*
السبت: 20 ديسمبر 2025
  • 21 أيار 2013
  • 20:37
لعنة التقاعد
الكاتب: نادر الخطاطبة
لعنة التقاعد
22 سنة و 3 اشهر و 13 يوم خدمة موظف بوزارة ، تقاعد بـ 206 دنانير ،عبر سنين الخدمة جار على نفسه وحتى اسرته ، ليضع نزرا يسيرا من الدخل " لعوزة " ما بعد التقاعد " حصيلة الجمع ربما لم تتجاوز ستة الاف دينار ، اشترى بها سيارة خصوصي ، لا لغايات " الرفاه " بعد التقاعد واسعاد الاسرة ، وانما لضمان استمرارية ديمومة حياة كريمة لها بالحد الادنى !! المذكور في سجلات الوطن باعتباره مواطن يحمل رقما وطنيا ، هو في ذات الوقت مغدور في ذات السجلات ، لان التقاعد بالنسبة لديه عذاب جديد ، فهو يجلس امام كشك في مدينة اربد الحرفية " الصناعية " ويمارس فضوله نحو المارة ليبادرهم بالسؤال ، تاكسي ؟ ، بعد ان يستشعر ان المار امامه ركن سيارته للاصلاح ويبغي التوجه لدوامه ، فيجيب الطرف الاخر نعم ، ليجد نفسه في سيارة خصوصي وليست صفراء ذات طبعة " تكسي النافذ فلان ، والمليونير علان ، والمتميز .. الخ . في السياق الانساني ان التقاعد ، وقت راحة لاناس امضوا الكثير في خدمة وطنهم واناسهم واحبائهم ، لكنه لدينا يصلح ان نطلق عليه " لعنة التقاعد " ففي فرنسا ان لم تخن ِ ، الذاكرة جرت احتجاجات على رفع سن التقاعد من 60 عاما الى 62 عاما ، فيما في الاردن من يصل سن الستين يلهث وراء وساطات تمدد له الخدمة ، لما بعد الستين والسبعين والثمانين ، لا حبا بالعمل ، وانما انقيادا وراء حسبة مالية تفيد انه سيخسر بالتقاعد جزءا من الدخل!! المتقاعد ابو 206 دنانير ، اغرمت بحديثه حين قال " لدي ثلاث بنات يدرسن في جامعات على حسابي الخاص ، وابن نترقبه في التوجيهي القادم ، لكن " الحمدلله " الامور تسير على مايرام وان كان ما ينغصها ، ملاحقات رقباء السير اليومية له بذريعة انه " يسرفس " وبالتالي فهو معتد على " العمومي بسيارة خصوصي " فيما من " جز الملايين بفساده " لا ملاحقة له !! ذات عشاء ( نفاقي ) قدر لنا بحكم المهنة الصحفية ان نحضره ، استضاف احدهم رئيس وزراء سابق ، عقب مناسبة نفاق عنوانها لا يخرج عن نطاقات التغني بالمنجزات الوطنية ، دولته عاب على الاعلام وفاعاليات شعبية وقوى سياسية اتهام احدى الشخصيات ( الوطنية ) وجمعها مئات الملاييين من خلال الوظيفة ، وقال ان معلوماته ان الشخصية " الرجل مظلوم " وكل ما يملكه لا يتجاوز 65 مليون دينار ، جمعها من خلال وساطات تجارية مع دول اخرى !! بالمناسبة ، الشخصية التي تحدث عنها دولته وقتها لم يتجاوز عمرها 45 عاما ، ودخلت السلك الوظيفي في الدولة الاردنية بعد منتصف تسعينات القرن الماضي ، وبراتب ربما يتجاوز 206 دنانير بقليل ، ولم تصل لا للضمان الاجتماعي اوحتى التقاعد المدني !! دولته ، ان صح نطقه ومنطقه ، نسي ان الوساطات التجارية ، وفرتها له قاعدة نفوذ استغلها خير استغلال ، لا على صعيد خدمة وطن ، بقدر ما جيّرها لبناء قصر يليق بمقامه .. قاسية هي حياة المتقاعدين البسطاء وصغار الموظفين والعاملين ، والسبب ادارات فاسدة لم تفعّل تفكيرها يوما بغرض ايجاد ارضية تضمن للمرء ، كرم الحياة وتخفف من وطأتها القاسية عليه .  

مواضيع قد تعجبك