*
السبت: 13 ديسمبر 2025
  • 02 حزيران 2025
  • 19:36
نشر الفكر القانوني أساس بناء مجتمع واعٍ ومتحضر
الكاتب: المحامي المتدرب ليث عياد

خبرني - في خضم عالم يشهد تحولات متسارعة وتحديات متزايدة، تجاوز الوعي القانوني كونه مجرد رفاهية ثقافية أو تخصصًا حصريًا على أهل القانون، ليصبح ضرورة مجتمعية جوهرية تمس حياة كل فرد، بغض النظر عن موقعه، مهنته، أو خلفيته العلمية.
إن نشر الفكر القانوني يمثل الركيزة الأساسية لتشييد مجتمع قوامه احترام الحقوق وأداء الواجبات، مجتمع يؤمن بسيادة القانون لا الأهواء. فكلما ارتقى وعي الأفراد بالقوانين المنظمة لحياتهم، تقلصت التجاوزات، وتضاءلت النزاعات، وتعززت قيم العدل والمساءلة.
أولاً: دواعي الحاجة إلى نشر الفكر القانوني
تتجلى أهمية نشر الفكر القانوني في كونه يلامس شتى جوانب حياتنا اليومية:
من عقود العمل والإيجار،
إلى المعاملات التجارية،
ومن منصات التواصل الاجتماعي
إلى قضايا الأحوال الشخصية.
صحيح أن الجهل بالقانون لا يعفي من المسؤولية، إلا أنه غالبًا ما يدفع الأفراد إلى الوقوع في أخطاء جسيمة، سواء عن حسن نية أو نتيجة للإهمال المتعمد. وللأسف، لا يزال الكثيرون يتعاملون مع القوانين وكأنها "لغز خاص" يجب تركه للمختصين من محامين وقضاة، في حين أن إلمامهم بأساسيات القانون كفيل بحمايتهم من الاستغلال، أو الظلم، أو حتى الخطأ غير المقصود.
ثانياً: مسؤولية نشر الفكر القانوني
إن مسؤولية نشر الفكر القانوني هي مسؤولية مشتركة تتوزع على عدة جهات:
المؤسسات التعليمية: يقع عليها عبء تدريس مبادئ القانون في المراحل التعليمية الأساسية.
وسائل الإعلام: يجب عليها تقديم الثقافة القانونية بأسلوب مبسط وواضح للعموم.
رجال القانون: يتحملون واجب تبسيط المفاهيم القانونية وشرحها للمجتمع، بدلًا من حصرها في أروقة المحاكم والكتب الأكاديمية المتخصصة.
ثالثاً: آثار نشر الفكر القانوني
يترتب على نشر الفكر القانوني آثار إيجابية جمة على المجتمع:
الحد من المنازعات القضائية: ينشأ الكثير من النزاعات القانونية نتيجة للجهل بالقانون.
تعزيز دولة القانون: يسود مبدأ المساواة أمام القانون، ويدرك كل فرد حقوقه وواجباته وحدوده بوضوح.
رفع مستوى المشاركة المدنية: المواطن الواعي بحقوقه وواجباته القانونية يشارك في الحياة العامة بثقة ومسؤولية أكبر.
إن نشر الفكر القانوني ليس خيارًا مطروحًا، بل هو واجب ملح في عصر تتشابك فيه العلاقات وتتعدد فيه الحقوق والواجبات. فنهضة المجتمعات لا تقوم على القوة أو الثروة فحسب، بل على الوعي والمعرفة، وفي مقدمة ذلك الوعي القانوني. ولن يتحقق هذا الهدف المنشود إلا بتحويل القانون من نص جامد إلى ثقافة حية، تُدرس وتُنشر وتُمارس يوميًا، في البيت والمدرسة، وفي وسائل الإعلام والمجتمع بأسره.

مواضيع قد تعجبك