خبرني - على الرغم من الجهود المكثفة التي بذلت وتبذل في سبيل تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها السياسية كناخبة ومرشحة وصانعة قرار، إلا أن نتائج انتخابات مجلس النواب التاسع عشر جاءت مخيبة للآمال؛ إذ لم تترجم هذه الجهود والمؤشرات المبشرة التي رصدناها جميعا إلى زيادة في تمثيل المرأة في المجلس المنتخب، ليس فقط عن سابقه، بل أيضاً عن المجلس السابع عشر.
عندما نتحدث بلغة الأرقام نجد أن عدد السيدات المترشحات قد زاد في هذه الانتخابات عن نسبتهن في الانتخابات الماضية بحوالي 112 سيدة، ولكن في المقابل سجلت انتخابات 2020تدنياًفي مشاركة المرأة كناخبة وكمنتَخبة، مما يجعلنا نفكر في مدى فعالية الجهود المشار إليها أعلاه دون تهيئة البيئة المجتمعية والتشريعية الداعمة لمشاركة المرأة في الانتخابات وفي إدارة الشأن العام. ومن الضروري أن نتناول هذا الموضوع من جوانب متعددة نورد بعضاً منها هنا:
أولاً: عدم تحقيق المقاعد المخصصة للمرأة أو الاقتراب من تحقيق للتمثيل العادل لها في مجلس النواب: إذ لم تحظ المرأة الأردنية بمقعد على مستوى الدائرة الانتخابية في المحافظات التي تضم أكثر من دائرة (عمان وإربد والزرقاء) بل تم الاكتفاء بما مجموعه15 مقعداً فقط، وهي نسبة ضئيلة لا تتجاوز 11.5% من إجمالي المقاعد ولا تسهم في تحقيق تقدم ملموس في هذا المجال.
وعلى الرغم من ذلك، إلا أن ما شهدته انتخابات المجلس التاسع عشر قد يعيدنا إلى نقطة كنا نظن أننا قد تخطيناها وهي أن المقاعد المخصصة للمرأة قد تكون سبيلها الوحيد للوصول الى المجالس المنتخبة، وفي ذلك رسالة واضحة لصانعي القرار ممن يؤمنون حقاً بضرورة تعزيز مشاركة المرأة في مختلف المجالات من خلال زيادة هذه المقاعد بقوة القانون.
ثانياً: عدم وجود تشريعات تحمي المرأة من العنف الانتخابي والذي سبق وأن تناوله مركز قلعة الكرك للاستشارات والتدريب من خلال تقريره الذي نشره ب تاريخ13/8/2020، والذي استعرض مجموعة من التوصيات العملية والتي للأسف لم يتم الأخذ بأي منها. وقد كان من ضمن هذه التوصيات ضرورة توفير الأطر التشريعية من قوانين و/أو أنظمة و/أو تعليمات تحمي حق المرأة بالمشاركة الحرة والفاعلة كناخبة أو كمرشحة، إذ أوضح التقرير أن عدم توفر هذه الأطر القانونية يؤدي إلى عزوف السيدات عن المشاركة كما يؤدي إلى انسحاب العديد من المرشحات الكفؤات وذوات الخبرة وهذه الحالات تم رصدها من قبل مركز قلعة الكرك للاستشارات والتدريب خلا لمراقبته لهذا المحور في الانتخابات الأخيرة والتي سيتم الحديث عنها مفصلاً لدى إصدار تقرير الرقابة قريبا بالإضافة إلى منع السيدات من الذهاب للانتخاب والاشتراط عليهن التصويت لمرشح معين .لذا فإننا نعيد ونكرر ضرورة أنتعترف الهيئة المستقلة للانتخاب وغيرها من الجهات ذات العلاقة بوجود مشكلة العنف الانتخابي ابتداء اًو بعد ذلك العمل بجدية لإيجاد الآليات والتشريعات اللازمة لحماية السيدات في الحقل الانتخابي كاملاً.
ثالثاً: ضرورة أن يعكس توجهات الجهات المعنية نموذجاً مؤثراً يسهم في إحداث التغيير الإيجابي المنشود في القناعات والتوجهات المجتمعية، وبالتالي لا بد أن تنعكس الإرادة السياسية في تعزيز مشاركة المرأة في العملية الانتخابية في تشكيلة لجان الانتخاب الثلاثة والعشرين بدلاً من أن تقتصر رئاسة هذه اللجان على الذكور ويقتصر دور المرأة فيها على الأدوار المساندة فهذا مؤشر على عدم ثقة هذه الجهات بالدور الذي قد تقوم به المرأة وهذا يضع فبالتالي من إيمان الناخبين والناخبات بأهمية وصولها إلى سدة البرلمان ،وبالتالي فإننا جميعاً مسؤولون ومسؤولات مسؤولية مشتركة حيال ضعف وتراجع وصول السيدات إلى مجلس النواب خارج نطاق الكوتا.
وأخيراً، بقي أن نقول للأسف أن موضوع المال الأسود في هذه المرة كان واضحاً وبقوة، وهذا ما لا تستطيع السيدة المرشحة مجاراته، وعلى الرغم من كون هذا أيضاً أحد انواع العنف الاقتصادي الذي يمارس على المرأة، إلا أنه أيضاً قد ساهم في عدم وصولا لكثير من السيدات إلى البرلمان خارج نطاق الكوتا ونعود هنا إلى آلية الرقابة على الحملات الانتخابية والتي ثبتت عدم نجاعتها، فيتوجب على الجهات ذات العلاقة معالجة أماكن الخلل في تطبيق هذه التعليمات.




