خبرني - كتب مراقب للشأن الاقتصادي :
دولة الرئيس جعفر حسان ..في التحليل الاستقصائي، لا يُسأل: من المخطئ؟
بل يُسأل السؤال الأكثر إزعاجًا: ما الذي أظهرته الأرقام عن جاهزية الدولة؟
والأرقام، في ملف كأس العالم 2026، لا تترك مساحة كبيرة للتأويل.
أولًا: الحدث بالأرقام… لا بالعاطفة
كأس العالم ليس بطولة رياضية فقط.
هو أكبر مولّد للانتباه الجماهيري في العالم، حيث خمسة مليارات تفاعل إعلامي عالمي (بحسب بيانات الفيفا لنسخة 2022)، و مليار ونصف مشاهد للنهائي وحده بالاضافة الى مئات الملايين من عمليات البحث خلال أيام القرعة والمباريات الأولى.
في لغة الاقتصاد الرقمي، هذا يُسمّى: Massive Earned Attention انتباه جماهيري مجاني لا يمكن شراؤه بسهولة.
ثانيًا: ماذا يعني “الوصول إلى مليار إنسان” ماليًا؟ لنخرج من الانطباعات إلى الحسابات الواقعية في سوق التسويق العالمي. في الحملات المدفوعة (أوروبا، أمريكا الشمالية، أمريكا الجنوبية)، كلفة الوصول الفعّال (CPM + تكرار + محتوى + إعادة استهداف) تتراوح بين 6–10 دولارات لكل ألف شخص في الحملات الواسعة ذات الجودة المقبولة. لذلك إذا أردت الوصول إلى مليار شخص مرة واحدة فقط الحد الأدنى هو 6–10 ملايين دولار لكن هذا لا يخلق وعيًا لخلق وعي حقيقي باسم دولة تحتاج الى تكرار الاعلان من 5 الى 8 مرات مع محتوى متعدد اللغات و يشتمل على فيديوهات، و المواد التي تهم الجمهور في البحث بالاضافة الى منصات اجتماعية و إعلام رياضي و إدارة حملة 6–12 شهرًا
النتيجة الواقعية الوصول الفعّال إلى مليار إنسان بوعي سياحي يساوي 300–400 مليون دينار أردني كحد أدنى وهذا تقدير محافظ جدًا.
ثالثًا: ما الذي قدّمه كأس العالم مجانًا؟
في 5 ديسمبر 2025، جرت قرعة كأس العالم 2026، ووُضع الأردن في مجموعة تضم الأرجنتين و الجزائر و النمسا
ثلاثة أسواق مختلفة، بثلاث لغات، وبأكثر من 100 مليون نسمة وخلال 48 ساعة فقط بعد القرعة قفز البحث عن كلمة Jordan في الأرجنتين ارتفعت عمليات البحث في النمسا والجزائر، فدخل اسم الأردن فجأة إلى وعي جماهير لم تكن تبحث عنه سياحيًا أصلًا وهذا ليس رأيًا بل سلوك معروف في Google Trends بعد أحداث رياضية كبرى وهذا اقتصاديًا يعني ان الاردن حصل خلال يومين على انتباه يعادل عشرات الملايين من الدنانير دون أن يدفع دينارًا واحدًا.
رابعًا: السؤال التقني الذي يكشف كل شيءحين يحدث هذا الارتفاع المفاجئ في البحث، هناك سؤال واحد يكشف الجاهزية من عدمها، ماذا وجد الناس عندما بحثوا عن الأردن؟
● هل وجدوا منصة واحدة ذكية؟
● هل وجدوا صفحة مرتبطة بكأس العالم؟
● هل وجدوا محتوى يربط كرة القدم بالسياحة؟
● هل وجدوا مسارًا واضحًا: (زور – اكتشف – احجز)؟
الجواب الرقمي الواضح والذي ليس من الصعب الحصول عليه هو بالتأكيد لا، لانه و ببساطة لا توجد مواقع Domains مخصصة و متخصصة بالاردن و المنتخب و كأس العالم و لا يوجد لهذة اللحظة Landing Pages مهيّأة لمحركات البحث , و لا يوجد استراتيجية ( SEO) قبل و اثناء كاس العالم , والأهم لا أثر لخطة تُظهر أن هناك عقل دولة يفهم اقتصاد الانتباه.
خامسًا: ماذا كان يجب أن يحدث (علميًا)؟
في كل دول العالم التي تفهم كأس العالم كاقتصاد، يتم تجهيز بنية رقمية مسبقة, صفحات جاهزة بلغات الأسواق و محتوى سريع التحميل, التقاط ذروة البحث (Search Spike) كما أن اول 72 ساعة هي الذهب الخالص، تحويل الانتباه إلى بيانات إيميلات، زيارات، حجوزات مستقبلية. وهذه ليست أفكار إبداعية بل أساسيات تسويق في الدول حاضرة الذهن
سادسًا: ماذا تُظهر الأرقام عن أداء الحكومة؟
من دون خطابات، ومن دون لوم مباشر، الأرقام تقول:
● الحكومة امتلكت أعظم منصة ترويج مجانية في العالم (المنتخب الوطني )
● المنصة وفّرت انتباهًا يعادل 300–400 مليون دينار.
● لا توجد دلائل رقمية على استثمار هذا الانتباه.
وفي علم الإدارة ومن دون تنظير، حين لا تتحوّل الفرصة إلى نتيجة المشكلة ليست في الحدث بل في الأدوات او من يملكها وهنا بالضبط يظهر الخلل اما واحدة من كل ما هو ادناه او جميعها
● أدوات ضعيفة
● فهم رقمي محدود
● إدارة ملف سياحي بعقلية تقليدية في عصر اقتصاد الانتباه
سابعًا: السؤال الذي تطرحه الأرقام (لا السياسة)
دولة الرئيس،
هذا المقال لا يسأل ومع انه هناك مسؤولين عن هذا التقصير لكن ليس المهم اليوم توزيع الاتهامات او البحث عن المخطىء ومحاسبته الان، اليوم الكرة في الملعب والحكم (انت) لابد لك من تسيير المباراة، الكرت الاصفر او الاحمر بعد توقف اللعبة، الا انه يضع الأرقام على الطاولة ويسأل سؤالًا واحدًا:
حين يسمع 1.5 إلى 5 مليارات إنسان باسم الأردن خلال كأس العالم، ما هي الخطة؟
ماذا نريد منهم أن يعرفوا؟
وإلى أين نريد أن نأخذهم رقميًا وسياحيًا؟
إذا لم تكن هناك إجابة واضحة، فالمشكلة ليست في وزير على الرغم من مسؤوليته المباشرة بسبب ولايته على كل الادوات، ولا هيئة، ولا موظف.المشكلة أن الدولة لم تُمسك الأدوات الصحيحة في أكبر لحظة ممكنة.
الخلاصة الرقمية
● فرصة ترويج بقيمة 300–400 مليون دينار ضاعت.
● الانتباه حصل… لكن لم يُستثمر.
● العالم بحث… ولم يجد مسارًا واضحًا.
وفي اقتصاد اليوم الانتباه الذي لا يُحوَّل، يُفقد
دولة الرئيس
كأس العالم لن ينتظر أحدًا. والأرقام لا تجامل نرجوك تصرف بسرعة !




