خبرني - تُعد الشائعات وأشكال التضليل الإعلامي أحد أبرز التحديات التي تهدد استقرار المجتمعات وتماسكها، خصوصًا في ظل تنامي استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتراجع الوعي الإعلامي والنقدي لدى الأفراد. فما هي أسباب هشاشة المجتمع أمام الشائعات، و ما هي آثارها على البناء الاجتماعي والسياسي والثقافي، وهل هناك آليات فعّالة للتصدي لها وبناء مناعة مجتمعية معرفية؛ فقد أصبح العالم اليوم أكثر ترابطًا من أي وقت مضى، إلا أن هذا الترابط جاء على حساب زيادة سرعة انتشار المعلومات – سواء كانت صحيحة أم مضللة. وقد وجدت الشائعات بيئة خصبة في المجتمعات التي تعاني من هشاشة معرفية، أو ضعف في المناعة الإعلامية، ما جعلها عرضة للتأثر السريع بالمحتوى الكاذب أو المشوّه.
ومن أسباب هشاشة المجتمع أمام الشائعات والتضليل :
1. انخفاض الوعي الإعلامي
ضعف القدرة على تحليل مصادر الأخبار والتفريق بين الموثوق والمضلل.
2.غياب الشفافية الرسمية
عند غياب المعلومات الموثوقة من الجهات الرسمية، تتسع فجوة الشك، مما يهيئ بيئة خصبة للشائعات.
3.العوامل النفسية والاجتماعية
يميل الأفراد لتصديق المعلومات التي تتفق مع مشاعرهم ومخاوفهم، حتى إن كانت غير صحيحة.
4.الاستخدام المفرط وغير النقدي لوسائل التواصل الاجتماعي
تُستخدم هذه المنصات كأدوات لترويج التضليل بسرعة غير مسبوقة دون تحقق من صحة المحتوى.
أما عن الآثار المجتمعية للشائعات والتضليل:
1. تفكك النسيج الاجتماعي
تؤدي الشائعات إلى خلق انقسام في الرأي العام، وزيادة خطاب الكراهية وعدم الثقة بين الأفراد.
2. زعزعة الاستقرار السياسي
تُستغل الشائعات أحيانًا لتأجيج الاضطرابات أو التشكيك في مؤسسات الدولة.
3. التأثير على السلم والأمن المجتمعي
في حالات الطوارئ أو الأزمات (مثل الأوبئة أو الكوارث)، يمكن أن تؤدي الشائعات إلى قرارات خطيرة من الأفراد والمجتمعات.
وإليكم سُبل المواجهة وبناء المناعة المجتمعية
أولا ، تعزيز التربية الإعلامية
إدراج مفاهيم التفكير النقدي، والتحقق من المصادر ضمن المناهج التعليمية.
ثانيا، دور الإعلام المهني والمسؤول
المؤسسات الإعلامية مطالبة بتوفير محتوى موثوق وشفاف، ومكافحة الأخبار الكاذبة.
ثالثا، تشجيع الشفافية الحكومية
توفير المعلومات الدقيقة بشكل سريع يسد الفجوة أمام الشائعات.
رابعا، قوانين مكافحة المعلومات المضللة
سنّ تشريعات تجرّم نشر الأخبار الكاذبة مع ضمان عدم المساس بحرية التعبير.
خامسا، تمكين المجتمع المدني
من خلال حملات توعية وورش عمل تعزز الثقافة الرقمية والإعلامية لدى المواطنين.
وبهذا فإن هشاشة المجتمعات أمام الشائعات والتضليل تمثل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار والتنمية، خصوصًا في ظل العصر الرقمي الذي نعيش فيه حيث إن بناء مجتمع واعٍ، متماسك، وقادر على التمييز بين الحقيقة والزيف، يُعد من أبرز أولويات الأمن المعرفي والثقافي في الوقت الراهن.
مراجع
Silverman, C. (2015). Verification Handbook: An ultimate guideline on digital journalism.
Wardle, C., & Derakhshan, H. (2017). Information Disorder: Toward an interdisciplinary framework for research and policy making. Council of Europe.
اليونسكو (2020). التربية الإعلامية والمعلوماتية: منهاج تدريبي.
الدراسات المحلية حول تأثير الشائعات في الأردن (مركز الدراسات الاستراتيجية، الجامعة الأردنية).




