خبرني - نعى الدكتور زيد أحمد المحيسن، المرحوم اللواء محمد العضايلة (أبو الخير)، والذي توفي أمس الخميس، ودفن في مسقط رأسه ببلدة العدنانية في محافظة الكرك.
وتاليا ما كتبه الدكتور زيد احمد المحيسن:
كلمة رثاء – ووفاء للصديق المرحوم اللواء محمد العضايلة – أبو الخير
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبمشاعر حزن عميق، ننعى فقيد الوطن والقامة الوطنية الرفيعة، اللواء المتقاعد محمد عبد الحميد سلامة العضايلة (أبو الخير)، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الخميس 18-12-2025 بعد مسيرة مشرّفة حافلة بالعطاء والإنجاز في خدمة الأردن وأمنه واستقراره.
لقد تعمّقت معرفتي بالفقيد الراحل عن قرب ومنذ عقود ، بحكم صلة النسب، إذ إن زوجتي من أقاربه ومن عشيرة العضايلة، تلك العشيرة المعروفة بكرمها وأصالتها وحضورها الوطني المشهود. كما جمعتنا لقاءات اجتماعية في منزل عمي المرحوم أبو زهير العضايلة و في مؤتمرات و ندوات فكرية وثقافية متعددة، من خلال مشاركته الدائمة في المنتدى العالمي للوسطية، وحرصه المستمر على حضور الندوات والمؤتمرات، حيث كان حاضرًا بعقله الراجح، ومداخلاته المتزنة، وتعليقاته التي اتسمت بالروية والحكمة، وبفهم عميق ودراية واسعة بالمشهد العام.
وقد افتقدناه في الآونة الأخيرة بغيابه عن الندوات واللقاءات التي اعتاد المشاركة فيها، وهو غياب أثار القلق في نفوس محبيه، قبل أن يتبيّن أن المرض كان السبب المباشر، ذلك المرض الذي اختطفه بصمت، كما عاش بصمت الكبار، دون شكوى أو ضجيج، محافظًا على كرامته وثباته حتى اللحظات الأخيرة.
لقد كان الراحل رجل دولة بحق، لم تغادره روح المسؤولية بعد التقاعد، بل ظل وفيًا لفكره الوطني، منخرطًا في الشأن العام، مؤمنًا بالحوار والاعتدال، ومدافعًا عن الوسطية، وحريصًا على وحدة الصف واستقرار الوطن. جمع بين الخبرة الأمنية العميقة والرؤية الفكرية المتزنة، فكان حضوره محل تقدير واحترام في كل موقع.
خدم الفقيد وطنه في مواقع حساسة من دائرة المخابرات العامة، من بينها توليه إدارة مديرية مخابرات محافظة إربد في مرحلة محلية دقيقة، ثم رئاسته لمديرية مكافحة الفساد في الدائرة خلفًا للواء والوزير سميح بينو، قبل إنشاء هيئة النزاهة. وبعد التقاعد، واصل أداء واجبه الوطني عضوًا في هيئة مكافحة الفساد، مؤكدًا أن خدمة الوطن مسؤولية لا تتوقف عند منصب أو موقع.
وقد حظي بتقدير القيادة والوطن، فنال وسامًا ملكيًا بمناسبة مئوية الدولة الأولى، تقديرًا لدوره المتميز في الحفاظ على الأمن الوطني في عدد من العمليات، كما حصل على شهادة دولية مرموقة في الذكاء الاستخباري، متفوقًا على عدد من زملائه العرب والأجانب في أواخر ثمانينات القرن الماضي، في شهادة واضحة على كفاءته وتميزه المهني.
وإلى جانب كل ذلك، عُرف أبو الخير بأخلاقه الحميدة، وتواضعه الجم، وتعاملِه الإنساني الراقي، فكان قريبًا من الناس، محترمًا لزملائه، صادق الانتماء، نقيّ السريرة، يجمع بين الحزم المهني ونُبل الخُلُق، وهي خصال لا يجتمعن إلا في الرجال الكبار.
إننا إذ ننعى هذا الفقيد الغالي، فإننا نعزي أنفسنا أولًا، ونعزي عشيرة العضايلة الكرام، وذويه ومحبيه، كما نعزي الوطن بأسره، بفقدان شخصية وازنة، مقدّرة، مشهود لها بالكفاءة، والإخلاص، والعمل المؤسسي الاحترافي.
رحم الله اللواء محمد عبد الحميد سلامة العضايلة، وأسكنه فسيح جناته، وجعل ما قدّمه لوطنه في ميزان حسناته، وألهم أهله وذويه ومحبيه جميل الصبر وحسن العزاء.
وسيظل اسمه وسيرته العطرة حاضرين في وجدان الوطن، نبراسًا للأجيال، ودليلًا على أن الرجال الكبار لا يغيبون، وإن غابة أجسادهم الطاهرة
انا لله وانا اليه راجعون




