*
الاثنين: 22 ديسمبر 2025
  • 28 أغسطس 2010
  • 00:00
نائلة زوجة عثمان بن عفان
نائلة زوجة عثمان بن عفان
خبرني – تاليا مشاركة من القارئة العزيزة لينا حول قصة واحدة من النساء العربيات اللواتي دخلن التاريخ : انها نائلة بنت الفارض الكلبية ، وهي من ( قبيلة كلب) كانت كلها يومئذ نصارى ومن أحد أشهر بطون العرب في الفصاحة والبلاغة والتي لم تكن تقتصر على رجالهم وانما شملت نسائهم أيضا .   وكانت نائلة إضافة لجمالها قد عرفت منذ شبابها برجاحة العقل وحكيم الرأي و اعتبرت من أهل الفصاحة والبلاغة ...... تزوج الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه نائلة وكانت على دين النصرانية ، فلما دخلت عليه قال لها عثمان : إني شيخ كبير كما ترين …… قالت : أنا من نساء أحب الأزواج إليهن الكهول ….. قال : تقومين إلى أو آتيك؟….. قالت : ما جئت من سماوة كلب إليك إلا وأنا أريد القيام إليك ) .وكان تسلسلها بين زوجاته الثامنة وقد زوجّها له أخوها ضب وحملها إلى عثمان في المدينة وكان مسلمًا بينما كان أبوها نصرانيَّا وحين تزوجها عثمان كانت نصرانية إلا إنها أسلمت على يديه عند زواجها وبعد إسلامها بوقت قصير حفظت القرآن والسنة وحسن إيمانها رضي الله عنها وأنجبت له من الولد ثلاثًا: أم خالد وأروي وأم أبان الصغرى ..... وقد روت السيدة نائلة عن عائشة رضي اللَّه عنها بعضًا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ..... وقد كانت نائلة امرأة شجاعة ولها كبير الدور في حادثة الفتنة الكبرى التي حدثت بمقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه بين أيديها وقد سميت حينها ببنت الفرافصة لشجاعتها الفائقة إذ أن الفرافصة من أسماء الأسد وسميت بذلك لدورها الكبير عندما اشتدت المحنة على عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه حين فتح باب الفتنة على المسلمين وحين تأزمت الأمور وحاصروا الدار (دار عثمان- رضي الله عنه-)، ومنعوا عنه الزاد والماء بل ومنعوه من الخروج للصلاة، وطالبوه بأن يترك الخلافة، فأعلن رفضه قائلا:(لن أخلع قميصا كسانيه الله تعالى)ثم تسوروا عليه الدار وهم شاهرون سيوفهم يريدون قتله...... فصمدت معه في محنته رضي الله عنهما وتلقت عنه ضربات السيوف قبل أن تصل إليه وما إن ألقى الرجال بحبالهم على أسوار منزله ودخلوا عليه …. حتى أسرعت نائلة تنشر شَعْرَها ، فقال عثمان: خذي خمارك فإن حُرْمة شَعْركِ أعظم عندي من دخولهم علي..... ولما هجم عليه أحدهم وهو يقرأ القرآن وهوى عليه بسيفه تلقت نائلة السيف بيدها فقطعت أناملها فصرخت على رباح غلام عثمان فأسرع نحو الرجل فقتله وبينما كانت تهرع لإمساك سيف رجل ثانٍ لكن الرجل تمكن من أن يقطع أصابع يدها الأخرى وهو يدخل السيف في بطن عثمان ليقتله وحين هموا بقطع رأسه ألقت عليه بنفسها إلا أنهم لم يرحموا ضعفها ولم يعرفوا لعثمان قدره وبعد ان تمكنوا من عثمان، وسال دمه على المصحف، حزوا رأسه ومثَّلوا به، فصاحت والدم يسيل من أطرافها : إن أمير المؤمنين قد قُتل إن أمير المؤمنين قد قُتِل ..... ثم دخل رجل عقب مقتل عثمان فقال لها: اكشفي عن وجهه قالت: ولِمَ؟....قال الرجل: ألِطم حُرَّ وجهه فقد أقسمت بذلك ..... فقالت: ويحك !!!! أما ترضى ما قـال فيـه رسول اللَّه حيث قال انه أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين إلى الإسلام. وهو ذو النورين..... ولكنه لم يأبه لكلامها ... فقال: اكشفي عن وجهه ثم هجم عليها فلطم وجه عثمان فدعت عليه قائلة: يبَّس اللَّه يدك وأعمى بصرك..... فلم يخرج الرجل من الباب إلا وقد يبست يداه وعمى بصره ..... وتُركت جثة عثمان في مكانها دون أن يجرؤ أحد على تجهيزه ودفنه فأرسلت إلى حويطب بن عبد العزى وجبير بن مطعم وأبى جهم بن حذيفة وحكيم بن حزام أولاد عمة وابناء عشيرته ليُجَهِّزُوا عثمان ..... فقالوا: لا نقدر أن نخرج به نهارًا وحين حلّ الظلام خرجوا به بين المغرب والعشاء نحو البقيع وهى تتقدمهم بسراج ينير لهم وحشة الظلام حتى تم دفنه بعد أن صلى عليه جبير بن مطعم وجماعة من المسلمين......... ومات شهيدا في صبيحة عيد الأضحى سنة 35 هـ، ودفن بالبقيع. وكانت هذه شرارة نشوب فتن وحروب أخرى مثل حرب الجمل ومعركة صفين وبداية ظهور الخوارج...... ثم قالت نائلة ترثيه: .... ومالي لا أَبْكى وأُبكـى قرابتي ..... وقد ذهبتْ عنا فضول أبى عَمْرِو ..... وبعد أن دُفن عثمان -رضي الله عنه- خطبت نائلة -رضي الله عنها- في المسلمين خطبتها المشهورة فقالت نائلة بنت الفرافصة فيما قالت ، بعد أن حمدت اللَّه وأثنت عليه: .... (((عثمان ذو النورين قتل مظلوماً بينكم بعد الاعتذار وإن أعطاكم العتبى..... معاشر المؤمنين وأهل الملِّة لا تستنكروا مقامي...... ولا تستكثروا كلامي..... فإني حرَّى عَبْرَى..... رزئت جليلاً..... وتذوقت ثكلاً من عثمان بن عفان. .... ثالث الأركان من أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في الفضل......))) .... كما وقالت نائلة :-....((( حين فقدكم سطوته وأمنتم بطشه......... رأيتم أن الطرق قد انشعبت لكم. والسبل قد اتصلت بكم. ظننتم أن اللَّه يصلح عمل المفسدين..... فعدوتم عدوة الأعداء.... وشددتم شدة السفهاء على التقي النقي.... الخفيف بكتاب اللَّه عز وجل لساناً.... الثقيل عند اللَّه ميزاناً..... فسفكتم دمه.... وانتهكتم حرمه. ...... واستحللتم منه الحُرَم الأربع: حرمة الإسلام، وحرمة الخلافة، وحرمة الشهر الحرام، وحرمة البلد الحرام..... . فليعلمنَّ الذين سعوا في أمره، ودبوا في قتله، ومنعونا من دفنه..... اللَّهم إنه بئس للظالمين بدلاً، وأنهم شر مكاناً، وأضعف جنداً. لتتعبدنكم الشبهات. ولتفرقن بكم الطرقات. ولتفرقن بكم الطرقات، ولتذكرن بعدها عثمان. ولا عثمان. وكيف يسخط اللَّه من بعده. وأين كنتم لعثمان ذي النورين منفس الكرب. زوج ابنتي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وصاحب المربد ورومة........ هيهات واللَّه ما مثله بموجود......... ولا مثل فعله بمعدود. يا هؤلاء إنكم في فتنة عمياء...... صمّاء........ طباق السماء. ممتدة الجران. شوهاء العيان في كثير من الأمر. قد توزع كل ذي حق حقه. ويئس من كل خير خيرُ أهله. فلهوات الشر فاغرة........وأنياب السوء كاشرة....... وعيون الباطل خزْر...... وأهلوه شزر....... ولئن نكرتم أمر عثمان، وبشعتم الدَّعة لتنكرن غير ذلك من غيره....... حين لا ينفعكم عتاب...... ولا يسمع منكم استعتاب,........))) ما ابلغها من كلمات والتي لم تبقي لافصح الرجال قولاً .... ولأحكم الرجال رأياً .... والتي تنبأت بنشــــوب الفتن والحروب...... ولم تكتف نــــائـلة بذلك بل أرسلت إلى معاوية بكتاب مرفق معه قميص عثمان ممزقًا مليئًا بالدماء وعقدت في زر القميص خصلة من شعر لحيته قطعها أحد قاتليه من ذقنه وخمسة أصابع من أصابعها المقطوعة............ وأوصت إليه أن يعلق كل أولئك في المسجد الجامع في دمشق وأن يقرأ على المجتمعين ذلك الكتاب وكان بعض ما جاء فيه: ........... إلى معاوية بن أبى سفيان أما بعد: فإني أدعوكم إلى اللَّه الذي أنعم عليكم وعلمكم الإسلام وهداكم من الضلالة وأنقذكم من الكفر ونصركم على العدو وأسبغ عليكم نعمه ظاهره وباطنه وأنشدكم اللَّه وأذكركم حقه وحق خليفته أن تنصروه بعزم اللَّه عليكم:- ....((( فإنه ان طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)..... وقد اجتمع لسماعه خمسون ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان وأصابعها .............. وقد عاشت نائلة حافظة لذكرى عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وظلتْ وفية له فلم تتزوج وكانت من أجمل النساء.....وكلما جاءها خاطب رَدَّتْه ولما تقدم معاوية -رضي الله عنه- لخطبتها أَبَتْ وسألت النساء عما يعجب الخطاب فيها فقلن:........... ثناياك (وكانت مليحة وأملح ما فيها ثغرها) فاخذت حجراً وكسرت ثناياها .... وأرسلت بهن إلى معاوية ..... وحين سُئلت عما صنعتْ قالت: حتى لا يطمع في الرجال بعد عثمان-رضي الله عنه-.... تلك هي "نائلة بنت الفرافصة "رمز الشجاعة والصبر والصمود ذات الأدب والبلاغة والفصاحة تزوجها عثمان بن عفان-رضي اللَّه عنه- فكانت له زوجة مخلصة وفية ومطيعة حيا وميتا وكان عثمان يستشيرها دائمًا لسداد رأيها وقد حظيت في بيته بمكانة كبيرة ثم توفيت بعد جهاد عظيم لخدمة الإسلام رحمها الله ورحم كل من حمل لواء هذا الدين الحنيف ....

مواضيع قد تعجبك