في مثال آخر، رصدت بي بي سي سيلاً من المنشورات الطائفية على منصة إكس تحتوي على سرديات تحريضية، بالتزامن مع أحداث العنف التي شهدتها مدينة جرمانا في ريف دمشق خلال أبريل/نيسان الماضي.

وتعود جذور التصعيد إلى تسجيل صوتي مفبرك، نُسب لأحد مشايخ الطائفة الدرزية في سوريا، تضمن إساءات للنبي محمد، ما تسبب في اندلاع اشتباكات عنيفة، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.

وقد نُسب التسجيل للشيخ مروان كيوان، الذي نفى بشكل قاطع علاقته به، مؤكداً أن الهدف من نشره هو زرع الفتنة بين مكونات المجتمع السوري، وهو ما أكدته أيضاً وزارة الدفاع السورية، مشيرة إلى أن التسجيل لا يعود له وأنه مزور.

وفي حديثه لبي بي سي، يرى الشيخ مروان أن التسجيل المفبرك الذي نسب إليه كان لتبرير "إبادة الشعب الدرزي، بعد الانتهاكات التي واجهها الشعب العلوي"، حسب وصفه.

وقد كشف تحقيق لبي بي سي عن انتشار دعوات للقتل وخطابات كراهية عبر منصات التواصل خلال أحداث العنف في جرمانا، نُشرت بداية من حسابات داخل سوريا، ثم أُعيد ترويجها من حسابات في دول أخرى، منها العراق والسعودية.

 

"استقطاب شديد"

وفي حديثه لبي بي سي، وصف رسلان تراد، الباحث في مختبر أبحاث الأدلة الرقمية (DFRLab)، النقاشات على وسائل التواصل الاجتماعي حول سوريا بأنها "بيئة معقدة، مجزأة، وذات استقطاب شديد"، مشيراً للانقسامات العميقة القائمة على أسس طائفية وسياسية وإقليمية.

وأضاف أنه مع سقوط النظام السوري السابق، تصاعدت السرديات المتنافسة حول مستقبل البلاد، حيث يسعى المستخدمون إلى "تضخيم أجنداتهم الخاصة" على منصات التواصل، لا سيما على منصة إكس التي تشهد تصاعداً في الخطاب الطائفي، حيث يُعاد "تأطير النقاشات حول المكونات الدينية والطائفية بطرق تقسيمية وتحريضية، ما يعكس توتراً مجتمعياً متجذراً".

وقال تراد إن هناك دلائلَ تُشير إلى حملات تضليل طائفية منسقة عديدة تخدم أجندات إيرانية وإسرائيلية. وإن هناك حسابات يُعتقد أنها تُدار من تركيا والإمارات والسعودية ومصر، منخرطة في التأجيج الطائفي، إلى جانب وجود نشاط لافت للحسابات الروسية في هذا المجال.

وأكد تراد أن أعمال العنف الأخيرة، بما فيها الهجمات على الدروز والعلويين، تهيمن على الخطاب الرقمي، وغالباً ما تُؤطَّر طائفياً، ما يعزز من الدعوات للحكم اللامركزي وحماية الأقليات، في مواجهة خطاب حكومي يدعو للوحدة الوطنية وينكر الانقسامات.