*
الاثنين: 22 ديسمبر 2025
  • 30 نيسان 2025
  • 20:06
حين تدق ساعة بيغ بن تتغير خرائط الشرق الأوسط
الكاتب: زهير الشرمان

رغم ما يظهر من أن مراكز القرار العالمي تتوزع بين واشنطن وبكين وموسكو، إلا أن الحقيقة الأعمق ربما تُروى بإيقاع آخر، فالعالم منذ قرون ما زال يتحرك في صمته وتحولاته الكبرى  على توقيت بيغ بن.

في لندن حيث تتقاطع المصالح المالية والسياسية والثقافية ما تزال ماكينة التخطيط تعمل بلا صخب تُهندس التوازنات، وتُعيد رسم خرائط النفوذ بأسلوب هادئ وخفي, وبينما تتسارع الأحداث في العلن فإن إعادة ترتيب الشرق الأوسط تجري بحنكة الكواليس بعيدا عن الضوضاء في مكاتب مغلقة وجلسات خاصة تصوغها عقول تعرف جيدا متى تزرع بذرة ومتى تحصد النتائج.

الشرق الأوسط الذي لطالما كان ساحة للصراعات المباشرة بالوكالة يبدو اليوم أمام لحظة مفصلية لم تعد الحروب التقليدية وحدها هي أدوات التغيير، بل باتت الهندسة السياسية أداة أكثر فاعلية وهدوءا بدءا من تفكيك الروابط القديمة الى إعادة ترتيب وتركيب التحالفات، ترويض الطموحات القومية وبث مشاريع اقتصادية ظاهرها التنمية وباطنها إعادة الاصطفاف وفق موازين القوى الجديدة.

هذا المخاض الكبير لا يصدر ضجيجا إنه يشبه هدير النهر تحت الجليد صامت على السطح عنيف في الأعماق، وما نشهده من تحولات في بعض العواصم الإقليمية من تغييرات في الخطاب السياسي ومن قفزات في السياسات الاقتصادية ليست سوى مؤشرات على  قرب ولادة شرق أوسط مختلف ،شرق أوسط تُدار ملامحه كما تُدار عقارب ساعة بيغ بن بدقة وثبات وصبر طويل.

في هذه اللحظة الحرجة، يبدو أن اللعواصم أمام خيارين، إما أن تكون جزءا من المخطط الجديد بوعي وندية أو أن تجد نفسها عاجلا أو آجلا مضطرة لإعادة التموضع وفق قواعد لم تكن شريكة في صياغتها.

العالم يتغير ولا مكان للثابتين في معادلة متحركة، استعدوا فالمخاض  يستشعر انه لم يعد مؤجلا  بل أصبح قاب قوسين أو أدنى، بهندسة العقل المدبر بعيدا عن الأضواء.

مواضيع قد تعجبك