*
الاربعاء: 17 ديسمبر 2025
  • 23 تموز 2025
  • 21:14
رؤية استراتيجية للنهوض بالقطاع العقاري الأردني
الكاتب: الدكتور غسان العذاربة

في خطوة لاقت ترحيبًا واسعًا في الأوساط العقارية والمهنية، كثّف مدير عام دائرة الأراضي والمساحة لقاءاته مع جمعية المقدّرين العقاريين والمكاتب العقارية والمساحين المرخّصين، في إطار مد جسور الشراكة المؤسسية وتعزيز التكامل بين الدائرة والقطاع الخاص المهني، في سبيل النهوض بالقطاع العقاري الأردني.

هذه اللقاءات لم تكن مجرّد مجاملات بروتوكولية، بل حملت في جوهرها إشارات استراتيجية ورسائل إصلاحية تعكس فهمًا عميقًا لأهمية التكامل بين القطاعين العام والخاص، خاصة في ظل التحديات المعقّدة التي تواجه السوق العقاري الأردني، والتي تتطلب حلولًا تشاركية قائمة على المعرفة والخبرة ، لا على الإجراءات وحدها.

القطاع العقاري الأردني بين التحدي والفرصة

إن السوق العقاري في الأردن يواجه في السنوات الأخيرة مجموعة من التحديات البنيوية، من أبرزها:

تراجع النشاط العقاري بفعل كلفة التمويل المرتفعة وارتفاع اسعار الاراضي والعقارات ومواد  الانشاءات والابنية .

الحاجة إلى تحديث في الانظمة الذكية ومواكبة تطورات عصر التقانة  وكما واضح على المستوى الاقليمي وبالذات في دول الخليج العربي التي قطعت شوطا كبيرا في دخول خضم التنافسية  للتقانة  الذكية في القطاع العقاري اضف الى ذلك دخول التشاركية العالمية  لتلك الدول مع مجلس معايير التقييم العالمي وذلك لتطبيق احدث المعايير في عمليات التقدير العقاري .

ضعف الثقة بين المستثمرين العقاريين والجهات التنظيمية. مع غياب الجهود العلمية والمنهجيات الدقيقة  التي تضمن كفاءة العاملين في الجوانب المهنية  العقارية .

وفي المقابل، يملك الأردن مخزونًا عقاريًا مؤهّلًا للنمو، وبيئة تشريعية قابلة للتطوير، وخبرات فنية في مجالات المساحة والتقدير والوساطة في الأصول العقارية، ما يجعل الاستثمار في إصلاح هذا القطاع فرصة استراتيجية للاقتصاد الوطني.

الشراكة المؤسسية: من التعاون إلى التمكين

ما ميّز اللقاءات الأخيرة هو تركيز المدير العام على الانتقال من مجرد التعاون الإداري إلى بناء شراكة مؤسسية استراتيجية مع:

جمعية المقدّرين العقاريين: باعتبارهم الذراع الفني الذي يعكس تقديرالقيمة السوقية للعقار، لاصحاب القرار والمهنيين في المجتمع الاردني  واصحاب المكاتب العقارية: باعتبارهم الحلقة الأهم في التواصل مع السوق والمستثمر والمواطن. والمساحين المرخّصين: كمفتاح للشفافية والدقة في التحديد المكاني والقانوني لأعمال المساحة وجوانبها الفنية .

 

 

هذه الشراكة تُعيد الاعتبار للجسم المهني، وتدفع نحو نموذج تشاركي قائم على الثقة، لا على السلطة فقط، ما من شأنه أن يُسرّع في تحديث التشريعات، وتطوير الأنظمة الإلكترونية، واعتماد خرائط القيمة المكانية، وتعزيز بيئة الاستثمار.

رؤية للنهوض: ماذا نحتاج أيضًا؟

إلى جانب هذه المبادرات النوعية، فإن النهوض بالقطاع العقاري الأردني يتطلب:

1-  ايجاد منصة وطنية  شاملة للسجل العقاري الوطني الموحد وربطه مع كافة الشركاء الاستراتيجين لتوفير قاعدة معاومات وطنية تخدم كافة الجهات المعنية على المستوي المحلي .

2- إصدار تعليمات ومنهجيات علمية مدروسة واضحة لاعتماد التقدير الفني المهني وإلزام المؤسسات باستخدامه.بالاضافة الى تشكيل لجان تؤسس لوضع الشروط والمنهجيات الدقيقة التي تسعى للنهوض بتلك المهن ومن منطلق المصلحة الوطنية العليا وان تكون تلك التوجهات تتماهى مع متطلبات عصر ثورة الذكاء الاصطناعي وأن لاتكون ذات نطاق ضيق يعتمد على التطور التقليدي الذي ينحصر على الاطر والتفكير الضيق وفي كافة المجالات 

3- تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مشروعات التطوير العقاري.لابل وفي كافة تلك المهن لما لها من دور هام في تطوير القطاع العقاري الاردني  ومساعدة المطورين والمستثمرين في دعم توجهاتم الاستثمارية في العقارات وفي كافة انحاء المملكة ,

5- توسيع برامج التدريب للمقدّرين والمساحين وفق معايير( IVS ) و(RICS ) الدولية .

كلمة أخيرة: الثقة أساس كل إصلاح

ما نشهده اليوم من انفتاح دائرة الأراضي والمساحة على الشراكات المهنية يمثل فرصة حقيقية لإعادة بناء الثقة في السوق العقاري، وتأسيس علاقة متوازنة بين الدولة والمجتمع المهني، حيث لا ينفرد أحد بالقرار، بل يكون القرار نتاج مشورة ومعرفة ومصلحة عامة.

نحيّي هذا التوجّه الذي يقوده المدير العام بحكمة واتزان، ونأمل أن تترجمه الأيام المقبلة إلى خطط تنفيذية، وتشريعات ناضجة، ومسارات مهنية مستدامة.

مواضيع قد تعجبك