*
الاحد: 14 ديسمبر 2025
  • 19 تموز 2025
  • 08:14
مطالب دولية لوقف التصعيد العسكري الإسرائيلي في سوريا وعلى رأسهم روسيا

خبرني - في مشهد يعكس تصعيداً خطيراً في النزاع السوري، شهدت محافظة السويداء خلال الأيام الأخيرة انفجاراً مفاجئاً للعنف، وسط تقارير عن تدخلات عسكرية إقليمية وتحركات دولية متسارعة. ومع اتساع رقعة الاشتباكات بين جماعات مسلحة محلية والقوات الحكومية، دخلت إسرائيل على خط الأزمة عبر تنفيذ غارات جوية استهدفت مواقع داخل الأراضي السورية، بما في ذلك العاصمة دمشق، ما أثار موجة استنكار دولي متزايدة.

أحداث السويداء
شهد الجنوب السوري في الأيام الأخيرة انفجاراً أمنياً خطيراً، تمركز في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، حيث تصاعدت وتيرة العنف بشكل غير مسبوق. المنطقة التي كانت في السابق أكثر استقراراً نسبياً تحولت إلى بؤرة اشتباكات عنيفة بين عناصر من الجيش السوري ومجموعات محلية مسلحة، في ظل دخول عسكري مباشر من إسرائيل زاد من تعقيد الوضع.
الأحداث الأخيرة جاءت بعد شهور من التوترات الاجتماعية والأمنية، لتنفجر على خلفية حادث سرقة أعقبه سلسلة من عمليات الخطف المتبادل بين مكونات محلية من الطوائف الدرزية والبدوية. وسرعان ما تحوّلت هذه المواجهات إلى صراع مفتوح، أدى إلى سقوط العديد من الضحايا، وتفاقمت الأوضاع مع تدخل القوات الحكومية لمحاولة إعادة السيطرة، وسط اتهامات بارتكاب تجاوزات ميدانية وعمليات قتل طالت مدنيين.
في خضم هذه الفوضى، دخلت إسرائيل على خط النزاع، مبررة تدخلها العسكري بدوافع إنسانية لحماية الطائفة الدرزية، لتشن سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع عسكرية في السويداء. ولم تمضِ ساعات حتى وسّعت إسرائيل من ضرباتها، فقصفت مواقع استراتيجية في قلب العاصمة دمشق، بما في ذلك منشآت عسكرية ومواقع حساسة. وقد أعلنت السلطات الصحية السورية عن سقوط قتيل واحد وإصابة أكثر من 18 آخرين جراء هذه الضربات.

الإدانة الروسية
الحكومة الروسية كانت من أوائل من أدان هذا التحرك العسكري، واعتبرته خرقاً سافراً للسيادة السورية وللقانون الدولي. وجاءت هذه الإدانات بالتزامن مع تصريحات دبلوماسية روسية على مستوى الأمم المتحدة، وصفت فيها الضربات الإسرائيلية بأنها "غير مقبولة" و"مزعزعة للاستقرار". يأتي هذا التصعيد في وقت حساس تعيش فيه المنطقة حالة من التوتر المتصاعد، وسط مناشدات دولية بضرورة التهدئة واعتماد الحوار كسبيل وحيد للخروج من المأزق المتفاقم.
حيث أعربت وزارة الخارجية الروسية اليوم عن استنكارها للغارات الجوية التي شنتها إسرائيل على الأراضي السورية، مشيرة إلى أنها تمثل انتهاكًا لسيادة الدولة وللقواعد الدولية. وأوضح البيان أن "التجدد في العنف في سوريا يثير قلقًا كبيرًا".
واقترحت الوزارة أن "الطرف الروسي قد عبّر مرات عديدة عن قلقه من استخدام إسرائيل المفرط للقوة في سوريا. هذه الهجمات، التي تتعارض بشكل صارخ مع سيادة الدولة والقوانين الدولية، ينبغي أن تُدان بشدة". وأضافت: "نحن نؤمن بأن الحل يكمن في الحوار وتعزيز الوحدة الوطنية".
من جانبه، وصف فاسيلي نيبينزيا، المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، الضربات الإسرائيلية على سوريا بأنها "غير مقبولة" خلال تصريحاته للصحفيين يوم أمس، وذلك قبيل عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة القصف الإسرائيلي.
وفي ختام المشهد المعقّد، ترى المتخصصة في العلاقات الدولية والدبلوماسية الدكتورة سماهر الخطيب بأن ما يجري في السويداء كان متوقعاً بعد أحداث الساحل الدموية وتفجيرات كنيسة مار الياس في قلب العاصمة دمشق ما يعني بأن أحداث السويداء الأخيرة ليست مجرد تصعيد عابر، بل هي حلقة في سلسلة وجزء من مشروع أوسع يستهدف تفكيك البنية المجتمعية والوحدة الوطنية السورية تحت غطاء "الحماية الإنسانية". 
وتشير الخطيب إلى أن الساحة السورية اليوم أصبحت ميداناً لتجاذبات إقليمية ودولية مع تعدد الفواصل الداخلية والخارجية وباتت الجغرافية السورية برمتها كصندوق باندورا المعروف في الميثالوجيا الإغريقية وباتت الصراعات تُدار بوسائل غير مباشرة منها الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وأكدت الخطيب على أن إسرائيل تستثمر في هذه الصراعات وتؤجح الداخل وتقبله على بعضه البعض وتلعب دوراً محورياً في تأجيج التوتر بدعم أمريكي خفي، ضمن استراتيجية تهدف إلى تقويض استقرار البلاد واستثمار الهويات الطائفية كورقة نفوذ، وتشير الخطيب إلى أن إسرائيل تستخدم الفوضى الخلاقة للضغط على الدولة السورية والمجتمع الدولي على اعتبار أن هذه الفوضى أداة أميركية ناجحة لتعزيز هيمنتها على النظم الدولية خصوصاً في الشرق الأوسط باعتبارها منطقة حيوية للمصالح الأمريكية في مجال النفط والطاقة
وتضيف الخطيب أن المثير للجدل هو أن الدول التي خرجت ونددت بالقصف الإسرائيلي للعمق السوري لم تكن واشنطن أو دول الغرب التي تدعي دعمها لوحدة وسلامة الأراضي السورية، بل كانت روسيا التي يرى الغرب أن وجود قواعدها العسكرية في سوريا يهدد أمن واستقرار المنطقة التي في الواقع لم تشهد مثل هذه الانتهاكات عندما كانت موسكو حاضرة بكامل قوتها وكانت حينها بمثابة رمانة الميزان وخط التنسيق بين الأطراف لمنع مثل هذه التجاوزات، وسيكون من الحكمة أن يستغل الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع هذا التواجد لخلق نقطة نظام بين جميع الأطراف.

مواضيع قد تعجبك