*
الاثنين: 22 ديسمبر 2025
  • 17 أيار 2015
  • 11:49
لا شيء يعجبني
الكاتب: د. راما الحجاوي
لا شيء يعجبني
أمسكت هاتفي لأتفقد مواقع التواصل الاجتماعي سريعًا، فإذ مررت بمقال كتبه الشاعر الكبير محمود درويش بعنوان ( لا شيء يعجبني )، استهوتني هذه العبارة وسرحت بها، وأخذ تفكيري يجول في معانيها، لا شيء يعجبني .. بالفعل لا شيء يعجبني. في اليوم التالي استيقظت في الصباح الباكر لأحتسي فنجان القهوة، ومن ثم أبادر تصفح الصحف اليومية،وقراءة ما يشدني معرفته في الساحه العالمية، والعربية، والمحلية. ومن ثم بعد أن انتهيت من الصحف وضعتها بجانبي ووقفت تاركة المكان، وأنا أتتبع خطاي وأردد ما قرأته بالأمس (لاشيء يعجبني) .. وأثناء سيري حدثتني نفسي في حديث داخلي دار ما بيني وبينها قائلة: في المجال العلمي تفوقنا على العديد من الدول من حيث رفع سن التعليم الإلزامي، وتوفير المدارس في أغلب مناطق المملكة، وتبني المناهج وطرق التدريس الحديثة، وإدخال التكنولوجيا في العديد من المدارس، وإنشاء العديد من الجامعات الحكومية والخاصة، وصولًا للجامعات العالمية، ولكن وقفت قليلا هنا وسألت نفسي: مع كلّ هذا التقدم لماذا نتبع مبدأ التلقين رغم ادعائنا اتباع المنهج الديموقراطي، وإعطاء الطالب حرية التعبير والابتعاد عن الحفظ والتسميع؟!! من المضحك أنه مازلنا نطالب برفع مستوى التعليم، ولكننا للأسف نتبع أساليب تسلطية تحكمها مراكز بيروقراطية! وبناء عليه أصبح الطالب يتخبط ما بين العشوائية في اتخاذ القرارات، وعدم الاستقلالية بحكمه على الأمور،وهذا نجده في جميع المراحل التعليمية، ابتداء من المرحلة الإبتدائية، مرورا بالمرحلة الثانوية، وصولا للمرحلة الجامعية، فالطالب لا هوية له!! فها هو قد وصل للمراحل التدريسية العليا وما يزال غير قادر على التحليل والاستنتاج ويفضل أسئلة الاختيار من متعدد!! وأصعب ما يواجهه عندما تسأله قدّم برأيك ؟ وبرهن ما تقول .. نجد هنا أن الطالب لا رأي له! وكيف سيبرهن ما سيقوله، إذ أنه تعود على التلقين والحفظ؟! وهنا توقفت برهة ثم تابعت حواري الداخلي .. أليس لذلك أشد الأثر على المجال الاقتصادي؟ إذ أن الطالب يتخرج من تخصص لا يريده، ولكنه أجبر عليه بناء على رأي الآخرين، وغالبا بناء على اختياره له،لأنه لم يجد سواه ما بين التخصصات المتاحه له، وهنا تكمن الكارثه إذ أننا أخرجنا للمجتمع فرد سلب منه الإبداع والتميز، لعدم رغبته بما درس من الأساس! لم لا نضع امتحان مستوى للتخصصات .. فهنالك العديد من الطلاب الذين لم يحالفهم الحظ في العام الدراسي كمجموع كلي، ولكنهم مبدعون في مجال معين.. لم لا نستفيد من قدراتهم .. هل المجموع الكلي هو من يحكم على تخصص معين !! ولا تقف مشكلة الفرد عند هذا الحد بل يتعداه الحظ عندما يواجه البطالة لعدم توفر العمل لأننا بكل مصداقية نرجح كفة المتقدم للعمل من جامعة عالمية أو دولة أجنبية على من هو متخرج محليا!! وإن وجد الفرد عملًا فسيكون عمله ضمن البطالة المقنعة، أو أنه سوف يعمل في مجال ليس مجاله، ولكن بسبب الواسطة والمحسوبية تبوأ مركزه، وأخذ يمارس دوره فيه! ومن هنا سرحت قليلا وقلت.. وما بالنسبة للمجال الاجتماعي؟ وعاودت حديثي أليس بسبب هذه المخرجات نكون قد أثرنا في المجال الاجتماعي، إذ أصبح كل فرد يدعي معرفته بالدور الذي يحتله، دون النظر إن كانت شروط العمل تنطبق عليه أم لا! وبناء عليه سوف نفقد الثقة بالعديد من الأفراد من حولنا! وخاصة أن ذلك زاد من انتشار (البرجماتية) التي تتبنى مبدأ العمل، ولكن العمل القائم على المصالح الشخصية، دون النظر للهدف الرئيسي ألا وهو المصلحة العامة، والتي في النهاية تصب في تقدم البلاد.. وبناء عليه جميعنا نعلم ما مرت به البلاد من فساد ومديونية، والتي ما تزال تعاني منهما بسبب أن كل فرد ينظر لمصالحه الشخصية!! وهنا عاودت السرحان قليلا وتابعت مدركة إن ما آلت إليه المجالات السابقة كان لها أشد الأثر والتأثير في المجال السياسي .. وسألت نفسي إنْ كنا لم نتحدَّ في أمور الحياة اليومية.. هل سنتحدَّ بالوقوف اتجاه الصعاب والدفاع عن البلاد في وجه الأعداء؟! وهل سيكون لدينا الأفراد الواعيين المدركين لما يقومون به من أمور تخدم البلاد، ويكون لديهم في نفس الوقت استقلالية ذاتية، بمعنى لا يتأثرون بأصحاب سوء النية، ولا يعملون لصالح جهة معنية.. أم أن الأفراد لدينا سيكونون مسيرين لتلبية حوائجهم وتكملة حياتهم لتحقيق مصالحهم!! للأسف كلّ فرد يغني على ليلاه وأكثر ما يؤلمني هو عندما اقرأ مصطلح (الوحدة العربية) من أين ستأتي الوحدة العربية؟! إن لم يكن الفرد لديه انتماء لمسقط رأسه ومدرك لهويته ومتفاني لوطنه قبل عروبته ! وفي النهاية حدثت نفسي قائلة: معذرة .. الفرد في مجتمعنا العربي يعيش دون هوية فقد نشأ مسلوب الحرية ومجبور على دوره في الحياة بعد إعطاء من لهم الأولية ويتعامل مع الآخرين ضمن المصالح الشخصية وهو مسير ضمن قانون البيروقراطية رغم أننا ندعي الديمقراطية أما الآن وبعدما فار دمي .. وشاط غضبي توقف حواري مع نفسي .. إذ نفد صبري وقررت الذهاب مسرعة .. لأسجل اسمي ضمن قائمة الشاعر محمود درويش، وأقول: وأنا أيضا لا شيء يعجبني ويلازمني الضجر

مواضيع قد تعجبك