كانت فرنسا قد راهنت على صناعة بدائل شكلية للشرعية السياسية والدينية في المغرب، لكنها فشلت في إدراك أن السلطان لم يكن مجرد منصب بروتوكولي، بل رمزاً لوحدة الأمة، وهذا الوعي الشعبي العميق بالشرعية جعل من المستحيل فرض شخصية ضعيفة مثل محمد بن عرفة.

ومن جانب آخر، يعكس عهد محمد بن عرفة التداخل بين الديني والسياسي في المغرب، فالسلطان لم يكن مجرد حاكم دنيوي، بل كان أيضاً أمير المؤمنين، أي المرجعية الدينية العليا، وعندما رفض أغلب العلماء مبايعته، انهار الأساس الديني لحكمه، مما أكد أن الشرعية في المغرب ليست مسألة شكلية، بل لها جذور روحية وتاريخية عميقة.

وتختزل تجربة محمد بن عرفة مرحلة حرجة من تاريخ المغرب، حيث بلغ الصراع بين الاستعمار والحركة الوطنية ذروته. لقد كان عهده قصيراً لكنه كاشف لطبيعة العلاقة بين الشرعية السياسية والهوية الوطنية، وإذا كان قد قَبِل بالعرش في لحظة تاريخية ملتبسة، فإن التاريخ لم يغفر له، وبقي في الذاكرة المغربية شاهداً على فشل مشروع استعماري كامل.