*
الاثنين: 15 ديسمبر 2025
  • 18 حزيران 2025
  • 20:17
الملك في البرلمان الأوروبي صوت الضمير وسط صمت العالم
الكاتب: غيث القرالة

خبرني - في زمن تتراجع فيه الأصوات العاقلة أطل جلالة الملك عبدالله الثاني من على منبر البرلمان الأوروبي لا كمجرد زعيم إقليمي بل كصوت دولي يحمل ملامح الحكمة ويعيد تعريف الموقف الأخلاقي في عالم تطغى فيه الاصطفافات السياسية على المبادئ.

خطابه أمام ممثلي شعوب الاتحاد الأوروبي لم يكن مجرد كلمة بروتوكولية بل بيان سياسي وإنساني شامل يتقاطع فيه ثبات الموقف مع عمق الرؤية ويتجلى فيه الحضور الأردني كأحد آخر الأصوات المتوازنة في إقليم مضطرب.

أهمية الخطاب لا تنبع فقط من مضمونه بل من رمزيته السياسية فالوقوف أمام البرلمان الأوروبي وهو أكبر مؤسسة تمثيلية ديمقراطية في العالم  يعني أن رسالة الأردن ما تزال تحظى بالإنصات والاحترام رغم ضجيج الجغرافيا ومواردها المحدودة.

الملك بدأ كلمته من بوابة القيم المشتركة داعياً  الأوروبيين إلى ألا يسمحوا بانهيار المبادئ التي تأسست عليها حضارتهم: "الأمن الحقيقي لا يبنى بالسلاح بل بالقيم" قالها الملك بوضوح، في لحظة مراجعة ذاتية مطلوبة من الغرب تجاه ما يجري في الشرق الأوسط.

أما غزة فكانت في قلب المشهد. لم يجامل الملك أحداً  قالها بصراحةالعالم خذل غزة في هذه الجملة المكثفة وضع جلالته النقاط على حروف الخذلان الدولي الذي ما زال يسمح بمأساة إنسانية مفتوحة دون رادع.

وفي ذات السياق لم تكن هذه الصرخة موجهة فقط إلى الحكومات بل إلى الضمير العالمي الذي غابت عنه البوصلة فحين يقول الأردن بحجمه وعمقه الأخلاقي إن غزة تترك لمصيرها فهو لا يزايد بل يحذر.

في أكثر الملفات حساسية جدد الملك التأكيد على الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس رافضاً  محاولات تغيير الوضع القائم أو فرض الأمر الواقع بالقوة ومن على منصة أوروبية أوصل الأردن رسالته التاريخية حماية القدس ليست شأناً دينياً فقط بل ضمانة للاستقرار الإقليمي وواجب قانوني وأخلاقي على العالم احترامه.

الخطاب حمل تلميحاً ذكياً لا يمكن تجاهله الأردن يطالب شركاءه الأوروبيين بمواقف أكثر توازناً وإنصافاً دعاهم إلى رفض سياسة "الاستثناءات" في تطبيق القانون الدولي وإلى رفض الروايات التي تبرر الاحتلال وتحجّب المأساة.

علاوة على ذلك ربما يكمن سر تأثير الخطاب الملكي في اتساق الموقف الأردني على مر العقود لا يغير الأردن خطابه وفق الضغوط أو التحالفات الظرفية بل يتمسك بمنطق الدولة المتزنة الرافضة للعنف والمُطالبة بعدالة دولية شاملة وهذا الاتساق هو ما يمنح رسائله مصداقية تتجاوز حجم الجغرافيا.

مجمل القول ،،،في زمن الانقسام ما أحوج العالم إلى خطاب متزن شجاع، وأخلاقي... كما كان خطاب الملك.

مواضيع قد تعجبك