*
الجمعة: 26 ديسمبر 2025
  • 26 آذار 2014
  • 23:19
لغز طائرتنا الماليزية الأردنية
الكاتب: علي أحمد الدباس
لغز طائرتنا الماليزية الأردنية
شغل اختفاء الطائرة الماليزية عن شاشات الرادار العالم كله ، و بقيت هذه المأساة تسيطر على التغطية الاعلامية الدولية ، و تعددت السيناريوهات حول اختفائها من الخطف الى انتحار قائد الطائرة وصولا الى خلل فني طارئ ... حتى أعلن رئيس الوزراء الماليزي قناعة السلطات بتحطم الطائرة في المحيط الهندي ، و العالم كله بانتظار العثور على الحطامو الصندوق الأسود لبيان الاسباب الحقيقية لما حدث! استغرب العالم بأجهزته و راداراته و أقماره الصناعية اختفاء طائرة بحجم الطائرة الماليزية و عدم قدرة التكنولوجيا و القدرات العسكرية في العثور على الطائرة و حطامها لاكثر من اسبوعين رغم مشاركة اكثر من عشرين دولة في البحث و التحقيق... الكل استغرب إلا الشعب الأردني ، ربما لأن لدينا لغزا أكثر تعقيدا من اختفاء طائرة بوينغ! ففسادنا خلال السنوات المنصرمة تختفي كل أدلته بمجرد بدء التحقيق فيه ! الفساد واضح هنا و هناك و ليس في قعر المحيط ، لكن أيا من أجهزة المكافحة و القضاء و مجالس النواب لم يستطع أن يثبت شيئا بالأدلة القاطعة و معظم الملفات الدسمة التي تم فتحها إما انتهت بالبراءة أو بعدم كفاية الأدلة! طائرة الفساد الأردني حققت معجزة كونية ، فهي تختفي عن أجهزة الرصد ، ثم تعود لتحلق من جديد ، و ما أن يلحظها أحد حتى تختفي مرة أخرى ! طائرتنا لا يمكن ان نتهم الطيار فيها لأنها تسير بلا بوصلة و بلا وجهة و بلا طيار ! طائرتنا لا تحتاج حتى لوقود ، لأن وقودها عبارة عن " الفزعة " و الطبطبة و اللفلفة و إغلاق القضايا! كم جميل لو كان لفسادنا صندوق أسود يسجل كل الأحداث ... ليس لنكتشف الفساد و نحاكم الفاسدين بل ليستطيع أحفادنا تحليل معلومات الصندوق ليتعلموا أساليبنا الفاسدة و يبنوا عليها بدل أن يباشروا من الصفر! كم جميل لو تشترك عشرين دولة في التحقيق بالتضاعف الفلكي الذي زاد مديونيتنا العامة خمسة عشر مليار دينار في ست سنوات! كنا سنحير العالم أجمع و هو يبحث عن حطام المصانع التي بنيناها بهذه الديون و المشاريع التي أقمناها و التنمية التي أحدثناها! كم جميل لو تمتلك حكوماتنا شجاعة حكومة ماليزيا و تعلن قناعتها أن الفساد موجود على الاقل، و أن حجم الاضرار الحاصلة منه كذا و كذا ، و تمتلك جرأة الحكومة الماليزية الادبية لتقول ان هذه القناعة ستدفعنا للبحث عن مخلفات الفساد و حطامه في كل مكان! كم جميل أن ينشغل العالم بنا بدلا من إنشغالنا بالعالم ؛ و الأهم : بدلا من إنشغالنا ببعضنا في قضايا أشغلنا فيها مجالسنا من طراز فيصلي ووحداتي ، و شهادة غير المحجبة مقبولة أم لا ، و حقوق مدنية أو مزايا خدمية ، و اعتذار أم أسف ، و احتفالات بذكرى الكرامة تتزامن مع موقف أهدر كل كرامة! كم جميل لو نحارب الفساد المعشعش في دواخلنا قبل مسؤولينا : فساد الواسطة و المحسوبية و الشللية و التنفيع ... فساد (( حكلي بحكلك )) بالمفهوم الدارج و الذي أصبح ممارسة شعبية محترفة، كم جميل فقط لو حاربنا فساد الأنانية و المصلحة ! وكم يكون أجمل لو نستطيع تحديد وجهة محددة على الاقل تسير فيه طائرتنا و متى تتوقف عن المسير بطريقة " الجهجون " ... لغز اختفاء أي أثر للفساد في كل قضية بها فساد محير جدا ، و عليه نتساءل اليوم : اذا كنا لم نستطع تحديد مكان و زمان و كيفية فسادنا ... هل يمكن أن نستغرب بعد ذلك عدم العثور على طائرة اختفت في المحيط ؟ لا أحد يتمنى في هذا الكون أن تسقط طائرة ما ، لم لا ننتهز فرصة التميز و التفرد هذه ، و نتمنى لا بل نعمل على حل لغز الطائرة الشبح ( فساد ) المصنعة محليا ؟؟؟ طائرتنا ( فساد ) لا نريد لها أن تحلق و لا أن تهبط ؛ كل ما نحتاجه فعلا أن ندعو الله كي تتحطم !!  

مواضيع قد تعجبك