خبرني - بعد قرار الحكومة حل المجالس البلدية، واللامركزية، وأمانة عمان. هل سنشهد تحديثا ينعكس على واقع هذه المجالس المحلية؟ والتي هي في صميم التحديث والتطوير، خصوصا أن الأردن شهد على مدى السنوات الأخيرة تطورات واضحة في بنية الإدارة المحلية، بعد إقرار قانوني اللامركزية والبلديات ، ودمجهما لاحقًا تحت إطار قانون الإدارة المحلية لعام 2021. رغم هذه الخطوة المهمة، لا تزال المجالس تواجه مجموعة من التحديات والتي تتلخص في: ضعف الصلاحيات الممنوحة لمجالس المحافظات بالمقارنة مع المجالس البلدية، ما أضعف تأثيرها التنموي، ومحدودية الموارد المالية واعتمادها على الموازنات المركزية، وتداخل الصلاحيات بين المجالس المنتخبة والجهات التنفيذية الحكومية، ما أضعف فعالية العمل المحلي، أما أمانة عمان الكبرى، فتتمتع بخصوصية تنظيمية وقانونية وتُدار بشكل أكثر مركزية، ما يمنحها مرونة في تنفيذ مشاريع كبيرة، لكنها تبقى بحاجة لتكامل أكبر مع المجالس المحلية.
ونحن نتحدث عن التحديث والتطوير لا بد أن نستحضر دور الأحزاب السياسية التي يجب أن تتمتع بحضور قوي في هذه العملية، وواقع المشاركة الحزبية فيها، فرغم النصوص القانونية التي تسمح للحزبيين بخوض الانتخابات المحلية، لا يزال حضور الأحزاب ضعيفًا في معظم المجالس. وما زال اللافت أنه يغلب على المجالس الطابع العشائري أو المحلي المستقل، دون برامج حزبية واضحة أو خطط تنموية مؤسسية. ما يطرح سؤال مهم، وهو لماذا هذا الغياب؟ وهل يرجع ذلك إلى ضعف ثقة المواطن بالأحزاب نتيجة التجارب السياسية السابقة، وانشغال الأحزاب بقضايا أخرى على حساب الشأن المحلي، وغياب التحفيز والدعم القانوني الكافي لترسيخ العمل الحزبي المحلي.
ولابد أن ننظر إلى الفرصة الكامنة، فالمجالس المحلية تشكل بيئة تدريب مثالية للأحزاب لبناء كوادر قادرة على التواصل مع الناس عمليًا، ومن شأن إدماج الأحزاب أن يُحدث نقلة نوعية نحو خطط تنموية واقعية مبنية على برامج لا على أشخاص.
وهذا يقودنا إلى سؤال آخر ما هو المطلوب للمستقبل؟ الذهاب إلى إصلاحات تشريعية، ومراجعة قانون الإدارة المحلية لزيادة الصلاحيات الفعلية للمجالس ، خاصة في مجال إعداد الخطط والموازنات، وإعادة النظر في علاقة المجالس مع المحافظ ومجالس التنفيذ لإزالة التضارب.
وهل يمكن دعم المشاركة السياسية؟ وذلك من خلال تخصيص مقاعد في المجالس للأحزاب أو تشجيع القوائم الحزبية في الانتخابات، وإطلاق برامج توعية سياسية على المستوى المحلي.
ولذلك لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار تطوير الكفاءات والخدمات، من خلال تدريب أعضاء المجالس على التخطيط المحلي والحوكمة الرشيدة، ودعم التحول الرقمي في البلديات لتعزيز الشفافية والخدمات الذكية.
أما بالنسبة لأمانة عمان الكبرى لابد من إعادة تعريف دور أمانة عمان ووضع رؤية واستراتيجية تتماشى مع التحدبث والتطوير، هل سنرى فتح قنوات تشاركية أكبر مع سكان العاصمة والمجالس المحلية ضمن حدودها، وتحديث التشريعات الخاصة بالأمانة لتتماشى مع فلسفة اللامركزية الجديدة.
في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تحتاج إلى الكثير من العمل، مازال الدور التنموي لهذه المجالس محدودا، أو معدوما، لا بد أن لا ننسى أن المجالس المحلية ليست مجرد هياكل انتخابية، بل هي القلب النابض للحياة المجتمعية. ومستقبلها مرهون بقدرتها على التحول من العمل الإجرائي إلى الفعل التنموي، عبر دمج الأحزاب، وتوسيع الصلاحيات، وتوفير الموارد. أما أمانة عمّان، فبقدر ما تمثل نموذجًا تنفيذيًا ناجحًا، فهي مطالبة بأن تكون جزءًا من فلسفة الحوكمة التشاركية لا بديلاً عنها.




