*
الجمعة: 19 ديسمبر 2025
  • 30 نيسان 2025
  • 08:15
نظرة تحليلية فنية أولية حول مشروع قانون الأبنية والأراضي2025   3

الجزء الرابع : التناقض بين مبدأ الحياد والواقع الإداري: "سعر الأساس" نموذجًا

رغم تأكيد أمين عمان أن "سعر الأساس للأراضي" معيار محايد ضمن معادلة احتساب الضريبة، إلا أن الواقع العملي يعكس تحديات قانونية وإدارية جوهرية تُفقد هذا المعيار حياديته المزعومة. فالسؤال المشروع هنا: كيف يمكن الاعتماد على القيم الإدارية كأساس للتقدير، وهي بطبيعتها ما تزال عرضة للاعتراضات والتشوهات التي يعاني منها القطاع العقاري منذ سنوات، بل أصبحت هذه الاعتراضات من أبرز مظاهر اختلال المنظومة التقديرية في الأردن؟

إن الحديث عن الحيادية في التقدير، في ظل مرجعيات قيم إدارية تقليدية تفتقر إلى تحديث دوري وشفافية واضحة، لا ينسجم مع التوجه نحو العدالة الضريبية، ويُخالف حتى ما صرّح به الأمين نفسه بشأن اعتماد معادلات دقيقة ومحايدة دون تدخل بشري. فكيف يستقيم أن يتم تحييد العنصر البشري من جهة، ثم يتم الإبقاء على قيم تُقدَّر إداريًا عبر جهات وموظفين، غالبًا ما تكون موضع طعن وجدل دائمين؟

كما أن توسيع الإعفاءات، وإن بدا قرارًا إيجابيًا، يطرح إشكالية عدالة التوزيع، إذ لم يُبيَّن ما إذا كانت هذه الإعفاءات تشمل مختلف الفئات الاجتماعية أو تظل محصورة ضمن طبقات تملك أصولًا وفروعًا، ما قد يُفرغ الإعفاء من مضمونه الاجتماعي التنموي.

وما قيل عن أن المادة (12) لا تتضمن فرضًا ضريبيًا جديدًا، بل مجرد "مدخل لمعادلة التقدير"، يعكس استخدامًا غامضًا لمصطلحات قانونية في غير مواضعها، مما يعزز حالة اللبس ويفتح بابًا واسعًا للتأويل والإرباك القانوني.

إن الإبقاء على المعادلات القديمة المغلفة بمصطلحات جديدة لا يحقق إصلاحًا حقيقيًا، بل يعيد إنتاج الأزمة بثوب تقني جديد. وما لم يتم إصلاح جوهر أدوات التقدير ذاتها – بدءًا من تحديث سعر الأساس، وضمان علنيته، وخضوعه لمراجعة دورية محايدة – سيبقى الحديث عن الحيادية والعدالة الضريبية أقرب إلى الشعار منه إلى التطبيق.

أولاً: الإشكالات الجوهرية في مشروع القانون  المقترح

  1. الأثر المالي على المواطنين:

يفرض المشروع أعباء مالية جديدة قد تفوق قدرة شريحة واسعة من المواطنين، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة ومعدلات البطالة المرتفعة.

احتمال أن تؤدي هذه الأعباء إلى اضطرار البعض لبيع ممتلكاتهم بأسعار منخفضة، مما يفتح الباب لتجريد المواطنين من أراضيهم وممتلكاتهم.

  1. غياب العدالة الضريبية:

تطبيق موحد على مختلف المناطق دون مراعاة الفروقات في القيمة السوقية، الدخل، والقدرة على الدفع.

عدم وجود آليات واضحة للإعفاء أو التدرّج الضريبي المرتبط بالدخل أو الحالة الاجتماعية.

  1. الأثر الاجتماعي والتاريخي:

يتقاطع المشروع مع ذكريات مؤلمة من تاريخ الأردنيين في فترات الاستعمار أو الدولة العثمانية، حيث فقد الناس أراضيهم بسبب العجز عن دفع الضرائب.

    • المشروع قد يُنظر إليه كامتداد لسياسات الخصخصة التي أضعفت ملكية الدولة والمواطن معًا.

ثانياً: الملاحظات القانونية المبدئية

  • غموض في بعض النصوص المتعلقة بالتطبيق والتقدير العقاري.
  • عدم مراعاة حقوق الورثة في الأراضي الموروثة وعدم توفير آلية عادلة للحفاظ على الملكيات التاريخية.

التوصيات

  1. تجميد مناقشة المشروع لحين دراسة أثره المالي والاجتماعي بالتفصيل.
  2. تشكيل لجنة فنية تضم خبراء في التقييم العقاري والقانون الضريبي والعدالة الاجتماعية لمراجعة بنوده.
  3. إدخال مبدأ التدرج والعدالة في التطبيق، وتوفير إعفاءات عادلة.
  4. توجيه الدعم للمواطنين غير القادرين، بدلاً من فرض أعباء تؤدي لتجريدهم من ممتلكاتهم.

من منطلق الحرص على الوطن والمواطن، فإن أي تشريع يجب أن يُبنى على دراسات واقعية وتحليلات موضوعية تراعي البعد الوطني والإنساني والاقتصادي معًا.

 

 

مواضيع قد تعجبك