*
الاربعاء: 10 ديسمبر 2025
  • 26 أغسطس 2025
  • 14:25
تعرف على التعليم المهني في الأردن البديل الذكي للجامعات

خبرني - يُعد التعليم واحدًا من أهم أعمدة التطور في أي مجتمع، ولكن عندما نتحدث عن التعليم المهني في الأردن فإننا نقترب من قضية محورية ترتبط مباشرة بواقع الشباب، وسوق العمل، والاقتصاد الوطني. فبينما يتجه آلاف الطلبة كل عام نحو الجامعات سعياً وراء شهادة أكاديمية، يظل هناك مسار آخر أكثر ارتباطًا بالواقع العملي والاحتياجات الفعلية لسوق العمل، وهو التعليم المهني، الذي أصبح اليوم خيارًا يُنظر إليه باعتباره البديل الذكي للجامعات.

ما هو التعليم المهني في الأردن؟

يقصد بالتعليم المهني ذلك النظام التعليمي الذي يركز على تعليم الحرف والمهن بشكل عملي، وإعداد الطلبة لاكتساب المهارات الفنية والتقنية التي يحتاجها سوق العمل، ويشمل هذا النوع من التعليم مجالات متعددة مثل الكهرباء، الميكانيك، تكنولوجيا المعلومات، التجميل، الطهي، النجارة، وصيانة السيارات وغيرها من التخصصات التي لا غنى عنها في الحياة اليومية والاقتصاد الوطني.

في الأردن، تشرف وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل، إضافةً إلى بعض المؤسسات الخاصة، على تنظيم برامج التعليم والتدريب المهني، وقد شهد هذا القطاع في السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا، نتيجة الحاجة إلى كوادر مؤهلة في المجالات التطبيقية، ولتقليص الفجوة بين خريجي الجامعات ومتطلبات السوق.

الفرق بين التعليم المهني والجامعي
لفهم مكانة التعليم المهني بشكل أفضل، من الضروري أن نوضح الفرق بين التعليم المهني والجامعي:


1.    التعليم الجامعي: يعتمد على الدراسة النظرية والبحث الأكاديمي في تخصصات مثل الطب، الهندسة، العلوم الإنسانية والاجتماعية. يستمر عادة 4 سنوات أو أكثر، ويركز على منح شهادة جامعية عليا.
2.    التعليم المهني: يركز على الجانب العملي والتطبيقي، ويستغرق غالبًا مدة أقصر (من أشهر إلى ثلاث سنوات). وهو موجه لتأهيل الطالب مباشرة للعمل في مهنة محددة بعد التخرج.

وبينما يسعى التعليم الجامعي إلى إعداد باحثين وأكاديميين، فإن التعليم المهني يسعى إلى إعداد فنيين وحرفيين قادرين على الانخراط مباشرة في سوق العمل.

مستقبل التعليم المهني في الأردن

تغيرت النظرة المجتمعية في السنوات الأخيرة تجاه التعليم المهني. ففي الماضي، كان يُنظر إليه على أنه "خيار أقل" مقارنة بالجامعة. لكن اليوم ومع ارتفاع نسب البطالة بين حملة الشهادات الجامعية، ووجود نقص في العمالة الماهرة، بدأت هذه النظرة تتبدل.

مستقبل التعليم المهني في الأردن يبدو واعدًا لعدة أسباب:


1.    الحاجة إلى مهارات عملية: سوق العمل الأردني بحاجة دائمة إلى فنيين وحرفيين، من ميكانيكيي السيارات إلى خبراء الطاقة المتجددة.
2.    التحول نحو التكنولوجيا: مع التطور التكنولوجي، تزداد الحاجة إلى تخصصات مهنية مثل صيانة الأجهزة الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات.
3.    الاعتراف الإقليمي والدولي: بعض شهادات التعليم المهني الأردنية أصبحت معترفًا بها في الخارج، ما يمنح الخريجين فرصة للعمل في دول أخرى.
4.    الدعم الحكومي: هناك مبادرات رسمية لتعزيز مكانة التعليم المهني وتشجيع الطلبة على الالتحاق به، مثل إنشاء مراكز تدريب متخصصة وتقديم منح دراسية.

فرص العمل بعد التعليم المهني

واحدة من أبرز نقاط القوة التي تميز التعليم المهني هي فرص العمل بعد التعليم المهني، فعلى عكس بعض التخصصات الجامعية المشبعة، فإن خريجي التعليم المهني يجدون غالبًا طريقهم إلى سوق العمل بسرعة أكبر.


•    العمل الحر: يستطيع الفني أو الحرفي أن يفتح ورشته الخاصة في مجالات مثل النجارة، السباكة، أو تصليح السيارات.
•    القطاع الخاص: الشركات الأردنية، خاصة في مجالات الصناعة والخدمات، تبحث دائمًا عن كوادر مهنية مؤهلة.
•    القطاع الحكومي: هناك وظائف مخصصة للفنيين في الوزارات والدوائر الرسمية.
•    الفرص الخارجية: بعض المهن مثل الكهرباء والحدادة مطلوبة بشدة في دول الخليج، مما يمنح الخريج فرصة عمل إقليمية واسعة.

هذه الميزة تجعل التعليم المهني خيارًا جذابًا للشباب الذين يبحثون عن مستقبل مهني مضمون.

التحديات التي تواجه التعليم المهني
رغم المزايا العديدة، إلا أن التعليم المهني في الأردن لا يخلو من تحديات، منها:


•    النظرة المجتمعية السلبية: ما زال بعض الأهالي يفضلون توجيه أبنائهم إلى الجامعة بغض النظر عن قدراتهم أو ميولهم.
•    نقص التوعية: الكثير من الطلبة لا يعرفون تفاصيل التخصصات المهنية أو مزاياها.
•    ضعف بعض البنى التحتية: بعض المراكز تحتاج إلى تحديث المعدات والبرامج التدريبية.

ومع ذلك، فإن الجهود المبذولة حاليًا من الحكومة والقطاع الخاص كفيلة بتحسين هذه الجوانب.

لماذا التعليم المهني هو البديل الذكي؟
عندما نصف التعليم المهني بأنه البديل الذكي للجامعات، فإننا نشير إلى عدة عوامل عملية:


•    يقلل من نسب البطالة بين الشباب.
•    يختصر الوقت والتكاليف مقارنة بالتعليم الجامعي.
•    يفتح الباب أمام العمل الحر وريادة الأعمال.
•    يستجيب مباشرة لحاجات السوق، ما يعني أن فرص العمل أكثر واقعية.
•    يعزز الاقتصاد الوطني من خلال توفير كوادر مهنية بدلًا من استقدام عمالة أجنبية.

الخلاصة

التعليم لم يعد مجرد الحصول على شهادة جامعية، بل أصبح مسألة مرتبطة بالمهارات، والقدرة على مواجهة متطلبات العصر، ومن هنا يظهر التعليم المهني في الأردن كخيار ذكي وواعد، يفتح أمام الشباب أبوابًا جديدة نحو مستقبل مهني ناجح.

وبينما يظل التعليم الجامعي مهمًا في بعض المجالات، فإن الفرق بين التعليم المهني والجامعي يوضح أن لكل منهما مكانته، وأن التكامل بينهما هو الطريق الأمثل للنهوض بالمجتمع والاقتصاد، ومع تزايد فرص العمل بعد التعليم المهني وتنامي الاهتمام بـ تعليم الحرف والمهن، يبدو أن الأردن يسير في طريق صحيح نحو جعل التعليم المهني ركيزة أساسية في بناء المستقبل.

مواضيع قد تعجبك