*
الثلاثاء: 13 أيار 2025
  • 07 أيار 2025
  • 19:34
لماذا نؤجل اعمالنا رغم معرفتنا  بضروة انجازها
الكاتب: الدكتورة مرام بني مصطفى

احمد طالبًا في كلية الهندسة، لكنه كان يؤجل واجباته دائمًا ويقول: “سأفعلها غدًا”. في بداية العام الدراسي، وعد نفسه أن يكون جادًا، لكنه سرعان ما عاد لعادته القديمة في الكسل و المماطلة والخروج مع الأصدقاء وغيرها.

اقترب موعد تسليم مشروع مهم، وكان أمامه أسبوع كامل، لكنه ظل يؤجل العمل يومًا بعد يوم. وفي الليلة الأخيرة، جلس مرتبكًا يحاول إنجاز كل شيء، لكنه لم يستطع. قدّم مشروعًا ناقصًا، ونال درجة منخفضة.
شعر احمد بالندم، .  أدرك أن الفرص لا تنتظر المتكاسلين.
في لحظة التأجيل، نشعر بلذة الراحة العابرة حين نؤجّل مهمة مزعجة، إذ تنخفض الضغوط مؤقتًا ويخفت صوت الندم، لكن سرعان ما يعود الشعور بالذنب والقلق ويتضخم مع اقتراب المواعيد النهائية، كما أظهرت دراستان طويلتا الأمد على طلاب الجامعات أن الطلاب المماطلين أبلغوا عن توتر ووعكات صحية أقلّ في بداية الفصل، لكنهم عانوا من مستويات أعلى من التوتر والأمراض مع اقتراب الامتحانات، وحصلوا إجمالاً على درجات أقل  .

ومع أن بعض الأشخاص يدّعون أنهم “يبدعون تحت الضغط”، فإن الدراسات تشير إلى أن هذا التوجه للتحفيز يستند إلى ارتفاع قيمة المهمة فقط قبل الموعد النهائي مباشرة، لكنه غالبًا ما يأتي على حساب جودة الأداء واستدامته، فتتحول الزيادة المؤقتة في التركيز إلى تشوّش ذهني وضغط نفسي فاعل على المدى المتوسط والطويل  .

يصبح التسويف مشكلة حقيقية عندما يتكرر إلى درجة تعيق تحقيق الأهداف الشخصية والمهنية، فيولد شعورًا دائمًا بالذنب والكسل، وقد يصاحبه اضطراب في المزاج و القلق مما يؤثر على الإنتاجية اليومية، ويستدعي حينها تقييمًا ذاتيًا جديًا وربما استشارة مختص نفسي لمعالجة المشكلة  .
وينسج الخوف من الفشل خيوطًا قوية في شبكة التسويف، أن العلاقة بين الخوف من الفشل والتأجيل تكون إيجابية لدى من يعانون من تقدير منخفض لكفاءتهم، في حين تُنخفض لدى من يمتلكون ثقة عالية بقدراتهم، ما يبرز الدور الوسيط للاعتقاد بالنجاح في تفكيك حلقة التسويف المستمرة  .
للتعامل مع التأجيل والتسويف من خلال صياغة واضحة تربط بين ظروف محددة وسلوك إنجاز المهمة، فبدلاً من القول “أريد أن أعمل غدًا”، نصيغ “إذا دخلت إلى المكتب في الثامنة صباحًا فعندها سأبدأ بكتابه ما هو مطلوب لمدة 15 دقيقة و مواجهة الموقف بشكل جدي .
إلى جانب ذلك، يساهم تقسيم المهام إلى أجزاء صغيرة وتحديد مدة زمنية قصيرة في تعزيز الشعور بإنجازٍ يوميٍّ مستمر، فيحافظ على مستوى معتدل من التحفيز ويمنع تراكم الضغوط وتعاظم المشتتات.

أما تنظيم الوقت، فيقوّي الشعور بالسيطرة على الجدول اليومي ويقلّل العشوائية، من خلال استخدام تقويمات رقمية أو ورقية لتنويع المهام، والالتزام بكتابة قائمة مهام يومية تتضمن أهدافًا قصيرة الأجل وقابلة للقياس.
ولمن يشعر أن أهمّ إنجازاته مهدَّدة بالتضاؤل وسط دوامة التأجيل، يكفي أن يبدأ اليوم بخطوة صغيرة—تخصيص عشر دقائق لإنجاز الجزء الأبسط من المهمة—ثم يكافئ نفسه، ليختبر طاقة الإنجاز ويفكّر في كل خطوة لاحقة على أنها إضافة بسيطة نحو الهدف الكبير. بمجرد رؤية أثر هذه الخطوات الصغيرة يوميًّا، الشعور بالتسويف يختفي ليصبح الإنجاز عادةً متجددة ويشعر الفرد بالأنجاز والسعادة وتزداد ثقته بنفسه ويصبح يتعامل مع الإنجاز ليس عبئًا مخيفًا وتتبدل الأفكار إلى نحو الأنجاز والدافعية والأبتعاد عن التسويف والمماطلة.

مواضيع قد تعجبك