*
الخميس: 13 نوفمبر 2025
  • 04 نوفمبر 2025
  • 19:10

خبرني - مع قدوم فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، يعاني كثير من الناس من الصداع أثناء الموجات الحارة، حتى لو لم يتعرضوا مباشرة لأشعة الشمس.

هذا النوع من الصداع يُعد من أكثر الأعراض شيوعًا في الأجواء الحارة، ويصيب الأشخاص بدرجات متفاوتة من الألم والدوار.

لكن ما السبب العلمي وراء هذا الألم؟ ولماذا تؤثر الحرارة المرتفعة على الرأس والدماغ بهذا الشكل؟

في هذا المقال، سنستعرض الأسباب الفسيولوجية والطبية لحدوث الصداع خلال الموجات الحارة، ونقدّم مجموعة من النصائح للوقاية منه.

أولًا: كيف تؤثر الحرارة على الجسم والدماغ؟
عندما ترتفع درجات الحرارة، يحاول الجسم تنظيم حرارته الداخلية عبر التعرّق وتوسيع الأوعية الدموية القريبة من الجلد، لكن إذا لم يتم تعويض السوائل المفقودة بالعرق، يحدث جفاف في الجسم يؤدي إلى انخفاض تدفق الدم إلى الدماغ، ما يسبب الشعور بالصداع والتعب العام.

كما أن ارتفاع الحرارة يؤدي إلى تغير في ضغط الدم ومستويات الأملاح في الجسم، وهي عوامل تؤثر مباشرة على نشاط الأعصاب الحساسة للألم داخل الرأس.

إذن، الصداع في الجو الحار هو استجابة طبيعية من الجسم للإجهاد الحراري، وينذر بضرورة تبريد الجسم أو تعويض السوائل المفقودة سريعًا.

ثانيًا: الأسباب العلمية الرئيسية للصداع أثناء الموجات الحارة


1.    الجفاف ونقص السوائل
•    يُعتبر الجفاف السبب الأكثر شيوعًا للصداع في الأجواء الحارة.
•    عندما يفقد الجسم كميات كبيرة من الماء عن طريق التعرق ولا يتم تعويضها، يقل حجم الدم الذي يصل إلى الدماغ، مما يؤدي إلى انقباض الأوعية الدموية والشعور بألم في الرأس.
•    كما أن نقص الماء يؤدي إلى زيادة تركيز الأملاح في الدم، ما يؤثر على التوازن الكهربائي في خلايا الدماغ ويحفّز مستقبلات الألم.

نصيحة: احرص على شرب الماء بانتظام، حتى لو لم تشعر بالعطش، لأن الإحساس بالعطش يعني أنك بالفعل بدأت تفقد توازنك المائي.


2.    التعرّض المباشر للشمس (ضربة الشمس أو الإجهاد الحراري)
•    التعرّض لفترات طويلة لأشعة الشمس القوية يؤدي إلى ما يسمى بـ الإجهاد الحراري أو ضربة الشمس، وهي حالة خطيرة يمكن أن تتطور إلى صداع شديد مصحوب بالغثيان والدوخة وضعف التركيز.
•    يرتفع في هذه الحالة مستوى حرارة الدماغ نفسه، ما يسبب التهابات بسيطة في الأوعية الدموية داخل الرأس.
•    كما يزيد إفراز بعض المواد الكيميائية مثل "البروستاغلاندين" التي ترتبط بالشعور بالألم والالتهاب.

علامات الإنذار: صداع شديد مع حرارة مرتفعة وغثيان وتعرق مفرط — هذه علامات تتطلب الراحة في الظل أو في مكان مكيف وتناول سوائل باردة فورًا.


3.    تمدد الأوعية الدموية في الرأس
•    عندما ترتفع درجة حرارة الجسم، تتوسع الأوعية الدموية لتبريد الجسم، وهذه العملية قد تشمل أوعية الرأس أيضًا.
•    هذا التمدد المفاجئ في الأوعية الدموية الدماغية يسبب ضغطًا على الأعصاب المحيطة، ما ينتج عنه ألم نابض في الرأس، يشبه صداع التوتر أو الشقيقة.
•    هذا النوع من الصداع يُسمى أحيانًا "الصداع الوعائي المرتبط بالحرارة"، وغالبًا ما يظهر مع التعرض الطويل للجو الحار أو عند ممارسة نشاط بدني في الخارج.


4.    نقص الأملاح والمعادن
•    مع التعرّق الشديد، لا يفقد الجسم الماء فقط، بل يفقد أيضًا الصوديوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم، وهي معادن مهمة لوظائف الأعصاب والعضلات.
•    عندما تنخفض مستويات هذه المعادن، يحدث خلل في الإشارات العصبية داخل الدماغ، مما يؤدي إلى الصداع والدوخة والضعف العام.
•    الأشخاص الذين لا يتناولون طعامًا متوازنًا أو لا يعوضون هذه الأملاح يكونون أكثر عرضة للصداع أثناء الموجات الحارة.

نصيحة: تناول مشروبات تحتوي على الأملاح المعدنية أو عصائر طبيعية مثل عصير البرتقال والموز لتعويض المعادن المفقودة.


5.    اضطراب النوم بسبب الحر
•    الحرارة المرتفعة ليلًا تمنع الجسم من الدخول في نوم عميق مريح، مما يؤدي إلى قلة النوم أو النوم المتقطع.
•    قلة النوم بدورها ترفع مستويات هرمون "الكورتيزول" (هرمون التوتر) وتزيد من حساسية الجهاز العصبي للألم.
•    لذلك يشعر كثيرون بالصداع صباحًا بعد ليلة حارة سيئة النوم، حتى دون تعرض مباشر للشمس.


6.    الحساسية تجاه التغيرات في ضغط الجو
•    بعض الأشخاص لديهم حساسية عالية تجاه تغيرات الضغط الجوي والرطوبة.
•    في الموجات الحارة، يقل الضغط الجوي غالبًا، ما يؤدي إلى تمدد الأوعية الدموية داخل الرأس والشعور بصداع يشبه الشقيقة.
•    الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي (الشقيقة) أكثر عرضة لتفاقم الأعراض في الأجواء الحارة والرطبة.

ثالثًا: أنواع الصداع المرتبطة بالحرارة
•    الصداع الناتج عن الجفاف: ألم عام في الرأس، يزداد مع الحركة ويخف عند شرب الماء.
•    الصداع الوعائي: ألم نابض في جانب الرأس، يزداد عند التعرض للشمس أو الحرارة.
•    الصداع الناتج عن ضربة الشمس: صداع حاد مع غثيان، دوخة، وتعرق مفرط.
•    الصداع الناتج عن قلة النوم: صداع صباحي مستمر مع تعب عام وعدم قدرة على التركيز.

رابعًا: طرق الوقاية من الصداع أثناء الموجات الحارة
•    الترطيب المستمر: اشرب الماء على مدار اليوم، حتى لو لم تشعر بالعطش.
•    تجنّب أشعة الشمس المباشرة: استخدم قبعة، نظارات شمسية، وابحث عن الظل دائمًا.
•    تجنّب المشروبات المدرة للبول مثل القهوة والمشروبات الغازية، لأنها تزيد فقد السوائل.
•    تناول أطعمة غنية بالماء والمعادن مثل الخيار، البطيخ، والبرتقال.
•    احصل على قسط كافٍ من الراحة والنوم في غرفة باردة ومهوّاة.
•    استخدم كمادات باردة على الرأس عند الشعور بالصداع لتقليل تمدد الأوعية الدموية.
•    تجنب المجهود البدني الزائد في ذروة الحر، خاصة بين الساعة 12 ظهرًا و4 عصرًا.

خامسًا: متى يكون الصداع خطرًا؟
عادةً ما يختفي الصداع الناتج عن الحر بعد الترطيب والراحة، لكن يجب استشارة الطبيب فورًا إذا ظهرت الأعراض التالية:


•    صداع شديد مفاجئ لا يزول بالراحة.
•    دوخة أو إغماء.
•    ارتفاع حرارة الجسم فوق 39 درجة مئوية.
•    غثيان وقيء مستمر.
•    اضطراب في الرؤية أو الكلام.
هذه العلامات قد تشير إلى ضربة شمس حادة أو نقص حاد في الأملاح، وتتطلب تدخلًا طبيًا عاجلًا.

يمكن القول أن:
1.    الصداع أثناء الموجات الحارة ليس مجرد انزعاج عابر، بل هو إشارة من الجسم إلى وجود خلل في توازنه الحراري أو المائي.
2.    العوامل المشتركة مثل الجفاف، فقدان الأملاح، تمدد الأوعية، وقلة النوم، كلها تؤدي إلى الضغط على الدماغ وإثارة مستقبلات الألم.
3.    الوقاية تبدأ من شرب الماء بانتظام، وتجنب التعرض المباشر للحرارة، والحفاظ على الراحة والنوم الجيد.
4.    تذكّر أن الجسم يحتاج إلى العناية في الجو الحار تمامًا كما يحتاجها في البرد، وأن الصداع ليس إلا تحذيرًا لطيفًا يدعوك لتخفيف الحمل الحراري عن نفسك.

مواضيع قد تعجبك