواصل على مقربة من ذروة الحراك السياسي الأردني في مرحلة التحولات الكبيرة المحلية والعالمية، لذلك يتوقع أن يثير الكتاب الجديد الذي يقدم فيه سلامة شهادته على عصر بأكمله ورصدا لتحولات المدينة ورجالاتها، الكثير من الجدل في الأوساط الصحفية والسياسية الأردنية في إضافة نوعية للمكتبة الأردنية والعربية لما يحفل به من طروحات جريئة وجديدة على الساحة الأردنية.
والمعروف أن سلامة هو الكاتب الوحيد الذي تشرف بأن وسمه الحسين بتبني مقال له قبل تركه بلاط صاحبة الجلالة و التحاقه ببلاط صاحب الجلالة وله عدة كتب من بينها “العولمة والعوربة” و”الهاشميون وفلسفة الحكم” و “أحسن القصص في حضرة الأمير”- و هو الكتاب الذي استخدمه سمير البطيخي كذريعة لاقصاء سلامة كمستشار اعلامي في الديوان الملكي الهاشمي مبكرا عام ,1997 عمل خلالها سلامة في أحلك ظروف و أصعب حالة و حمل ملف الانتقال بالاعلام الأردني مع مجموعة من قادة الاعلام في تلك المرحلة من اعلام “ضد عاصفة الصحراء” الى اعلام نشد للأردن البقاء متضمنا ظروف معاهدة السلام و أسرار كل تلك الحقبة.
أحمد سلامة الذي لم يجب بعد على سؤال تاريخي- هل أبعد الى مملكة البحرين في فترة البخيت-الذهبي حيث يعمل الآن مستشارا اعلاميا منذ سنتين في ديوان سمو ولي عهد البحرين؟ أم أنه ابتعد ليكتب كتاب العمر من دون ضغوط؟ سؤال برسم الاجابة سنقرأ اجابته الطويلة و المفاجئة ربما في كتابه الذي ترك عنوانه حائرا هذه المرة على غير عادة أحمد سلامة في التحديد المسبق لما يريد.
الكتاب, الحائر عنوانه, بين الرغبة في الاذعان لولاء أحمد سلامة لآل هاشم و بين جنون المغامرة عنده يشكل مدخلا لفهم المسافة التي تفصل “أبناء الحلاقين” كمقترح و “هاشمدار” كمتمنى.
انتهى أحمد سلامة كدورٍ في الحياة العامة الأردنية و هذا قراره النهائي فيما يبدو اذ أن ما هو ثابت عند كل الأردنيين ان أحمد سلامة لو لديه أية رغبة في العودة الى وظيفة أو دور لما توانى صديق عمره و رفيق دربه سمير الرفاعي أن يتركه قرب الجسر مؤلفا فقط.
ختاما, وصف المغفور له جلالة الملك الحسين أحمد سلامة “بالأجرأ” و ” الأكثر ثقافة” و “أنه الوحيد في عالم الكتابة الذي شد انتباه الحسين”. لم يكن ذلك في جلسة خاصة أو اطراءا في كتاب تكليف و يكتب عكسه حين يخفق صاحبه لكنه البشرى التي بشر بها الحسين الشعب الأردني و الأمة العربية بأحمد سلامة ككاتب له و كاتب للسلالة الهاشمية. و قد صمد ذلك طوال حياة الحسين لكن حقبة الذهبي-البخيت كان لها رأي آخر فيما قاله الحسين بحق سلامة، و لم يقل الحسين شيئا لأنه مات يرحمه الله! و لم يقل سلامة شيئا لأنه قررعدم الكتابة الى الأبد في الصحافة و الأردنية و لم ندري الى الان من قرر له البعاد. لكن أحمد سلامة قرر أن يعود من بعيد على عادته فقد كتب للحسين من بعيد في 14-11-1996 مقالا من منفاه الأول بلندن و أمر الحسين باعادته مستشارا في الديوان الملكي في نفس اليوم غصبا عن رغبة البطيخي-الكباريتي و في هذه المرة يبدو أنه لا يريد العودة عن طريق مقالة في صحيفة بل انه عائد في كتاب.
سؤال أخير, ايفي شلايم كتب “The Lion of Jordan” فهل سيكتب أحمد سلامة من داخل المطبخ عن ما تحويه غابتنا من أفاعٍ و ضباع و خنازير و ذئاب و يظنون أنفسهم انهم شركاء للأسد الوحيد و هو الهاشمي؟




