*
الثلاثاء: 16 ديسمبر 2025
  • 28 نيسان 2025
  • 10:47
نظرة تحليلية فنية أولية حول مشروع قانون الأبنية والأراضي 2025 3
الكاتب: الدكتور غسان عذاربة

أولًا: في مبدأ الحوافز والإعفاءات

ورد في التصريح أن الفقرة (ج) من المادة (14) تنص على إعفاء بنسبة 60% من كامل الضريبة (بما فيها ضريبة المسقفات) على الأبنية غير المشغولة، بدلًا من الإعفاء السابق الذي كان بنسبة 50% على ضريبة المسقفات فقط.

  • هذا التعديل يعتبر تحسّنًا نسبيًا في الإعفاءات، لكنه لا يعالج جوهر العدالة الاجتماعية. فالإعفاء يُمنح للعقارات غير المشغولة، والتي غالبًا ما تكون مملوكة لفئات ميسورة، مما يثير تساؤلًا مشروعًا:
    هل الإعفاء وُجه لمن يحتاجه فعلاً، أم لمن يملك قدرة مالية لتجميد العقار دون استخدامه؟
  • أما من يملك عقارًا بسيطًا ويستخدمه كسكن، فقد لا يستفيد من الإعفاء، وهو ما يُضعف العدالة التوزيعية التي يُفترض أن ترعاها التشريعات الضريبية، لا سيما في ظل بطالة مرتفعة وركود اقتصادي.

ثانيًا: الضريبة تُفرض فقط على الجزء المستفاد منه من الأرض

الامين أوضح أن القانون الجديد يعتمد على "النسبة المئوية للاستفادة من الأرض"، وليس كما في القانون السابق الذي يفرض الضريبة على كامل المساحة.

  • من حيث المبدأ، هذا التوجه يُعتبر أكثر عدالة وإنصافًا، إذ يُراعي الاستخدام الفعلي للأرض بدلًا من تحميل المكلّف عبء الضريبة على كامل المساحة غير المستغلة.
  • لكن الإشكالية تظهر في غياب توضيح دقيق لماهية "الاستفادة"، ومن الذي يُقرر نسبة الاستفادة؟ وهل هي منصوص عليها بوضوح في القانون، أم تُترك لتقدير لجان أو أنظمة داخلية؟

ثالثًا: الاعتماد على معادلات محايدة وواضحة للجميع

أكد أمين عمان أن "آلية التقدير تغيرت بالكامل"، وباتت تعتمد على معادلات محايدة وواضحة.

  • القول بأن "المعادلات محايدة وواضحة" يحتاج إلى أساس تشريعي واضح:

ما مصدر هذه المعادلات؟

هل صدرت بموجب نظام أو تعليمات رسمية منشورة؟

هل خضعت لعرض عام أو نقاش مجتمعي؟

  • وإذا كانت هذه المعادلات تعتمد على "أحكام التنظيم واستعمالات الأراضي"، فهل أصبحت الأمانة هي الجهة المختصة بالتقدير الضريبي؟ أم ما تزال دائرة الاراضي و المالية والدوائر الضريبية صاحبة الولاية؟
  • لا يجوز دستوريًا أو قانونيًا نقل صلاحيات مالية جوهرية إلى جهات بلدية دون وجود نص تشريعي صريح، وإلا كان ذلك مخالفًا لمبدأ الفصل بين السلطات وتوزيع الاختصاصات المنصوص عليها في الدستور الأردني.

رابعًا: غموض النية المستقبلية – هل هناك خصخصة أو شراكات مستترة؟

إذا ما قرأنا بين السطور، فإن تحييد العنصر البشري والاعتماد على معادلات رقمية قد يكون تمهيدًا لـ:

  • التوجه نحو التقدير الإلكتروني عبر أنظمة ذكية، والتي قد تُدار لاحقًا بشراكة مع القطاع الخاص (أي خصخصة جزئية).
  • ما يُثار في الأوساط القانونية تساؤل جوهري حول وجود توجه غير معلن لدمج بعض المؤسسات الحكومية، لهذا الخصوص، في ما يتعلق بعمليات التقدير والتحصيل الضريبي. ورغم ما قد يحمله هذا الدمج من إيجابيات على صعيد الكفاءة الإدارية، إلا أن غياب النصوص التشريعية الواضحة التي تنظم هذا الدمج يفتح الباب لتجاوزات محتملة، وقد يُفسّر كتعدٍّ على مبدأ الفصل بين المؤسسات، وتوزيع الصلاحيات، والاستقلالية الوظيفية لكل جهة. إن أية عملية دمج مؤسسي يجب أن تُطرح بشكل شفاف ضمن أطر تشريعية واضحة، وأن تُخضع لرقابة تشريعية وقانونية، تضمن حماية حقوق المواطن وتكفل عدم تغوّل جهة على أخرى.

هذا السيناريو، إن صح، يجب أن يُطرح بشفافية، ويُناقش برلمانيًا وشعبيًا، لا أن يُمرر ضمن لوائح أو تعليمات تنفيذية.

  1. القانون الجديد جاء ببعض التحسينات الشكلية والإجرائية (مثل حصر التقدير في الجزء المستفاد، وزيادة الإعفاءات)، لكنها لا ترقى إلى "ثورة في العدالة الضريبية".
  2. العدالة الاقتصادية والاجتماعية غير متحققة فعليًا، خاصة وأن فئات ضعيفة لا تشملها الإعفاءات المعلنة.
  3. الشفافية في المعادلات والآليات غائبة، ما يجعل من عبارة "محايدة وواضحة" مجرد عنوان تسويقي لا أكثر.
  4. الاختصاصات ما تزال بحاجة لإعادة ضبط قانوني: لا يمكن أن تتحول الأمانة إلى جهة تقديرية ضريبية بمعزل عن السلطة التشريعية والدستورية.
  5. نخشى من تمهيد غير معلن لخصخصة أو شراكة في نظم التقدير والتحصيل، ما لم يتم وضع ضوابط دستورية وتشريعية واضحة تحكم ذلك.

 

مواضيع قد تعجبك