*
الاثنين: 15 ديسمبر 2025
  • 01 أيار 2025
  • 15:40
الأردنمشروع لتحويل النفايات إلى تحف فنية مستدامة  صور

خبرني - قبيل احتضار الشمس للأفق، وصلنا برفقة فريق التصوير إلى قرية " جنين الصفا" التابعة للواء الكورة- محافظة إربد، هنا قبل أشهر كانت تخلو هذه القرية من النفايات بشكل كامل، فقد عمل المهندس محمد طبنجة برفقة ستين شخص من أبناء المنطقة، إلى جمعها وإعادة تدويرها على هيئة أشكال فنية ملهمة ضمن أول مشروع سياحي بيئي، أطلق عليه " قمر بيلا". 

 

قرية تخلو من النفايات!

 

في الوقت الذي تنفق به بعض الدول ملايين الدولارات من أجل مواجهة أزمة التغير المناخي، والاحتباس الحراري، وتبعاتها على مختلف القطاعات، انزوى المهندس محمد طبنجة في حجرة داخل بيته، يفكر في حلول واقعية لهذه الأزمة، مرتكزا على دراسته للهندسة الجيولوجية، والجيوتقنية، وخبراته السابقة في قطاع إعادة التدوير، وبدأ يفكر في مبادرة بيئة تهدف إلى دمج السياحة، والاستدامة البيئية.  

 

يقول طبنجة:" ذات يوم كنت أستمع لحوار صديق لي، وهو مالك المشروع حاليا، يتحدث عن رغبته في بناء منتجع بيئي، فعرضت عليه خيار إنشاء مشروع متكامل من النفايات، كانت الفكرة في البداية غير واقعية على مسمعه، لكن في نهاية المطاف استطعت إقناعه بضرورة توكيلي في هذا المشروع، مع إمكانية توفير أكثر من نصف المبلغ المرصود له، ومن هنا بدأ التحدي". 

 

بعد أيام قام طبنجة بجمع شباب الحي " العاطلين عن العمل منهم"  داخل القرية، وعرض عليهم خيار جمع النفايات مقابل إعطائهم مبالغ مالية، كان المطلوب إحضار " الأكياس البلاستيكية، والنايلون، بقايا مواد البناء، الخردة، بقايا الطعام، العلب البلاستيكية الفارغة، المعادن على اختلافها، الحجارة المكسرة، الزجاج،  وأي شيء يتعلق بالنفايات"، حتى أصبحت القرية بعد حين تخلو من النفايات، فقد جمعت أطنان منها في مكان واحد، بحسب شهادة أبو الأمير" 45" عاما، وهو أحد سكان المنطقة، واليوم يعمل على إدارة هذا المشروع. 

 

يقول أبو الأمير:" للوهلة الأولى بعد سماعي لفكرة المشروع لم أقتنع، ناهيك عن أنه طلب مني أن أبحث عن النفايات بالقرب من الحاويات أو بجانبها بغرض إحضارها، الأمر بالنسبة لي كان معيب، وهو غير مألوف على سكان القرية، لكن عندما شاهدت المهندس طبنجة يبحث عن النفايات بنفسه بالمنطقة تشجعت، وبدأت العمل معه، كنا نصل الليل بالنهار من أجل إتمام هذا المشروع، ونعمل بيد واحدة، واليوم تعلمت تحويل أي نفايات أراها أمامي إلى تحفة فنية، وبأقل التكاليف.

 

بعد تجميع النفايات كان يعمل المهندس طبنجة على فرزها، ثم يبدأ في  معالجتها بإضافة بعض الخلطات الخاصة به والتي ينتجها بمجهوده الشخصي، وبما يكفل ضمان ديمومتها، وتحملها للظروف الجوية السائدة في المنطقة، كذلك يباعد الفترات الزمنية حال حاجتها للصيانة، وهي مقارنة بأسعار البناء تصل نسب التوفير إلى أكثر من 50% من الكلف الحقيقة، بحسب ما يروي لنا طبنجة. 

 

كل زاوية من المشروع كانت تروي حكاية، هنا ثلاجة قديمة تحولت إلى تحفة فنية، العلب البلاستيكية تحولت الى نوافير مياه، الخشب المقطع تحول إلى مقاعد خشبية، جذوع الأشجار الميته تحولت إلى قواعد أرضية، وبقايا الأقمشة الممزقة، تحولت إلى ما يشبه الشلال المنسدل، كما تم توظيف العلب الفارغة ككهوف، ومغر مفتوحة، يصعب عليك تصديق أن ما صنع في هذا المكان من نفايات، إذا لم يخبرك أحد بذلك. 

 

اليوم أصبح مشروع " قمر بيلا"، هو أول مشروع سياحي بيئي في المنطقة، كذلك متنفسا لأهالي المنطقة، فتخلو المدينة كاملة من أماكن للترفيه والاستجمام، كذلك خيارا حال رغبتهم في إقامة الأفراح، أو المناسبات.
 

مواضيع قد تعجبك