كتب محمد الحوامده
في الأنباء أن الدكتور عبد السميرات، مدير عام صندوق الزكاة، سيزور بلدة الجفر يوم الخميس، كمندوب عن وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور عبد الناصر أبو البصل، لافتتاح الملتقى الخيري واليوم الطبي المجاني في الجفر.
وعلى أهمية هذا اليوم الطبي، وعلى قدر احترام الدكتور السميرات، ومنتدبِه الدكتور أبو البصل، إلا أن الجفر المتربعة على تخوم الأردن الجنوبية الشرقية تحتاج لـ "حافلة" من المسؤولين لحل مشكلاتها المتراكمة منذ عشرات السنين.
فما رأيته في عيني وما سمعته في أذني، وما تتضمنه بيانات حكومية عن بلدة الجفر، تؤكد الحاجة لهذه الحافلة من المسؤولين، ليس لالتقاط صور الـ "سيلفي" أو افتتاح الملتقيات، بل للعمل والعمل والعمل.
ففي البلدة التي يقطنها حوالي 10 آلاف مواطن أردني، من أحفاد مقاتلي جيش الثورة العربية الكبرى، 40% منهم دون الـ 15 عاما، تتوفر مدرستان ثانويتان، الأولى للبنين، لم ينجح منها أحد في آخر 4 سنوات، في حين ينجح من مدرسة البنات طالبتين أو أكثر بقليل كل عام، والسبب تغيير المعلمين والمعلمات وعدم توفير البيئة المناسبة لاستقرارهم في البلدة.
ولدى القضاء أراض بمساحة 315 كيلومتر مربع، شيد عليها مصانع للفوسفات، ساهمت أعمال التعدين التي بدأت فيها منذ عام 1977 بإحداث تصدعات في البلدة، ولوث الحفر الجائر للآبار فيها المياه الجوفية، وزاد نسبة الكبريت.
وأهالي القضاء الذين يرتبطون بصلاة قربى مع أبناء عمومتهم من قبائل الحويطات القاطنين في حوض الديسة، يعانون من نقص في مياه الشرب، زاد منها التعنّت في السماح لأهالي القضاء من حفر الآبار لإقامة المشاريع الزراعية، مع منح المستثمرين من شركات وأفراد كافة التسهيلات لحفر الآبار.
وفي الجانب الصحي، فقد زاد المركز الصحي الشامل، الذي لا تتوفر فيه كافة التخصصات، من أعباء قاطني القضاء، وزاد الضغط على مستشفى معان الحكومي، وكل الوعود الحكومية السابقة كانت تنقل المستشفى الموعود حسب الفئة المستمعمة، فتارة تقرب الوعود المستشفى من الجفر، وتارة تبعده إلى أقضية أخرى أبعد من مستشفى معان، ليبقى المركز الصحي غير "الشامل"، وعلاجاته مجرد حساب مدرج في الإنجازات الحكومية المتراكمة.
أما البنية التحتية هناك، فحدّث ولا حرج، فالشوارع الإسفلتية تشبه كل الشوارع إلا الشوارع الإسفلتية، وفي الأيام الماطرة قد تحتاج لقارب مطاطي لزيارة جار أو قريب يبعد عن منزلك بضعة أمتار، قد لا تستطيع إنجازها بلدية موازنتها نصف مليون دينار، تذهب نصفها للرواتب والأجور.
كل هذا الوضع، يزداد سوءا مع مشكلة الفقر، التي تصل نسبتها حسب الإحصائيات الرسمية إلى 34%، في ظل غياب واضح لمشاريع التنمية، لأناس "يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف"، ففي حين تسد المعونات الطارئة بابا من أبواب الحاجة، إلا أن مشاريع التنمية كفيلة بسد عدة أبواب دفعة واحدة.
وما يعمّق المشكلة العميقة هناك، غياب أي فرع لمصرف تجاري أو إسلامي في البلدة، بدراية من محافظ البنك المركزي ومسؤولي البنك، أو بغير علم منهم، في حين تخلو البلدة من أجهزة الصراف الآلي، إلا من جهاز واحد متنقل لأحد البنوك مضى على وجوده حوالي شهرين من العام قبل قبل الأخير من العقد الثاني من الألفية الثالثة.
لمندوب معالي وزير الأوقاف كل الاحترام والتقدير مجددا، لكن لا تذهب وحدك إلى الجفر، خذ معك المسؤولين في الحافلة، واقطع معهم مسافة 50 كيلومتر من الطريق الصحراوي حتى تصل القاعدة العسكرية، على مدخل بلدة الجفر، وابدأوا بعدها بالتأمل، وتلمّس احتياجات الناس هناك، ففيها من الأجر عند رب العالمين، ومن تحمّل المسؤولية بعدها أمام من ولّاكم مسؤولياتكم، ما يستحقان السؤال والعمل.




