22 سنة و 3 اشهر و 13 يوم خدمة موظف
بوزارة ، تقاعد بـ 206 دنانير ،عبر سنين الخدمة جار على نفسه وحتى اسرته ، ليضع
نزرا يسيرا من الدخل " لعوزة " ما بعد التقاعد " حصيلة الجمع ربما
لم تتجاوز ستة الاف دينار ، اشترى بها سيارة خصوصي ، لا لغايات " الرفاه "
بعد التقاعد واسعاد الاسرة ، وانما لضمان استمرارية ديمومة حياة كريمة لها بالحد
الادنى !!
المذكور في سجلات الوطن باعتباره مواطن يحمل رقما وطنيا ،
هو في ذات الوقت مغدور في ذات السجلات ، لان التقاعد بالنسبة لديه عذاب جديد ، فهو
يجلس امام كشك في مدينة اربد الحرفية " الصناعية " ويمارس فضوله نحو
المارة ليبادرهم بالسؤال ، تاكسي ؟ ، بعد ان يستشعر ان المار امامه ركن سيارته
للاصلاح ويبغي التوجه لدوامه ، فيجيب الطرف الاخر نعم ، ليجد نفسه في سيارة خصوصي
وليست صفراء ذات طبعة " تكسي النافذ فلان ، والمليونير علان ، والمتميز .. الخ .
في السياق الانساني ان التقاعد ، وقت راحة لاناس امضوا
الكثير في خدمة وطنهم واناسهم واحبائهم ، لكنه لدينا يصلح ان نطلق عليه " لعنة
التقاعد " ففي فرنسا ان لم تخن ِ ، الذاكرة جرت احتجاجات على رفع سن التقاعد
من 60 عاما الى 62 عاما ، فيما في الاردن من يصل سن الستين يلهث وراء وساطات تمدد
له الخدمة ، لما بعد الستين والسبعين والثمانين ، لا حبا بالعمل ، وانما انقيادا
وراء حسبة مالية تفيد انه سيخسر بالتقاعد جزءا من الدخل!!
المتقاعد ابو 206 دنانير ، اغرمت بحديثه حين قال " لدي
ثلاث بنات يدرسن في جامعات على حسابي الخاص ، وابن نترقبه في التوجيهي القادم ،
لكن " الحمدلله " الامور تسير على مايرام وان كان ما ينغصها ، ملاحقات
رقباء السير اليومية له بذريعة انه " يسرفس " وبالتالي فهو معتد على "
العمومي بسيارة خصوصي " فيما من " جز الملايين بفساده " لا ملاحقة
له !!
ذات عشاء ( نفاقي ) قدر لنا بحكم المهنة الصحفية ان نحضره
، استضاف احدهم رئيس وزراء سابق ، عقب مناسبة نفاق عنوانها لا يخرج عن نطاقات
التغني بالمنجزات الوطنية ، دولته عاب على الاعلام وفاعاليات شعبية وقوى سياسية
اتهام احدى الشخصيات ( الوطنية ) وجمعها مئات الملاييين من خلال الوظيفة ، وقال ان
معلوماته ان الشخصية " الرجل مظلوم " وكل ما يملكه لا يتجاوز 65 مليون
دينار ، جمعها من خلال وساطات تجارية مع دول اخرى !!
بالمناسبة ، الشخصية التي تحدث عنها دولته وقتها لم
يتجاوز عمرها 45 عاما ، ودخلت السلك الوظيفي في الدولة الاردنية بعد منتصف تسعينات
القرن الماضي ، وبراتب ربما يتجاوز 206 دنانير بقليل ، ولم تصل لا للضمان
الاجتماعي اوحتى التقاعد المدني !!
دولته ، ان صح نطقه ومنطقه ، نسي ان الوساطات التجارية ،
وفرتها له قاعدة نفوذ استغلها خير استغلال ، لا على صعيد خدمة وطن ، بقدر ما
جيّرها لبناء قصر يليق بمقامه ..
قاسية هي حياة المتقاعدين البسطاء وصغار الموظفين
والعاملين ، والسبب ادارات فاسدة لم تفعّل تفكيرها يوما بغرض ايجاد ارضية تضمن
للمرء ، كرم الحياة وتخفف من وطأتها القاسية عليه .




