خبرني - اعتاد بنيامين نتنياهو منذ سنوات أن يلوّح بورقة ضم فرض السيادة على الضفة الغربية بنا فيها غور الأردن وشمال البحر الميت من الضفة الغربية مع اقتراب كل استحقاق انتخابي، محاولاً شد عصب اليمين الإسرائيلي وكسب أصوات المستوطنين والمتطرفين.
ففي سبتمبر 2019 أعلن صراحة أنه سيطبق السيادة الإسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت فور فوزه بالانتخابات، مقدما خريطة ضمّ كجزء من دعايته السياسية لكن خلف هذه التصريحات يظل غور الأردن بالنسبة لإسرائيل ملفا يتجاوز الحسابات الانتخابية، كونه يعتبر "الحد الشرقي" الذي تراهن عليه المؤسسة الأمنية والعسكرية منذ عقود.
واليوم وبعد مرور ست سنوات، يعود نتنياهو ليعيد فتح الملف من جديد، ليس فقط في إطار الدعاية الداخلية، بل عبر نقاش جدي في أروقة حكومته، حيث كشفت مصادر إسرائيلية عن دراسة خيار "فرض سيادة جزئية" في غور الأردن مع فرض سيادة على أراضي الضفة الغربية، كرد مباشر على تحركات دولية متسارعة للاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر.. هذا التطور يؤكد أن الطرح لم يعد مجرد مناورة انتخابية، بل مشروع استيطاني استراتيجي يتكرس في العقل السياسي الإسرائيلي.
ما يتجاهله نتنياهو أن الغور لن يكون "حدا آمنا" لإسرائيل كما يتوهم، بل مصدر توتر دائم، لأن الأردن يمتلك من القدرة والشرعية ما يجعله الطرف الأكثر تأثيرا في معادلة الضفة الشرقية لنهر الأردن.
إن أي تفكير في ضم الغور أو فرض السيادة الإسرائيلية عليه يعني عمليا تهديدا مباشرا للأمن الوطني الأردني و"دق" المسمار الاخير في نعش اقامة دولة فلسطينية وانهيار حل الدولتين، وهو أمر لا يمكن القبول به أو التغاضي عنه.
الأردن الذي دفع أثمانا غالية دفاعا عن فلسطين والقضية العربية، لن يسمح بأن تتحول حدوده الغربية إلى ساحة مفتوحة أمام أطماع إسرائيلية، بل سيقابل ذلك بحزم سياسي ودبلوماسي، وبقوة الردع التي تملكها الدولة الأردنية على الجهة الشرقية للنهر.
من هنا فإن تصريحات نتنياهو المتكررة، سواء في 2019 أو 2025، لا يجب التعامل معها كمجرد بالونات انتخابية، بل كمؤشر خطير يستوجب تحركا عربيا ودوليا عاجلا، ودعما مطلقا للموقف الأردني الذي يظل حجر الزاوية في مواجهة المشروع الاستيطاني، وصمام الأمان في حماية فلسطين والأردن معا من هذا التهديد الوجودي.




