يُعد موضوع إزالة الشيوع أحد المسائل القانونية ذات الأبعاد الإجرائية والدستورية المهمة، لا سيما بعد صدور قانون الملكية العقارية رقم (13) لسنة 2019، الذي نقل اختصاص إزالة الشيوع من المحاكم النظامية إلى دائرة الأراضي والمساحة، ما أحدث تحولًا من مسار قضائي إلى مسار إداري تنفيذي.
في المسار القضائي، كانت إزالة الشيوع تتم أمام جهة قضائية مستقلة، استنادًا إلى قانون أصول المحاكمات المدنية والتشريعات ذات العلاقة، بينما أصبح الأمر يُعالج حاليًا إداريًا وفقًا للمواد (94–120) من قانون الملكية العقارية، وبموجب تعليمات تصدر عن دائرة الأراضي والمساحة.
من حيث الضمانات الإجرائية، يتميز المسار القضائي بتوافر عناصر المحاكمة العادلة، كالحق في الدفاع، وحق المناقشة، والطعن، والاستئناف، وعلنية الجلسات، وحضور المحامين والخبراء، وهو ما لا يتوفر بنفس المستوى في المسار الإداري، الذي يعتمد على تعليمات إدارية داخلية قد تفتقر إلى الشفافية، وتمنح سلطات تقديرية واسعة للموظفين.
وفيما يتعلق بـالمدة الزمنية، فإن المسار القضائي غالبًا ما يتسم بالطول والتعقيد، وقد تستغرق إجراءات الدعوى سنوات، في حين أن المسار الإداري، رغم تباينه من حالة لأخرى، يُعد أسرع نسبيًا، وغالبًا لا يتجاوز ثلاث سنوات كحد أقصى.
أما من حيث الكلفة المادية، فإن المسار القضائي يتطلب دفع رسوم مرتفعة، إضافة إلى أتعاب المحامين والخبراء، بينما يُعتبر المسار الإداري أقل كلفة من هذه الناحية، ما يجعله أكثر سهولة للمتقاضين من الناحية الاقتصادية.
من ناحية الإجراءات، يتسم المسار القضائي بالتفصيل والدقة ولكنه يحمل قدرًا من التعقيد، بينما يتميز المسار الإداري بالبساطة والسرعة، وهي من أبرز نقاط قوته، ولكن ذلك يكون أحيانًا على حساب العدالة الإجرائية، إذ أن القرار فيه يصدر عن لجان إدارية تخضع لاجتهاد الموظفين، بخلاف المسار القضائي الذي يضمن صدور الحكم من قاضٍ محايد وفق قواعد موضوعية.
وفيما يخص الرقابة والطعن، فإن المسار القضائي يتيح درجات تقاضٍ متعددة، بما يضمن رقابة قضائية شاملة، بينما المسار الإداري يُجيز الطعن أمام محكمة البداية فقط، ما يثير تساؤلات دستورية تتعلق بحق المتقاضي في القاضي الطبيعي والرقابة على الإدارة العامة، لا سيما وأن محكمة العدل العليا – باعتبارها المختصة بالنظر في الطعون الإدارية – قد جرى استبعادها من هذا السياق.
وبناءً على ما تقدم، يمكن القول إن النظام القضائي يوفر حماية قانونية أوسع وضمانات دستورية أقوى، رغم بطئه وكلفته، بينما يتميز النظام الإداري بالمرونة والسرعة، ولكن مع محدودية في الضمانات وانخفاض مستوى الرقابة، ما يستدعي إعادة النظر في بعض النصوص القانونية، وخصوصًا ما يتعلق بإسناد اختصاص الرقابة على قرارات اللجان الإدارية إلى جهة قضائية متخصصة إدارياً، تعزيزًا لسيادة القانون والشرعية الدستورية.




