*
الاثنين: 22 ديسمبر 2025
  • 04 أغسطس 2025
  • 21:00
امتحان الأول ثانوي الوزاري خطوة نحو التخفيف من عبء التوجيهي
الكاتب: سهيل الصليبي

خبرني - في ظل التطوير المستمر الذي تشهده العملية التعليمية في الأردن، جاءت خطوة وزارة التربية والتعليم بإدراج امتحان الصف الأول الثانوي ضمن منظومة الامتحانات الوزارية كجزء من تقييم الثانوية العامة الممتدة على سنتين. هذه الخطوة ليست مجرد إجراء إداري، بل تمثل نقلة نوعية في التفكير التربوي، تهدف إلى توزيع الضغط الأكاديمي والنفسي على الطلبة، وإعادة تشكيل نظرة المجتمع نحو التوجيهي كمرحلة تعليمية لا كمصير حتمي.

الهدف الأساسي من هذا الامتحان هو تقييم مستوى الطلاب في نهاية المرحلة الثانوية وتحديد مدى استعدادهم للانتقال إلى مرحلة التعليم العالي أو التدريب المهني. كما يسعى إلى قياس مدى استيعاب الطلاب للمناهج الدراسية وتطبيقهم للمفاهيم والمهارات، وتوجيههم نحو المسارات التعليمية المناسبة لقدراتهم وميولهم، سواء كانت أكاديمية أو مهنية. ومن جهة أخرى، فإن هذا الامتحان يتيح فرصًا متساوية للطلبة من مختلف الخلفيات، ويساهم في تنظيم العملية التعليمية من خلال تغذية راجعة تساعد في تطوير المناهج.

ولكن رغم أهمية هذه الأهداف، فإن التفاعل المجتمعي والإعلامي مع الامتحان قد ينقله من كونه أداة تقييم إلى عبء نفسي كبير على الطلبة وأهاليهم. لذلك، يُقترح التعامل مع نتائج هذا الامتحان بطريقة هادئة، بحيث تُدرج العلامات في جدول الطالب المدرسي بشكل طبيعي، دون الإعلان عنها عبر منصات رسمية أو وسائل الإعلام، وكأنها جزء من الامتحانات الفصلية الاعتيادية. هذا الأسلوب يُسهم في كسر حدة القلق، ويمنح الطالب فرصة للتقييم دون شعور بأنه تحت مجهر المجتمع.

من الجوانب الإيجابية كذلك أن الطالب الذي يخفق في مادة ما في امتحان الصف الأول الثانوي، يمكنه معالجتها أو إعادتها ضمن مواد الصف الثاني الثانوي، مما يقلل الضغط ويمنحه وقتًا وفرصة إضافية للتحسن دون الشعور بالإخفاق أو التهديد المستمر بالفشل. فمهما كانت نتيجة الطالب، لا ينبغي أن تتحول إلى عبء مجتمعي يتبعه إلى الصف الثاني الثانوي.

ومع مرور السنوات، يمكن أن يصبح امتحان الثاني ثانوي نفسه امتحانًا طبيعيًا يصدر مع نتائجه دون ضجة، تمامًا كباقي صفوف المدرسة. من المهم التأكيد على أن امتحان الأول ثانوي ليس مرحلة تجريبية، بل هو جزء من التوجيهي موزع على سنتين، ويجب أن يُنظر إليه كفرصة لبناء تقييم واقعي متدرج، وليس كأداة للفرز أو الحُكم النهائي. كما أن تقليل التضخيم الإعلامي والاجتماعي للامتحان سيساعد على تخفيف الضغط عن الأسرة والطالب، ويدفع نحو بيئة تعليمية أكثر إنصافًا وهدوءًا.

وفي هذا السياق، تُشكر وزارة التربية والتعليم على هذه الخطوة المدروسة، والتي تعكس توجهًا نحو العدالة التربوية والتقييم المرحلي الذي يراعي الأبعاد النفسية والاجتماعية للطالب. فكثير من الدول أصبحت تتعامل مع امتحان الصف الثاني الثانوي كمرحلة تعليمية عادية، دون تضخيم إعلامي أو اجتماعي ينعكس سلبًا على الطالب وأسرته. وهذا ما نأمل أن نصل إليه في الأردن، حيث لا يكون امتحان الثانوية العامة ‘تحديد مصير’، بل مجرد محطة ضمن مسار تعليمي متكامل ومتدرج.

مواضيع قد تعجبك