*
الاثنين: 15 ديسمبر 2025
  • 18 حزيران 2025
  • 11:37
تعافي أسواق الأسهم في مايو 2025 عوامل الانتعاش بعد اضطرابات أبريل

كان شهر مايو 2025 شهرًا حافلًا بالأحداث في سوق الأسهم العالمية، حيث اتسم بتطورات هامة في السياسة التجارية والبيانات الاقتصادية والتغيرات الجيوسياسية، وقد واصل سوق الأسهم اتجاهه الصعودي عقب الخسائر الكبيرة التي لحقت به في شهر أبريل، وقد عزز ذلك عوامل إيجابية مثل الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين واتفاقيات الاستثمار في الشرق الأوسط.

أظهر مؤشرا ناسداك 100 وستاندرد آند بورز 500 في سوق تداول الأسهم انعكاسات مؤكدة في الاتجاه إلى الصعود، وعلى مدار السنوات العشر الماضية، حقق مؤشر ناسداك 100 عائدًا بلغ حوالي 397% (بمتوسط ​​40% سنويًا) بينما حقق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 عائدًا بلغ حوالي 170% (بمتوسط ​​17.02% سنويًا)، ويُعتبر السوق الأمريكي الأكثر ثباتًا في العائدات على مدار العقد الماضي، كما يضم العديد من الشركات عالية النمو ذات المحركات القوية، لا سيما في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والعلامات التجارية الكبرى التقليدية.

ما العوامل التي عززت أداء الأسهم في شهر مايو؟

شهد الشهر تقدمًا في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث اتفق الطرفان على تخفيض مؤقت للرسوم الجمركية لمدة 90 يومًا في منتصف مايو تقريبًا، لتُخفض الولايات المتحدة رسومها الجمركية علي السلع الصينية من 145% إلي 30%، اعتبارًا من 14 مايو، بينما تُخفض الصين رسومها الجمركية علي السلع الأمريكية من 125% إلي 10% خلال الفترة نفسها، مع استمرار المحادثات حتى 12 أغسطس، وقد أدت هذه الهدنة التجارية إلى تفاعل إيجابي في الأسواق المالية.

ومع ذلك، تأثرت الأسواق بالتهديدات بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الاتحاد الأوروبي بداية في 1 يونيو، وقد أدى هذا إلى تراجع في السوق، ولكن تم تمديد الموعد النهائي لاحقًا إلى 9 يوليو بما يتوافق مع شروط التفاوض الحالية، مما يسمح باستمرار المحادثات.

أسفرت زيارة الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط في منتصف مايو عن نتائج مهمة، لا سيما لقطاع التكنولوجيا، حيث التزمت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر بالاستثمار في الولايات المتحدة مقابل شراء رقاقات الذكاء الاصطناعي من شركات أمريكية مثل إنفيديا، تخطط المملكة العربية السعودية لبناء 1000 ميجاوات من سعة مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، مع التزام شركة Humane وهي إحدى شركات الذكاء الاصطناعي التابعة لها، بشراء 18000 وحدة معالجة رسومية أولية، وربما مئات الآلاف على مدى خمس سنوات، إلى جانب التزام باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، تخطط الإمارات العربية المتحدة لإنشاء مجمع للذكاء الاصطناعي بسعة 5 جيجاوات وهو الأكبر خارج الولايات المتحدة، ووقعت اتفاقيات بقيمة 1.2 تريليون دولار في التبادل الاقتصادي بما في ذلك استيراد 500000 وحدة معالجة رسومية سنويًا، مما يعود بالنفع على شركات التصنيع الأمريكية العملاقة مثل مايكروسوفت وأمازون وجوجل، من المتوقع أن توفر هذه الصفقات إيرادات إضافية لشركات مثل إنفيديا وأيه إم دي اللتين أبرمتا أيضًا صفقات، إلى جانب رقائق الذكاء الاصطناعي، سجّلت هذه الدول أيضًا أكبر طلبيات على الإطلاق من طائرات بوينغ والتزامات كبيرة بمبيعات الأسلحة.

على صعيد البيانات الاقتصادية اتجهت بيانات مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار المنتجين نحو الانخفاض، وهو أمر إيجابي لسوق الأسهم، ومع ذلك، تشير تقارير الوظائف القوية إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يكون أكثر صبرًا تجاه تخفيضات أسعار الفائدة، مما قد يؤجل التخفيض الأول حتى سبتمبر تقريبًا، تشمل صلاحيات الاحتياطي الفيدرالي المزدوجة استقرار الأسعار وتحقيق أقصى قدر من التوظيف.

تحذيرات من أن هناك تصحيح آخر في سوق الأسهم بنسبة 20% هذا الصيف

في حين تعافى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 من انخفاضه السابق على خلفية أنباء عن محادثات تجارية مع الصين والاتحاد الأوروبي، إلا أن تراجعًا حادًا آخر وارد، حيث يرى بعض خبراء السوق حالة من "التشاؤم في يونيو" تلوح في الأفق.

يشعر البعض بالقلق إزاء تقييمات مؤشر ستاندرد آند بورز 500، ولا يعتقدوا أن ارتفاع سوق الأسهم الحالي مستدام، حيث عادت التقييمات إلى مستويات ما قبل يوم التحرير، إلا أن تقديرات الأرباح انخفضت وارتفعت معدلات الرسوم الجمركية، ومع تداول مؤشر ستاندرد آند بورز 500 فوق 5900 نقطة عند مضاعف أرباح 23 مرة فإن الأسهم بالتأكيد ليست رخيصة.

يقول أحد المحللين: "حتى قبل يوم التحرير كانت السوق ذات قيمة عالية جدًا، ولقد عادت التقييمات إلى ما كانت عليه قبل يوم التحرير، فالسوق حاليًا أقل ببضع نقاط مئوية فقط من أعلى مستوياته، لكن الجميع تقريبًا خفضوا تقديراتهم لأرباحهم لهذا العام ببضع نقاط مئوية على الأقل"، من المتوقع أن تبلغ الرسوم الجمركية 14% في المتوسط ​​وهي نسبة أعلى بكثير من معدل 2.5% في بداية العام، ومع ارتفاع معدلات الرسوم الجمركية وعدم اليقين الاقتصادي، إلى جانب انخفاض الأرباح، لا نعتقد أن التقييم المرتفع لمؤشر ستاندرد آند بورز قابل للاستمرار.

تُعيق توقعات أسعار الفائدة أيضًا ارتفاع سوق الأسهم، ويشعر الكثيرون في وول ستريت بالقلق من ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية استجابةً لعجز الموازنة الأمريكية المتزايد والتخفيض الأخير لتصنيف الدين الأمريكي وهو تطور قد يُنذر بالركود التضخمي، ومع تضرر العلاقات الدولية من جراء الحرب التجارية وخاصةً مع الدول التي دأبت على شراء سندات الخزانة الأمريكية، من المرجح أن هناك مجالًا للارتفاع في أسعار الفائدة.

تعتبر التجارة والطلب على سندات الخزانة متلازمان، فإذا انخفضت التجارة سينخفض ​​الطلب على سندات الخزانة، وإذا كنا سنُقلل التجارة فعلينا إيجاد طريقة لحث الأمريكيين على شراء سندات الخزانة، وقد يتطلب ذلك عائدًا أعلى.

احتمالات صعود محدودة

لا يُحذر الخبراء فقط من التصحيح على المدى القريب، بل يعتقدون أيضًا أن مكاسب مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ستكون محدودة لهذا العام، ويروا أن السوق يُتداول عند تقييمات أقرب إلى توقعات نهاية العام.

يقول أحد الخبراء: "مؤشر ستاندرد آند بورز مُبالغ فيه"، لقد حققنا بالفعل أهدافنا لنهاية العام في مايو، ولا ينبغي للمستثمرين أن يعلقوا آمالًا كبيرة على ارتفاع الأسعار، وصرح بأنه إذا سارت الأمور على ما يرام بنهاية العام، أي أن نمو الأرباح قوي وأن عائد سندات الخزانة الأمريكية لعشر سنوات يبقى أقل من 4.5%، فيمكن للمستثمرين توقع أن ينهي مؤشر ستاندرد آند بورز 500 العام عند مستوى يتراوح بين 5800 و 6000 نقطة، وأضاف: "سيختبر الصيف بعض المجالات التي كان فيها مؤشر ستاندرد آند بورز سابقًا، وسيرى ما إذا كان المستثمرون لا يزالون واثقين من آفاق الاقتصاد".

كيفية الاستعداد؟

لن تتلاشى تقلبات سوق الأسهم بين عشية وضحاها، ولذلك يحتاج المستثمرون إلى خطة طويلة الأجل.

في ضوء تقلبات التعريفات الجمركية، يُركز المحللون على قطاعات السلع الاستهلاكية التقديرية والسلع الاستهلاكية الأساسية والطاقة والصناعات والمواد الخام، إذ يعتقد أن هذه القطاعات ستكون الأكثر تضررًا.

في الواقع لم تُطبق هذه التعريفات الجمركية فعليًا بعد، وسنرى إلى أي مدى ستحاول الشركات تعويضها وما مقدار ما ستنقله إلى المستهلكين وكيف سيتفاعلون مع ذلك، ولكننا نحتاج إلى ستة أشهر على الأقل لمعرفة حقيقة التضخم وتكلفة السلع لدى كبار تجار التجزئة في الأشهر المقبلة.

قد يبرز قطاع التكنولوجيا كنقطة مضيئة في الاقتصاد، حيث يتوقع المحللون أن يكون القطاع أقل تأثرًا بأسعار الفائدة من قطاعات أخرى في سوق الأسهم والاستثمارات العقارية، يمكن للمستثمرين زيادة استثماراتهم في سوق الأسهم من خلال صناديق الاستثمار المتداولة.

الفرص والمخاطر المحتملة:

على الرغم من وجود الفرص، إلا أن بعض المخاطر لا تزال قائمة:

المخاطر:

- اتجاه التضخم: من المتوقع أن تكون الرسوم الجمركية تضخمية، تُعدُّ مراقبة التضخم العالمي وخاصةً في الولايات المتحدة، أمرًا بالغ الأهمية لمعرفة ما إذا كانت الرسوم الجمركية تُسبِّب ارتفاعاتٍ حادةً، مما قد يؤثر على قرارات الاحتياطي الفيدرالي.

- التوتر الجيوسياسي: قد تنهار مفاوضات التجارة الجارية مما قد يؤدي إلى ردود فعلٍ انتقامية، لطالما ردّت الصين باستخدام مواد أرضية نادرة وزيادة الرسوم الجمركية على المنتجات الزراعية الأمريكية، قد تُسبب الإجراءات غير الجمركية مثل ضوابط التصدير (مثلاً، على رقائق إنفيديا إلى الصين) والتحقيقات، اضطرابات في سلسلة التوريد، وقد لوحظت تحذيرات من وجود رفوف فارغة في الولايات المتحدة بسبب الاضطرابات المحتملة، كما يُشكل الرد المحتمل على الخدمات الرقمية أو المالية الأمريكية من قِبَل دول أخرى خطراً قائماً، لا تزال محادثات الحرب بين أوكرانيا وروسيا متوقفة، حيث تزيد أوروبا ميزانياتها الدفاعية جزئياً بسبب عدم اليقين بشأن التزامات الولايات المتحدة مثل احتمالات انسحاب الناتو، كما تُفاقم التهديدات بفرض رسوم جمركية ثانوية على الدول التي تشتري النفط الروسي (مثل الصين والهند وتركيا)، التوتر.

- تباطؤ النمو العالمي: قد يُبطئ عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية والتوترات الجيوسياسية نمو الاقتصاد العالمي، وقد خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وقد يُقلل التباطؤ العالمي من إنفاق المستهلكين، الأمر الذي يدفع الشركات إلى خفض توقعات أرباحها مما قد يؤثر سلباً على أسعار الأسهم.

- الحرب التكنولوجية الأمريكية الصينية: يُثير سعي الصين لتحقيق الاكتفاء الذاتي في أشباه الموصلات والتكنولوجيا، بموجب خطتها "صُنع في الصين 2025"، قلقًا بشأن نمو التكنولوجيا الأمريكية، وقد تُفاقم الإنجازات التي تُحققها شركات صينية مثل هواوي أو SMIC في تكنولوجيا الرقائق، تقلبات أسهم أشباه الموصلات الأمريكية، وتُثير مخاوف بشأن هيمنة التكنولوجيا الأمريكية.

- قوة الدولار: يُمكن أن يُؤدي ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي إلى ارتفاع تكلفة الصادرات الأمريكية، مما قد يؤثر سلبًا على إيرادات الشركات الأمريكية ذات التعرض الأجنبي الكبير عند تحويلها إلى الدولار الأمريكي.

- التقييمات المرتفعة: وصلت بعض أسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي إلى مستويات تقييم مبالغ فيها، مما يجعلها أكثر عرضة للتصحيحات خلال فترات عدم اليقين.

الفرص:

- تهدئة الحرب التجارية: يُوفر استعداد الولايات المتحدة والصين وأوروبا للحوار بعض الاستقرار، ويمكن أن تُؤدي النتائج الإيجابية للمفاوضات إلى ردود فعل إيجابية في السوق.

- أرباح قوية في مجال التكنولوجيا وطلب على الذكاء الاصطناعي: تُشير الأرباح الأخيرة لشركات مثل مايكروسوفت وميتا إلى أن الطلب على الذكاء الاصطناعي لا يزال قويًا، حيث لا تزال الشركات تعاني من نقص في سعة مراكز البيانات وتخطط لنفقات رأسمالية كبيرة، تؤكد صفقات البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط ارتفاع الطلب، وتوفر مصادر إيرادات جديدة لشركات الذكاء الاصطناعي مثل إنفيديا وبرودكوم.

- تمديد محتمل لتخفيض الضرائب: قد تُشكّل التكهنات حول تمديد محتمل لتخفيض الضرائب في يوليو حافزًا إيجابيًا للسوق.

- القطاعات الدفاعية والأقل تأثرًا: قد توجد فرص في القطاعات الأقل تأثرًا بالرسوم الجمركية والإجراءات الانتقامية، ومن الأمثلة على ذلك:

1 .شركات البرمجيات: أقل تأثرًا بفضل تقديم الخدمات عبر الإنترنت.

2 .الأمن السيبراني: طلب مرتفع نظرًا للتوترات الجيوسياسية وزيادة تخزين البيانات عبر الإنترنت.

3 .الإعلان الرقمي: يُعتبر اتجاهًا أساسيًا.

4 .أسهم السلع الاستهلاكية الأساسية: الشركات التي تُركز على الإيرادات المحلية تُعدّ أكثر أمانًا من الإجراءات الانتقامية الدولية.

5 .الشركات ذات مصادر الاستيراد المتنوعة: أقل اعتمادًا على الدول المتأثرة بالرسوم الجمركية المرتفعة.

في الختام:

على الرغم من استمرار المخاطر الكلية وخاصةً تلك المتعلقة بالتوترات التجارية والنمو العالمي، تظهر فرص واعدة مدفوعةً بالتطورات الإيجابية في محادثات التجارة والطلب القوي على الذكاء الاصطناعي والسياسات المالية المحتملة، ينبغي على المستثمرين توخي الحذر ومراقبة مستويات الدعم الرئيسية والتركيز على الشركات القوية أساسًا، والتفكير في تنويع استثماراتهم عبر القطاعات الأقل تأثرًا بحالة عدم اليقين التجاري الحالية.

مواضيع قد تعجبك