*
الاحد: 14 ديسمبر 2025
  • 27 تموز 2025
  • 11:04
غزة في وجدان الأردنيين لا في شعاراتهم
الكاتب: زهير الشرمان

خبرني - منذ اندلاع الكارثة الانسانية في غزة برز الأردن  كأحد اكثر الداعمين ثباتا وفعالية للشعب الفلسطيني ،رغم محدودية الموارد والتحديات الداخلية الكبيرة اختار الاردن ان يشارك ما لديه لا لانه سهل بل لانه صواب.

الدعم الاردني لم يكن خطابا بل فعلا ،منذ الايام الاولى للعدوان سيرت عمان طائرات اغاثة اسقطت مساعدات فوق غزة المحاصرة كما انشأت مستشفياتها الميدانية داخل القطاع وعالجت الالاف من الجرحى في ظروف خطرة والفرق الطبية الاردنية تواصل التناوب بانتظام والامدادات تتدفق رغم المخاطر.

وعندما اغلقت المعابر فتح الاردن ابوابه وعندما نفدت مخازن الدواء والدقيق في غزة اقتطع الاردن من احتياطاته الاستراتيجية ليرسل ما تيسر لم تكن حملات استعراض بل جهود صامتة نابعة من قناعة عميقة ورابطة تاريخية تتجاوز السياسة.

ومع ذلك تظهر فئة محدودة عبر المنصات الرقمية تطلق سهام التشكيك وتتجاهل ما يبذله الاردن من تضحيات، تلك الاصوات رغم ضجيجها لا تعكس رأي الشعب الفلسطيني ولا تمثل الحقيقة على الارض انها اصوات مغرضة او جاهلة او مستفيدة من بث الفرقة ،لكن الحقيقة وان همست تبقى اقوى من الزيف.

وقوف الاردن مع غزة ليس وليد اللحظة بل هو امتداد لعقود من النضال المشترك والتقارب الثقافي والجغرافيا التي لا تفصل نسبة كبيرة من سكان الاردن ينحدرون من جذور فلسطينية وجع غزة يوجعهم واطفالها ليسوا ارقاما بل اهل ودم.

قد يتساءل البعض لماذا يهتم الاردن الى هذا الحد، الجواب لا يوجد في عناوين الاخبار بل في التاريخ وفي الافعال اليومية الهادئة التي لا تراها الكاميرات لان الاردن تقدم حين تأخر الاخرون وتحرك حين جمدت السياسات وبقي ثابتا حين تبلد الاحساس.

بهذا قدم الاردن درسا للعالم بان القيادة الحقيقية لا تقاس بالتصريحات بل بالرحمة والشجاعة والثبات على الموقف.

نعلم ان الالم تجاوز الحدود وان الظلم الواقع على اهل غزة لا يحتمله بشر وندرك ايضا ان ما يصلهم من دعم ليس بحجم الكارثة ولا بحجم الاحتياج لكن لماذا يحمل الاردن وحده هذا الوزر ،اليس الاردن خيطا في نسيج عربي واسع اليس سكانه البالغ عددهم اكثر من احد عشر مليون نسمة مجرد جزء صغير من امتداد اسلامي يتجاوز المليارين.

من اين جاءت هذه الرواية التي تجعل من الاردن وكأنه الجدار الوحيد المسؤول عن صد الظلم الواقع عن اهل غزة ولماذا تتكرر الاساءة من فئة لا تخدم القضية بل تسيء اليها وتخدم اطرافا اخرى تعرف تماما كيف توظف الغضب وتعيد توجيه البوصلة ،سبحان من جعل من مواقع التواصل الاجتماعي قدرة خارقة على النعيق بصوت عال دون تدقيق تختلط فيه العواطف بالحسابات وتنقلب فيه البوصلة احيانا الى الداخل بينما العدو ما زال يمعن في الحصار والقصف والتجويع.

الاردن لم يدع البطولة لكنه ايضا لا يستحق الطعن في الظهر انه يفعل ما يستطيع قدر طاقته ومقدرته ويفعل حين يكتفي الاخرون بالهتاف.
 

مواضيع قد تعجبك