خبرني - قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، إن برنامج التحديث العسكري الضخم الذي أطلقته اليونان لا يمثل مجرد صفقة لشراء طائرات مقاتلة وأنظمة صاروخية جديدة، بل يعكس تحولاً استراتيجياً عميقاً في شرق البحر المتوسط، برزت فيه إسرائيل كشريك لا غنى عنه لأثينا، حيث تلعب صناعاتها الدفاعية دوراً محورياً في إعادة تشكيل الوضع الأمني لليونان لمواجهة التوسع العسكري التركي.
تحديث هو الأضخم بالتاريخ الحديث
بحسب تحليل لـ"جيروزاليم بوست"، فإن برنامج التحديث العسكري اليوناني، الذي يمتد من عام 2025 إلى 2036، هو الأكثر طموحاً في تاريخ أثينا الحديث، ويهدف إلى تحويل القوات المسلحة اليونانية إلى واحدة من أكثر الجيوش تقدماً من الناحية التكنولوجية في أوروبا.
وتخصص أثينا ما بين 2 إلى 2.5 مليار يورو سنوياً لتعزيز قدراتها على الردع، وتشمل المشتريات الرئيسية 20 طائرة مقاتلة من طراز "F-35"، وأنظمة طائرات بدون طيار وأنظمة سيبرانية متطورة، بالإضافة إلى تطوير "درع أخيل"، وهي شبكة دفاع جوي وصاروخي مضادة للطائرات بدون طيار متعددة الطبقات، ستكون الأنظمة الإسرائيلية لاعباً رئيسياً فيها.
سباق تسلح مع تركيا
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التحديث اليوناني يأتي على خلفية حملة تركيا الطموحة لتوسيع قدراتها الدفاعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، بهدف تلبية جميع احتياجاتها العسكرية محلياً تقريباً بحلول عام 2030، فبعد استبعادها من برنامج "F-35"، تشمل مشاريع أنقرة الرئيسية المقاتلة من الجيل الخامس "قآن" (KAAN)، ودبابة "ألتاي" القتالية، بالإضافة إلى تحديث البحرية التركية بغواصات جديدة ومدمرات دفاع جوي.
وفي مجال الصواريخ، ذكرت الصحيفة أن أنقرة تتقدم بقوة في مجال الأنظمة بعيدة المدى والفرط صوتية، حيث يمتلك صاروخ "تايفون بلوك-4" الباليستي مدى يصل إلى 800 كيلومتر، كما أطلقت برنامج "القبة الفولاذية" (Steel Dome) بقيمة 6.5 مليار دولار، وهي شبكة دفاع جوي مصممة لمنافسة "القبة الحديدية" الإسرائيلية و"درع أخيل" اليوناني.
الشراكة الاستراتيجية مع إسرائيل
وفقاً لـ"جيروزاليم بوست"، فإن هذه التهديدات التركية ليست مجردة بالنسبة لليونان، بل تمثل تحدياً مباشراً دفع أثينا لتسريع جدولها الزمني للتحديث.
وأشارت الصحيفة إلى أن أثينا وافقت على شراء 36 راجمة صواريخ من طراز "PULS" من إنتاج شركة "إلبيت سيستمز" الإسرائيلية، لتوفير قدرة ضرب دقيقة بعيدة المدى تواجه بشكل مباشر ترسانة الصواريخ التركية المتنامية.
كما يجري النظر بجدية في الحصول على نظام الصواريخ الباليستية الإسرائيلي "LORA"، الذي يصل مداه إلى 400 كيلومتر، ولذلك، ترى الصحيفة أن إسرائيل أصبحت أكثر من مجرد مورد، فلقد أصبحت شريكاً استراتيجياً يقدم التكنولوجيا التي تسمح لليونان بمواكبة تفوق أنقرة.
وخلص التحليل إلى أن النتيجة هي سباق تسلح إقليمي يتحدد بشكل متزايد من خلال برامج التحديث المتوازية، فبينما تركز تركيا على الإنتاج المحلي، تعتمد اليونان على الشراكات، خاصة مع إسرائيل وفرنسا، لكن المنطق الاستراتيجي واحد: "تأمين الردع وضمان حرية العمل في منطقة متنازع عليها".




