خبرني - مرحلة المراهقة هي أحد المراحل الانتقالية في حياة الإنسان، والتي تمتد من نهاية الطفولة وحتى بداية مرحلة النضج والرشد، تبدأ عادةً من سن 13 عاماً وتستمر حتى سن 19 عاماً تقريباً، وتتميز بتغيرات جسدية ونفسية واجتماعية عميقة، والتي تكون واضحة وملحوظة، حيث يشهد الجسم تحولات هرمونية كبيرة.
عند الذكور، يحدث نمو في العضلات وخشونة في الصوت وظهور شعر الوجه والجسم، أما عند الإناث، فتظهر علامات البلوغ مثل نمو الثديين وتغيرات في شكل الجسم وبدء الدورة الشهرية، كما يحدث عند كلا الجنسين طفرة في النمو تؤدي إلى زيادة سريعة في الطول والوزن، ومن الناحية النفسية، تتميز بتقلبات مزاجية حادة وبحث عن الهوية الشخصية، إذ يبدأ المراهق في تكوين آرائه الخاصة والتساؤل عن القيم والمعتقدات التي نشأ عليها، كما يظهر لديه ميل قوي للاستقلالية والرغبة في اتخاذ قراراته بنفسه.
وتصبح علاقات الأقران والصداقات ذات أهمية كبيرة في حياة المراهق، حيث يزداد تأثير مجموعة الأصدقاء على سلوكياته وقراراته، ويبدأ في تطوير اهتمامات رومانسية وعاطفية، كما يصبح المراهق أكثر وعياً بمظهره الخارجي وكيفية تقييم الآخرين له، بالإضافة إلى ذلك، تتطور قدرات المراهق على التفكير المجرد والتحليل المنطقي، ويصبح قادراً على فهم المفاهيم المعقدة والتفكير في المستقبل والتخطيط له، كما تزداد قدرته على حل المشكلات واتخاذ القرارات المعقدة.
وتُعتبر مرحلة المراهقة فترة مهمة لتطوير المهارات والاهتمامات الخاصة بالشخص، حيث يبدأ المراهق في اكتشاف مواهبه وقدراته، ويبدأ في التفكير في مستقبله المهني والأكاديمي، وهذه الفترة مهمة جداً لبناء الثقة بالنفس وتطوير الشخصية المستقلة.
ورغم التحديات التي تصاحب مرحلة المراهقة، إلا أنها تعتبر فترة مهمة للنمو والتطور، حيث يحتاج المراهقون خلال هذه الفترة إلى الدعم والتوجيه من الأهل والمعلمين، مع منحهم المساحة المناسبة للاستقلالية والتعبير عن أنفسهم، ويساعد الفهم والتواصل الجيد معهم في تجاوز هذه المرحلة بشكل إيجابي.
خصائص مرحلة المراهقة
تتميز مرحلة المراهقة بعدة خصائص وسمات هامة، والتي تظهر على كل من الذكور والإناث بشكل ملحوظ، وتشمل:
-
يشعر المراهق بنمو سريع وملحوظ في جسده، حيث يزداد الطول والوزن بشكل كبير، يحدث نضج في الأعضاء التناسلية وظهور الخصائص الجنسية الثانوية، فعند الذكور، يتغير الصوت ويصبح أكثر خشونة، وينمو شعر الوجه والجسم، أما عند الإناث، فتظهر تغيرات في شكل الجسم وتوزيع الدهون، ويبدأ الطمث، كما يحدث تغير في نشاط الغدد، مما يؤدي إلى تغيرات في رائحة الجسم.
-
تتطور القدرات العقلية للمراهق بشكل ملحوظ، حيث يصبح قادراً على التفكير المجرد والمنطقى، تزداد قدرته على الفهم والتحليل والاستنتاج، ويصبح أكثر قدرة على حل المشكلات المعقدة، ويتطور التفكير النقدي لديه، ويبدأ في تكوين آرائه الخاصة حول مختلف القضايا، كما تزداد قدرته على التخطيط للمستقبل والتفكير في العواقب البعيدة المدى لقراراته.
-
يمر المراهق بتقلبات مزاجية حادة وانفعالات قوية، ويبحث عن هويته الشخصية ويحاول فهم ذاته وتحديد شخصيته المستقلة، وقد يعاني من مشاعر القلق والتوتر والاكتئاب أحياناً، ويصبح أكثر حساسية للنقد وأكثر وعياً بذاته ومظهره. كما يظهر لديه شعور قوي بالرغبة في الاستقلال عن الوالدين والتحرر من السلطة.
-
تصبح العلاقات مع الأقران ذات أهمية كبيرة في حياة المراهق، حيث يميل إلى تكوين صداقات قوية ويتأثر بشكل كبير بآراء وسلوكيات أصدقائه، ويبدأ في الاهتمام بالعلاقات العاطفية والرومانسية، وقد يظهر تمرد على والديه والمدرسة، ويسعى لتأكيد استقلاليته، كما يزداد وعيه بالقضايا الاجتماعية والمجتمعية.
-
يبدأ المراهق في تطوير قيمه وأخلاقه، إذ يتساءل عن المعتقدات والقيم التي تربى عليها ويحاول فهمها وتقييمها، ويصبح أكثر اهتماماً بقضايا العدالة والمساواة والصواب والخطأ، وقد يظهر مثالية في تفكيره وتطلعاته، ويسعى لتحقيق أهداف سامية.
-
تزداد قدرة المراهق على التحصيل العلمي والأكاديمي، حيث يبدأ في التفكير في مستقبله المهني واختيار مسار دراسته، يطور اهتمامات ومواهب جديدة ويسعى لاستكشاف قدراته، كما يصبح أكثر قدرة على التركيز والانتباه لفترات أطول، و يزداد فضوله المعرفي.
كيفية التعامل مع مرحلة المراهقة للشباب
هناك العديد من الوسائل التي تساهم في التعامل مع مرحلة المراهقة الخاصة بالشباب بشكل جيد، وتشمل:
-
بناء علاقة قائمة على الثقة والاحترام، فمن الضروري تأسيس علاقة قوية مع المراهق مبنية على الثقة المتبادلة والاحترام، عن طريق الإصغاء إليه باهتمام عندما يتحدث، تجنب السخرية من أفكاره أو مشاعره، احترام خصوصيته ، مع إظهار الاستعداد للحوار والنقاش معه في أي وقت يحتاج إليه.
-
التواصل الفعال والحوار المفتوح، إذ يجب الحرص على فتح قنوات التواصل مع المراهق والحفاظ عليها، التحدث معه عن يومه وأنشطته واهتماماته، والإصغاء إليه دون مقاطعة أو إصدار أحكام.
-
تشجيع المراهق على التعبير عن مشاعره وأفكاره بحرية، وتقبل وجهات نظره حتى لو كانت مختلفة، مع تجنب أسلوب الأمر في الحديث واستبداله بالحوار والنقاش المنطقي.
-
توفير التوجيه والإرشاد المناسب، حيث يحتاج المراهق إلى التوجيه والإرشاد، ولكن بطريقة غير مباشرة وغير متسلطة، عبر مساعدته في اتخاذ القرارات المهمة من خلال مناقشة الخيارات المتاحة ونتائجها المحتملة، وتقديم النصائح بأسلوب ودي، وتشجيعه على التفكير النقدي وحل المشكلات بنفسه.
-
احترام الحاجة إلى الاستقلالية، من الضروري منح المراهق مساحة من الاستقلالية المتزايدة تدريجياً، مع الحفاظ على الحدود والقواعد الأساسية، إذ يمكن السماح له باتخاذ بعض القرارات بنفسه وتحمل مسؤولية نتائجها، وتشجيعه على تطوير مهاراته في إدارة الوقت والمال والمسؤوليات الشخصية.
-
من الضروري تشجيع المراهق على تكوين صداقات إيجابية والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية المفيدة، والتعرف على أصدقائه وفتح المنزل لهم بشكل معقول، بالإضافة إلى مساعدته في تطوير مهارات التواصل الاجتماعي والتعامل مع الضغوط الاجتماعية بشكل مثالي.
-
ينبغي العمل على تعزيز ثقة المراهق بنفسه من خلال تشجيع مواهبه وقدراته، الاحتفال بإنجازاته مهما كانت صغيرة، وتجنب المقارنة مع الآخرين، ومساعدته في تحديد نقاط قوته وتطويرها، وتقبل أخطائه كجزء طبيعي من عملية التعلم والنمو.
-
يجب وضع قواعد وحدود واضحة ومنطقية، مع شرح أسباب هذه القواعد، وتطبيق العواقب المناسبة عند مخالفة القواعد بشكل عادل وثابت، مع الحرص على تجنب العقاب البدني والتهديد، واستبدالهما بأساليب تأديبية إيجابية تعزز المسؤولية الذاتية.
-
من المهم الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية للمراهق، ومراقبة علامات القلق والاكتئاب أو أي مشكلات نفسية أخرى، وأيضاً تشجيع العادات الصحية في النوم والتغذية وممارسة الرياضة، وتوفير الدعم المهني عند الحاجة من خلال استشارة المختصين النفسيين.
-
ينصح بمساعدة المراهق في تحديد أهدافه الأكاديمية والمهنية، عبر توفير الموارد والدعم اللازم لتحقيق هذه الأهداف، تشجيعه على استكشاف اهتماماته المهنية المختلفة وتطوير مهاراته، كما يجب أن يكون الوالدان والمربون قدوة حسنة للمراهق، وإظهار السلوكيات والقيم التي يريدون غرسها فيه من خلال تصرفاتهم اليومية.
كيفية التعامل مع مرحلة المراهقة للبنات
-
في البداية، يجب فهم التغيرات الجسدية والنفسية التي تمر بها الفتاة خلال مرحلة البلوغ، تقديم المعلومات الصحية والعلمية لها بشكل واضح وصريح، خاصة فيما يتعلق بالدورة الشهرية والتغيرات الهرمونية، وتوفير المعرفة المناسبة عن العناية الشخصية والنظافة، حيث يساعد ذلك في بناء ثقتها بنفسها والتعامل مع هذه التغيرات بشكل صحي.
-
تحتاج المراهقة بشكل خاص إلى علاقة قوية وقريبة مع أمها أو شخصية نسائية موثوقة في حياتها، حيث تساعدها في فهم هويتها كأنثى والتعامل مع المشكلات الخاصة التي تواجهها، ويجب على الأم أن تكون مستمعة جيدة وداعمة، وأن تشارك ابنتها تجاربها وخبراتها بشكل مناسب.
-
من المهم احترام خصوصية المراهقة ومنحها مساحة شخصية، والسماح لها باتخاذ قرارات تتعلق بمظهرها وملابسها ضمن حدود معقولة، وتشجيعها على تطوير شخصيتها المستقلة مع الحفاظ على التوجيه والإرشاد المناسب.
-
تمر المراهقات بتقلبات مزاجية قوية بسبب التغيرات الهرمونية، لذا ينبغي تفهم هذه التقلبات والتعامل معها بصبر وحكمة، ومساعدتها في التعبير عن مشاعرها بشكل صحي وتعليمها مهارات إدارة المشاعر والتعامل مع الضغوط النفسية.
-
ينصح بالعمل على تعزيز ثقة المراهقة بنفسها وجسدها، عن طريق تجنب التعليقات السلبية عن مظهرها أو وزنها، التركيز على قدراتها ومواهبها وإنجازاتها بدلاً من التركيز فقط على مظهرها الخارجي، ومساعدتها في تطوير هوية قوية لا تعتمد فقط على المظهر الخارجي.
-
ينبغي مناقشة موضوع العلاقات الاجتماعية بشكل منفتح وواقعي، وتوجيهها في كيفية التعامل مع الصداقات والعلاقات مع الجنس الآخر بشكل مناسب وآمن، وتعليمها كيفية وضع حدود صحية في علاقاتها وكيفية حماية نفسها من المواقف غير الآمنة.
-
من الضروري تشجيع المراهقة على التميز الأكاديمي وتحديد أهدافها المهنية، ومساعدتها في اكتشاف مواهبها وقدراتها وتطويرها، وتقديم الدعم اللازم لتحقيق طموحاتها التعليمية والمهنية دون تمييز على أساس الجنس.
-
يجب مساعدة المراهقة في فهم وتحليل الرسائل الإعلامية والمجتمعية التي تتعرض لها، تعليمها كيفية التفكير النقدي والتعامل مع ضغوط المجتمع والأقران، وتشجيعها على تطوير شخصية قوية ومستقلة تستطيع مقاومة الضغوط السلبية.
-
ينصح بتوفير بيئة آمنة وداعمة تشعر فيها المراهقة بالراحة والقبول، من خلال تشجيع الحوار المفتوح حول مختلف المواضيع والمشكلات التي تواجهها، وتوفير الأنشطة المفيدة والهوايات التي تساعد في تطوير شخصيتها.
-
يجب تعزيز القيم الدينية والأخلاقية بأسلوب متوازن وغير متشدد، ومساعدتها في فهم كيفية الموازنة بين هويتها الدينية والثقافية وبين متطلبات الحياة العصرية، وأيضاً تشجيعها على تطوير منظومة قيم شخصية قوية تساعدها في اتخاذ القرارات الصحيحة.




