خبرني - يحتفي العالم اليوم 8/مارس/2025 بيوم المرأة العالمي تحت شعار "الحقوق والمساواة والتمكين لكافة النساء والفتيات"، وتؤكد جمعية معهد تضامن النساء الأردني أن التنمية المستدامة لا يمكن أن تتحقق دون مشاركة فاعلة وشاملة للنساء والفتيات في جميع المجالات، فالمرأة ليست مجرد عنصر مكمل في المجتمع، بل هي ركيزة أساسية في بناء اقتصادات قوية، ومجتمعات أكثر عدالة وشمولًا، وتشير الدراسات إلى أن إشراك النساء في صنع القرار ينعكس إيجابيًا على مستوى النمو الاقتصادي والاجتماعي، حيث تسهم المرأة في تعزيز الابتكار والإنتاجية، مما يسرّع من تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ورغم الجهود المبذولة لتعزيز دور المرأة في جميع مجالات الحياة وما جاء في الدستور الأردني الفقرة السادسة المادة 6 "تكفل الدولة تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع بما يضمن تكافؤ الفرص على أساس العدل والإنصاف وحمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز" ، إلا أن التحديات قائمة، لا سيما في المجالات السياسية والاقتصادية، على الرغم من التحديثات القانونية والتشريعية، إلا أن ضعف تطبيقها وضعف متابعتها، بالإضافة إلى التحديات الثقافية والاجتماعية، قد تعيق مشاركة النساء في مواقع صنع القرار في كثير من الأحيان؛ لذا، فإن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب تعزيز وتطوير التشريعات والأنظمة والقوانين، التي تكفل تمثيلًا عادلًا للمرأة، وإزالة العوائق التي تحول دون وصولها إلى المناصب القيادية، حيث أن الاستثمار في تعليم المرأة، وتوفير فرص اقتصادية متكافئة، وتمكينها رقميًا، هي خطوات أساسية نحو مستقبل أكثر عدالة واستدامة.
تعزيز تواجد النساء الأردنيات في الحياة السياسية ركيزة أساسية للديمقراطية والتغيير
تؤكد "تضامن" أن المشاركة السياسية للمرأة من المؤشرات الرئيسة على تطور أي نظام ديمقراطي، إذ تعكس مدى التزام الدولة بالمساواة والعدالة الاجتماعية، ورغم أن المرأة الأردنية قطعت شوطًا مهمًا في المجال السياسي، سواء من خلال المشاركة في الانتخابات أو تولي المناصب الوزارية والبرلمانية، إلا أن تمثيلها لا يزال محدودًا، حيث غياب الدعم المجتمعي، والصورة النمطية التي تضعف ثقة الناخبات والناخبين في قدرة المرأة على القيادة، تعد من أبرز العوامل التي تحول دون تحقيق تمثيل عادل للنساء في مواقع صنع القرار.
حيث بلغت نسبة تولي الإناث للحقائب الوزارية في الأردن 15.6% لغاية عام 2024، مقابل 84.4% للذكور، وبفجوة بلغت 68.8%؛ وفي مجلس النواب " 19.6% للإناث، مقابل 80.4% للذكور، وبفجوة بلغت 60.8%.
وتنوه "تضامن" إلى أن تعزيز دور المرأة في الحياة السياسية يتطلب جهودًا على مستويات متعددة، بدءًا من تعديل قانوني الانتخاب والأحزاب لضمان مشاركة أوسع، وصولًا إلى توفير بيئة داعمة تتيح للمرأة الوصول إلى المناصب القيادية دون عراقيل، كما أن الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية مطالبة بتمكين النساء من خلال التدريب والدعم الإعلامي، لضمان بروزهن كمشاركات أساسيات في عملية صنع القرار.
تضامن: حقوق المرأة الأردنية إنجازات قانونية وتحديات مستمرة
تشير "تضامن" إلى أن حقوق المرأة الأردنية شهدت تطورًا ملحوظًا خلال العقود الأخيرة، حيث تم تعديل نصوص الدستور الأردني والعديد من القوانين لضمان حقوقها في مختلف المجالات، بما في ذلك قانون الأحوال الشخصية، والحماية من العنف الأسري، وكافة حقوقها المضمونة بالتشريعات الوطنية والمعايير الدولية، وخاصة حقوق العمل والتعليم، كركائز أساسية لتجويد حياة المرأة والأسرة والطفل والمجتمع، ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تحول دون تحقيق المساواة الكاملة، مثل بعض الفجوات التشريعية التي تدعم بعض أشكال التمييز وعدم المساواة، بالإضافة إلى تحديات حقيقية في مجال التنفيذ، التي تحول دون الاستفادة الحقيقية من هذه الحقوق.
كما أن تحقيق التقدم الحقيقي يتطلب ليس فقط إصلاح القوانين، ولكن أيضًا تعزيز التوعية المجتمعية حول أهمية حقوق المرأة كجزء أساسي من العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.
مشاركة محدودة للمرأة في التنمية الشاملة أمام الانتهاكات الجسيمة في الحروب والأزمات
تشدد "تضامن" على أنه بالرغم من أهمية قرار مجلس الأمن 1325 الذي جاء ليؤكد على دور المرأة في الأمن والسلام وبناء المجتمعات أثناء وخلال وما بعد النزاع، إلا أنه لا يزال يواجه تحديات في التطبيق الفعلي والمؤثر، حيث تستمر الانتهاكات الجسيمة ضد النساء في مناطق النزاعات والحروب، بما في ذلك العنف الجنسي والاستبعاد من عمليات صنع القرار وإعادة الإعمار. وفي السياق الأردني، ورغم الجهود المبذولة لتطبيق الخطة الوطنية الثانية لتنفيذ القرار، لا تزال هناك حاجة لتعزيز مشاركة المرأة في مفاوضات السلام، وضمان حمايتها، ودعم دورها في التنمية الشاملة المستدامة، إذ لا يمكن تحقيق استقرار حقيقي أو تقدم اجتماعي دون إشراك النساء بشكل فاعل في جميع مراحل بناء السلام والتنمية.
سد فجوة الأجور: لماذا لا تزال المرأة تتقاضى أجور أقل بالرغم من الضمانات القانونية
بالرغم من أن قانون العمل الأردني يمنع فجوة الأجور عن الأعمال ذات القيمة المتساوية، إلا أن الفجوة في الأجور لا تزال قائمة، حيث تحصل النساء في العديد من القطاعات على رواتب أقل من نظرائهن الرجال رغم تماثل المؤهلات والخبرات، وتشير الإحصاءات الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة لعام 2022 وهي أحدث بيانات متوفرة أن فجوة الأجور في القطاع العام 13.9%، وفي القطاع الخاص وصلت إلى 14.1% (10.3% لكلا القطاعين).
وتؤكد الدراسات إلى أن العوامل الرئيسية التي تساهم في هذه الفجوة تشمل التمييز الهيكلي في بيئة العمل، وقلة فرص النساء في المناصب القيادية، إلى جانب المسؤوليات المجتمعية التي تجعل النساء أكثر عرضة للعمل بدوام جزئي أو في وظائف أقل استقرارًا.
دعم مشاريع المرأة الأردنية يمثل استثمارًا في المستقبل للأسرة والمجتمع للحفاظ على كينونتها
تؤكد "تضامن" أن ريادة الأعمال النسائية تمثل أحد الحلول الفعالة لتمكين المرأة اقتصاديًا، بالرغم من أن مشاركة المرأة اقتصاديًا في الأردن لم تتجاوز 14% في أحسن حالتها منذ عدة عقود؛ حيث تتيح هذه المشاريع لها الاستقلال المالي وتساعدها في تجاوز التحديات المرتبطة بالتمييز في سوق العمل، وتسهم في خلق فرص عمل وتحقيق التنمية المحلية، ومع ذلك، هنالك صعوبات في الحصول على التمويل، وقلة شبكات الدعم، والعوائق البيروقراطية التي تحد من نمو مشاريعهن.
حيث وصلت نسبة البطالة للربع الثالث من عام 2024 حسب دائرة الإحصاءات العامة بنسبتها العامة 21.5%، وللإناث 33.3% بارتفاع مقداره 2.3% عن الربع الثاني من عام 2024، وللذكور 18.3% بانخفاض بمقداره 0.6%.
التأكيد على دور المرأة الأردنية في التكنولوجيا لصناعة مستقبل رقمي شامل
مع تسارع التحول الرقمي، أصبح لزامًا على المرأة أن تكون جزءًا من هذا التطور، ليس فقط كمستهلكة للتكنولوجيا، ولكن أيضًا كصانعة ومستثمره لها مثل التطبيقات المبتكرة، ومع ذلك، لا تزال مشاركة المرأة في القطاعات التكنولوجية أقل من المتوقع، حيث بلغت نسبة مشاركة المرأة في الأردن في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، في سوق العمل 33%، بينما بلغت 4% في المناصب الإدارية، و16% في المناصب التقنية لعام 2023، إذ أن 40% من خريجي تخصصات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من الإناث.
وتنوه "تضامن" إلى أن تمكين المرأة في التكنولوجيا يتطلب الاستثمار في تعليمها الرقمي منذ الصغر، وتعزيز برامج التدريب والدعم للنساء في مجال البرمجة وريادة الأعمال التكنولوجية.
ختامًا، وفي يوم المرأة العالمي، تؤكد جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" أن تمكين المرأة في جميع المجالات ليس مجرد متطلب حقوقي، بل ضرورة لبناء مجتمع أكثر عدالة وازدهارًا، وإن الاستثمار في قدرات النساء وتعزيز مشاركتهن يضمن مستقبلًا أكثر إشراقًا للجميع.
زهور غرايبة- جمعية معهد تضامن النساء الأردني
8-3-2025