*
الاربعاء: 26 آذار 2025
  • 13 آذار 2025
  • 16:24
ياسمين لاري الباكستانية ترفض استلام جائزة ولف

كتب الدكتور زيد احمد المحيسن:
في زمنٍ أصبحت فيه القضايا الإنسانية عرضة للتجاهل والصمت الدولي، برزت المعمارية الباكستانية الشهيرة ياسمين لاري كواحدة من أبرز الشخصيات التي اختارت الوقوف إلى جانب الحق. في خطوة جريئة ومؤثرة، رفضت السيدة لاري جائزة وولف لعام 2025 في مجال الهندسة المعمارية،  وذلك تعبيرًا عن موقفها الثابت والمبدئي ضد الفظائع التي يُرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
لقد كانت جائزة وولف، التي تُمنح منذ عام 1978 في إسرائيل، تكرّم العلماء والفنانين الذين يحققون إنجازات متميزة في مجالاتهم العلمية . رغم أن هذه الجائزة ذات طابع علمي محض ، إلا أن موقف السيدة لاري جاء ليذكرنا بأن المبادئ الإنسانية لا يجب أن تُساوم على حساب المكاسب الفردية. فقد قالت السيدة لاري في حديثها مع صحيفة دون : "كان عليّ أن أفعل ذلك. لم يكن لدي خيار. كان عليّ أن أقول ذلك. ماذا يمكننا أن نفعل غير ذلك؟ أيدينا مكبلة. نحن هنا... بعيدون جداً عنهم [الناس في الشرق الأوسط]. لذلك أعتقد أنه يجب على المرء أن يوضح موقفه."
ومن خلال رفضها لهذه الجائزة، جسدت لاري رسالة قوية حول التزامها الثابت بالقيم الإنسانية والتضامن مع الشعب الفلسطيني. وكما قالت، فإن من المهم أن يُعبّر كل فرد عن موقفه في زمن الأزمات، خاصة عندما تتعرض الإنسانية للتهديد، كما يحدث في غزة. إن موقفها لا يعكس فقط موقفًا شخصيًا، بل هو تعبير عن رفضها لسياسات القمع والظلم التي يعاني منها أهل غزة والشعب الفلسطيني بأسره.
ياسمين لاري ليست مجرد معمارية، بل هي رمزٌ للعمل الخيري والإنساني. فهي أول امرأة تسجل نفسها كمعمارية في باكستان، ولها العديد من الإسهامات في تصميم المباني التي تعكس جمال العمارة الباكستانية. لكن إسهاماتها تتجاوز المعمار، فقد كانت دائمًا تسعى لتحسين حياة الفقراء والمحرومين. فقد ساعدت في بناء الآلاف من المنازل منخفضة التكلفة للمشردين والمتضررين من الفيضانات في السند، مما يبرز جانبها الإنساني العميق، حيث تسعى جاهدة لتوفير مأوى كريم لأولئك الذين لا يملكون مأوى.
وبجانب إنجازاتها المعمارية، نالت السيدة لاري العديد من الجوائز المرموقة، بما في ذلك الميدالية الذهبية الملكية لعام 2023 التي منحتها لها الملكة البريطانية تقديرًا لإسهاماتها في مجال الهندسة المعمارية. كما حصلت على جائزة "جين درو" في عام 2020، مما يعكس المكانة العالمية التي تتمتع بها كواحدة من أبرز المعماريين على مستوى العالم.
لكن لا شك أن موقفها الأخير في رفض جائزة وولف هو ما سيظل في ذاكرة الكثيرين. فقد اختارت أن تضع مبادئها الإنسانية فوق كل الاعتبارات الأخرى، مؤكدة أن الشهرة والجوائز لا تعني شيئًا إذا كانت تقتضي السكوت عن الظلم. إن موقفها يمثل ضوءًا من الأمل في زمن الظلام، ويبعث برسالة واضحة حول أهمية التمسك بالعدالة والإنسانية في كل الأوقات.
إننا اليوم مدينون لها بالشكر الجزيل  على مواقفها الثابتة ورفضها الركوع أمام المصالح الضيقة، فمواقفها تلهمنا جميعًا بالاستمرار في الوقوف مع الحق مهما كانت المغريات و التحديات. إن وقوفها مع أهل غزة هو تجسيد حقيقي لمفهوم العطاء الإنساني، وهي تذكرنا جميعًا بأن الإنسانية تتجاوز حدود السياسة والجغرافيا، وأن تضامننا مع الآخرين يجب أن يكون بلا حدود.
شكراً لكِ، ياسمين لاري، على هذا الموقف البطولي، وعلى إصرارك على إظهار موقفك الحقيقي في وقت تحتاج فيه الإنسانية إلى مثل هذه الأصوات القوية ، وعلى العالم العربي شعوبا وحكومات ان تلتفت الى هذه القامات الإنسانية التي تدعم الحقوق العربية والقضايا الإنسانية وضرورة دعوتهم وتكريمهم بجوائز مادية وعينية و باوسمة رفيعة فهم يستحقونها بجدارة لمواقفهم البطولية الشجاعة علما ان مقدار الجائزة حوالي (100 الف دولار علاوة عن شهادة وميدالية ).

مواضيع قد تعجبك