*
السبت: 20 ديسمبر 2025
  • 19 حزيران 2025
  • 17:51
ازدواجية المعايير الأوروبية دعوات إنسانية في غزّة ودعم لمنتهكي الإنسانية في السودان

خبرني - في الوقت الذي اعتاد به الشعب العربي على امتداد الوطن من محيطه لخليجه على ازدواجية المعايير الغربية بالتعامل مع قضاياه الوطنية والإنسانية والسياسية، لاتزال الدول الغربية وعلى رأسها الاتحاد الأوربي تسعى بكل جهدها لإثبات هذا النهج الظالم بسياساتها التي تغذيها المصالح السياسية، وتبتعد كل البعد عن أبسط حقوق الانسان في المنطقة العربية ودول العالم الثالث عموماً.
 وبطبيعة الحال، دفعت شعوب المنطقة وخاصة في فلسطين والعراق وسوريا والسودان وليبيا واليمن وغيرها من الدول ثمن هذا النهج الأوروبي مزدوج المعايير، والذي جعل من أخلاقيات السياسة والحرب والسلم ثوباً يحيكه الأوروبيين على مقاس مصالحهم وأطماعهم.

قطاع غزة والسودان.. مواقف أوروبية تطوّع الإنسانية حسب مصالحها
شهدت الأسابيع القليلة الماضية تغيرات ملحوظة في خطاب وسائل الإعلام الأوروبية وتحركات المسؤولين الأوربيين ومواقفهم من الصراع القائم في قطاع غزّة والجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني والأزمة الإنسانية الخطيرة التي تشهدها المنطقة.
فمع نهاية شهر أيار/مايو الماضي وبداية شهر حزيران بدأت تظهر للإعلام مواقف سياسية أوروبية تنتقد إسرائيل وتصف ما يجري في القطاع بأنه يرقى لمستوى الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
حيث اتهم مجلس أوربا في مايو الماضي، الحكومة الإسرائيلية بعدم احترام القانون الإنساني الدولي. وأكدت ساسكيا كلويت المقررة في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، أن ما يحدث في قطاع غزة «قد يرقى إلى مستوى تطهير عِرقي وإبادة جماعية». ووصفت «المجزرة التي تجري حالياً» بأنها «مأساة هائلة».
وتحدثت كلويت، عن «الحاجة العاجلة لإنهاء الأزمة الإنسانية المتعلقة بالنساء والأطفال والرهائن في غزة»، مؤكدة أنها «مأساة هائلة». كما تحدثت عن «حصار تام» مرتبط بمنع دخول «الإمدادات الإنسانية الأساسية للقطاع، منذ الثاني من مارس (آذار) الماضي»، وقالت: بأن «العقاب الجماعي وتجريد الفلسطينيين من الطابع الإنساني يجب أن ينتهيا على الفور».
وكانت السويد، وألمانيا، وفرنسا، قد صعّدت خلال الأسابيع الماضية، من انتقاد إسرائيل، مع تصاعد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، إلى جانب التصعيد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، على العكس من الخطاب القديم الذي كان دائماً ما يبرر تصعيد إسرائيل لهجماتها على القطاع. إضافة لذلك، هناك تجاهل أوروبي متعمد لكل الأزمات الإنسانية والحروب التي تعصف بشعوب دول أخرى في المنطقة كالسودان، مما يطرح إشارات استفهام كبيرة حول هذا الموضوع والهدف منه.

السودان يعاني إنسانياً والسياسة الأوروبية تزيد معاناته
بعد مرور أكثر من عام ونصف على التبرير الأوروبي المستمر لكل جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني والتي تصاعدت بشكل كبير منذ حرب أكتوبر 2023 وحتى اليوم، إلا أن التغييربالموقف الأوروبي بالمقارنة مع مواقفه من الأزمات الإنسانية المستمرة بدول عربية أخرى مثل السودان، يشير بوضوح إلى ازدواجية بالمعايير تنتهجها الحكومات الغربية تجاه القضايا الإنسانية بالمنطقة لتلبي مصالحها فقط.

وبحسب الباحث والخبير بالقضايا الدولية محمد حبيب الله، فإن إزدواجية المعايير في السياسة الأوروبية، والموقف الأوربي تجاه الصراع الدائر في السودان، لم يقف فقط عند حد تجاهل معاناة الشعب السوداني وأزماته الإنسانية والأمنية والمجاعات والتهجير، بل تجاوزه إلى تأييد ودعم الميليشيات المسلّحة الخارجة عن سيطرة الدولة كـ "الدعم السريع" والتي ترتكب انتهاكات وجرائم واسعة بحق الشعب السوداني وعاثت فساداً في البلاد ودمرتها، مما ساهم بشكل كبير بإطالة أمد الصراع وإحباط الحل السياسي.

دعم أوروبي منقطع النظير لميليشيا "الدعم السريع" عن طريق وسطاء
في سياق ذو صلة، أكد الخبير حبيب الله بأن الدعم الأوربي وخاصة الفرنسي للجماعات المسلحة في السودان، اتخذ عدةّ أشكال، حيث دعمت قوات "الدعم السريع" سياسياً بعدم ادانتها أو محاسبتها على جرائمها بحق الشعب السوداني بالتوازي مع تجاهل كل الانتهاكات التي ارتكبتها، مع حماية قادتها واحتضانهم واحتضان أموالهم، بالإضافة لدعم بعض الوجوه السياسية المقربة من الدعم السريع كعبدلله حمدوك وتنسيقياته.
أيضاً، بحسب حبيب الله، فإن قوات "الدعم السريع" تلقت دعماً غربياً مباشراً بأسلحة متطورة ونوعية، عبر وسطاء مثل الأوكران وبتنسيق فرنسي، وهذا ما أكده مسؤولون أوكران رسمياً، مما ساهم أيضاً بشكل كبير بتأجيج الصراع وتعميق معاناة الشعب السوداني، مما يعكس بشكل واضح النفاق الغربي في حماية الإنسانية.

مسؤول سوداني: كييف تدعم جماعات مسلحة متمردة بأفريقيا
في سياق متصل، أكد المسؤول بوزارة الخارجية السودانية محمد السر، في مقابلة مع قناة RT الروسية، تورط أوكرانيا بدعم المسلحين في السودان والصومال والنيجر وليبيا. وصرح السر، بأن "كييف تقوم بعمل قذر لصالح الدول الأوروبية. فهي تدعم منظمات مثل بوكو حرام وحركة الشباب في الصومال، والدعم السريع في السودان، وتزودها بطائرات مسيّرة بأسعار منخفضة للغاية".
وكان السر قد صرّح بوقت سابق، بأن أوكرانيا تزوّد الإرهابيين في السودان بطائرات بدون طيار وتساعدهم على ضرب البنية التحتية للبلاد. وقال: "بدأ الأوكرانيون بتقديم المساعدة لهذه المجموعة منذ حوالي 7-8 أشهر، وجاء تدخلهم بسبب صعوبة استخدام المتمردين لهذه التكنولوجيا بشكل مستقل."
وكان الممثل الخاص لأوكرانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا مكسيم صبح، قد قال في فبراير 2024 لـ"العربي الجديد"، بأن "بعض المواطنين الأوكرانيين يشاركون في الصراع بشكل منفرد بالسودان، إلى جانب قوات الدعم السريع. ومعظم المقاتلين الأوكران هم من المتخصصين التقنيين". وقبل صبح، كان المتحدث الرسمي باسم سلاح الجو الأوكراني إيليا يفلاش، كتب عبر صفحته على فيسبوك، بأن مدربي ومشغلي الطائرات بدون طيار من القوات المسلحة الأوكرانية يقدمون الدعم لـ"الدعم السريع". وبحسب يفلاش فإن: "كييف ملتزمة بأكثر من 30 عقدا عسكرياً في أفريقيا"
وكان موقع "إنتليجنس أونلاين" الذي يوثق عمل أجهزة الاستخبارات المحلية والأجنبية قد نشر تقريراً حول طلب المخابرات الأوكرانية المساعدة والدعم من فرنسا لمحاربة النفوذ الروسي المتنامي في أفريقيا وإسقاط الأنظمة الموالية لروسيا في القارة السمراء.
وكان تقرير سري صادر عن جهات أمنية أوكرانية، قد أشار إلى أن "هجمات الطائرات المسيّرة التي تشنها القوات الأوكرانية المتخصصة هي التي تُلحق الضرر الأكبر والرئيسي بقوات الجيش السوداني، وتُعيق تقدمها، وتحرم الجيش السوداني من المبادرة والعمليات الاستراتيجية النوعية، وتطيل أمد الحرب".
وكانت جمهوريتا مالي والنيجر التي تسعى فرنسا لاستعادة السيطرة عليهما قد أعلنتا في 4 و6 أغسطس الماضي، على التوالي، قطع العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا بسبب دعم الأخيرة للجماعات الإرهابية. وخاصة بعد إقرار المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية أندريه يوسوف حينها بضلوع أوكرانيا في هجوم أسفر عن مقتل جنود ماليين وبعض المدنيين. 
 

مواضيع قد تعجبك