خبرني - فراس الحديدي
يُعاني سكان أحد شوارع منطقة شفا بدران في العاصمة الأردنية عمان من إهمال مزمن طال أمده، حيث تُرك الشارع ترابيًا منذ فتحه قبل ثلاث سنوات، ما جعله مصدرًا مستمرًا للمعاناة والمخاطر اليومية. الطريق الذي يمر صعودًا باتجاه مديرية الدرك ومسجد أم نهار، ويمتد لمسافة تُقدّر بـ200 متر صعودًا و350 متر نزولًا باتجاه مدرسة في وسط الحي، يعد شريانًا حيويًا للسكان، إذ يربط بين نقاط استراتيجية ويُسهّل وصولهم إلى الخدمات الأساسية.
بين الغبار والسيول: معاناة لا تنتهي
على مدار العام، يتحول الشارع إلى كابوس للسكان. ففي الصيف، تتسبب حركة المركبات على الطريق الترابي بإثارة سحب من الغبار الكثيف الذي يملأ الأجواء، مهددًا صحة السكان، خاصة الأطفال وكبار السن، الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي. تقول أم خالد، وهي إحدى المتضررات من وضع الشارع: “لا أتوقف عن مسح الغبار عن نوافذ منزلي طوال فصل الصيف، لكن المشكلة أكبر من مجرد تنظيف، إنها تؤثر على صحتنا وصحة أطفالنا”.
وفي فصل الشتاء، تتحول معاناة السكان إلى كوارث حقيقية، حيث تتدفق مياه الأمطار لتتحول إلى سيول جارفة تُغرق المنازل بينما يصبح الطين عقبة أمام حركة السير. أبو أحمد، أحد السكان المتضررين، يصف الوضع قائلاً: “نعيش في قلق دائم، فمع كل هطول للأمطار تتدفق المياه نحو منازلنا وكراجات سياراتنا، مما يكبدنا خسائر مادية ويجعل حياتنا اليومية شبه مستحيلة”.
مخاطر البنية التحتية المهملة
إلى جانب الغبار والطين، تزيد البنية التحتية غير المكتملة من خطورة الشارع. المجاري التأسيسية التي تتوسط الطريق، والتي كان يُفترض أن تكون جزءًا من الحل، أصبحت جزءًا من المشكلة. بفعل الإهمال، نبتت حولها أعشاب طويلة مع مرور الوقت، مما أخفاها عن الأنظار وتسبب في وقوع حوادث عديدة، حيث تفاجأ السائقون بوجودها، الأمر الذي ألحق أضرارًا بالغة بمركباتهم.
وفي العام الماضي تحديدًا، تسببت هذه المجاري بوقوع عدة حوادث، كان بعضها خطيرًا. يقول أحد السكان: “سياراتنا تتضرر بشكل متكرر، فالمناهل غير واضحة، وعندما تهطل الأمطار تتحول إلى أفخاخ خطيرة للسائقين”.
الأطفال: ضحايا يوميون للطريق المهمل
من بين المتضررين الأشد من وضع الشارع، الأطفال الذين يُجبرون يوميًا على السير وسط الغبار في الصيف والطين في الشتاء للوصول إلى مدرستهم الواقعة في منتصف الطريق. أحد الآباء عبّر عن قلقه الشديد قائلاً: “أطفالي يضطرون للسير وسط هذه الكوارث يوميًا للوصول إلى المدرسة، وهذا أمر غير آمن وغير مقبول”.
مساكن متضررة وأخرى مهجورة
إضافة إلى المعاناة اليومية، يؤثر وضع الطريق بشكل مباشر على السكان المحيطين به. العمارات السكنية التي تطل على الشارع أصبحت تعاني من عزلة قسرية، حيث يصل التعبيد إلى طرف واحد فقط من بعضها، فيما يبقى الطرف الآخر يطل على الطريق الترابي. إحدى هذه العمارات تضم 16 شقة، ويشتكي سكانها من الغبار والسيول التي تحيط بهم. أما عمارة أخرى في رأس الطلعة لم تُسكن بعد، إذ ينتظر سكانها الجدد تعبيد الشارع قبل الانتقال إليها.
صاحب إحدى العمارات المتضررة أكد أن السبب في هذا الوضع هو تأخر أمانة عمان في تعبيد الطريق، قائلاً: “حينما تحدثت مع المسؤولين، لم أتلق سوى وعود فارغة. لا أدري لماذا يستمر هذا التأخير”.
تصريح المهندس إبراهيم عودة الحجاج
خلال لقاء خاص مع المهندس إبراهيم عودة الحجاج، عضو اللجنة المحلية لشفا بدران، أكد الحجاج أنه استلم مهامه منذ فترة لا تتجاوز السبعة شهور خلفًا للعضو السابق. وقال الحجاج: “لفت انتباهي وضع هذا الشارع منذ استلامي المسؤولية، وهو الآن مدرج على قائمة الطرق التي بحاجة للتعبيد”.
وعند سؤاله عن المدة المتوقعة لإنهاء العمل على تعبيد الطريق، أوضح الحجاج: “نحن نعاني من نقص الموارد اللازمة، ولكن بمجرد اكتمال الموارد، سيتم تعبيده فورًا، فهو على قائمة الأولوية”. وأضاف أن الجهود مستمرة للتنسيق مع الجهات المعنية لتسريع الإجراءات.
صوت السكان: مناشدة عاجلة للمسؤولين
السكان الذين حاولوا مرارًا وتكرارًا إيصال أصواتهم للجهات المعنية، بما في ذلك أمانة عمان وعضو اللجنة المحلية المهندس إبراهيم عودة الحجاج، لم يجدوا آذانًا صاغية حتى الآن. وتوجهوا برسالة عاجلة إلى أمانة عمان الكبرى ووزارة البيئة ونواب شمال عمان، مطالبين بالتدخل الفوري لإنهاء معاناتهم الممتد.
رسالة أمل وإنذار في آن واحد
ختامًا، يأمل سكان شفا بدران أن تتحرك الجهات المسؤولة سريعًا لإعادة تأهيل هذا الطريق الذي تحول إلى مصدر للإزعاج والمخاطر اليومية. “نحن لا نطلب المستحيل”، يقول أحد السكان، “كل ما نريده هو أن تُنصف منطقتنا المنسية، ونعيش حياتنا بكرامة بعيدًا عن الغبار والسيول والأضرار التي تهدد حياتنا كل يوم”.
فهل ستستجيب أمانة عمان الكبرى لنداءاتهم، أم سيظل هذا الشارع شاهدًا على الإهمال الذي يعصف بأحلام سكان شفا بدران؟




