ويرى سادان أن تخلّي الإنسان عن ممارسة التفكير والكتابة بنفسه "لا يمكن إلا أن يقود إلى الحزن والمرارة والجنون".

كما يستشهد الكاتب بالكاتب الأمريكي المتخصص في الذكاء الاصطناعي إيد زترون الذي يرى أن الكتابة ليست "وضع كلمات فحسب"، بل هي صراع مع الأفكار والمشاعر لا يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاته.

ويذكر لامي دراسة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا خلصت إلى أن 83 في المئة من الطلاب الذين استعانوا بـ تشات جي بي تي لكتابة مقالات لم يتذكروا لاحقاً جملة واحدة مما كتبوه، ما يدل على أن النص لا ينتمي إليهم فكرياً.

ويشير لامي إلى سؤال طرحته مجلة نيتشر ريفيوز للهندسة الحيوية: إذا كانت الكتابة شكلاً من التفكير، فهل يعكس النصّ المكتوب عبر الذكاء الاصطناعي أفكارنا… أم أفكار النموذج نفسه؟

ويؤكد الكاتب أنّ تشات جي بي تي "لا يفكر" أصلاً، بل يعيد تركيب معارف مستمدة من البيانات التي دُرّب عليها، لكنه يشير في المقابل إلى ما يراه الباحثون: انحيازات عرقية وجندرية مدمجة في النماذج، إضافة إلى التأثير السياسي والثقافي لأصحاب الشركات المشغّلة - من إيلون ماسك إلى قادة شركات الذكاء الاصطناعي - الذين ينتمون إلى بيئة فكرية واحدة تقريباً، تجمع أدب ما بعد الإنسانية وأحلام الخلود والهيمنة التقنية.

ويقول لامي إن هذه الشركات راكمت ثرواتها عبر امتصاص كل ما هو متاح من نصوص وصور وفيديوهات لإنتاج محتوى "جديد" معاد تدويره. ويذكّر بوعودها للمستثمرين بالاستغناء عن معظم العمال المهرة.

ويقوم الكاتب بنقل تحذير الصحفي تيبو بريفو، الذي يرى أن هذا النموذج يجعل البشر "مادة خام للاستغلال"، وأن تشات جي بي تي ليس سوى "واجهة تقنية لعملية قديمة جداً في خصخصة الثروة".

ويعتبر لامي أن الهجوم على الكتابة - وبالتالي على التفكير - هو اقتراب من آخر مهمة إنسانية ظنّ البشر أنها عصيّة على الاستيلاء: القدرة على صياغة الأفكار بأنفسهم.