خاص بـ "خبرني "
هناك رأيتها في حفلة أقامتها صديقة مشتركة لنا من أيام الدراسة الجامعية , للحق ما زالت جميلة و رشيقة (طبعا لا هم زوج و لا متاعب أطفال ) .جلست بجانبي و تحدثنا بأمور كثيرة ,عندها تجرأت و قلت لها : في خاطري أن أسألك سؤال , لكن أخاف أن يزعجك سؤالي . ضحكت و قالت : اسألي و لا يهمك . فسألتها : ألا تشعرين بالندم كونك رفضتي جميع الذين تقدموا لخطبتك بعد التخرج , و ها أنت بقيت وحيدة بلا زوج أو أطفال ؟؟
قالت تقصدين "عانس" . آه يا عزيزتي كم أكره هذه الكلمة ,المشكلة أن المرأة إذا تأخرت بالزواج يقولون عانس و لكن الرجل مهما تقدم به العمر يهللون له , و يستطيع متى يشاء (خاصة إذا كانت حالته المادية ممتازة ) أن يتزوج فتاة صغيرة بالسن , حتى لو كانت بالعشرين .
كان شعاري بالحياة أن الفتاة العزباء السعيدة خير من امرأة متزوجة تعيسة , نعم , تقدم لي الكثيرين و كانوا من خيرة الشباب, و لكني لم أجد في أحدهم شيء ما يشدني إليه , لأضحي بسعادتي فأكون زوجة له و أم لأبنائه. كنت أرى الزواج ليس مجرد رجل و امرأة و أولاد يسكنون في منزل , بل الزواج يجب أن يحقق للزوجين إشباع عاطفي و جسدي و مادي , و عدا ذلك فمحكوم عليه بالفشل .
أنا أعتقد أنه ربما هذا هو قدري بالحياة ,أن لا أتزوج أبدا , فليس من الضروري على كل شخص أن يتزوج , و ليس على كل من يتزوج أن ينجب أطفال . و أنا لست نادمة (و أتحدث هنا عن رأيي ) , لأنه كان قراري أنا , ولم يفرضه أحد علي , فأنا لم أجلس بالبيت أنتظر العريس الموعود و أعد الأيام تمر و ألطم خدودي لأن العريس لم يأتي بعد و أبكي على حالي . بل روحي المعنوية دائما عالية و ما زال عندي أمل بأن غدا سيكون أجمل .
و لكن لكي لا أكون كاذبة , فبالرغم من سعادتي و نظرتي الإيجابية إلا أن هناك منغصات كثيرة تواجهني بسبب و ضعي الاجتماعي , أهمها نظرة المجتمع , فأنا لا أنكر (نظرات الشفقة ) من البعض عند رؤيتي , يتحسرون علي و يعاتبونني كيف أضعت فرص عديدة من بين يدي . و محاولاتهم اليائسة لإيجاد زوج لي أرمل , مطلق , أو عازب كبير بالسن (يعني عانس مثلي ) مع أنني أرفض هذه الحلول جملة و تفصيلا .
و أكثر ما يزعجني أنه و للأسف بعض الرجال المتزوجين يظنون أن الفتاة التي تأخرت بالزواج سهلة المنال , و يعتقدون أنها متعطشة لسماع كلمات الحب و الإعجاب , فلماذا لا يسلون أوقاتهم , ولا مانع من المحاولة معها , فهذا يقدم لها الهدايا و هذا يدعوها لتناول العشاء معه , ظانين كونها حرة بلا زواج لن تمانع بالخروج معهم , متناسين أنه ليس الزواج ما يقيد المرأة عن فعل الخطأ بل أخلاقها و طريقة تربيتها منذ الصغر , و لكن هيهات أن يستوعبوا .
الفتاة الغير متزوجة بالعائلة تصبح ممرضة الوالدين باعتبار أنها متفرغة , و هنا يخلي الأبناء الذكور مسؤوليتهم تجاه والديهم و يحملونها إياها , نظرا لانشغالهم بزوجاتهم و أولادهم .
و بعد رحيل الوالدين (بعد عمر طويل ) و انتهاء الحاجة إلى خدماتها التمريضية , يتمنى الأخوة لو يطرق الباب أي عابر سبيل ليزوجوها و يتخلصوا من مسؤوليتها و أعبائها إذا كانت لا تعمل , أما إن كانت تعمل وحالتها المادية جيدة فقد يطمعون فيها كونها بلا زوج أو أبناء , فلمن كل هذا ؟ و هناك المزيد من المنغصات و لكني لا أريد أن أطيل عليك بالكلام .
احترت بماذا أرد عليها ! , فالمجتمع تبقى نظرته مختلفة لكل شيء خارج عن المألوف و العادات و التقاليد , فالفتاة مهما كان تحصيلها العلمي متقدم و مركزها الوظيفي عالي ,إذا لم تكتمل الصورة بالزوج و الأولاد سيشعرها المجتمع بالنقص , فعليها إذن إما أن تتنازل عن المواصفات المطلوبة بالعريس ( كون ليس كل ما يتمنى المرء يدركه ) إذا استطاعت أن تتعايش معه , أو تتحمل نتيجة تمسكها برأيها إن كانت فعلا مقتنعة به . ومع مرور الأيام الحياة تتطور و الأفكار تتغير , و ما كان اليوم غير مقبول سيصبح بالمستقبل شيء عادي , و بالنهاية كل شيء قسمة و نصيب .
* صيدلانية أردنية




