*
الاثنين: 08 ديسمبر 2025
  • 14 نوفمبر 2009
  • 00:00
الحلقة السادسة  ملوك الكرك
خبرني- تاليا نص الحلقة السادسة من كتاب تاريخ الاردن وعشائره للكاتب الدكتور احمد عويدي العبادي  والذي تنشره خبرني :    في حطين وقعت واحدة من أعظم المعارك في التاريخ، وبالذات في الصراع الصليبي الإسلامي. كانت صراعا بين الكفر والايمان , والشرق والغرب , وتباين الحضارات والثقافة والعقيدة والوجود على هذه الارض , وكانت صراعا بين رعايا صليبييين جاءوا الى بلادنا واحتلوها وبين شعب عربي مسلم من شتى الاقطار القريبة للصراع وهي : الاردن وفلسطين وسوريا ومصر وشمال العراق .كانت معركة بين من يؤمن بالمسيح نبيا وبين اعداء المسيح عليه السلام . كانت المعركة في الصيف 4 تموز 1187 الموافق 25 ربيع الآخر عام 583هـ، وسيطر المسلمون على الماء ومنعوا الصليبيين من استخدامه، وقام المسلمون بحرق الأعشاب والزروع مما زاد الحرارة والدخان والضيق والتلوث ، ووقعت المعركة بين جيش إسلامي موحد يدعمه اعداد كبيرة من المتطوعين الاردنيين بنا يزيد على عدد الجيش نفسه , وله قضية عقيدية موحدة وواحدة , وهي الجهاد الإسلامي وتحرير الارض الاسلامية بشكل عام ، ووطنية قومية وهي تحرير الأردن وفلسطين من الاحتلال الصليبي، وقضية كرامة وهي : أنهم يريدون إنهاء هذا الاحتلال، أما الصليبيون فتحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى، كل يريد النصر لنفسه، وليس لديهم قضية سوى العدوان والاحتلال والنهب والسلي والرتحة والمتعة , ومن ثم النجاة بارواحهم اذا جد الجد. ( أحرق المسلمون الأعشاب والشجيرات في ساحة المعركة، واستولوا على عيون الماء، عملا على تعطيش الصليبيين واجبارهم على النزول للاشتباك معهم ولما وصل الصليبيون إلى السهل الواقع بين لوبيا وحطين شن صلاح الدين هجوما ففروا إلى تلال حطين، فحاصرت قوات المسلمين التلال، وأقبل الليل وتوقف القتال، في اليوم التالي 4 يوليو 1187 وفي قيظ شديد ونقص في مياه الشرب قامت معركة حطين، ولف الفرسان الصليبيون الذين انتظموا على مرتفع حطين سحب الدخان المتصاعد إلى أعلى، فالتحم الجيشان على بعد ميلين من حطين ، فتضعضعت صفوف الصليبيين وأهلكت سهام جيوش المسلمين الصليبيين، ثم شن هجوم بالسيوف والرماح، فقتل وجرح وأسر الكثير، فاستسلم الألوف منهم، وقام الصليبيون بمناورة، فتقدم قائد الفرسان ريمون الثالث أمير طرابلس بأمر من غي دي لوزينيان ملك القدس، وزحزح بهجومه هذا قوة يقودها تقي الدين عمر، فظن الصليبيين أنهم فتحوا ثغرة في صفوف صلاح الدين فاندفعوا فيها، وحاصر جيش صلاح الدين جزء من الجيش الصليبي فشطره إلى شطرين. ودامت المعركة نحو 7 ساعات على التوالي. سقط فيها الآلاف بين جرحى وقتلى، ووقع الملك غي دي لوزينيان ملك القدس آنذاك في أسر صلاح الدين، بالإضافة إلى العديد من القادة والبارونات، ولم ينج إلا بضع مئات فروا إلى صور واحتموا وراء أسوارها ). كانت هزيمة الصليبيين في معركة حطين هزيمة كارثية ، حيث فقدوا فيها زهرة فرسانهم ، و قتل فيها أعداد كبيرة من جنودهم و أسر فيها أعداد كبيرة أيضاً. و أصبح بيت المقدس في متناول صلاح الدين ، و كان من بين الأسرى ملك بيت المقدس و معه مائة و خمسون من الفرسان و معهم أرناط (رينالد دوشاتيون) صاحب حصن الكرك و غيره من كبار قادة الصليبيين ، فأحسن صلاح الدين استقبالهم ، و أمر لهم بالماء المثلج ، و لم يعط أرناط (رينالد دوشاتيون) ، فلما شرب ملك بيت المقدس أعطى ما تبقى إلى أرناط (رينالد دوشاتيون) ، فغضب صلاح الدين وقال: "إن هذا الملعون لم يشرب الماء بإذني فينال أماني"، ثم كلمه وذكّره بجرائمه وقرّعه بذنوبه، ثم قام إليه فضرب عنقه، وقال: "كنت نذرت مرتين أن أقتله إن ظفرت به: إحداهما لما أراد المسير إلى مكة والمدينة، والأخرى لما نهب القافلة واستولى عليها غدرًا".فكان أن برّ صلاح الدين بيمينه و ضرب عنق أرناط. (( وبعد المعركة، سرعان ما احتلت قوات صلاح الدين وأخوه الملك العادل المدن الفلسطينية الساحلية كلها تقريبا جنوبي طرابلس: عكا، بيروت، صيدا، يافا، قيسارية، عسقلان. وقطع اتصالات مملكة القدس اللاتينية مع أوروربا، كذلك استولى على أهم قلاع الصليبيين جنوبي طبرية، ما عدا الكرك وكراك دي مونريال. وفي النصف الثاني من سبتمبر 1187 حاصرت قوات صلاح الدين القدس، ولم يكن بمقدور حاميتها الصغيرة أن تحميها من ضغط 60 ألف رجل. فاستسلمت بعد ستة ايام، وفي 2 أكتوبر 1187 م فتحت الأبواب وخفقت راية السلطان صلاح الدين الصفراء فوق القدس. في نوفمبر 1188 م استسلمت حامية الكرك ، وفي أبريل - مايو 1189 استسلمت حامية كراك دي مونريال، وكان حصن بلفور آخر حصن يسقط، ومنذ ذلك الحين صار ما كان يعرف بمملكة القدس اللاتينية بمعظمها في يد صلاح الدين، ولم يبق للصليبيين سوى مدينتي صور وطرابلس، وبضعة استحكامات وحصن كراك دي شيفاليه(قلعة الحصن)في شرق طرطوس.)). وكان العفو الذي أبداه صلاح الدين سببا لتزيين تاريخ صلاح الدين في الغرب وتطري شهامته غير العادية. أدى سقوط مملكة القدس إلى دعوة روما إلى بدء التجهيز لحملة صليبية ثالثة والتي بدأت عام 1189 م. عامل صلاح الدين القدس وسكانها معاملة أرق وأخف بكثير مما عاملهم الغزاة الصليبيون ، قبل ذلك بمئة عام تقريبا حيث قتل الصليبيون انداك كل اهالي القدس من رجال و كهول ونساء واطفال و 70000 تم قتلهم في ساحة المسجد الاقصى وحده من مسلمين ونصارى عرب ، فلم تقع من صلاح الدين قساوة لا معنى لها ولا تدمير ، ولكنه سمح بمغادرة القدس في غضون 40 يوما بعد دفع فدية مقدارها 10 دنانير ذهبية عن كل رجل، 5 دنانير ذهبية عن كل امرأة، ودينار واحد عن كل طفل، ولم يستطع زهاء 20 ألف فقير جمع نقود الفدية، فكان الخوف من الاستياء والغضب أجبر الفرسان الرهبان الهيكليون والاسبيتاليون الذين يملكون المال بوفرة بدفع فدية 7 آلاف فقير، وبقي 15 ألف شخص لم يستطيعو ان يفتدوا بأنفسهم فبيعوا عبيدا وانتصر الحق على الباطل، والإيمان على الكفر، والوحدة على الفرقة والعرب على الفرنجة، وحصل للفرنجة مذبحة عظيمة، وأسرى لا يحوطهم العد ، وتم أسر قادة الفرنجة ومنهم أرناط الذي قتله صلاح الدين وقام جنوده بإتمام المهمة، وسائر الأمراء والملوك، ومنهم همفري ابن بارونة الكرك التي تقدمت من صلاح الدين تطلب منه إطلاق سراح ولدها، فوافق شريطة أن تذهب وولدها إلى قلعة الكرك وأن يسلّموا القلعة لصلاح الدين وعندما ذهبت وولدها شتمها قادة القلعة وأغلظوا لها القول الفاحش فعادت حسيرة حزينة، فوعدها صلاح الدين أنه سيعيد إليها ولدها إذا عادت إليه الشوبك والكرك. شاركت العشائر الاردنية في معركة حطين ببسالة منقطعة النظير بروح الجهاد التطوعي الصادق الذي لايرتبط براتب شهري ولا يبحث عن غنيمة او منهوبات ولا يخشى من مغارم . وبعد المعركة والنصر ودحر الصليبيين , بقيت اجزاء من هذه العشائر في فلسطين تلاحق وتقاتل بقايا الصليبيين الذين لم يخرجوا من فلسطين الا في وقت لاحق وبعد عشرات السنين , وبذلك بقيت العشائر الاردنية هناك مرابطة للدفاع عن حياض الامة الاسلامية والتراب الفلسطيني ومنهم من بقي هناك وصار من الوطنيين الفلسطينيين , ذلك ان الاردني بطبعه وطني , فاينما حل عمل باخلاص للبلاد التي يحل فيها , على المبدأ الاردني ( كل البلاد للرجال معاش / ومطرح ماترزق الزق ) , بينما عادت البقية الى الديار الاصلية وهي الاردنية . من هنا نجد ان العشائر الاردنية التي شاركت في معركة حطين ومن ثم في معركة عين جالوت انقسمت الى فريقين ومكانين : فريق عاد الى ارض الاجداد وهي شرق الاردن ملتحقا بمن بقي منهم مرابطا في شرق الاردن كجبهة خلفية للدفاع عن اخوتهم الذين كانوا في نجيع المعمعة / حطين ومن ثم عين جالوت , وفريق منهم بقي في فلسطين مرابطا ضد القوات الصليبية التي كانت لازالت تدنس الارض العربية الفلسطينينة والعمل على منع هذه القوات الصليبية من التقدم الى بقية ارض فلسطين او الى بيت المقدس , ثم استقروا في فلسطين وهم يحملون اسماء عشائرهم الاردنية التي خرجوا منها وانفصلوا عنها بسبب الجهاد , واما الاسماء فصارت بعد المعركة على النحو التالي : حيث نجد ابناء ( عشائر الجنيد الاردنية ) غيروا الاسماء عما كانت : فمن بقي منهم بالاردن سمي المومني ( المومنية ) ومن بقي في فلسطين بعد المعركة بقي اسمه ( الجنيد / الجنيدي ) . وكذلك نجد ابناء عشائر : الصمادي والزعبي والعمري والجراح والشرمان وهم قد شاركوا في معركة حطين كعشائر اردنية عادوا الى الاردن , بينما بقي من بعضهم اجزاء في فلسطين بعد المعركة واستمروا يحملون الاسم الاصلي وهو الاردني : الصمادي والعمري والزعبي والجراح الى الان ). اما بني عتمة / جذام فقد سمي منهم من عاد الى الاردن بعد الاشتراك بالمعركة ( سمي العتوم ) واما من بقي في فلسطين فسمي عتمة , ولا زال الاسمان متداولان الى الان في البلدين .وكذلك الغزاوية والزناتية يحملون الاسم في الاردن وفلسطين . واما بني صخر : فقد شارك منها في معركة حطين : الدهامشة وبني محمد والبواسل وبقي منهم في فلسطين الى الان من يحمل اسماء العائلات الصغيرة , فما زال اجزاء من الدهامشة في فلسطين المحتلة القديمة الى الان , وكذلك من الخريشة والزهير الى الان , ومنهم البواسل ( خضير ) ايضاالذين شاركوا في المعركة . وقد عاد الكثير من بني صخر من فلسطين بعد تحريرها من الصليبيين. وبعد معركة حطين هاجر قسك كبير من بني صخر مع جيش صلاح الدين العائد الى العراق وهم قسم من الجبور ويسمون الان : الجبوري وهم من اكبر واشجع واخلص عشائر العراق في الوطنية وهم من الصخور من الاردن ذهبوا بعد حطين ومنهم من ذهب لمحاربة التتار ايضا على الجبهة العراقية كما سياتي ان شاء الله . وكذلك الامر بالنسبة الى عشائر عباد والسلط وبني حسن وحسب الناس ان الذين عادوا اليهم من فلسطين انهم ليسوا من هذه العشائر الاردنية اصلا وهو خطا دارج ولكنه مرفوض لانهم اصلا من هذه العشائر وعادوا اليها بعد انتهاء مهمات الجهاد , وبعد ان وجد الاحفاد ( ان الديرة طلبت اهلها ) . واشتركت بنو حميدة بالمعركة وبقي منهم اقسام في طوباس ومنهم عشيرة الفقهاء الطوباسية وهم اصلا جزء من عشائر الفقهاء من بني حميدة الموجودين الى الجنوب من مادبا الان , وهناك من نزح من بني حميدة وعباد بعد المعركة الى القدس وغزة ايضا فمنهم من عاد الى الاردن ومنهم من بقي هناك . وشارك بنو عقبة ( العمرو ) في حطين ,وبقي منهم اعداد في شمال فلسطين وفي الخليل يحملون اسم العمرو . واما بنو حماد ( شقيق حميدة ) اشترك في حطين ثم عاد الى الكرك ثم شارك في عين جالوت ثم عاد الى الشمال حيث استطاعت ذريته بزعامة ال الشريدة انتزاع زعامة جبل عجلون من بني عوف ( من الرشدان ) وبذلك امتدت زعامة جذام الى الشمال بعد ان كانت محصورة في الوسط والجنوب , وبسيطرة العتوم ( جذام ) على منطقة سوف وجرش صار جبل عجلون تحت زعامة الجذاميين الى ان عاد بنو عوف الى الزعامة فيما بعد برئاسة الغزاوية ( الامير الغزاوي ) كما فصلنا في كتابنا : التاريخ السياسي للعشائر الاردنية بالانجليزية وشاركت الغساسنة بشقيها الاسلامي والمسيحي في معركة حطين لانها فرصتهم لتطهير بلادهم من الاحتلال الذي كان يقتل المسيحي العربي قبل المسلم العربي , ولا تزال بقاياهم في فلسطين , منهم الضمور وحداد وحدادين مثلا وغيرهم . ومنهم الزريقات / كانوا نصارى ( غساسنة ) حيث اسلم من عاد منهم بعد المعركة الى شمال الاردن وحوران بينما بقي منهم فرع في فلسطين عقب المعركة وكلهم اقارب ويحملون الاسم نفسه وهو الزريقات وكلهم الان مسلمون ماعدا زريقات الكرك لازالوا نصارى , ولكنهم يجتمعون معا في الشدات كابناء عم ووحدة واحدة . ومن يني كلب: شارك الجوابرة من الطفيلة ( التي صارت زعامتهم في ال العوران فيما بعد ) وتفرق منهم اناس الى شمال الاردن ( فيما بعد مثل الشطناوية والكراسنة والطناشات ولكن في وقت متاخر بكثير عن المعركة) والى جنوب لبنان وفلسطين باسم جابر وابو جابر والجابري والطفيلي . ومن بني كلب شاركت عشيرة السرحان والعوازم في البلقاء والشمال . كما شارك من طي الاردنية في حطين , اقول شاركت عشيرة العيسى ( وزعامتهم في ابن ماضي / بدو شمال الاردن فيما بعد وحاليا ) وابن حيار ( الحيارات / الحياري السلط فيما بعد )وبقي من طي من ال الماضي اجزاء في فلسطين وجزء نزح الى العقبة فيما بعد , وعاد منهم جزء الى السلط وصار اسمهم الحيارات نسبة الى جدهم الامير حيار الطائي وذلك بعد اشتراكهم في حطين وفي عين جالوت من بعد ( التفاصيل في كتابنا : التاريخ السياسي للعشائر الاردنية بالانجليزية ) . ومن الادوميين : شارك بنو حسن ( بنو حدد سابقا زمن الاضطهاد العباسي وغيروه الى بني حسن هروبا من الاضطهاد العباسي كما قلنا سابقا ) . اقول شاركت عشيرة بني حسن الادومية مع صلاح الدين في معركة حطين وبقي منهم اجزاء بعد ذلك في سائر انحاء فلسطين مرابطون للجهاد مع بقية العشائر الاردنية , ثم تحولوا الى العيش هناك في تلك الديار وعاد الباقون الى الطفيلة ثم رحلوا فيما بعد الى البلقاء وعندما حطوا رحالهم في البلقاء بنوا لجدهم الاعلى المفترض الملك حدد ( اول ملك اردني قاوم بني اسرائيل بعد خروجهم من مصر من ان يدخلوا الاردن ) اقول بنوا له مقاما على تلة مشرفة الى الجنوب من نهر الزرقاء وقفت عليه انا شخصيا عام 2006 , ولا زالت بقاياه بعد ان دمرته جرافات وزارة الزراعة بالهدم . ومن الادوميين شاركت عشيرة المحيسن ( الاسم الجديد بعد الاضطهاد العباسي وكان اسمهم الكلالدة قبل الاضطهاد العباسي ) وبقي من بني حسن بعد المعركة اناس في فلسطين وتفرق منهم فروع الى سوريا ومصر وشمال العراق وشمال افريقيا وقرى شمال الاردن واخذت اسماء جديدة , لانهم قبيلة كبيرة جدا وهم بقية شعب اردني عربي كامل وهو الشعب الادومي العربي الاردني . ومن الادوميين شارك الشوابكة وبقي منهم اقسام في فلسطين وفيها يحملون الاسم نفسه الى الا ن . وشاركت عشائر عباد بمعركة حطين ثم عادوا الى مناطق الكرك ثم رحلوا الى البلقاء حسبما هو الاتفاق مع صلاح الدين , بينما بقي منهم جماعات يحملون اسم العبادي في فلسطين وغزة والقدس والساحل الفلسطيني , واذا كان الشيء بالشيء يذكر فان اعدادا منهم ايضا نزحوا الى فلسطين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر , حيث جلوا الى السيبة في بيسان مابين عام 1850-1863 كما سبق وفصلنا في كتابنا التاريخ السياسي للعشائر الاردنية باللغة الانجليزية . ويوجد الى الان في فلسطين ممن يحمل اسم العبادي , ومنهم من يحمل اسماء عشائر من عشائر عباد بقوا بعد معركة حطين مثل المحاميد والذين يوجد منهم اقسام في الكرك ومعان ودرعا ايضا . ومن العبابيد باسم العبادي من بقي حول القدس .. وشاركت عشيرة العبيديين ( منهم العبيدات في شمال الاردن ) من عشائر الطفيلية بحطين وبقي منهم اجزاء لازالوا يحملون اسم عبيدات في منطقة القدس واخرون ذهبوا الى شمال افريقيا ولا زالوا يحملون الاسم نفسه في ليبيا عد حطين , وعاد قسم منهم الى شمال الاردن واسمهم العبيدات ومنهم اول شهيد اردني على ارض فلسطين دفاعا عن عروبة واسلام فلسطين وهو المغفور له الشيخ تركي مفلح العبيدات , وقد قام بما كان قام به اجداده من الجهاد دفاعا عن كرامة الاردن وفلسطين في معركتي حطين وعين جالوت .    كما شارك الانباط ايضا بالمعركة حيث لازالت اسماء عائلات من بني عطية واخرى من الحويطات واخرى من اللياثنة تحمل الاسماء وهم في فلسطين وسيناء وقد تفرقوا فيها بعد معركة حطين وعين جالوت . وشاركت عشائر الدعجة بالمعركة ايضا كما شارك جذاميوا معان في معركة حطين ومنهم من بقي في فلسطين ثم عاد الى معان فيما بعد . والمشكلة ان كل من عاد الى عشيرته بعد جيلين او ثلاثة حسب من بقي بالاردن ان الوافد هو ليس منهم . وشاركت عشائر بني خالد في معركة حطين وبقي منهم مجموعات في مناطق القدس وفلسطين وهم يحملون اسم الخالدي ايضا , وان كان منهم من ذهب الى فلسطين متاخرا بسبب البحث عن الكلا او جلوة الدم ( الجلاء عند ارتكاب جريمة قتل ) . ومن عشائر السلط التي شاركت في معركة حطين : عشائر بني عاملة ( العواملة ) حيث كانت تضم غالبية عشائر السلط لانهم كانوا عشائر يمنية وبني عاملة ( وبسبب الاضطهاد العباسي للاردنيين سموا انفسهم العواملة بدلا من بني عاملة وهم من القبائل اليمنية ) لذلك نجد ان غالبية العشائر السلطية القديمة تضمها اسم العواملة . وفي طريقه الى حطين خيم صلاح الدين في السلط في الوادي الذي سمي بوادي الاكراد ( تلفظ محليا الكراد ) لانها كانت مخيم فرقة الاكراد في جيش صلاح الدين ,وهناك التحق به اهل السلط والعديد من ابناء البلقاء ( بلقين سابقا ) وشارك البرارشة ( بنو اراشة من قبل ) بحطين وبقي منهم اناس في فلسطين ايضا ومن عاد بعد المعركة سمي بالخريسات بدل بني اراشة وهم من بلي من قضاعة ويسكن الخريسات في الطفيلة والكرك ( حيث المنبع ) والسلط واربد وشاركت بنو عوف في حطين ومنهم الرشدان والفريحات والعنانبة ( عناب ) والبواعنة والخطاطبة والشويات وغيرهم كثير من حمايل عرجان وراسون والوهادنة وعنجرة وكفرنجة من مسلمين ونصارى , وشاركت عشائر اردنية صغيرة كثيرة ايضا . وبمعنى اخر كل عشيرة فلسطينينة حاليا تحمل الاسم الاردني هي بقايا من شارك من هذه العشيرة الاردنية في معركة حطين او عين جالوت وبقوا في فلسطين بعد المعركة للدفاع عن فلسطين مثلما رابط الجيش الاردني للدفاع عن القدس وفلسطين في القرن العشرين تقدم صلاح الدين من القدس وشدّد عليها الحصار لم يعد فيها جيش صليبي يدافع عنها لانه قضى نحبه في حطين ، وأخيراً وافق أهلها على تسليمه المدينة بإعطائهم الأمان، ودخلها يوم الجمعة 27 رجب 583هـ، 12 تشرين الأول 1187م. ن. حاولت العشائر الاردنية الانقضاض على الصليبيين اثناء انسحابهم من الكرك ولكن صلاح الدين رفض ذلك , وحذره زعماء العشائر الاردنية ان هؤلاء سينظمون انفسهم مرة اخرى ويحاربوننا ويحاولون استعادة القدس , ذلك ان ثقافة الاردنيين انه اذا انتهى اي احتلال في بلادهم يحبون انهاءه تماما , فهم يصبرون لكنهم ينقضون على الاعداء بصرامة وسحق نهائي ان استطاعوا .  ولكن صلاح الدين راف بحال الصليبيين وتركهم ان يغادروا امنين , ورفض راي الاردنيين , وسمح للفرنجة بالخروج إلى صور، ولم ينتقم من الأسرى ولا من المقاتلين، وهذا ما كان مصدر ندمه فيما بعد لأنهم عادوا ونظموا أنفسهم ضد المسلمين . وهكذا فان من لايسمع نصيحة حكماء عشائر الاردن لابد ويقرع سن الندم ذات يوم ولو كان صلاح الدين نفسه . وقد قام الاردنيون بمرافقة قوات صلاح الدين وتحرير فلسطين من الصليبيين وقاموا بقطع اشجار الفرنجة وقتلهم وحرق مزارعهم وزروعهم , وبذلك انتقم الاردنيون لانفسهم ليس على الارض الاردنية فحسب , بل وعلى الارض الفلسطينية ايضا , وقد غض صلاح الدين الطرف عن عمل الاردنيين اكراما لخاطرهم وندما منه على اساءاته اليهم , ولكي لايتبقى بينهم وبين الصليبيين اية علاقة ايجابية او صداقة او معاهدات او ماالى ذلك . نعود إلى ما يخص الأردن وعشائرها : فقد قلنا أن بارونية الكرك كانت تضم البلاد من ساحل البحر الأحمر إلى تبوك، فتيماء فدومة الجندل فوادي السرحان , وتشمل الحرة الشمالية ( البادية الشمالية ) ثم إلى حوران فمسار نهر اليرموك ثم تشمل طبرية وبيسان وأريحا وضفتي نهر الاردن حتى البحر الميت، ثم وادي عربة فالبحر الأحمر، وكانت قلعة طبرية تابعة للكرك، وتقاسم على نصف الغلال في السلط والبلقاء وجبل عوف (عجلون) والسواد أي سهول إربد حتى البادية شرقاً والجولان وكلها صارت بحوزة المسلمين ومن ممتلكات ملك دمشق وهو الملك الأفضل بن صلاح الدين. بعد القدس استولى صلاح الدين على عكا واستولى على ما كانت تحتويه مخازنها من ثروات طائلة، ونقل صلاح الدين قفل عكا بمفتاحه إلى قلعة الكرك. وسمح للفرنجة بمغادرة المدن الفلسطينية والساحل إلى صور، دون أن يمارس الانتقام الذي مارسه الصليبيون عندما دخلوا بيت المقدس أول مرة. وأمر صلاح الدين بإزالة جميع المظاهر الصليبية في المسجد الأقصى وقبة الصخرة التي كان يعلوها صليب وأزاحه، واحتفل المسلمون احتفالاً عظيماً بعودة القدس إلى الحاضرة الإسلامية. ورغم تحرير القدس وفلسطين إلا أن الكرك والشوبك بقيتا صامدتين في وجه الجيش العربي الإسلامي وأرسل قوات لمحاصرتها، وكانت أميرتها الأرملة زوجة أرناط قد طلبت العفو عن ولدها همفري كما قلنا، وكانت قصتها مع صلاح الدين كما ذكرنا. واستمرت قوات صلاح الدين في حصار الشوبك والكرك والوعيرة والسلع حتى نفدت أرزاقهم فأخرجوا نساءهم وأطفالهم طالبين الرحمة بهم وبقي المحاربون يأكلون الكلاب والحمير والجيف (مفردها جيفة) ويأكلون بعضهم بعضاً، وبلغ الأطفال والنساء أن باع بعضهم نفسه للبدو مقابل أن يأكل ويشرب. ونضب ماء قلعة الكرك وتراسلوا مع الملك العادل بن صلاح الدين الذي كان يقود الحصار، فقبل أن يتسلم قلعة الكرك لقاء سماحه لهم بالخروج إلى صور كما فعل والده صلاح الدين مع بقية الصليبيين بعد معركة حطين. وبذلك تسلّم حصون الكرك وسلع والوعيرة والطفيلة وسائر القلاع وذلك في شهر رمضان المبارك لعام 584هـ، تشرين الثاني 1188م، وقد دام حصار الكرك سنة ونصف السنة. وبقيت الشوبك صقر الصحراء الشامخ في الاجواء , التي لم تستسلم للمسلمين إلا بعد أن نفدت أقواتها بالكامل. وذلك في ربيع الأول عام 585هـ، نيسان 1189م وبذلك تحررت شرق الأردن وبلاد الأردن على ضفتي النهر من الاحتلال الصليبي تماماً في عام 585 هجري , 1189 م .وقد كان لعشائر الادوميين من اهالي الشوبك وما حولها وبني حسن وبقية عشائر الاردن في الجنوب الدور الكبير في الحصار وتضييق الخناق الى ان حرروا ترابهم الوطني من الاحتلال . وكان معهم ايضا عشائر نصارى الاردن الذين قاتلوا الصليبيين جنبا الى جنب مع المسلمين , بل ان بعض عشائر الغساسنة النصرانية نزحت الى الحجاز من بطش العباسيين والصليبيين مع اقاربهم المسلمين , ثم عادت وسميت الحجازين ( على انهم عادوا من الحجاز ) , وكذلك الحدادين الذين تم ذكرهم زمن المماليك على سيل اذرح بعد عودتهم من نزوحهم الى العلا في جنوب الاردن انذاك , كما ذكرنا في كتابنا ( العشائر الاردنية 2007 منشورات الدار الاهلية عمان ) . ولا بد من التوقف قليلاً عند حصني الشوبك والكرك، ولا بد من الاعتراف أن وجودهما بايدي الصليبيين قد أخَّر الفتح المبين لبيت المقدس سنوات طويلة. فقد عمل أرناط من خلالهما على حرب استنزاف ضد الجيش الإسلامي، والاقتصاد والقوافل، وتحييد الجبهة الأردنية تحييداً كاملاً، بحيث أن الجيوش المصرية والشامية لم تضع في معادلاتها استخدام الأردنيين في القتال خشية الانتقام الصليبي من الحاميات التي تغطي بلاد الأردن، لقد كانت هذه القلاع حصينة الاسوار والحاميات ، وحولها من الأراضي الخصبة، وحياد السكان ما يجعلها في أمان لا ينغِّص عليها عيشها إلا نوافذ الجيوش الإسلامية بين حين وحين في محاولة الاحتلال الذي فشل في جميع مراحله إلا بعد سنة ونصف من الحصار المتواصل . واستطاع الجوع والعطش وحدهما كسر إرادة الفرنجة، ولكنهم خرجوا سالمين رغم كل ما أوقعوه من أذى بالبلاد والعباد ودولة الإسلام.كان خروجهم سالمبن هو بقرار من صلاح الدين وندم عليه .وتعرض لانتقاد المؤرخيت المعاصرين له ولانتقادنا ايضا . والملفت للنظر أيضاً أنه رغم الحروب والحصار، فإن التجارة لم تتوقف، وإنما كانت بين ازدهار وانحسار فقط، وكان حياد أهل الأردن حيال الصراع الصليبي الإسلامي قد جعلها واحة آمنة للقوافل، ومركز جذب لاهلها النازحين خارجها من البطش العباسي والصليبي من قبل , وبالتالي بقيت مزدهرة، وأهلها بخير في هذه الفترة ، ولكن سقوط القدس أحدث صدمة عنيفة في أوروبا التي سرعان ما أفرزت الحملات الصليبية الثلاثة الجديدة بعد تحرير القدس , والتي اشترك فيها ملوك: إنجلترا، وفرنسا، وألمانيا . وان ما يهمنا منهم هو ريتشارد قلب الأسد ملك بريطانيا الذي غزا الأردن وأوقع بالقوافل التجارية أذى يفوق التصور. والتأم الصليبيون القادمون من اوروبا مع الفرنجة المتجمعين في صور الذين عفا عنهم صلاح الدين بعكس نصيحة العشائر الاردنية , ثم اكل اصابعه ندما على عدم الاستماع للاردنيين في ذلك , وراح الفرنجة القادمون والمحررون يحاصرون عكا، وقرع صلاح الدين سنّ الندم بعدم قتلهم وزاد ثقة باهل الاردن انهم اهل راي ومشورة , وانهم اصحاب بعد نظر ورؤى مستقبلية . اما ريتشارد قلب الأسد ملك انجلترا ، فما ان سمع بقافلة تجارية تعبر الى الاردن , وهو في فلسطين حتى ارتدى اللباس العربي الذي اعتاد الأردنيون لباسه وقاد كوكبة كبيرة من الفرسان ليتعقب هذه القافلة التي كانت واحدة من أكبر القوافل التجارية القادمة من مصر عبر الاردن الى الشام ، وعبرت الأردن بأمان دون أن تحسب حساباً أو تعرف بقدوم قوات صليبية جديدة الى البلاد اصلا . قام قلب الاسد يتجنيد مجموعات من الاعراب , لاندري ان كان ذلك قسرا ام طواعية مقابل المال كادلاء وجواسيس مرافقين له يعرفون الاثر ويعرفون الطريق الى الاردن , ولا ندري من هم الذين قاموا بدور الجواسيس من الأعراب لصالح ريتشارد قلب الأسد ولا من اي عشيرة او قرية , وعلى الأغلب وربما بالتاكيد أنهم في هذه الحالة لم يكونوا من شرق الأردن، لأن ألاردنيين لم يكونوا يعرفون بقدوم حملات صليبية جديدة لا يعرفون بقدوم الحملة الجديدة , كما ان الاردنيين وان عرفوا بذلك لايمكن ان يدلوا الفرنجة على عورات المسلمين , لان ذلك ليس من ثقافتهم , ولان الضحايا هم اهلهم وعربانهم , وانه لافائدة ترجى من التجسس على الاهل والعشيرة . لذا فان الجواسيسي والادلاء كانوا من غير الاردنيين بكل تاكيد . والله اعلم وصلت أنباء القافلة الى قلب الأسد وهو في الرملة ( ؟؟؟؟ ) وتحرك نحو تل الصاخبة قرب الرملة فعلم صلاح الدين وأرسل مع كوكبة من الجنود لإعلام القافلة وحمايتها من خطر ريتشارد قلب الأسد، فالتقاهم جنود صلاح الدين في الحسا ( جنوب الاردن ) وأعلموهم بالأمر، فلم تتوقف القافلة بل واصلت سيرها إلى نبع ماء آخر وعسكروا هناك ( يبدو انه ماء اللجون الاردني في راس وادي الموجب ) ، وهم على ثقة أن العدو الإنجليزي الذي لا يعرف البلاد لا يمكن أن يستدل عليهم، واستبعدوا من حساباتهم أن الجواسيس الذين يقصّون الأثر قادرون على تحديد المكان بالضبط. اختلف قادة القافلة المسلمون : حيث راى التجار الاردنيين منهم مواصلة التحرك للإفلات من خبطة ريتشارد، وحذروا ان الجواسيس سيقصون الاثر ويصلون الى اللجون , بينما راى القائد المصري مع القافلة أن أحداً لا يمكن أن يعرف مكانهم وسط شعاب الجبال الأردنية الوعرة، في ليلة مظلمة، فأقام والناس على النبع، في بطحاء من الأرض، بينما ابتعد القائد الاردني كما عادة الاردنيين في الحذر , اقول ابتعد إلى رؤوس الجبال خشية الخطر. سار ريتشارد قلب الأسد إلى رأس الحسا، ولم يجد القافلة، ثم علم من جواسيس الأعراب مكان القافلة وحمولتها ومعلومات كاملة عنها، وانها على اللجون في راس وادي الموجب , فركب ليلاً وهو يرتدي اللباس العربي لأهل الديار (الأردنية) وطاف بالقافلة وإذا بهم نيام. وعاد إلى جنده الذين كانوا يكومنون في مكان قريب , وهم ألف فارس صليبي مردفين (أي ألفي مقاتل) وقادهم وهاجموا الناس نياماً في صبيحة يوم الثلاثاء 11 جمادى الآخرة، 588هـ، 23 حزيران 1192م، وأصاب الذعر الناس الذين فزعوا من منامهم. انقسم الناس في القافلة المنكوبة إلى ثلاثة أقسام: قسم قصد الكرك طلباً للنجاة بأرواحهم، ومعهم عربان وعسكر من المصريين؛ وقسم دخلوا البرية مع جماعة من العربان طلباً للنجاة والحياة اي شرقا الى القطرانة ، وبقي خمسمائة منهم أسرى في يد ريتشارد قلب الأسد، ساقاهم أمامه ومعهم رجال آخرون. كانت الغنائم كارثية على المسلمين، وقوامها ما يلي (التي كسبها ريتشارد قلب الأسد من القافلة حسبما ذكرتها كتب التاريخ ): ألف وخمسمائة فرس، ومثلها من البغال، ومليوني دينار نقداً وأقمشة وبضائع بقيمة مليوني دينار أيضاً. وكانت هذه الهزيمة سابقة لم يحدث مثلها هزيمة من قبل. وأدى ذلك إلى رفع معنويات الصليبيين، وخيمت الكئابة على السلطان صلاح الدين وسائر المسلمين، وتبيّن مدى خطورة الجواسيس من الأعراب الأشد كفراً ونفاقاً، ولا شك أن الجواسيس تابعوا القافلة منذ خروجهم من مصر إلى أن عبروا الأردن، وأوصلوا المعلومات إلى ريتشارد قلب الأسد وهو في الرملة مقابل ثمن بخس دراهم معدودة , كما هم من الخساسة والنذالة واعانة الكفار على المسلمين , فكانت فرصة لتسجيل موقف يتفوق فيه ريتشارد قلب الاسد على أقرانه سائر ملوك الفرنجة . وتم عقد صلح الرملة الذي أقرّ بموجبه بأيدي الصليبيين: يافا وعملها، وقيسارية وعملها، وحيفا وعكا وعملها، بينما تبقى المناطق الجبلية وقلاعها بأيدي المسلمين، وأن تكون اللد والرملة مناصفة بين الطرفين، وعسقلان خرابا. وأن تكون مدة الهدنة ثلاث سنوات، وأن يُسْمح بحرية التجارة، وتنقل القوافل بين الطرفين، وبعد ذلك أبحر ريتشارد عائداً إلى بلاده عبر ميناء عكا بعد شهر من توقيعه للاتفاقية. كانت ديار بارونية الكرك واضحة زمن الصليبيين وهي كما حددناها سابقاً، كما بقي الأمر نفسه زمن صلاح الدين بعد التحرير، إذ أنه أقطع الكرك وأعمالها لأخيه الملك العادل، وهي التي تتطابق مع أراضي الأردن الحديث، والتي تحولت فيما بعد إلى إمارة زمن الملك الناصر داود ابن أخ صلاح الدين وذلك يبرهن على وضوح الرؤيا في تحديد مملكة الكرك الاردنية / بارونية/ إمارة/ سمّها ما شئت زمن الصليبيين والأيوبيين، والمماليك فيما بعد، وهي ما سميت الأردن في العصر الحديث، وصارت الكرك والشوبك والصلت والبلقاء من إمارة الكرك المعطاة للملك العادل أخ صلاح الدين على شرط أن يحمل كل عام ستة آلاف غرارة من الحبوب تحمل من الصلت والبلقاء وحدهما إلى القدس. وهذا دليل واضح على خصوبة البلاد وكثرة إنتاجها، وأنها كانت سلّة خبز القدس وما حولها ـ أي فلسطين ـ وقد بقي الأردن مصدر الحبوب لفلسطين حتى نهاية أربعينيات القرن العشرين ويتبادلون بها الزيت والقطين والزبيب والأقمشة وسائر البضائع الأخرى من فلسطين إلى الأردن. كان الملك العادل سعيداً بأخذ الكرك، وكان يحبّها حبّاً جماً، حيث اعتنى بها، وأعاد ترميم وبناء الأبراج والأسوار فيها ، وصارت إمارته تمتد من اليرموك شمالاً إلى العقبة جنوباً، وهي بلاد كثيرة الثمار غزيرة الأمطار خصبة التربة أما صلاح الدين فقد لقي وجه ربه صبيحة الأربعاء 27 صفر 589هـ، في الرابع من آذار عام 1193، حيث مات عن عمر يناهز ستة وخمسين عاما عليه رحمة الله ً. ليس هذا مجال ولا مكان انتقادنا لما قام به صلاح الدين من توزيع المملكة العربية الإسلامية بين أولاده،كما يوزع التركة تاخاصة من المال والمتاع ؟؟؟ وهو خطأ استراتيجي تاريخي دفع العرب والمسلمون ثمنه غاليا , سنأتي إليه لاحقاً إن شاء الله، وإنما نحن بصدد ما يخص الأردن حيث صارت من اليرموك شمالاً بما فيها طبرية وبيسان والغور بضفتيه ووادي عربة حتى العقبة، ضمن الامارة الاردنية وعاصمتها الكرك , وهي من أملاك الملك العادل شقيق السلطان صلاح الدين الأيوبي، وقد كان صلاح الدين يخشاه لما هو عليه من الحنكة والدهاء والتطلع للسلطة ليكون ملكاً، بدلاً من صلاح الدين وأولاده فيما بعد.سوقد وافق شقيق صلاح الدين على تسليم أملاكه في مصر لابن صلاح الدين لقاء البقاء في الكرك وشرق الأردن لأهمية الموقع في وصل أو فصل الشام عن مصر، والتحكم بالموارد التجارية والتحركات العسكرية والغلال الوفير وموقف القوة في التفاوض مع الصليبيين طالما انه يملك الاردن . وزّع صلاح الدين دولة الإسلام على أسرته، فالأردن من نصيب العادل (شقيقه) والشام من نصيب الأفضل بن صلاح الدين، ومصر من نصيب العزيز بن صلاح الدين، وبقية الممالك لأسرة الأيوبي، حيث أقطع اليمن لسيف الإسلام وأواسط سوريا (حمص وتدمر) لابن عمه أسد الدين شيركوه، وبعلبك وأعمالها لابن عمه مجد الدين بهرامشاه، أما ولده الظافر فكان نصيبه بصرى يتولاها لاخيه الأفضل ملك دمشق. وبذلك تفسّخت الدولة العربية الإسلامية بعد طول عناء في توحيدها ، ذلك أن البيت الأيوبي كان مجموعة من المتناحرين المتنافرين،ومجتمع كراهية وكل منهم يتطلع إلى قمة السلطة ولو بالقضاء على اخيه او عمه او انب عمه ، ومن الواضح أن عنصر الوحدة الوحيد كان في ذلك العصر هو شخص صلاح الدين الأيوبي نفسه , وانه لم يقدم فكرا يمكن ان يؤسس لدولة وانما كان لديه مشروع ليدخل التاريخ بتحرير القدس وحقق ذلك , وليس عنده فكر يمكن ان يبقى بعد موت صلاح الدين ، وأنه بزواله، تتفسخ البلاد والدولة والأسرة الحاكمة، وصار كل واحد من الولاة من الموالي والقادة مستقلاً في ولايته أو قلعته، ومن ذلك عز الدين أسامة الجبلي (المنقذ) صاحب عجلون الذي بنى قلعة بني عوف واستقر فيها ,وقد نصح الملك العزيز بن صلاح الدين ملك مصر، أن يستولي على الشام ويطرد شقيقه الملك الأفضل بن صلاح الدين . كتب عز الدين أسامة إلى الملك العزيز ينصحه قائلاً: "أقصد البلاد (أي تقدم إلى هنا إلى بلاد الشام)، فإنها في يدك (أي أنها راغبة أن تكون أنت ملكاً عليها بدلاً من أخيك)، قبل أن يحصل في الدولة من الفساد ما لا يمكن تلاقيه". وبالفعل استجاب العزيز، وسار إلى الشام، حيث دخل غور الأردن، ونزل الشونة الشمالية في عام 1194م (590هـ)، الأمر الذي جعل الملك الأفضل ملك الشام يطلب النجدة من عمه العادل أمير الكرك والبلاد الشرقية، واستجاب العادل وقدم من البلاد الشرقية ومعه صاحب حلب وصاحب حماة وصاحب حمص وجميعهم من أمراء البيت الأيوبي، وكان العادل عمهم وأكبرهم سنّاً، وفي عرفنا الحاضر كان يعتبر عميد البيت الأيوبي. كانت النتيجة أن العزيز ملك مصر أدرك تعذر احتلال دمشق لاتفاق أمراء البيت الأيوبي على رفض ذلك، لكنه، حصل من الكعكة على أجزاء دسمة أن تم إلحاق القدس وفلسطين إلى مصر، وكذلك اقتطاع أجزاء من إمارة الكرك وهي طبرية والغور، لتكون تابعة للعزيز في مصر أيضاً، مقابل ردّ إقطاعات الملك العادل التي كانت له في مصر، والتي تنازل عنها مقابل حصوله على الكرك وشرق الأردن، ليس هذا فحسب بل إن العادل ملك الاردن في الكرك زوج ابنته من ابن أخيه العزيز بن صلاح الدين ملك مصر المذكور. كان من الواضح أن خشية صلاح الدين من أخيه العادل أنه سيستولى على الملك من أولاد صلاح الدين، أقول كانت هذه الخشية في مكانها بكل تأكيد. فقد استعاد إقطاعاته في مصر وزوج ابنته لملكها العزيز، وأبقى الملك الأفضل ملك دمشق تحت رحمته، واعترف الأمراء أن عمهم العادل هو عميدهم وملاذهم إذا ما حاول أحدهم أن يبغي على الآخر.وكانت هذه هي الخطوة للوصول الى السلطة وتوحيد الدولة العربية تحت قيادته ومن ثم توريثها لاولاده من بعده كان لدى الملك العزيز أعداد كبيرة من المماليك. منهم من الأكراد وتسميتهم الأسدية لانهم كانوا مماليك أسد الدين شيركوه، والمماليك الصلاحية أو الناصرية لانهم كانوا موالي السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، وقد تحدث عنهم ابن خلدون في كتابه العبر وديوان الخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر ومن جاورهم من ذوي السلطان الأكبر، وقد طلب المماليك من الملك العزيز أن يطرد اخاه الملك العادل لتصبح دمشق من ولاياته وتحرك في عام 591هـ/ 1195م لتحقيق هذه الغاية، فاستنجد الأفضل بعمه العادل الذي انتهزها مناسبة حيث زاد الشقّة والخلاف بين الأخوين، لتؤول الأمور إليه والى ذريته من بعده في نهاية المطاف. وهذا الذي كان صلاح الدين يخشاه . أوقع الملك العادل ( الملك العم ) الانشقاق في صفوف المماليك الناصرية والأسدية أتباع العزيز فمنهم من بقي مع العزيز وآخرون رأوا الانضمام للأفضل (دمشق)، وبالفعل صارت الصفقة وهي انتقال الأفضل إلى مصر والاستيلاء عليها بدلاً من أخيه العزيز، وتصبح دمشق مملكة للعادل عم الملكين. وبقيت الأمور من مؤامرة إلى مؤامرة، إلى أن وصل الملك العادل (ملك الكرك) إلى هدفه وهو الاستحواذ على دمشق، ويبقى العزيز ابن أخيه وزوج ابنته ملكاً على مصر، وبالفعل سار العادل والعزيز معاً، كل معه جيشه وحاصروا دمشق في حزيران 1196م/ 592هـ، ودخلاها يوم الأربعاء 4 شعبان 592هـ للقضاء على الملك الافضل , فلم يجدوا أية مقاومة. واضح أن أهل دمشق تعلموا من الأردنيين درساً هاماً، وهو أنهم ( اي الاردنيين ) إذا تصارعت القوى من حولهم أو على أرضهم، أو السلطة في بلادهم، فإنهم ينأون بأنفسهم عن الصراع، ويتعاملون مع المنتصر، ولا يقاومون أحداً الا اذا عرفوا ان النصر حليفهم, اي انهم لايخوضون معركة خاسرة وهذه صارت جزءا من ثقافة الاردنيين التاريخية والسياسية ، وإنما يساندون من يجلس على كرسي الإمارة أو المملكة أو الولاية، ويبدو أن هذه السياسة كانت ناجحة بحيث تحول الأردنيون إلى الإنتاج الزراعي والرعوي والتجاري، ومشاهدة المسلسلات الحربية والسياسية من حولهم وتبادل لخبارها ، ونحن هنا نرى أن أهل دمشق، وكذلك أهل مصر في نهاية العهد الفاطمي قد تعلّموا هذا الدرس من الأردنيين، من خلال مراقبتهم لمجريات الأمور وما ينقله التجار، حيث كان المسلمون والصليبيون مخلصين في عملهم وتجارتهم، بغض النظر عن نوعية أو ماهية المنتفع من هذا العمل. إذن انطلق الملك العادل من الكرك حيث لا يوجد على الجبهة الأردنية ما يقلقه أو يعكّر صفوه، وصار الآن ملكاً للكرك وشرق الأردن، ودمشق والبلاد الشرقية إلى الفرات (شمال العراق الحالي)؛ وبذلك اتسعت رقعة البلاد، وتجاوز نصف الطريق في توحيد المملكة العربية الإسلامية التي كانت زمن أخيه صلاح الدين. وحيث كان للكرك أهمية خاصّة كملاذ امن له وقت الشدائد، ومصدر دخل مرتفع، وموالاة أهل الأردن له، وعدم قيام فتن وثورات ضده، وأن هذه قد تبرز في أية لحظة في شمال العراق أو دمشق حيث الشعوب تعودت على الثورات منذ عصور الوثنية الأولى. فإن الكرك بالنسبة له كان العشّ الذي يأوي إليه في نهاية المطاف مهما طاف أو غاب في أرجاء الدنيا، لذا قرر تعيين ولده الملك المعظم عيسى نائباً عنه في الكرك ليكون أميراً لبلاد الأردن كلها، ومركزها الكرك وذلك عام 592هـ/ 1196م. كان المعظم عيسى أعزّ أولاد الملك العادل، كما كانت الكرك والأردن أعز أجزاء مملكته عليه، وقد أعلن الملك العزيز دعمه لابن عمه المعظم عيسى أيضاً، وكانت النتيجة أن العادل، وبسبب نجاح ولده عيسى أن أسند إليه دمشق بالإضافة إلى الكرك، وبذلك صار المعظم عيسى ملك الكرك ( الاردن ) وملك دمشق ( سوريا ) أيضاً وسائر شرق الأردن وضفتي النهر وطبرية. وما أن مات الملك العزيز بن صلاح الدين ملك مصر، حتى انقسم المماليك إلى قسمين، منهم من يؤيد الملك العادل، ومنهم من يؤيد الأفضل المطرود من دمشق، ولا يهمنا تفاصيل الخلافات والمؤامرات، إلا أن ما يهمنا هو أن الملك العادل دخل مصر وصار يحكمها، وبذلك وحّد دمشق ومصر مرة أخرى، كما كانت على عهد أخيه صلاح الدين، وأخيراً اجتمع أمراء البيت الأيوبي، وصار العادل هو ملك البلاد، ومن بقي منهم ملوك كل على منطقة (والتفاصيل هنا ليست من موضوع كتابنا). ما يهمنا أن الملك المعظم عيسى قد وجّه اهتماماً خاصّاً لإمارة الكرك وشرقي الأردن، وعمل على نشر الأمن والطمأنينة في ربوعها، من اليرموك والجولان شمالاً إلى العقبة وتبوك جنوباً ومن نهر الأردن غرباً إلى تيماء والجوف ودومة الجندل شرقاً ونجح المعظم عيسى في عمله، مما زاد من محبة أبيه العادل له وثقته به، فأضاف دمشق إلى الكرك، وبذلك عاد الوضع الذي كان زمن الأنباط قبل الاحتلال الروماني عندما كانت دمشق تتبع البتراء في الأردن، وصارت بعد ألف ومائتي عام تابعة (أي دمشق) للكرك، أي للأردن، وتحديداً لجنوب الأردن في الحالتين. زادت ثقة العادل بولده المعظم عيسى، وبأهل الأردن الذين لم يثوروا ضد عيسى ولا العادل، والذين كانوا رعية وادعة تعمل كخلية النحل، وتطيع كالجنود للقائد، وتعطي الأمن للدولة قبل أن تنشر الدولة أمنها، ولا تتوانى عن دفع الضرائب مهما كَبُرت أو عَظُمت بدون احتجاج ولا صخب، وهذا الذي بقي إلى الوقت المعاصر. أقول أمام ذلك قام العادل بتوسيع مملكة الكرك التي كانت تشمل الأردن الحالي ودمشق وحوران واليرموك والجولان وطبرية، وأضاف إليها شمالاً من دمشق حتى حمص، وجنوباً حتى العريش على حدود مصر، وسواحل فلسطين، وبلاد الغور وأرض فلسطين براً وبحراً والقدس والشوبك حتى تبوك. وبمعنى آخر صارت مملكة الكرك الأيوبية زمن الملك العادل وابنه الملك المعظم عيسى تشمل الأردن كاملاً، وفلسطين كاملة والجزء الشمالي من سيناء، وبادية سوريا حتى حمص. إلا أن الملك عيسى أولى إمارة الكرك برعايته، فجلب إليها الصناع وأشجار الفواكه من سائر أرجاء مملكته وشرع في عمران البلاد والقلعة والمدينة وحوّلها إلى إمارة ذات اكتفاء ذاتي. وأقام بالكرك تحصينات، وبنايات إسلامية، كما اهتم بقرى الكرك التي كانت لقيت دماراً وحرقاً ونهباً من عمه صلاح الدين لموالاة أهلها للصليبيين، فقام المعظم بإعادة إعمارها وتنظيمها، والعناية بمصادر المياه والعيون والسيول والقنوات، والكروم، وحفر الآبار وبنى الصهاريج وصارت الإمارة مزدهرة مستقرة آمنة، مكتفية ذاتياً. وأولى الملك المعظم اهتمامه لقلعة الشوبك فأعاد ترميمها، وبناء المهدّم منها، ونقل إليها الأشجار من الشام ومصر وفلسطين، واعتنى بالنبعين عن يمين القلعة وشمالها، وغرس في الأراضي المروية صنوف الثمار والأشجار، وصارت الشوبك تضاهي دمشق بخضرتها، وكثرة بساتينها وعذوبة وغزارة مياهها، وطيب هوائها، إلا أن الشوبك كانت تتفوق على دمشق بأنها مطلّة على مساحات شاسعة من البادية الشرقية والجهات الأربع، وجبال فلسطين، مما يزيد الناظر متعة والصدر سعة. وكانت تحكم بالطريق بين دمشق والقاهرة وجنوب فلسطين وارض الحجاز والبادية الى بلاد الرافدين شرقا . كما انها مهمة بالنسبة للكرك ايضا . ثم وسّع الملك المعظم عيسى بن الملك العادل اهتمامه لسائر إمارة شرق الأردن الأيوبية، التي كانت تسمى: إمارة الكرك، وعزّز سلامة الطرق ورممها، وزاد في تحصينها، فازدادت أمناً، وازدهاراً، وازدادت القوافل من كل حدب وصوب، وارتفعت الإيرادات واستفاد السكان فائدة جمة، وبذلك نجد نجاحاً آخر لسياسة الأردنيين في عدم الدخول في الصراع بين المتخاصمين ثم التعامل مع المنتصر، فقد عقدوا الهدنة مع الصليبيين من قبل وكان في ذلك أمناً وسلامة لهم، والآن أعلنوا إخلاصهم للملك العادل وابنه الملك عيسى، وها هم يجنون الأرباح، وها هو برهان آخر أن الأردنيين، أو لنقل سكان هذه البقعة من الذكاء بحيث يستفيدون دائماً من مناسي الأقطار والشعوب المجاورة، وهذه حقيقة تاريخية لا زالت ماثلة ومتكررة وتحدث حتى يومنا هذا. وما دام الشيء بالشيء يذكر، وإنه في حوالي 596هـ/ 1200م، مرت بديار البلقاء الأردنية قافلة قادمة من الشام في طريقها إلى الكرك على ما يبدو، وفيها عدد من جواري الملك المعظم عيسى، وعندما وصلوا قرية كفر هودا الواقعة شمال السلط، والمطلّة على الغور برزت لها عشيرة بنو رحمن ( وهم عشيرة الرحامنة / من عباد ) أصحاب تلك القرية، ونهبوا القافلة وسبوا الجواري، وما أن تناهى الخبر إلى الملك المعظم عيسى حتى استشاط غضباً، فسيّر حملة قادها بنفسه وهاجم القرية وقتل من قتل من بني رحمن، وشتّت من بقي على قيد الحياة، فتفرقوا في البلاد، ومنهم من ذهب إلى بلاد الشام ثم عاد فيما بعد من عاد منهم والتحق ثانية بعشيرة الرحامنة / بني عباد . ولكي لا تتكرر هذه الحادثة، ونظراً لأهمية المكان والطريق فقد قام الملك عيسى ببناء قلعة السلط ووضع فيها حامية من جنوده وذلك لتأمين سلامة الطريق بين الشام ومصر والحجاز، ولملاحقة العصاة واللصوص وقطاع الطرق، لفرض هيبة الدولة على السكان، وبذلك أصبحت قلعة الكرك تتحكم بمرتفعات السلط والأغوار المجاورة، والتلال الشرقية. ومن خلال الحادثة يظهر لنا أن الطريق بين الشام والكرك كانت تسلك عدة مسارات منها المسار الجبلي الذي يبدو أنه سيكون في الصيف، لأن الجبال مرتفعة ومغطاة بالغابات مما يوفر الظلال، كما تنتشر الينابيع، مما لا يحتاج معه الأمر لحمل الماء، وذلك بعكس الطريق الصحراوي الشرقي، وتقع كفر هودا في بقعة من الأرض عند أقدام طفّ كفر هودا، مما يبيِّن أن الطريق كانت تتجاوز من جرش إلى الرمان إلى عارضة عباد إلى كفر هودا إلى السلط، ومن هناك الفحيص وماحص وعراق الأمير ثم إلى وادي الشتاء (مرج الحمام) ثم إلى حسبان ومادبا ومؤاب والموجب وربة مؤاب فالكرك. وكانت هذه مناطق وافرة بالمياه، كما أن الغابات كانت تشكل حماية، مثلما كانت تشكل خطراً

مواضيع قد تعجبك