*
الاثنين: 22 ديسمبر 2025
  • 09 يناير 2010
  • 00:00
كيف برزت قوة قبائل العدوان
كيف برزت قوة قبائل العدوان
احمد عويدي العبادي   خبرني - يشكل التاريخ عقدة لمن لا تاريخ له , وتشكل العشيرة عقدة لمن لاعشيرة له , وتشكل الاصالة والاصل والعائلة العريقة عقدة لمن لا اصل له ولا اصالة ولا عائلة محترمة , وتشكل الاردنية عقدة لمن لا جذور له بالاردن , ويشكل المفكر عقدة لمن لا فكر عنده , ويشكل العقل المشقي بالنعيم عقدة لمن هو جاهل وينعم بجهله , ويشكل المتنور عقدة لمن فقد نور البصر والبصيرة ولمن اثر حياة السائمة على حياة الانسان المكرم ( بتشديد الراء ) , ويشكل الذوات عقدة للنكرات , ويشكل الرفيع عقدة للوضيع , ويشكل الموصول عقدة للمقطوع المفصول . صورتان متناقضتان فلا يستوي فيهما الظل ولا الحرور ولا الظلمات ولا النور , ولا الذين يعلمون والذين لا يعلمون ولا الجاهل والعاقل ولا الاصيل والدخيل ولا فاقد الشرعية مع من يمنح الشرعية ولا فاقد الكرامة مع من لديه كرامة , ولا فاقد الشيء مع من لديه الشيء . فلقد رايت اثناء نشر هذا الكتاب العجب العجاب , ورايت كيف ان البعض فقد ذاته وشخصيته وهويته وقرنها بالكلمات والاقوال وليس بالافعال . ورايت ان مسيلمة الكذاب لو عاد الى الحياة لوجد من هو اكذب منه , وان الوليد بن عتبة لو عاد لوجد من هو اكثر منه عتلا وزنيما ( عتل بعد ذلك زنيم ) . هناك فئات منتفعة لا يهمها التاريخ ولا العشائر ولا الاردن ولا الدولة ولا امن الاردن ,ويعتبرون ان هذه الامور هراء رغم انهم ابناء عشائر اومن مثلث الغم . فالحياة عندهم مكسب شخصي عندما استمع الى كثير من هؤلاء اشعر بالغثيان وانا اصغي اليهم يكررون على مسامعي كلمات الخط الاحمر والخط الاخضر والخط الاصفر . وبدل ان يذكرون الله ويسبحون بحمده , فانهم لا يقولون الا ما يستفيدون منه شخصيا ولو كان زورا وبهتانا , ويريدون ان ينقل عنهم انهم مدحوا فلانا وعلتانا وهم يشهدون لبعضهم كل في غياب الاخر ضمن شهادات المنفعة المتبادلة وتوزيع المهمات من اجل المكاسب , وهم يعتقدون ان الاخلاص انما هو الذي يكون بالهراء والصياح وليس بالفكر , وبالاقوال وليس بالاعمال , لانهم لايفهمون فكرا ولايتقنون عملا , وانما يتقنون مسح الجوخ فقط . ولكنني اقول لهم دائما ان الاردن والعشائر الاردنية خط من جهنم يحترق بها من يتجاوزها من الاعمى والبصير ومن في الظل ومن في الحرور ومن في الظلمات ومن في النور , وكلما اعتقد النكرات ومثلث الغم انهم اطفاؤا هذه النار او جذوتها , وحسبوا ان العشائر اختفت , كلما تاججت نارها بقوة كبيرة واندفاع يفوق ماكانت عليه . هؤلاء ومثلث الغم ينظرون إلينا إننا مجرمون بالجينات / بالفطرة , وأننا ولدنا ضد الوطن لانهم ليسوا مع الوطن ولا من الوطن , وأننا أعداء الدولة ونحن من بناتها وأبنائها وقامت على أكتافنا واكفنا , لأنهم لا يحبون الدولة وانما يحبون انتفاعهم منها فقط . وهم لا يقبلون منا المشاركة وانما يريدون منا كلمات الطاعة ولو كان ذلك كذبا ونحن لا نكذب . وعندما قلنا سمعا وطاعة عن صدق وقناعة , قالوا لا يكفي وانما نريد الخضوع , ومن بعد الخضوع لابد من التبعية وبعدها الى العبودية , وحتى العبودية مرفوضة منا وانما ان نكون سائمة في سوق النخاسة . والحقيقة اننا لا نستطيع ذلك ابدا ولا اي من هذه اطلاقا , ولا حول ولاقوة الا بالله العلي العظيم . اشعر بالغثاء والتقزز عندما يبتليني القدر بجلوسهم معي في مناسبة او لقاء عابر او مراجعة ,فهم لا يذكرون الله ولا يسبحون بحمد الله وإنما بحمد البشر , ويفتخرون أنهم يعبدون البشر والحجر والشجر ويفعلون ما يؤمرون بلا سؤال ولا نقاش . أنهم يكررون علي بالجلسة الواحدة مرات المرات الا تجاوز الخطوط الحمراء , ويعتبرونني مجرما ومعارضا وخائنا وغير مخلص وانا عكس ذلك تماما , وصار اسمي بالنسبة لهم مرعبا واخطر عليهم من اسلحة الدمار الشامل . كلما جلس واحدهم او قام , كرر قوله انه مخلص وانني غير مخلص , بل انني خائن في نظره لانني احترم نفسي وكلامي . فماذا قدم هؤلاء للاردن الا الدمار والداء والبلاء وصاروا مدرسة عظيمة في النفاق والشقاق ويعتبرون عبادة البشر والبقر هي الطريق المثلى لتحقيق الهدف ونيل السعادة في الدارين . ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم . في هذا الجو من التخوين لنا ومن التقزيم لعملنا ومن بخسنا لحقنا , ومن حملات التصفية السياسية لنا على مدى ثلاثة عقود مستمرة , وفي هذا الجو الذي يعتبر كتابة تاريخ الاردن وعشائره جريمة يعاقب عليها قانونهم , بل خطيئة تعني في عرف هؤلاء القطعان انها تجاوز للخطوط والمالوف والعروف , وفي هذا الجو من قطعان المنافقين وحقول الغام التخوين وتنفير الناس مني , فانني قد قلصت علاقاتي واتصالاتي الى ادنى الدرجات / الى الدرجة الملحة جدا وادنى من الضرورية , فانا بطبعي لا انافق ولا اكذب ,ومخلص لبلدي ولشعبي ولقضيتي وكياني , وقلبي لا يعرف الكره ولا الحقد ضد احد اطلاقا والحمد لله وحتى الكارهين لي الحاقدين علي فانني لا اكرههم ولا احقد عليهم , لان الكره والحقد حمل ثقيل على الانسان وقلبه نفسه ودماغه , ولان سلامة القلب مريحةجدا جدا ولو جربها هؤلاء لاحبوها على القلوب المليئة بالخطايا . وومع كل هذا فانا مقتنع ان ايا من مثلث الغم ومن هؤلاء القطعان الضالة لن يحبني مهما ابتسم لي , وانه لا يتواني عن استمرار طعني وهو ياخذني بالاحضان , ولا ينفك عن الغمز من قناتي وهو يدعي انه ناصح لي امين . انني اعرفهم جيدا وهم يكرهونني ولا يمكن ان يحبونني لانه لايستوي الخبيث والطيب ولو اعجبك كثر الخبيث , ولا تستوي الحسنة والسيئة , ولا الايمان والكفر .اما انا فلا اكره احدا , فليس في قلبي اي حيز للكره ابدا والحمد لله ( يوم لاينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم ) . يسالني واحدهم ويكرر السؤال : انت مخلص ؟ اقول : نعم انا مخلص طبعا مخلص . ثم يسال ثانية وثالثة وعاشرة ومائة في جلسة لا تزيد عن نصف ساعة. واقسم له انني مخلص , ومع هذا لا يصدق قولي ولا يميني , لان مصلحته ابقائي عدوا وهميا مضخما يعلق علي كل ما يخطر بباله ما ينفعه انني مصدر الاخطاء والاخطار . لذا فانني لا استطيع بحث اي موضوع مع هؤلاء لانهم يعيشون رعب عقدة الشعور بالذنب مما يقولونه ويرمونني به , ورعب الجلوس مع احمد عويدي العبادي / العدو المضخم والمعارض الخطير ؟؟؟؟؟ او الاتصال معي او تلقي الاتصال مني , ويعتبرونني من اصحاب الذنب والخطيئة التي لا تغفرها توبة ولا يمحوها زمن , ويقولون ( ترى قعدتنا معك محسوبة علينا ) لم اسمع منهم كلمة ( قعدتك معنا ) ففي الاولى تكريس للدونية التي يعيشونها في اعماقهم انهم الادنى ويجلسون مع الاعلى , وفي الثانية لا يستقيم الامر لانني لا اجلس معهم وانما هم يجلسون معي ,فهم اهل اليد الدنيا وان رايتهم في بهرجة او متاع قليل وانا صاحب اليد العليا دائما ان شاء الله . وفي مثل هذه الاجواء مطلوب مني كتابة تاريخ الاردن وعشائره . بالله عليكم هل يمكن لشخص ان يكتب ذلك لولا ايمانه بقضيته ووطنه وعقيدته الدينية والسياسية واخلاصه لها ؟ لولا ايمانه ان الاردن وعشائره هي خط من جهنم لمن ارادها بسوء , وهي جنة خضراء لمن ارادها بخير ؟ .بالله كيف يمكن لشخص ان يبدع في جو الارهاب الفكري والقمع الذي يقوم على جميع الاشكال والاحوال لولا ايمانه بقضيته ؟ وكيف يمكن لشخص يعتبر خطيرا اينما ذهب ولا يجرؤ مسؤول ان يجلس معي الا بعد ان يعود الى مراجعه ، لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم . يا جماعة انا مسلم عربي اردني بدوي بسيط جدا , ولكنني صادق وشجاع وصاحب حجة ومخلص لبلدي وكياني وامن بلدي وشعبي دونما طمع في مغرم او هروب من مغرم , وانا تعبت على نفسي , فالثقافة ليست قرصا من الدواء تاخذه مرة وتتحول الى عبقري لا مثيل له , والكتابة ليست مجرد صف حروف , لانها فكر وابداع قبل ان تتحول الى كلمات وعبارات وكتاب . قال لي احدهم : ماذا استفدت من المعارضة ؟ فقلت ماذا خسرت من المعارضة ؟ فقال راحت عليك المناصب وحلت بك المصاعب , فقلت نحن لسنا جزءا من زريبة للحيوانات وانما نحن جزء من وطن وشعب وقضية وهوية وتاريخ وكيان , ونظرتي ليست ان يعيش الشخص كانه واحد من قطيع الابقار والاغنام , وانما نحن اصحاب رسالة ونصنع التاريخ ونكتبه , وهذا ما استفدناه ونسال الله الاجر والثواب امين يارب العالمين , اما انتم فقد سمنتم كالخراف بانتظار الجزار الذي يريد اللحم ولا يريد الفكر , ونحن لا لحم عندنا وانما فكر في سجلات التاريخ . فالطريق الى الحقيقة ليست واحدة , وانما متعددة لان قطرها دائري ويمكن لك ان تدخلها حيث تسلك طريقها مما يليك .والطريق الى التاريخ ليست باللحم والشحم , وانما عبر المواقف والانجازات وقبلها وبعدها عبر الفكر والقلم , وقد اتانا الله ذلك والحمد لله رب العالمين . نقول هذا لعل صرختنا في واد سحيق يكون لها صدى يخدم الاردن واهله , والا فقد ادينا الرسالة والامانة بحسب قدراتنا , ونسال الله القبول . ( ان الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا مابانفسهم ) تاريخ الاردن وعشائره / 13 تاليف المفكر والمؤرخ الاردني د . احمد عويدي العبادي الصراع بين ابن مهدي والعدوان : بروز قوة العدوان وصراعهم مع بني صخر وبني عباد أما في وسط الاردن . فقد آلت زعامة البلقاء برمتها إلى ابن مهدي ألجذامي بعد ان عينه السلطان الظاهر بيبرس , وبدات امارة نافع العجرمي بالانحسار امام تخلي الدولة عنه ولانه كان محسوبا على الايوبيين سياسيا , وان الايام دول ولكل زمان دولة ورجال . وأعلن بن مهدي نفسه مالكا للأرض كلها من وادي الموجب الى سيل الزرقاء ، متحولا الى اقطاعي , وان ما سواه من العربان يعملون عنده حيث يأخذ الشخص مساحة من الأرض يحرثها لقاء حصة له وأخرى لابن مهدي نفسه , اما الاراضي فصارت كلها مملوكة لابن مهدي فهو الامير وهذه امارته , وان مفهومه بالامارة ان الارض وما عليها وما فيها للامير ؟؟؟ . وكان له مخازن للغلال في عراق الأمير والبصّه ووادي الشتاء( منطقة وادي السير ) وماحص وناعور وحسبان وصياغة والمخيط وماعين وذيبان وعمان . وكان يتقاضى مبلغا في كل عام من السلطات التركية لقاء عدم الاعتداء على موكب الحجاج المار عبر الاردن ؟ وقد صار ياوي كل شارد أو طالب للحماية أو مطلوب للدم في عشائر أخرى.وبذلك تحول الى زعيم اقطاعي كبير وماوى للاشرار والاخيار , وسحق بقية الشيوخ ولم يعد لهم مكان او مكانة على الساحة او عند الناس . وصادر اراضي العبابيد التي كانت من سيل الزرقاء الى سيل ماعين , ولم يبقى لهم الا جزءا يسيرا منها . وهنا لابد من الحديث عن علاقة بن مهدي بعشيرتي العجارمة وبني عباد وكلاهما جذامي وهما ايضا من بطن طريف من جذام وهو البطن الذي ينتمي اليه ابن مهدي . واضح ان رسالة التكليف التي وجهها السلطان بيبرس الى ابن مهدي وعينه اميرا على عربان وسط وجنوب الاردن قد بقيت منهجا لذرية بن مهدي في تعاملهم مع الناس . وهنا نجد ان دور كل من اقاربه بني عجرمة وبني عبادي قد تقلص الى درجة التلاشي ( تلاشي الدور ولا اقول تلاشي العشيرة ) وصارت اسماء العشائر التابعة لامارته تذكر لدي كل من المؤرخ القلقشندي والمؤرخ بن فضل الله العمري المعاصرين له على انها جزء من ال مهدي / بني مهدي . وهذا خطا تاريخي يبين عدم فهم هؤلاء المؤرخين للثقافة البدوية الاردنية تحديدا وجهلهم للعشائر الاردنية وتصديق رواية واحدة هي رواية بن مهدي الذي كان يصنف هذه العشائر انها فروع من بني مهدي , ليوهم الدولة ان قبيلته كبيرة وانه ليس اسرة , وهذا يزيد من موقفه وقوته لدى الادارة في مصر , لكسب مزيد من الامتيازات التي يسعى للحصول عليها لنفسه وليس للناس .  لذا فليس صحيحا ان ماذكره هؤلاء المؤرخين من اسماء العشائر انها بطون من بني مهدي او فروع منها , بل كانت عشائر خاضعة بموجب الامر السلطاني لابن مهدي خضوعا عشائريا وسياسيا . فمن المعروف ان العشائر تنسب كل من يتبع الشيخ انهم جماعته وهم ليسوا ابناءه بل اتباعه . فالقبائل بطبيعتها تنسب القوم الى زعيمهم او شيخهم ( عرب فلان / قوم فلان / عربان فلان / جماعة فلان ). وبالتالي فان ماورد من اسماء هذه القبائل انها من بني مهدي في كتب المؤرخين ليس صحيحا , وانما ان هذه القبائل هي ممن يخضعون له ولمشيخته ومن عربانه ولكنهم ليسوا بطونا او افخاذا من اسرته كما يصور لنا المؤرخون . فهو الذي يذكر الاسماء عند ديوان السلطنة ولا حضور لاي ممثل لهؤلاء العربان عند اعطاء المعلومات او اخذ الاعطيات وهو وكيل عنهم والوي الشرعي عليهم لدى السلطة . انها الحقيقة المتوارثة ان الشيخ اذا تحدث عند السلطة ادعى انه الشيخ الاعلى للعديد من العشائر , رغم ان بعضها لايعترف به ولا بمشيخته ولا يحترمه . فالشيوخ تعرف ان الكيانات السياسية لاتحترم الا القوة ( المال والرجال ) , وبالتالي فانهم اعتادوا اظهار انفسهم انهم اقوياء ليحصلوا من السلطة على مايريدون , وهي الثقافة التث لازالت موجودة الى الان . اما عشائر عباد وبني عجرمة وهي في الامارة اقدم من بني مهدي الذي لم يصبح اميرا الا زمن الظاهر بيبرس . فقد كان نوفل العجرمي اميرا قبله على البلقاء وجذام , وكان الشيخ سليمان العبادي واحفاده من الشيوخ الذين حملوا اسمه موجودين زمن الصليبيين وزمن الايوبيين والمماليك . بل ان الظاهر بيبرس قد عين الامير الجرمي العبادي اميرا مساندا للامير المهداوي وادني منه درجة . كما ان امارة احفاد نوفل العجرمي بقيت لمدة من االزمن بعد تعيين المهدي اميرا على البلقاء, وتحول العجرمي من امير للبلقاء الى شيخ للعجارمة , وتحول الجرمي من امير مساند للمهدي في البلقاء برمتها الى شيخ لعباد وحدها . وتقلصت اراضي عباد التي كات تمتد من سيل الزرقاء الى سيل ماعين لتصبح من ناعور الى سيل الزرقاء فقط . وتقلصت اراضي العجارمة مقتصرة على حسبان والمشقر وناعور حتى مادبا جنوبا وبرزين شرقا مطلة على ام العمد , وصارت اراضي بني صخر في واجهاتهم الحالية مع مادبا , وشمالا الى الرمثا وشرقي اربد وشرقا الى اعماق البادية وكان شيخهم الاعلى ابن زهير في زمن المماليك . ولكن هذه القبائل الجذامية كلها ( المذكورة اعلاه ) كانت تحت امرة ( الامير ) ابن مهدي لفترة طويلة والذي كما قلنا عينته الدولة ولم تنتخبه القبيلة , فزعماء العشائر شيوخ اما ابن مهدي فامير وهو اعلى من الشيخ . ولا بد من التنويه ان كلا من هذه القبائل تنتهي واجهات اراضيها الى سيل عمان الى ان تمت مصادرة واجهاتهم واراضيهم من الاتراك لاعطائها للشراكسة عند مجيئهم في حوالي 1888 وما يعدها . وكانت جميع الاراضي التي فقدها العبابيد والعجارمة من السيل الى السيل ( من سيل الزرقاء شمالا الى سيل زرقاء ماعين جنوبا ) قد صارت للمهداوي فقط ( من قبل ) .لذا نسمع المثل العبادي ( عباد من السيل الى السيل ومن الزرقاء الى الزرقاء ) والمقصود هو مابيناه توا وكانت هذه ديرتهم بناء على اتفاقهم مع صلاح الدين كما سبق وذكرنا من قبل في هذا الكتاب . وعندما ثار الشيخ حمدان ( راعي الضبطا) بن عدوان على المهداوي كما سياتي , وقف العبابيد مواقف الحياد تجاه مايلاقيه المهداوي من ضربات موجعة من العدوان واتباعهم ضد مشيخة ابن مهدي , رغم انهم ( عباد والمهداوي ) يمنيون وكلهم من بطن واحد / هو بطن طريف , وتركوه لحراب العدوان والبلقاء والثائرين عليه مما ادى الى زواله من الامارة والساحة والبلقاء كلها بعد صراع طويل وقف الحظ فيه مع العدوان بشكل واضح . فعباد وبترتيب ناعم من ابن ختلان وهو ضيغمي استطاع ان يعيد بناء عشائر عباد مرة اخرى بعد موت الشيخ سليمان العبادي , وان يستعيد الاراضي في االعرضة فسميت عرضة عباد الى الان , واسمها ايضا ام عباد لان العبابيد انطلقوا منها جميعا , وفيها مرج اسمه ابو عباد على انه المكان الذي كان العبابيد يسكنونه . فالمرج اسمه مرج ابو عباد والعرضة برمتها ( والمرج جزء منها ) اسمها عارضة / عرضة عباد / وتلفظ بالالف وبدون الالف . وعندما احتدم الصراع بين ابن مهدي وابن عدوان وقف العبابيد متفرجين , ولكن موقف العجارمة انشق الى ثلاثة اتجاهات هي : احدهما معادي لابن مهدي لاخذ الثار للامارة التي اخذها منهم فانضموا الى العدوان ,واخرون وقفوا مثل عباد موقف المتفرج والحياد واخرون ازروا ان مهدي باعتباره زعيمهم وجذامي ومن بطن طريف . وعندما انتصر العدوان انضموا الى حلف البلقاء القيسي رغم انهم يمن , بينما استقل الصحور في وقت مبكر عن امارة المهداي منذ ان بدا التتار يغزون بلادنا . واستطاعوا ان ينتزعوا من المهداوي حماية قوافل الحجاج في القرن الثامن عشر بعد ان كانت للمهدي , على يد ابن الخريشة الذي صار زعيما لنبي صخر بدلا من بن زهير . وباختصار تأقلم الأردنيون مع الأوضاع والمستجدات لهم بما يضمن لهم البقاء , وانحدر الوضع الاقتصادي إلى أدنى درجاته في سني الجدب، وارتفع في سني الخصب. وكان الزعماء العشائريون يملكون قرى كثيرة يزرعها فلاحون جيء بهم من فلسطين، ويقوم الشيخ بتخزين القمح وأيضا توزيع قسم كبير منه على السائل والمعتر( الجائع ؟ ونضرب على ذلك أمثله: كان لابن عدوان قرى الأغوار الوسطى من وادي الشونة سويمة. وكان العربان يقدمون إليه في نهاية شهر أيار حيث الحصاد في الغور يتقدم شهرا عنه في الجبال المحاذية، ويقوم بتزويدهم بحاجاتهم مجانا وبدون مقابل، بغض النظر عن عشائرهم سواء أكانوا من العدوان أو حلفائهم أو أعدائهم واستمرت هذه السنة الحميدة الى الثلث الاول من القرن العشرين زمن الشيخ سلطان والد ماجد رحمهم الله جميعا . والأمر نفسه كان يقوم به ابن فايز ( بني صخر في أم العمد ) منذ زمن الشيخ فندي الى زمن الشيخ مثقال بن سطام الفايز حتى الثلثالاول من القرن العشرين . فقد روى لي والدي المغفور له باذن الله المرحوم الحاج صالح العويدي رحمه الله، إن الناس كانوا يذهبون ومعهم الإبل أو البغال أو الحمير ويحلّون وقت الكيل ( أي الانتهاء من الحصاد ودرس البيادر) فيطلبون من ابن فايز أو ابن عدوان قمحا أو شعيرا ليطحنوه ويطعمون أولادهم فيأمر لهم الشيخ بذلك دون أن يسألهم من أي عشيرة هم , ولا ياخذ ثمنا لما يعطيهم الله من عنده . انه مفهوم الصراع من اجل البقاء، كل يعين ( يساعد ) الأخر فهذا زعيم من زعماء بني صخر يغزوا الفلاحين لينهب الحبوب والمواشي، حتى إذا ما توفرت لديه جاد ( من الجود) على الآخرين بدون مقابل ولا منّة ولا طلب للثمن. وعلى هذه الطريقة سار هؤلاء الزعماء في حينهم . وبانعدام هذا الكرم والعطاء فقد أولادهم وأحفادهم بريق الزعامة التي كان يتمتع اجيال الرعيل الاول الذين كانوا يتحملون العبء الاكبر في مساعدة الناس . أما ألان فإن العبئ يقع على الدولة بالدرجة الأولى التي تقوم بمهمة حماية الأفراد والجماعات والمجتمع. ويمكن القول أن وسائل الصراع كانت متعددة لكنها تصب في حوض واحد هو البقاء والبحث عن البقاء والاستمرار . أما وقد تحدثنا عن جنوب الأردن وشماله. فإننا نتوقف هنا للحديث عن وسط الأردن وهي البلقاء التي تمتد من نهر الزرقاء شمالا إلى وادي الموجب جنوبا . كانت البلقاء نقطة الوسط بين الشمال الخصب الأهل بالسكان الذي يستقطب الناس من سائر أنحاء الأردن، وبين الجنوب الذي صار يتعرض لسنوات جفاف عجاف متتابعة أتت على الزرع والضرع، وصارت مسرحاً للغزوات والصراعات العشائرية من اجل البقاء . وأينما تجد الصراعات والمعارك، تجد القحط يلازمها أو دعنا نقول: قلة الإنتاج، وذلك لانعدام الأمن عند الناس وبالتالي الانحراف عن العناية بالزراعة والرعاية، إلى خوض المعارك والصراع مع الآخرين. لذا فإننا نشهد حركة هجرة واسعة من الجنوب إلى الشمال، ونجد نسبة عالية من عشائر الشمال ترتبط بجذور في جنوب الأردن وبعضها بجذور في وسط البلاد ( البلقاء) وقد كانت زعامة البلقاء كمنطقة جغرافية, ومجموعات سكانية متركزة في عشيرة العجارمة وأسرة نافع العجرمي من أبائه إليه إلى أبنائه إلى أن جاء المهدي وانتزع منه إمارة البلقاء بقرار من الظاهر بيبرس فعاد ليكون (أي العجرمي) شيخا وليس أميرا على الديرة والعشيرة. كان ابن مهدي ألجذامي شيخاً مهمَّا في جذام، ولكنه استطاع التوصل إلى سلاطين المماليك. وطرح نفسه أميرا لجذام في الجنوب والوسط والشمال على انه الأقوى، بل والاقدرعلى خدمة الدولة في الكرك والقاهرة والتخلص من اتباع الايوبيين . وبالفعل صدر أمر بذلك كما رأينا زمن الظاهر بيبرس الذي وضع حدا لزعامة ابن عقبة(ألعمرو) والعجرمي , الذين كان لديهم بدورهم مراسم بذلك من الأيوبيين، ؟ ثم ارتحل ابن مهدي إلى البلقاء حيث البلاد أكثر خصبا. والناس أكثر طاعه، كما الموقع بعيد عن متناول الدولة وبالتالي بعد يد الدولة عنه فهو بعيد عن تنفيذ الأوامر مما يجعل قراره هو الأعلى والأنسب في أمارته. لم يستطع ابن مهدي أن يطّور أمارته ولا أن يوسعها بل انه تقلصّ مع الزمن , وحمل في طياته عناصر الفناء عندما وقف موقف العداء مع اقاربه العبابيد باخذ اراضيهم , والعجارمة باخذ الامارة منهم , وثلاثتهم من بطن واحد وهو طريف كما قلنا مرارا وتكرارا . وصارت في زمن احد أحفاده جودة المهداوي عبارة عن بيت هشَّ أضعف من بيت العنكبوت والناس كارهون له متآمرون وحاقدون عليه , لما كان عليه من العسف والظلم . وكانت النتيجة إنهاء إمارته وقيادته وسيادته وحلّ ابن عدوان محلّه بعد معارك طاحنة بين أتباع كل منهما. وتم ترحيل ابن مهدي الى شمال الاردن ( المهيدات الان ) والى شمال فلسطين , والى القنيطرة وغرب سوريا حيث لازالوا هناك الى الان . وبقي من اتباعه عشائر انضم بعضها الى عباد مثل : النعيرات والعمايرة والعودات / المحاميد والحوارات . وانضم اخرون من اتباع المهداوي الى ابن عدوان مثل : ابو ريشة , وابو حيدر ( الحيادرة ) والعنيزات ( ومنهم فرع في قرى عجلون شمال المدينة ) , والحجاج , وابو تتوه وغيرهم . لقد أسس نوفل العجرمي إمارته بدعم الدولة الايوبية بعد أن عاد وأقاربه من نجعة طويلة تحرك زمن الاحتلال الصليبي واقاربه من البلقاء إلى العلا التي كانت اردنية طلبا للامان من العسف الصليبي . وكانت العلا نقطة التجمع الجنوبي للعشائر الاردنية، على أنها أيضا أقصى مركز يتبع قلعة الكرك في أعماق شمال جزيرة العرب. ويبدوا أنه استطاع جمع المال من هناك أو اكتساب المزيد من المواشي، بحيث عندما عاد وحط رحاله في ديار ابائه وأجداده وهي البلقاء أعلن نفسه أميرا عليها وعلى أهلها بدون منازع بدعم الايوبيين الذين كانوا غاضبين على بني عباد , وحيث انه جذامي وان غالبية سكان البلقاء كانوا من جذام فإن دعم الايوبيين له اميرا للبلقاء لقي ترحيبا واسعاً،واختفى الشيوخ الذين يمكن أن يعارضوه أو يقاوموه وصار له نصيب مما تدفع الدولة الأيوبية من المال لقاء حماية قوافل الحجاج العابرة للأردن ذهابا وإيابا. كانت البلقاء حصنا هاما لإمارة العجرمي زمن الايوبيين وصدر المماليك حيث الأراضي جبلية تغطيها الغابات وهي وعرية مما يشكل حماية طبيعية له ولأتباعه إذا ما أداهمهم خطر من الأخطار وخصوصا الاجتياح الخارجي. كما أن السهول خصبة مما يشكل موردا اقتصاديا كبيرا له، حيث سهول مادبا وحسبان وغرب عمان وشفا بدران والبقعة والأغوار. لذلك لم يكن نوفل بحاجة للدعم المادي الرسمي رغم تلقيه له، وإنما كان يحتاج دائما إلى التزام من سلطات القاهرة ان تتركه وشأنه وكذلك كان. ومن الواضح أن المماليك لم يكونوا مرتاحين لإمارة العجرمي لنزوعه نحو الاستقلال، والتمرد، ولانهم اعتبروه صنيعة الايوبيين وقد يصبح ملجأ لهم اذا ارادوا احتلال الكرك او التمرد على المماليك . وخشي المماليك من دعم العجرمي لاخلاصه للايوبيين , لذلك دعموا ابن مهدي ليكون زعيما لجذام ومن ثم ندَّا لنوفل في الان نفسه ، ثم يتغلب عليه فيما بعد بدعم من سلطات المماليك. وهذا الذي حدث كما يبدو . لقد وافق ابن مهدي على شروط المماليك وصار واحدا من صنائعهم أما العجرمي فهو من صنائع الأيوبيين، ونحن نعرف أن لكل زمان دولة ورجال وان الله سبحانه يداول الأيام بين الناس. انزاح العجرمي عن الطريق، وصار ابن مهدي زعيم البلقاء بدون منازع، وطغى وتجبّر وذكرته كتب تلك الفترة التاريخية وكتب الأنساب التي من بينها نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب للنويري. وعددت الكتب العشائر التابعة لابن مهدي ومن بينها عباد، وبني صخر، والعجارمة وبني حميدة، وان جاءت هذه تحت مسَمَّيات أخرى. فقد أعتاد الأردنيون تغيير الأسماء حسبما هي الحاجة للحماية والبقاء وبالتالي تحدثت بعض الكتب عن أسماء لم تعد موجودة ألان، وظهرت أسماء لنفس العشائر لم تكن موجودة آنذاك.فالتغيير كان في الاسم ليس باختفاءالعشيرة . انها وسيلة اردنية للصراع من اجل البقاء . توسعت عائلة المهداوي ( ابن مهدي) وأطلق عليهم اسم الامارى أي الأمراء ؟ لان لفظ شيخ وأمير كان يطلق عند العرب على كل ولد من أولاده وذريته الذكور، ويطلق لقب أميرة وشيخة على كل من كانت له من ذريته الإناث . كما أن الأمر نفسه انتقل إلى الأيوبيين والمماليك في تسمية الذكور, إذ أطلقوا كلمة ملك على كل ذكر من أبناء الملوك وأحفادهم. وأطلقوا اسم خاتون على كل أنثى من بناتهم وحفيداتهم وزوجاتهم. ولا أعرف معنى خاتون، لكنها كلمة أعجمية – تركية أو كرديه أو فارسية تعني السيدة المبجلة. وقد أدت كثرة الأمراء في الاسرة المهداوية إلى تراخيها ، وتنازعهم وتناحرهم على السلطة، وأن مجموع ما جرى قتله في مجزرة شجرة الفحيص على أيدي العدوان ونصارى الفحيص ضد الأمراء قد تجاوز الأربعين أميرا ثم دفنهم في بيادر وادي السير إلى الشمال من مثلث الإشارة الضوئية المؤدية إلى مدرسة الصناعة، وقد أزيحت بالجرافة، وتم بناء عمارة تجارية عالية في مكانها وكانت تسمى قبور الامارى: أي قبور الأمراء ولا يقال : مقبرة الأمراء.وقد أشار إليها ألرحاله كوندر عام 1881 في كتابه: أعمال المساحة في شرق الأردن؟ وزالت القبور والجذور إلى غير رجعة. فسبحان الله ربّ العرش العظيم . لم يطور نوفل العجرمي إمارته في البلقاء ولم يوسَّع منطقته ولم يستقطب مزيدا من الناس، واكتفى بلقب امير شانه بذلك شان بقية الاردنيين عبر التاريخ عندما يهدا واحدهم اذا مااخذ لقب امير او شيخ او باشا ,اما حديثا : دولة معاي , عطوفة , سعادة , لان هذا بالنسبة له نهاية المطاف ولو كان المانح لهذ اللقب سلطة غريبة وقوامها الغرباء . فكما قلنا ان لقب الشيخ والباشا له سحر قاتل للاردنيين , فكيف بلقب امير .؟ انه قد ادى الى الكارثة . واذا استثنينا الامارة الطائية ( طي ) والغزاوية ( بني عوف / قضاعة ) والزيدانية ( الزيادنة / الازد ) فان كل مانجده من الإمارات العشائرية في سائر أنحاء الأردن هي من قبيلة جذام ( العجرمي , المهدي , الجرمي , بني عقبة / العمرو ) ، وان بني صخر الذين سادوا الأردن مئات السنين هم من جذام أيضا وان الكثير من العائلات والعشائر التي غادرت البلقاء شمالا أو جنوبا داخل الأردن أو غربا إلى فلسطين ومصر أو شرقا إلى العراق أقول أكثرهم من قبيلة جذام. بل انه ورغم أن بني حسن هم أكبر قبيلة عددا ألان بالأردن إلا أننا لو جمعنا اعداد جذام أيضا في سائر أنحاء الأردن لزاد عددهم على أعداد بني حسن. ولو أننا أعدنا الجذاميين من خارج الأردن وجمعناهم مع جذام الموجودة لتجاوز عددهم نصف سكان الأردن قاطبة. ما نريد الخلاص إليه أنه رغم عراقة جذام وكثرتها وسعة ديارها، الا أن أميرها نوفل العجرمي الذي انحدرت الإمارة في نسله حتى نافع العجرمي الذي نزل عليه ابن بطوطة في القرن الثامن الهجري في البلقاء في مناطق ناعور الحالية. أقول لم يتمكن من تطوير أدارته وإمارته للقبيلة والبلقاء إلى أمارة مستقرة ذات سلطة مركزية لها جيش ومؤسسات إدارية. وهذا ما جعل الإطاحة به أمرا سهلا من قبل أبن قبيلته وهو ابن مهدي ألجذامي أيضا. ولو نظرنا إلى الممالك الاردنية في أزمان الوثنية لوجدناها أكثر قدرة على بناء الدولة بمفوهمها آنذاك من المشيخات أو الإمارات الهشّة التي نحن بصدد الحديث عنها . وقد حاول الشريدة / بن حماد / جذام ( دير أبي سعيد) والخزاعي / بني عوف / قضاعة في عجلون) أن يبني كل منهم إمارة صغيرة، إلا أنها لم تعمَّر طويلا بل كان مصيرها في النهاية ان عادت الأمور إلى مستوى الشيخة في هذه العائلة أو تلك . وبذلك بقي الأردن بدون أمير تتجمع حوله الناس ليكونوا له رعية وبالتالي بقي بدون كيان سياسي يوحد اجزاء الكيان الجغرافي والكيان الاجتماعي ضمن وطن واحد وشعب واحد وكيان سياسي واحد . واقتصر الأمر على الشيخة فقط. لذلك فان كل شيخ كان يتعاون مع المحتل الوافد لكي لا تتاح الفرصة للشيخ الأخر أن يهيمن على الديار والناس والمشيخة , ولكي يبقى الشيخ العميل حاملا هذا اللقب السحري ولو على خازوق من خشب السنديان . وكان كل شيخ لا يهمه الا بقاؤه على الكرسي الهش وهذا يعتقد أنه أوسع من الدنيا وما فيها، وكما قال المتنبي : ذو العقل يشقى بالنعيم بعقله: واخو الجهالة بالشقاوة ينعم. كان بامكان ابن مهدي وهو يحظى بالدعم المطلق من المماليك ان يتوسع في الديار الاردنية ليسيطر على الشمال والجنوب ويوحده مع الجنوب والوسط ، الا أن مفهوم التوسع والتوحيد بين أجزاء الوطن واجزاء الشعب لم يكن موجودا ولا متوفرا في ذهنه على مايبدو , وكان يعتقد , شانه بذلك شان كل مسئؤل متخلف وطنيا وفكريا , ان كرسي الامارة دائم له الى يوم يبعثون , وكانه لايؤمن بتطور الاحوال وتبدلها وتداول الايام بين الناس . لذلك تسلّط على الناس إلى درجة أن واحدا من أحفاده ( جودة المهداوي ) أراد الزواج من فتاه نصرانية من الفحيص وهو أمر لم يوافق عليه أبوها، ولا وجوه قومه، وركب راسه فكان ما كان من تحالف أهل الفحيص مع ابن عدوان وفرسانه والقضاء على من يسمى الامير وصحبه ذوي التسمية بالامراء . وهذا يذكرنا بما حدث فيما بعد في مصر عندما قام محمد علي باشا في مطلع القرن التاسع عشر بدعوة المماليك والقضاء عليهم على وليمة ايضا , وكذلك ما فعله السلاطين المماليك على الدوام من قتل الأمراء المماليك من أتباع المملوك الخصم أو المنافس. فهذه عادة كانت سائدة عند العرب وهي الدعوة إلى الطعام ثم قتل المدعو لياكل الموت بدلا من اكل الطعام . وهو ما حدث للعمرو ( جذام في الكرك على ايدي اهل الكرك فيما بعد ، وللرشدان على أيدي الشريدة في الشمال). ومثلما كان أفول نجم الأيوبيين ملازما لبزوغ نجم المماليك فإن هذه هي سنة الحياة. يفنى شيء ، ويظهر شيء اخر ، وتستمر الحياة، ويخرج الحي من الميت , ويخرج الميت من الحي , ذلك أن الكيانات السياسية او الإمارة عندما تبقى على وتيرة واحدة بدون تحديث وتطوير فإنها تبدأ بالذبول.وان عدم ظهور قيادات تجدُد الإمارة وطريقة بنائها حسب المستجدات يجعلها قديمة بالية، وتتطور الأمور من حولها وتتحرك وتتركها في ركام الكسل وحطام الفشل. وقد آلت في حالة حديثنا، أقول آلت الإمارة إلى الأمير جودة المهداوي، والذي وصل وسط ركام وجبال من ترحيل المشاكل المستعصية , ومنها انه كان حوله عشرات الأمراء، أي من نسل اسرة ابن مهدي الأول، وصار كل واحد يدعي الإمارة لنفسه لقبا وعملا، وبالتالي منافسا لمن يجلس على كرسي الامارة والذي قد يكون اخاه او ابن عمه . وحيث يتعذر عمليا اعطاء الامارة لكل امير ,صار كل واحد يسمى : الأمير متوهما أنه الأولى بالإمارة من سائر الأمراء ومن الأمير المعاصر له نفسه , وبالتالي كان كل واحد يمهمه ان يضحي بالاخر لينجو هو من الهلاك , وكل واحد يهمه الاطاحة بالامير الحاكم متأملا ان تكون الامارة له وحده . ولو أن الأمير جودة أوكل إليهم مهمات للبناء والعطاء، والاستقرار والازدهار , بدل ان يتركهم عاطلين عن العمل مع حمل اوزار اللقب وتراكماته وعقده , لصار التكاتف بينهم ولصاروا سدّا منيعا كالبنيان المرصوص , ولصاروا امارة ذات مؤسسات وليس مجرد امارة ذات القاب يعيش فيها من يسمون انفسهم الامراء عالة وطفيليات على بقية الناس وعلى حساب الفقراء والارامل والايتام والمستضعفين .  وهنا يسوقنا الحديث إلى الفارق بين وراثة الإمارة، وصناعة الإمارة، فمنهم من يرثها عن أبيه , لكنه يبني ويشيد ويعطي مزيدا من الازدهار لها، ومنهم من يرثها وينام على الوراثة ويترك الأمور كما هي تسير بقوة الاندفاع , ولا يهمه الا التبجيل له والحديث الوهمي عن إمارته, فيصاب بداء الادمان على سماع الثناء دون الاهتمام بالبناء والعطاء . بل ويعطي الأولوية لمدحه بما لم يفعله وليس بفعل ما يستحق الثناء. وهم بهذه الحالة لا يتوقعون نمو طرف أخر يتطلع للشيخة وإزاحة هذا الشيخ وتدمير أسرة الإمارة , لانهم يعتقدون انهم اصحاب الحق بالامارة وان الاخرين موجودين لخدمتهم والتبعية لهم ليس الا . وهذه عقدة تطيح بالكيانات السياسية عبر التاريخ , عندما يعتقد هؤلاء انهم اصحاب الحق الطبيعي بالامارة والسيادة وانه لايحق لاحد ان ينافسهم على ذلك . إن من يصل الإمارة وينام مسرورا بها دون أن يخطر بباله أن هناك الكثير الذين يفكرون كيف يطيحون به ويجلسون مكانه , أقول من يفكر هكذا، فانه لا يستحق الإمارة، ذلك أن الوصول إلى الموقع أو المنصب قد يكون سهلا، ولكن الحفاظ عليه هو العملية الصعبة المكلفة . وفي هذا السياق قال الشاعر المعتمد بن عباد من بات بعدك في ملك يسر به فانما بات بالاحلام مغرورا ومن المؤسف أن الأردنيين يعيشون دائما على الأمجاد الوهمية القديمة بدل ان يبني واحدهم لنفسه مجدا حقيقيا حاضرا ومستقبلا زاهرا . وينام على الأمجاد الوهمية وليس على بناء الحقيقية . ولا يستيقظ على تحرك الذين يظهرون له المودة والابتسامة، ويبطنون له السيف البتار والثأر والدمار. وقد عبرَّ الشاعر البدوي عن ذلك بقوله: لو يضحكوا لك ضحكهم سمَّ حيَّه.؟ كان الشيخ يطرب لحداء الجياع والمدافعين الذين يتقاضون أجرا لذلك طعاما لأولادهم في سني القحط، أو دريهمات لجيوبهم في سنيَّ القلّة، وهم يرددون : يا شيخ حنا عزوتك: جلابيبك يوم المبيع وان ما بعت حنا نبيع بأرخص ثمن لأرواحنا؟ وبقيت هذه انشودة يرددها الناس كجزء متوارث نت ثقافتهم , الى ان اختفت في الثمانينات من القرن العشرين , عندما ذهب الجيل الذي تشربها بعقله ودمه او اصبح غير قادر ان يغنيها او يرددها . وكنت اعلق على ذلك في حملاتي الانتخابية من 1989 – 2003 م ان على الاردنيين ان يتوقفوا عن ترديد هذه الاهزوجة المهزلة التي صارت تحمل عناوين سياسية , ويترتب عليها ضياع الوطن ونحن ننظر باعيننا . وكنت اقول : ( لسنا جلب ولا جلايب ) ولسنا فدى اي شخص من الناس الاحياء على هذه الارض , نحن فدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفى , وكنت اجد اذانا صاغية وانا انبه الى خطورة هذه الاهزوجة . ولكنها ارث قديم كان يطرب له الشيوخ ويتعاملون مع العربان انهم جلايب لهم يوم المبيع . والانكى من هذا ان هذا الشيخ اذا لم يضحي بهم فهم جاهزون للتضحية بارواحهم وبارخص الاثمان متطوعين حتى ولو انه لايريد بيعهم ويريد الحفاظ عليهم ( وان مابعت حنا نبيع = بارخص ثمن بارواحنا ) لقد اختفت هذه وحل مكانها : (بالروح بالدم ) وهي وان كانت مهينة ايضا الا انها اقل شرا , لان البيع يعني العبودية ( جلايبك يوم المبيع ) / اي يوم الحروب ويوم الصفقات السياسية . وكانت هذه الانشودة هي قسم الموالاة والاخلاص للشيخ : ( جلايبك يوم المبيع ).وفي الحقيقة انها غالبا ماتكون ضحكا على الشيخ للاستفادة منه ليس الا . وإذا ما سمع هذا الأمير الوهمي الكرتوني مثل هذا الكلمات عضّ على غليونه نشوانا ونظر في السماء معتقدا ان ذلك سيستمر الى الابد , دون أن يعرف أن هذا ان الايام دول وتداول , وان هناك من يعمل تحت الأرض أو من وراء الكواليس للإطاحة بهذا الشيخ أو الأمير أو سمه ما شئت. وعندما يراهم وهم يرقصون تلعب شواربه طربا وهم انما ينتظرون قص هذه الشوارب ونتفها شعرة شعرة ولو بعد حين . وكما يقول الشاعر البدوي : حنا نعد الليالي والليالي تعدنا + والعمر ينقص والليالي تزيد من سوء طالع جودة بن مهدي أنه كان الأمير الأضعف في سلسلة من ورث الإمارة المهداوية عبر مئات السنين , وورث تراكمات الضعف وترحيل المشاكل والازمات ممن سبقوه . ومن سوء طالعه أنه أراد الزواج من فتاة نصرانية رفض أهلها تزويجه إياها ومخالفا للعرف الاردني بعدم تزوج النصراني من المسلمة او المسلم من النصرانية الا في حالة تغيير الدين . وعندما أصرّ على الزواج قدموا له الداء في الدواء، وتحالفوا مع خصمه وهو ابن عدوان الذي كان مطرودا من الأمير جودة إلى مناطق مادبا بعيدا عن بؤرة الصراع ومناطق الخطر على الامير , لينجو كل منهما من الاخر . بل أن سوء طالع الأمير جودة أنه تزامن طلبه للفتاة النصرانية مع الخصومة مع حمدان بن عدوان بن فايز. كان حمدان رجلا شجاعا صاحب رؤيا بعيدة وطموحات واهداف ليحل محل ابن مهدي في امارة البلقاء ، وعاش في كنف الأمير جودة ومن سبقه فعرف طريقته في إدارة الإمارة وطريقة تعامله مع الناس وعرف قدرات الأمير الشخصية والاقتصادية والسياسية وميوله، وما يحب ويكره، وعرف نقاط ضعفه فدخل فيها، ونقاط قوته فتجنبها. بل واستقطب الناس المظلومين من حول الأمير جودة واشتراهم بالمال الذي وجده حمدان على الناقة الضبطا عندما هجم والأمير ورجاله على موكب الحج في إحدى السنين، فكان نصيبه ( اي ابن عدوان ) الناقة التي تحمل خرج المال الذي هو مال الموكب كله او مال امير الحاج . لقد أسس حمدان مجد العدوان في البلقاء لذلك فالمقولة حول بناء مجد العدوان تقول: ( العدوان انتهوا بماجد وبدأوا بحمدان ) والمقصود من حيث المجد الساسي والعشائري والسطوة . أما المغفور له الشيخ ماجد فهو ابن سلطان بن علي ذياب العدوان وهو من رجالات الأردن وزعامتها في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ومات ودفن في ظروف غامضة، وكان قاد ثورة ضد الإدارة البريطانية عام 1922م ، وتم قمعها بالقوة .( تفاصيل وظروف وفاته في كتابنا / في ربوع الاردن جولات ومشاهدات / الجزء الاول ). بدأت قصّة حمدان بالمال عندما حصل على خرج الذهب على الناقة كما قلنا. وصار يعطي الساخطين على الأمير جودة، مالا سرّاَ لشراء سلاح بصورة سريّة وتحسين وضعهم أيضا حتى شكل جيشا سريَّا، في ظاهرة أنه من رجال الأمير جودة، وفي حقيقتة مخلص حتى النخاع للشيخ حمدان بن عدوان او مخلصين للمال الذي يجدونه عند حمدان ولا يجدونه عند جودة المهداوي , كما أنهم ايضا أرادوا الثأر لكرامتهم , لما كانوا يلقونه من مهانة وإهانة على يد الأمير جودة، مقابل المال والعطف الذي يلقونه من حمدان بن عدوان . لقد تدرّب حمدان ورجاله على الفروسية والغزو في كنف الأمير جودة أيضا وكانت أم حمدان من الأميرات المهداويات أيضا، وبالتالي كان موضع الثقة المطلقة , فهو في كنف اخواله , ولم يخطر ببال جودة المهداوي ان ( الملك عقيم لايعرف ابا ولا اخا ) وانه من مامنه يوتى الحذر .وقد أتقن حمدان دوره في التخفي والمكتومية على مايريد حتى وصل إلى مرحلة كان إذا خرج جودة ورجاله، خرج معه حمدان ورجاله يأتمرون بأمره هو ،ولا يطيعون أوامر سيدهم الاعلى جميعا وهو الامير جودة. وهنا وبعد فوات الاوان تسَّرب الخوف إلى قلب الأمير المهداوي , وشعر أن هناك قوة واضحة قد تطيح به , فوجه سؤاله الى حمدان قائلا : ياابن اخي ( اي ابن اختي / ياخال ) من أين لك هؤلاء الرجال لا يسمعون إلا لك ولا يطيعون بشراً سواك ؟. فقال حمدان يا خالي الأمير لقد استقرضتهم من مختلف العشائر ( ومن هنا اسموهم : المستقرضة ¸ ثم تم تغيير الاسم واسموهم : القرضة ) . فقال جودة لحمدان : انك تريد شنَّ الحرب عليّ إذن. فقال حمدان : .معاذ الله أيها الأمير، وانما أنا عون لك، لاعون عليك.وسلاح معك لا سلاح ضدك، وعضد لك لاعضد عليك , وسترى مدى إخلاصي لك. فاقتنع جودة واستمر على عادته في تقريب حمدان منه الذي صار يتدخل في إدارة الناس ويشارك الأمير بهذه المهمات والقرارات . ولم يكن جودة يعلم ان مال الحجيج الذي نهبه كان على ظهر الناقة الضبطاء التي كانت من نصيب حمدان وحده دون ان يعلم جودة انها تحمل المال الذي تكتم حمدان عليه ولم يخبر به ( بالمال ) احدا . وفي جو الظلم والفقر عمل هذا المال عمله في تقليب القلوب الحاقدة اصلا وزاد سوادها ضد جودة وصارت بيضاء طيعة تجاه حمدان بن عدوان . وبالمقابل بدأ جودة يعدّ العدّة سرَّا , تحسبا لقوة حمدان , وجند ( جودة ) رجالا مخلصين له خشية اعلان ابن عدوان الحرب ضدّه، وصارت لدية ( اي جودة ) قوة أضعاف ما عند حمدان بن عدوان وصار جودة يتودد للناس لأنهم سنده، ويغير من سلوكه ويخفف من ظلمه للناس كي لا يتجاوزوه إلى احضان حمدان. وقسَّم الناس بين فئتين فئة مخلصة له ولها كل الاحترام والتقدير والامتيازات والمساعدات , وفئة عدوّة، وعليها صبّ جام غضبه إلى درجة أنه أحد أفراد هذه الفئة عجز عن تقديم ثورين للحراثة، وقدّم ثورا واحدا ، فما كان من الأمير جودة إلا وأمر بربط هذا البدوي من الفئة المغضوب عليها تحت الطرف الثاني من النير، والحراثة عليه وعلى الثور معا طيلة اليوم. وكانت هذه اخطر حماقة اقترفها جودة , وبمثابة عود من الكبريت في حقل زرع يابس مغرق بالبنزين الحارق في يوم قائض . اثارت الحادثة اشمئزاز الناس جميعا، وغضبوا بين مرعوب وهو مطيع، وبين خائف وهو متمرد , فلجأوا إلى حمدان بن عدوان الذي كان في غاية الذكاء والدهاء فقد نزلت عليه هذه الحادثة هبة من السماء مستغلا اياها , معلنا انه يناصر المظلومين ويرفض استعباد الناس , والاساءة الى كرامتهم , وطلبهم ان يتبعوه في الانقضاض على سيده والانتقام منه شريطة مبايعته بالإمارة بدلاً من المهداوي. وصارت المبايعة لحمدان على الإمارة / الشيخة . الا أن حمدان لم يكن يعرف ما كان جودة اعده في الخفاء من تجهيز مقاتلين يزيد عددهم على المستقرضة ( القرضة ) اتباع حمدان أضعافا مضاعفة، فتصّدوا لهجوم حمدان ورجاله وطردوه ( طردوا حمدان ) إلى وادي الموجب وعطروز ( في أراضي بني حميدة) جنوب مادبا ، ودارت الحروب لعشرين عاما بين الطرفين , آلت إلى قتل حمدان وعددا من قياداته الشَّجعان وبقي الأمير جودة على قيد الحياة . ولكن حمدان عقّب ثلاثة أولاد من زوجته القرضية وهم : عدوان ونمر ومحمد حيث تتعدد وتختلف روايات العدوان حول تسلسل الأجداد، فمنهم من يرى وجود عدوان الأول والثاني، ومنهم من يرى أن حمدان هو ابن فايز وهو والد عدوان، وانه لا يوجد عدوان الأول . ومهما يكن فإنا ارى ان عدوان الاول هو ابن فايز , وان حمدان هو الأساس الذي بنى المجد للعدوان في البلقاء لما كان عليه من الحظ والشجاعة وبعد النظر والتطلع لحكم البلقاء والمال الذي كسبه من على الناقة كما ذكرنا . وفي رأينا أنه لو دامت لحمدان فإنه كان أقدر الفرسان والشيوخ في زمنه على بناء إمارة أردنية تشمل الجنوب والوسط والشمال، الا أن القتل عاجله وترك لأولاده الثارات مع الأمير المهداوي والذي بدوره أنفق كثيرا مما في خزائنه لاستمالة الناس لصالحه ضد العدوان ، فتغيَّرت أوضاعهم، وأعلنوا الإخلاص الصادق للمهداوي .   وصار معهم أكثر لطفا واحتراما. وقد نجح في إبعاد ذرية حمدان العدوان إلى مسافات بعيدة وتفرق الكثير من رجال حمدان عنه، وعفا عنهم الأمير جودة المهداوي الذي بدا أكثر قوة مما كان عليه هو أو أي من أبنائه واستطاع الصمود أمام ثورة حمدان المدعومة بالمال والسلاح والرجال وشجاعة حمدان وبعد رايه وحصافتة واستطاع ان يطرد حمدان من حدود الامارة المهداوية الى المصلوبية جنوب مادبا مرة اخرى . دعا الأمير جودة إلى تحالف جذام، وانضمت إليه عشائر عباد حيث كانت بني صخر في البوادي متنقلة تجوب البلاد من سواحل سيناء غربا إلى الجوف وتيماء ودومة الجندل شرقا، ومن العلا جنوبا إلى جزيرة الفرات شمالا، كما أن الحرب ما بين رجال حمدان والمهداوي كانت موضعية في مناطق البلقاء، ولم تخرج شرقا أو غربا أو شمالا. وكان أقرب الجذاميين إلى اتون المعركة هم : العبابيد، العجارمة، والحمايدة، والدعجة. أما الدعجة فقد نأوا بأنفسهم عن الصراع ثم انضموا فيما بعد إلى ابن عدوان، وأما العبابيد وبني حميدة فقد أبت عليهم جذامتهم إلا دعم أميرهم أو أمير جذام في هذه الديار وهو المهداوي , او على الاقل رفض الانضمام الى العدوان , حيث تحول الصراع الى قيسي ( بزعامة العدوان ) , ويمني ( بزعامة المهداوي ) ، وأما بقية العشائر فقد وقفت حيادية , على االطريقة الاردنية المتوارثة , بانتظار ما ستسفر عنه الصراعات ومن ثم يتركون المنهزم المغلوب وينضمون إلى الغالب الذي كان العدواني. وأما العجارمة فقد انقسموا إلى ثلاثة اقسام كما قلنا : قسم تعصَّبوا لجذاميتهم وانضموا للمهداوي في حربه وبقوا معه ونزحوا فيما بعد نتيجة هذه الحروب إلى الجولان وغرب دمشق (واسمهم ألان عشائر السلّوم وجاءهم الاسم بسبب سلامتهم من الموت بعد أن غادروا البلقاء أرض الآباء والأجداد) . وقسم اثر الحياد ويقفون مع المنتصر , واما القسم الثلث فهم الذين منهم

مواضيع قد تعجبك