*
الاحد: 07 ديسمبر 2025
  • 21 أكتوبر 2025
  • 00:17
الكاتب: الدكتور الكاتب محمود سمور.

خبرني - يشهد العالم في العقود الأخيرة تغيرات مناخية متسارعة تمسّ كل جوانب الحياة على كوكب الأرض. هذه التغيرات لا تقتصر على ارتفاع درجات الحرارة أو ذوبان الجليد فحسب، بل تمتد لتشمل أنظمة بيئية كاملة، وتؤثر بشكل مباشر في انتشار الميكروبات الممرِضة وحدوث الأمراض المرتبطة بها.

أولًا: العلاقة بين المناخ والميكروبات:

الميكروبات — من بكتيريا وفيروسات وفطريات وطفيليات — تتأثر بشكل واضح بدرجة الحرارة والرطوبة وتغيّر أنماط الأمطار. فارتفاع الحرارة مثلًا يسرّع من دورة حياة كثير من الممرضات، ويزيد من نشاط الحشرات والناقلات الحية مثل البعوض، القراد وذباب الرمل، مما يسهم في انتشار أمراض كانت محدودة بمناطق معينة لتصبح عابرة للحدود.

ثانيًا: أمثلة على أمراض ميكروبية تتأثر بالتغير المناخي:

الملاريا: (Malaria)1-

يزداد انتشارها مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الأمطار في بعض المناطق، مما يهيّئ بيئة مناسبة لتكاثر بعوض Anopheles والحشرة الناقلة للطفيل بعوضة Plasmodiumلطفيل

المناطق الجبلية التي كانت باردة أصبحت اليوم بيئة محتملة لانتشار الملاريا بسبب ارتفاع حرارتها

الكوليرا (Cholera)2-

بكتيريا الكوليرا تنمو في المياه الدافئة والغنية بالمغذيات ومع فيضانات المياه وارتفاع درجاتها تتزايد حالات تفشي المرض في المناطق الساحلية والفقيرة بالصرف الصحي

حمّى الضنك (Dengue Fever)3-

التي  Aedes aegypti  يسببه فيروس حمى الضنك وينقله بعوضة الزاعجة المصرية توسعت مناطق انتشارها إلى مناطق لم تكن مناسبة لها سابقًا بسبب دفء المناخ وزيادة الرطوبة.

الليشمانيا الجلدية (Cutaneous Leishmaniasis)4-

يزداد نشاط ذباب الرمل الناقل للطفيلي مع تغير المناخ والجفاف، مما يؤدي إلى ظهور المرض في مناطق جديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا فمرض الليشميانيا تنقله ذباب الرمل الابيض الذي يتكاثر في مناخ يوصف بأنه ذات الحرارة المعتدلة إلى المرتفعة والرطوبة النسبية معتدلة والمناطق الصحراوية وشبه الصحراوية.

 

5- الأمراض المنقولة بالمياه والطعام

مثل السالمونيلا والإشريكية القولونية حيث يزداد تكاثرها في الأطعمة والمياه الملوثة عند ارتفاع درجات الحرارة وسوء التخزين.

ثالثًا: التبعات الصحية والبيئية

تؤدي هذه التغيرات إلى زيادة العبء الصحي على المجتمعات الفقيرة، التي تفتقر للبنية التحتية الصحية والمائية الجيدة، مما يجعلها أكثر عرضة للأوبئة كما تهدد الزراعة والحيوانات، فتؤثر في الأمن الغذائي وسلامة السلاسل البيئية

رابعًا: سبل المواجهة والتكيف تتلخص بالنقاط التالية :

1- تعزيز أنظمة المراقبة الوبائية للكشف المبكرعن الأمراض الناشئة.

تحسين خدمات المياه والصرف الصحي لتقليل انتشار الأمراض المنقولة بالمياه. -2

3- البحث العلمي والتطعيمات لمكافحة الميكروبات المتكيفة مع المناخ الجديد.

4- التوعية والتثقيف الصحي لرفع جاهزية المجتمعات لمواجهة الأخطار البيئية والصحية.

خاتمة

إن التغير المناخي لم يعد قضية بيئية فحسب، بل أصبح تحديًا صحيًا عالميًا يهدد الإنسان والحيوان والنظام البيئي على حد سواء. فالتحكم في مسبباته، والتعاون الدولي في الحدّ من آثاره، يمثلان ركيزة أساسية لحماية البشرية من أمراض ميكروبية قد تعيد رسم خريطة الصحة العالمية في العقود القادمة.

مواضيع قد تعجبك