*
السبت: 06 ديسمبر 2025
  • 20 أغسطس 2025
  • 18:04
الكاتب: الدكتور محمد احمد الطويسي

خبرني - في خطوة لافتة تحمل أبعاداً سياحية واقتصادية مهمة، وقع الأردن وروسيا اتفاقية تعفي مواطني البلدين من التأشيرة، وهذا يتيح لمواطني الدولتين الإقامة لمدة تصل إلى ثلاثين يوماً للزيارة الواحدة وبحد أقصى تسعين يوماً سنوياً، ان هذه الخطوة تمثل فرصة استراتيجية لإعادة توجيه السياحية الأردنية نحو أسواق جديدة وواعدة، وازالة واحدة من أبرز العقبات التي كانت تحد من تدفق السائح الروسي، سواء من حيث الوقت أو التكاليف، ومع كون روسيا واحدة من أكبر الأسواق المصدرة للسياحة عالمياً، يضع الاردن نفسة في موقع تنافسي جديد إلى جانب وجهات اخرى للسائح الروسي مثل تركيا ومصر والإمارات.

ورغم أهمية الاتفاق، فإنه يبقى غيركافي ما لم يترافق مع حلول جادة لمسألة الربط الجوي، ان عودة خط عمان- موسكو عبر "الملكية الأردنية" خطوة إيجابية، لكن السوق الروسية تحتاج إلى شبكة أوسع من الرحلات وبأسعار تنافسية، وقد أثبتت التجربة الأردنية مع أوروبا أن الطيران منخفض التكاليف والرحلات العارضة كان عاملاً حاسماً في زيادة أعداد السياح وإطالة مدة إقامتهم، وهو ما يجعل إدخال هذا النمط من الطيران إلى السوق الروسية ضرورة تمنح الأردن ميزة إضافية.

المقارنة مع المنافسين الإقليميين تظهر حجم التحدي والفرصة، حيث نجد ان تركيا، التي استقبلت نحو 5.2 مليون سائح روسي عام 2023، تتيح للسائح الروسي رحلة بلا تأشيرة مدعومة بشبكة واسعة من شركات الطيران الاقتصادي، في حين ان مصر، التي جذبت أكثر من 1.5 مليون سائح روسي في العام نفسه، توفر رحلات شاملة بأسعار منخفضة إلى وجهاتها الساحلية في شرم الشيخ والغردقة، أما الأردن فيمتلك تنوعاً سياحياً فريداً يجمع بين البتراء كواحدة من عجائب الدنيا السبع، ووادي رم كوجهة عالمية لصناعة الأفلام، والبحر الميت كأخفض نقطة على سطح الأرض ومقصد علاجي، والعقبة كبوابة بحرية على البحر الأحمر، غير أن التحدي يكمن في القدرة على ترجمة هذا التنوع إلى برامج سياحية متكاملة مرنة وطويلة قادرة على المنافسة الإقليمية وان تجد لها مكانا بين المنافسين على السياحة الروسية من حيث السعر وسهولة الوصول.

الاتفاق مع روسيا يمكن أن يشكل نموذجاً لتوجه أردني أشمل نحو أسواق جديدة مثل الصين والهند وماليزيا، وهي أسواق وضعتها وزارة السياحة ضمن أولوياتها، حيث ان الجمع بين إعفاءات التأشيرة والربط الجوي منخفض الكلفة قد يكون مفتاحاً لمضاعفة اعداد السياح بعيداً عن الاعتماد على أسواق محددة.

ومع ذلك، فإن نجاح الاتفاق الأردني - الروسي مرهون بقدرة الأردن على تحويل هذا الانفتاح الدبلوماسي إلى إنجاز سياحي واقتصادي ملموس من خلال الاستثمار في الطيران منخفض التكاليف ودعمة، وتصميم برامج سياحية خاصة تمتد لعدة أيام، إلى جانب تسويق ذكي يبرز عناصر التميز الأردني مقارنة بمنافسيه، فإذا ما تحقق ذلك، فإن إعفاء التأشيرة مع روسيا قد يتحول إلى نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة من الانتعاش السياحي تعزز مكانة الأردن على الخريطة العالمية وتضعه في موقع أكثر تنافسية في السباق الإقليمي.

 

مواضيع قد تعجبك